الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أحلى الرجوع إليه !!

ناديا قصار دبج

2004 / 4 / 21
القضية الفلسطينية


هل قرأتم تقرير " القبس " الكويتية في الرابع عشر من الشهر الجاري ؟ حسنا ، إليكم بعضا مما جاء فيه :
تقول القبس إن القيادة الفلسطينية تعكف في هذه الأيام على درس إمكانية إعادة الحرارة إلى أسلاك العلاقة الغرامية مع الفصائل العشر المتحصنة في قلب العروبة النابض ـ دمشق . وتؤكد الصحيفة أن " الختيار" ، أبو عمار ، قد اعتمد شخصية فلسطينية معروفة تعمل في مجال الصحافة العربية بلندن كي تكون ممثله الشخصي في عاصمة الأمويين المحدثين ـ أحفاد أبي سفيان . ولا تنسى الصحيفة أن تلفت انتباهنا إلى أن وزير الثقافة الفلسطيني يحي يخلف زار دمشق مؤخرا تلبية لدعوة رسمية هي الأولى من نوعها لأحد وزراء السلطة منذ توقيع اتفاقيات أوسلو ، حيث التقى عددا من القيادات السورية الثورية ، بمن فيهم الوزير " أبو مضر " ، فاروق الشرع ، مشرّع الخط الثوري والغضبة المضرية التي تحتفظ دوما ، وبعد كل دك إسرائيلي لمواقع الجيش السوري في لبنان أو لضواحي دمشق ، بـ " حق الرد في الزمان والمكان المناسبين " !

لو كان الأمر يتعلق بـ " حماس" و " الجهاد الإسلامي" لكان الأمر مفهوما . فآرييل شارون ، حاكم الشرق الأوسط الأكثر دموية ... بعد صدام حسين ، لكن الأكثر صدقا مع نفسه وشعبه من حكام هذا الإقليم بأجمعهم، وحّد الجميع في الضفة والقطاع ، ومتّن ما كان مهددا بالانقطاع من حبال الوصال ( وصال الحب ، وليس وصال فرحة بكداش !) فيما بينهم. أما أن يكون الأمر على صلة بجبهة المجاهد " أبو جهاد" ، حجة الإسلام أحمد جبريل الماركسياني ، و " الصاعقة " التي لم تصعق منذ ربع قرن سوى عدد من مكاتب الصحف اللبنانية ، و " فتح الانتفاضة " بقيادة " أبو موسى " و " أبو خالد العملة " التي انتفضت ـ بقيادة غازي كنعان ونبيه بري ، على المخيمات الفلسطينية في لبنان وليس على إسرائيل ، فأمر يستحق التأمل .

بعض الدراويش الذين لا يزالون يتلذذون برضاع حليب " البلف القومي" و " النصب الوطني" من ضرع بقرة الديماغوجية الشامية ، سيسارعون إلى الشماتة بنا : أما قلنا لكم إن مآل الجميع سيكون دمشق ـ قلب العروبة النابض ؟!
لهؤلاء الذين تعلموا دوما رؤية الأمور من " مؤخرتها " (!) والحكم على الأشياء دون أن يعرفوها ، نكمل لهم الخبر الذي يقول فحواه :
بعد أن أدركت هذه الفصائل أن مرحلة القطيعة مع منظمة التحرير كانت محصلة خطأ في التقويم ، وأيقنت أن تآكل دورها واضمحلال حجمها وضعاها في الصفوف الخلفية ( وقد خجل الصحفي بسبب أدبه من القول : في " مؤخرة " الأحداث ، أو بالعربي الفصيح في " شرجها " !)، سارعت إلى التفكير بعمل إنقاذي حيال نفسها . ولم يكن هذا ـ دون أدنى ريب ـ إلا بعد الحصول على الضوء الأخضر من صاحب الغضبة المضرية " أبو مضر " ) الذي أصبح زمان ومكان الرد على الإذلال الإسرائيلي ، بالنسبة له ، في خبر كان المتعلق بالجملة الفعلية " دخل الأمريكان العراق وقضوا على الرفيق صدام حسين " ،وفق آخر اجتهاد نحوي لمدرسة الفقه الديماغوجي القومي بدمشق !
حجة الإسلام أحمد جبريل الماركسياني لم يكتف ، من ناحيته ، بإرسال رسالة إلى " الختيار " في رام الله يشرح له المآل الذي انتهى إليه تحالف الفصائل الفلسطينية العشر ، بل وضمن رسالته ، على ذمة التقرير ، ملحقا يتضمن ألف اسم من أسماء وكوادر وأعضاء الجبهة لاعتمادهم ... ليس في صفوف المقاومة الفلسطينية المدافعة عن مقر " الختيار" المحاصر في رام الله ، كما قد يتوهم بعض الدراويش الموما إليهم أعلاه ، بل في قوائم الرواتب التي تصرفها منظمة التحرير على فصائلها !!

