الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطأ الجسيم لحزب الهمة في الظرفية الانتخابية

أحمد الخمسي

2009 / 5 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المادة 5 من قانون الأحزاب، رقم 04. 34 : "للمغاربة، ذكورا وإناثا، البالغين سن الرشد أن ينخرطوا بكل حرية في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية. غير أنه لا يمكن لأي شخص، يتوفر على انتداب انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي البرلمان تم انتخابه فيها بتزكية من حزب سياسي قائم، أن ينخرط في حزب سياسي آخر إلا بعد انتهاء مدة انتدابه أو في تاريخ المرسوم المحدد، حسب الحالة لتاريخ الانتخابات التشريعية العامة، الخاصة بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين بالنسبة لأعضاء البرلمان المؤهلين للترشيح لهذه الانتخابات".
------ ------ ------
هذه المادة الخامسة من قانون الأحزاب في المغرب "منوضه الشياط" كما يقول المغاربة بدارجتهم الجميلة الشاعرية. وإذا كان من سبب للشياط كي يرتفع بخاره على صفيح الساحة العمومية، فلأن التناقض صارخ بين من أشرف على ما يعرف ب"تأهيل الحياة الحزبية" في فبراير 2006، ليطمئن بعد ذلك إلى الساحة الحزبية في فترات الخصوبة السياسية الانتخابية. ساعتها يتلاقح المواطنون مع البرامج الحزبية في مخدع الانتخابات لينتجوا منتخبين ضمن سياق مؤسساتي موثوق بأجندة وجدول زمني يقتضي أن يرى كل مخلوق نفسه في المرآة فيثق بنفسه أنه هو وليس كائنا "متسيفا". أنه من الليبراليين أو الأصوليين أو اليساريين، بل له ملامح أكثر دقة، أنه من الحزب الفلاني أو الحزب الفلاني بالضبط. وأن استمراره في "صباغته" علامة من علامات الصدق مع نفسه وأهله ومحيطه القريب قبل المحيط الأوسع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. فالثقة بالعمليات الظاهرية المتوافق حولها هي جذر شرعية النظام السياسي. وكل طرف في الشأن العام تبنى ميوعة وهلامية الانتماء الحزبي يعطي للناس شرعية الاستهزاء بالعملية السياسية في حياة المواطنين كونها وسيلة للنصب العمومي على عفوية الثقة لدى الأفراد والجماعات. وبالتالي، فتبني الترحال كموقف لحزب "جديد" علامة على التردي "المتجدد". ولا علاقة له لا بأصالة المغاربة ولا بطموحهم في معاصرة عالمهم. بل، من حق الملك أن يتنكر لأصدقاء هم بهذا المستوى من التنكر للأجندة السياسية المتعاقد حولها مع الناخبين. لأن الناخبين هم أولئك الناس الذين صمدوا ضد كل أوجه التيئيس وأغمضوا أعينهم عن المثبطات وذهبوا إلى صناديق الاقتراع. إن القول بإمكانية الترحال وتزكيته ضحك على ذقون تلك الكتلة الناخبة التي سجلت بتصويتها نسبة 37% من الحضور.
أما أن تحرض البرلمانيين على مغادرة أحزابهم رسميا وبإخبار رئاسة الغرفتين بتبديل الانتماء مع الاحتفاظ بالمقعد فذلك ليس أقل من جريمة نصب على المواطنين. لأن المرشح الذي يبدو بجلباب ما ليصوت عليه الناس، ثم لا يلبث أن ينسل من الجلباب ويترك ناخبيه أمام جلباب فارغ، أي يترك أمامهم فزاعة ويختفي ليظهر مستقويا بالقرب من الملك.
------ ------ ------
وبناء عليه، فالخلاصات العشر التي ينتهي إليها حزب الأصالة والمعاصرة هي:
1) الوقوف على طرف نقيض مع القانون في صيغة المادة الخامسة من القانون المنظم لقانون الأحزاب كما وردت أعلاه صريحة.
