الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منطق الجريمة في تفجيرات العراق

ابتسام يوسف الطاهر

2004 / 4 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتعزز الإيمان أكثر في أن أمريكا لولا جهود البعض من أبناء الامة العربية أو الاسلامية من الذين تستخدمهم بشكل مباشر أو غير مباشر للقيام بالحروب، أو بارتكاب الجرائم الانسانية نيابة عنها، للاقت الفشل الذريع ولتردت أوضاعها الاقتصادية والسياسية منذ زمن، لكن هؤلاء ممن لا يفكرون إلا بمصالح دونية وآنية والذين مسح حبهم للمال والتسلط كل مشاعر إنسانية، بل وكل تفكير عقلاني، فصاروا يتخبطون دون وازع من ضمير حتى لو أدى سلوكهم ذاك إلى كوارث تضر بلدانهم أو أخوانهم بالوطن أو الدين أو الإنسانية.

لنتسائل اليوم من المستفيد مما جري بالعراق قبل عشر سنوات أو ما يجري الآن؟ .. وقد رأينا كيف وصلت (قضايانا المصيرية) إلى الحضيض وجرت معها شعارات القومية والإسلامية، بعد أن اختار المجاهدون (الأبرار) أن يتخلوا عن فلسطين، وأن يتخلوا عن تعمير بلدانهم واتباع امريكا بتنفيذ خططها كما حصل في افغانستان أو بحروب العراق!!
في احدي رسائل صدام (المزعومة) التي كان يدعو بها للمقاومة!! والتي لا ندري كيف كان يمررها عبر ذاك (الجُحر)، كان يدعو بها لقتل (المتعاونين مع الاحتلال) لا قوات الاحتلال نفسها.. متناسيا انه كان سيد المتعاونين بلا منازع.. وقد فتح أبواب بغداد علي مصراعيها للمحتلين. بل فتح لهم الطريق لاحتلال العراق منذ عام 1991.

اذن لو كانت تلك المقاومة (شريفة حقا) لبدأت بقتله هو ومن ثم ضد قوات الاحتلال.
لكن الظاهر أن من يقوم بهذه العمليات هم من الجماعات التي أدمنت المال الحرام الذي (تكرم به القائد) علي حساب أطفال العراق وسلامه العراق.. فلابد أن هؤلاء مدفوعين بارتكاب التفجيرات ضد أبناء العراق بسببين الأول: خوفهم من استقرار العراق سيؤدي إلى كشف عمق جرائمهم التي ارتكبوها على مدى العقود الفائتة وبالتالي عقابهم، بالرغم مما أعلنه الشعب من تسامحه والدعوة لبداية صفحة جديدة، والثاني : خوفهم من أن الاستقرار سيحرمهم من المال الحرام الذي كانوا يكسبوه أضافة إلى المكاسب الأخرى، فقد كان العراق غنيمة لهم من خلال استغلال المصائب التي جرها قائدهم عليه.

لذلك تسائلنا في مقال سابق ونتسائل اليوم ايضا: لماذا تخطئ (تلك المقاومة) قصور صدام وقد احتلها جنود الاحتلال، وتضرب أبناء العراق من الأبرياء الذين يحاولون المساهمة ببناءه من جديد، أو ضربهم لقوى الشرطة أو غيرهم من الذين يحلموا بيوم واحد هدنة وسلام.

لماذا يخطئون القوات الامريكية ويضربون اليابانيين والاسبان والايطاليين مع أن هؤلاء معروف عنهم أكثر إنسانية وتحضّر من الجنود الأمريكان! لماذا يخطئوا السفارات الأمريكية ويضربوا الأبرياء في البلدان التي تناصرنا شعوبهم.
لكن بالرغم من افتضاح أمر هؤلاء، مازالوا يواصلون جرائمهم البشعة بلا رادع من ضمير أو حس إنساني أو حتى سياسي، في ارتكاب جرائمهم ضد الشعب العراقي وأبشعها تلك التفجيرات التي حصلت في كربلاء وبغداد ، إلى آخر الجرائم بتفجير الفنادق التي تحوي علي مكاتب الأعلام، والتي أراد مذيع قناة الجزيرة حينها أن يبرر بشاعة تلك الجريمة وهو يسأل احد (المحللين السياسيين) الذين تنتقيهم تلك القناة إنتقاءا، قال: هل تعتقد أن تفجير هذا المكان بالذات هو للاستفادة من وجود وسائل الاعلام... ليجيب ذلك المحلل الذكي، بما امتاز به سياسيينا واعلاميينا من ذكاء (حاد) ذلك الذكاء الذي أوصلنا إلى الدرك الأسفل وعرض بلداننا إلى تلك الكوارث، أجاب (لا فض فوه) أن ذلك الهجوم هو لأجبار الجيش الأمريكي علي الرحيل وترك البلاد بأسرع وقت؟؟