ويضيف التقرير أن حركة فتح ـالانتفاضة ، التي انشقت في العام 1983 على " أبو عمار" بقيادة العقيدين أبو موسى وأبو خالد العملة ، تناقش الآن سبل العودة إلى صفوف حركة فتح ـ الأم . أكثر من ذلك ، تضيف الصحيفة : لقد اتصل أبو خالد العملة شخصيا بياسر عرفات في رام الله .

حكايات لها تاريخ لمن أصاب الحليب الشامي ذاكرته بداء جنون البقر :

ـ في العام 1983 ، وحين أمر ثوريو دمشق العقيدين أبو خالد العملة وأبو موسى ، ومعهما رئيس مكتب شؤون الأردن آنذاك سميح كويك (قدري ) ، بالانشقاق على " أبو عمار " ، استقبلهم التلفزيون السوري جميعا في ندوة أدارها رئيس تحرير صحيفة تشرين الرسمية آنذاك عميد خولي ، قبل أن يتهم لاحقا من قبل الرفاق " العلمانيين " بأنه " عميل ماروني لسمير جعجع " !! وخلال الندوة لم تبق شتيمة من زنار قاموس السياسة السوري وما تحته من أعضاء أيديولوجية تناسلية إلا وكالها المنتدون لـ " أبو عمار " .. بدءا بالخيانة وانتهاء بالعمالة .. مرورا بالصهينة والدجل والكذب . أي تماما كما يفعل أسيادهم الآن مع بعض المعارضين السوريين الذين لم يصابوا بداء جنون البقر الشامي . ومنذ ذلك التاريخ أصبحوا حلفاء موضوعيين ـ حسب التعبير اللينيني ـ لآرييل شارون وبقية زمرته المجرمة .
ـ خلال العام نفسه شن العقيدان ، بصحبة حجة الإسلام أحمد جبريل الماركسياني ، وبتغطية من مدفعية جيش التحرير الفلسطيني ( الخاضع لقيادة الأركان السورية) ، هجوما على مخيمات طرابلس شمالي لبنان أسفر عن مذبحة لم تبق ولم تذر . وهي بالمناسبة مخيمات فلسطينية مصنوعة من التنك ، وليست مخيمات إسرائيلية !

ـ الأمر نفسه تكرر خلال حرب المخيمات في ضواحي بيروت خلال العامين 1985 ـ 1986 . لكن هذه المرة ليس بقيادة سورية فقط ... بل بقيادة نبيه بري أيضا ،الذي يملك ، على ذمة بعض المصادر والتقرير ، أكثر من 23 محطة لبيع الوقود في الولايات المتحدة . وقد أسفرت هذه العملية أيضا عن مذبحة ، قبل أن يكملها البري بذبح الشيوعيين في بيروت تحت قيادة اللواء عزت زيدان قائد الفرقة السورية العاشرة ، وباغتيال اثنين من أكبر مثقفي العالم العربي في عصره الحديث : الشيخ الجليل حسين مروة (صاحب " النزعات المادية " ) والمفكر الفذ مهدي عامل (حسين حمدان ) ، متبوعين أو مسبوقين ـ ليس مهما ـ بسهيل طويلة وغيره من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني ، كما تؤكد مصادر الحركة الديمقراطية اللبنانية ومذكرات عدد من رموزها .

ـ لم تكتف المنظمات المذكورة بارتكاب جرائمها ضد شعبها الفلسطيني فقط ، بل مدت أصابعها القذرة لتطال المواطنين اللبنانيين وحتى السوريين أنفسهم . فحين انشق العقيدان صادف أن وقع معسكر" فتح" الواقع في الغوطة الشرقية قرب مطار دمشق الدولي بأيدي " أبو موسى " . وكان في المعسكر عشرات المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين الذين سلمهم أبو موسى للاستخبارات السورية قبل أن ينقلوا إلى الباحة الخامسة ( الجناح الخامس) في سجن تدمر الصحراوي ، حيث التقى زميلنا نزار نيوف ببعضهم ربيع العام 1993 . أما أحمد جبريل فكان لديه هو الآخر معسكر يمارس الدور نفسه في بلدة ينطا على الحدود اللبنانية السورية ، فضلا عن الطابق الرابع للمبنى الذي يضم "إذاعة القدس " ومجلة " إلى الأمام " اللتين يديرهما في دمشق ، والذي تحول بدوره إلى مركز اعتقال للعديد من اللبنانيين والفلسطينيين المخطوفين قبل تسليمهم أيضا للمخابرات السورية ، ولينتهي بهم المآل أيضا إلى تدمر . هذا ناهيكم عن عمليات التجسس والتخابر التي مارستها هذه الزمر الثورية ضد المعارضة السورية لصالح مخابرات البلد المضيف ( سيكون من النوافل التذكير هنا بالدور المحوري الذي لعبه أحد قياديي هذه الجبهة (ع .ش) في اعتقال قائد حزب العمل الشيوعي الدكتور عبد العزيز الخير ، بعد أن نصب له فخا في مدخل سوق الحميدية الشعبي ، وفي الحملة الأولى التي طالت منظمة لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية نهاية العام 1991 ، كما أثبتت محاضر التحقيق في فرع فلسطين التابع للمخابرات العسكرية !! ) .