2) الوقوف على طرف نقيض مع الناخب الذي وقع بصوته لفائدة المنتخب بناء على برنامجه ومواقفه في الحملة الانتخابية وارتباطاته الحزبية
3) الدفاع الساخر المضحك على لعبة الفزازيع المنتخبين الذين يرتكبون جريمة النصب على الناخبين بتغيير ألوانهم السياسية الحزبية مع الإبقاء على عضويتهم في البرلمان ومعها الحصانة و"المجد" المستولى عليه ظلما....تاركين أمام الناخبين فزازيع لا محتوى لها...
4) المس بمنجزات الملك وهو يتهيأ للاحتفال والتقويم لما تم خلال السنوات العشر الأولى من مسؤوليته على عرش المغاربة. ما دام قانون الأحزاب جزء من الإصلاح السياسي الذي تم خلال السنوات العشر (1999ـ 2009)
5) المس بمصداقية المغرب أمام المؤسسات الدولية، مادام التبني المغربي لقانون الأحزاب تم بكيفية مبكرة سبق الأوساط العربية سنة 2006. وبالتالي يعطي مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة فكرة مشوهة عن التصدر المغربي لذلك الإصلاح. مما يؤكد ما ذهبت إليه مؤسسة كارنيجي الأمريكية كون المغرب لا يزيد عن كونه نظام تعددية الواجهة.
6) إفساد العملية السياسية التي جاء لادعاء أنه يعمل من أجلها. ألا وهي نقل الحالة الحزبية من البلقنة والتشرذم إلى تجميع القطب الليبرالي في قطب قوي. فبعدما كان علامة على التجديد ومحور الليبراليين. بدا على العكس من ذلك، أنه عاجز عن اكتساب تصور منسجم وبعيد الأمد.
7) أضاف بموقفه المقرف، البالغ المس بالعملية السياسية في بعدها المستقبلي، خصما مؤسساتيا هو وزارة الداخلية نفسها. بعدما تأكد أن قطبا في الأغلبية هو الاتحاد الاشتراكي وقطبا في المعارضة هو العدالة والتنمية ضده على الطول والعرض. وبالتالي، انتقل من فشل الشخص إلى فشل المشروع. فحري بالليبراليين أن يرفعوا للملك عرائض التبرؤ من زعامة الأصالة والمعاصرة لهم. مما يفرض على التجمع الوطني للأحرار، من باب التبصر والحكمة، تحالفه النيابي معه.
8) له أن يستدرك الأمر، عبر تقليد غير موجود في الحياة الحزبية الكبيرة، سبقه إليه محمد الساسي، عندما قدم النقد الذاتي وانسحب من القيادة في الاشتراكي الموحد، بعد التنائج الانتخابية في 2007.
9) له أن ينظم مؤتمرا استثنائيا باعتبار القيادة الحالية للحزب فاشلة في إدارة الظرفية الانتخابية في صلتها مع البنية القانونية. مما يوفر له مساحة تأمل وإعادة تفكير. بل يفسح أمامه فرصة التجديد في كيفية ديمقراطية لتدبير أزمة حزبية طارئة بمثابة صدمة.
10) في خضم إطلاق صيرورة جديدة، له أن يقترح قانون داخلي للحزب ينفتح على تجديد النخب الليبرالية في القطب الليبرالي بما فيها عدم مراكمة المسؤوليات والمواقع والمنافع. ومن جملتها تحديد مدة وعدد الولايات لأعضاء المجالس القيادية في الحزب.
------ ------ ------
دون هذا الاحتمال المتكون من الخطأ الجسيم تجاه الظرفية السياسية بكاملها ومن ضرورة النقد الذاتي، سيتعمم نظر المغاربة السيء حول الحزب الذي أراد له مؤسسه أن يستفيد من ريع القرب من الملك. وسيفتح العشرية الثانية من عهد محمد السادس على شؤم لا يستحقه.