لهذا التفسير وجهان كلاهما غير منطقيان: الأول، ذكرني بمنطق احد مدمني ومروجي المخدرات في تايلاند، الذي حين حاول البوليس القبض عليه هدد بقتل ابنته! بمعني أن هؤلاء المهاجمين اللا إنسانيين واللا إسلاميين، يقتلون أبناء الدار ليجبروا (الحرامي) علي الهروب! الوجه الثاني: يعني أن الامريكان أكثر إنسانية من هؤلاء بحيث سيرحلون عن العراق حفاظا على أرواح أبناءه.

لكننا نعرف أن امريكا ما كان يهمها أرواح العراقيين، فهي التي دعمت صدام في حروبه التي قضت علي خيرة الشباب العراقي، وهي التي فرضت الحصار علي الشعب العراقي لسنين، بالوقت سمحت لصدام أن يواصل الاحتفالات الباذخة باعياد ميلاده وبناء القصور التي احتلوها اليوم.
لو كانت امريكا حريصة على أرواح العراقيين م كانت أعلنت الحرب على العراق، كان بامكانها أن تساعد العراقيين الذين حاولوا مرات ومرات القضاء علي صدام. أم أن هؤلاء يريدون امريكا ترحل لتخلي لهم الجو بارتكاب جرائم أخرى وبالتالي يحققوا لامريكا انتصارا سهلا دون حصول أي خسائر بأرواح جنودهم. فكثير من العراقيين ينتابهم الظن أن امريكا تدعم هذه الممارسات الأجرامية التي لا مستفيد منها غير الأشرار الذين يحاولون جاهدين خلق الأضطرابات بالعراق ليحققوا أبشع الأهداف بخلق حرب أهلية بالعراق لتزدهر تجارتهم.

الشعب العراقي اليوم لا يريد غير فسحة من الوقت يلملم بها جراحه، يريد شئ من الأمان ليلتف أبناءه حول بعضهم ليصلحوا ما أفسده صدام وأعوانه وقادة الحروب المدمرة.

أذن على اميركا اليوم أن تثبت ولو بشكل مؤقت أن لهم قيما إنسانية ويستخدموا قدراتهم (السوبر) وتفوقهم بالسلاح والتكنولوجيا التي يباهوا بها العالم، لحماية الشعب العراقي من هؤلاء وغيرهم من القتلة، والسماح للشعب العراقي أن يحاكم صدام لتمزيق الأقنعة الزائفة التي مازالت إلى الآن تخدع البعض من السُذج.
وعلي الشعب العراقي أن يلتف على مجلس الحكم وإن كنا نختلف مع بعض أعضاءه، لكن الحالة تستوجب تناسي كل الخلافات واللجوء لحوار متحضر بعيد عن التشنج وروح الانتقام والتسلط، لتمكينه من التوصل إلى حالة الاستقرار ليحل السلام والأمان، من ثم تجري انتخابات حرة لاختيار قيادة جديدة والتي مهما كانت لابد أن تكون افضل من سابقاتها.

ابتسام يوسف الطاهر
لندن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساع للتوصل إلى توافق في قمة سويسرا بشأن أوكرانيا للضغط على


.. قائد قوات الدعم السريع: بذلنا كل ما في وسعنا للتوصل إلى حل س




.. الناخب الأميركي على موعد مع مناظرتين جديدتين بين بايدن وترام


.. خلافات في إسرائيل إثر إعلان الجيش -هدنة تكتيكية- في بعض مناط




.. إذاعة الجيش الإسرائيلي: غالانت لم يعرف مسبقا بالهدنة التكتيك