ـ ولكن ماذا عن الصاعقة ـ الجناح العسكري لقيادة البعث الدمشقي؟ هل تكفي الإشارة إلى أن قائدها المؤسس زهير محسن قتل في كازينوهات فرنسا وهو يلعب القمار .. بأموال الثورة ؟ وهل تكفي الإشارة لعمليات التخريب والقتل والاغتيال التي مارستها لصالح المخابرات السورية في لبنان ، وأبرزها جريدة المحرر آنذاك [ وهي غير " محرر " نهاد الغادري التي تطالب اليوم بإعدام رياض الترك !!] ، كما يذكر الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور في إحدى شهاداته ؟ وهل يتوجب التذكير بأن لهذه المنظمة معسكرا في بساتين ضاحية كفر سوسة قرب دمشق ، كان إبان الثمانينيات معسكر اعتقال للسوريين واللبنانيين والفلسطينيين المختطفين من لبنان ، ولتعذيبهم تحت إشراف العميد صلاح الدين معاني والمقدم أنو مرعي ـ القادمين صفوف اللواء 38 في سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد ؟ وهل علينا التذكير بأن جبهة الملا أحمد جبريل وفتح العقيدين ، أبو موسى وأبو خالد العملة ، أرسلا في الثمانينيات ـ من أجل " العملة " (!!) ـ المئات من أبناء المنظمتين إلى عقيدهم الثالث في طرابلس ليستخدمهم كمرتزقة في محاربة تشاد ، بعد أن قرؤوا في " فنجان القومية العربية " بمعية الأخ البصّار معمر القذافي : " في قدّامك طريق طويل .. طويل لفلسطين بيمرق في إقليم أوزو " !؟ أم علينا الاكتفاء بالقول إن القيادة السورية أحضرت عضو هذه المنظمة " عالم القانون الدولي الدكتور غازي حسين " من جنيف .. لا ليكتب كتابا عن نظرة هذا القانون للقضية الفلسطينية ، ولكن ليضع كتابا مكرسا لإثبات أن ياسر عرفات ...يهودي من المغرب !؟

حين وقع أبو عمار اتفاقية أوسلو ، لم يبق واحد من هؤلاء إلا ونبش تاريخه الشخصي ، الحقيقي منه والمكذوب ، ولعنوا " سنسفيل أجداده " ، واتهموه ـ كالعادة ـ بالخيانة والعمالة والصهينة وبيع القضية. ليس لأن دورهم كان منذ وجدوا على هذه الأرض هو العمل كهراوة بيد حكام دمشق فقط ، بل لأن " أبو عمار " كان صاحب البصر والبصيرة في زمن العمى الأيديولوجي ، ولأنه أدرك أن حكام دمشق لا يريدونه إلا ممسحة لتنظيف الأوساخ التي خلفها اتفاق كيسنجر ـ حافظ الأسد في المنطقة ، ولأنه أدرك قبل هذا وذاك أن حكام دمشق يتعاملون مع حلفائهم بوصفهم أجراء لا شركاء . وحين تنتهي الأدوار الموكلة إليهم يقومون بتسليمهم إلى خصومهم كما فعلوا مع أوجلان حين باعوه ببضعة براميل من الماء في اتفاقية أضنة !

حين أعطيت نص الخبر لجاري الفلسطيني في نابولي ، سامر الصفوري ، وهو شاب صانع بيتزا لم تمنحه ظروف التشرد فرصة لإكمال تعليمه ، قال بلهجته الفلسطينية المطعمة باللكنة اللبنانية ومفردات الشارع الشعبي اللبناني " تفو عليكم يا أخوات الشليته ! إذا كان عرفات يهودي وصهيوني وباع القضية ليش رايحين لعندو تاخدو مصاري " ؟

أما أنا فأهديهم عبر برنامج " ما يطلبه المستمعون " أغنية نجاة الصغيرة :
ما عدت أذكر والحرائق في دمي ...... كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده وكأنني ...... طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها ..... فرحت به رقصت على قدميه
وبدون أن أدري تركت له يدي ...... لتنام كالعصفور بين يديه
ونسيت حقدي كله في لحظة....... من قال إني قد حقدت عليه؟!
كم قلت إني غير عائدة له ....... ورجعت ، ما أحلى الرجوع إليه !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)ـ عسى أن يجد هنا أحد زملائنا شكري له ، ليس على المعلومات الواردة في هذا المقال وحسب، والتي حرمتني ظروف الغربة الطويلة عن وطني من معرفتها ، ولكن أيضا على تعبه المستمر معي في تدقيق لغتي العربية البائسة!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن بدء مناورات تشمل أسلحة نووية تكتيكية قرب أوكرانيا


.. إسرائيل ترد على طلب الجنائية الدولية بهجوم على الضفة الغربية




.. السعودية وإسرائيل.. وداعأ للتطبيع في عهد نتنياهو؟ | #التاسعة


.. لماذا جددت كوريا الشمالية تهديداتها للولايات المتحدة؟




.. غريفيث: دبلوماسية قطر جعلتها قوة من أجل الخير في العالم