إن وفدا مغربيا مكونا من الخارجية (محمد بنعيسى، يوسف العمراني) والبرلمان ( محمد محب، عبد العزيز عماري) والمجتمع الحقوقي والمدني (شوقي بنيوب وكمال لحبيب)، يعلم أنهم حضروا لقاء دوليا من أجل برلمان القرن 21، ممثلا للشعب ومفتوحا وشفافا ومتاحا للجميع. ويعلم الرئيس السابق لمجلس النواب عبد الواحد الراضي و رشيد المدور عن العدالة والتنمية، أن برلمان المغرب، في نظر الغرب، يعتبرمن بين البرلمانات الأربعة الأكثر تجربة في العالم العربي، إلى جانب لبنان ومصر والأردن.
فليس من حق حزب على الهمة أن يرجع بالصورة نحو مرحلة من الرطانة اللغوية والسياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حزب الهمة والمشهد الحزبي الديمقراطي
يوسف ( 2009 / 5 / 22 - 12:59 )
يبدو ان الأخ الخمسي متوفقا في تحليله لمساهمة حزب الهمة في تمييع العمل السياسي الحزبين إلا أنه كان يجدر به تحليل دور حزب الهمة في ظل المشهد الحزبي الحالي خاصة الأحزاب الديمقراطية والتقدمية والتي لاتنفلت عن هذه الممارسات باستقطابها لللأعيان المفسدين وإغراقها للأحزاب بالكائنات الانتخابية وذوي النفود المالي الفاسد في أغلب الحالات وتهميش المناضلين,كما أن جل هذه الأحزاب بعيدة كل البعد عن الممارسة الديمقراطية ,حيث معظم القيادات لا تزال متشبتة بالكراسي في ظل مؤتمرات مفبركة مسبقة تدين للفقيه والولي


2 - الفساد هو الأصل في الإنتخابات المغربية
محمد آيت عبد السلام ( 2009 / 5 / 22 - 19:14 )
بداية ، أود أن أشكر الأخ أحمد ألخمسي عن مقالته هاته الجريئة ، والتي لا تخلو من صدقية ومصداقية من حيث منظورها ، وكذا منطلقاتها في التحليل . فأنا شخصيا أوافقه إلى حد ما ، مع فارق يبدو لي أساسي لكل تحليل وتقويم للحياة السياسية في المغرب ؛ وهو النظرة الشمولية التي ينبغي نهجها ، لاسيما في الظرف الحالي الذي يعرف فيه المشهد السياسي منعطفا خطيرا ؛ والذي لا تشكل فيه حركة الهمة - حزب الأصالة والمعاصرة – إلا حلقة ضمن سلسلة قد يكشف المستقبل القريب عن مكامنها الخطيرة قد ترتد بنا إلى ما حاولت محوه عملية المصالحة الوطنية . .. !؟ قد تكون في صيغة أخرى .
إن زوبعة النقاش الحالي حول حزب الهمة والمنتخبين الرحل ، ونحن على عتبة الانتخابات الجماعية ، وكما أثارها بعض زعماء الأحزاب الإدارية ، ليست مسألة قانونية صرف ، لأن النظام المغربي عودنا منذ الاستقلال في الممارسة على عنصرين : القانون والعرف .يلجأ إلى كل منها حسب كلما دعته الضرورة إلى ذلك حسب المصلحة والحاجة .ولحد الآن ، على ما يبدو ، أن قانون الأحزاب لازال في ثلاجة الأمانة العامة للحكومة ، وهذا يؤدي إلى طرح تساؤلات عدة في شكل متتالية هندسية . والأدهى من هذا أن هناك تعارض صارخ بين قانون الأحزاب ومدونة الانتخابات مما يجعل النقاش نقاشا .. ويبقى ا

اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى