الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب بين عشرات المهرجانات و ملايين الفقراء

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2009 / 5 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تعتبر المملكة المغربية من أكثر الدول العربية تنظيما للمهرجانات , و التي يصل عددها إلى العشرات . و يعتبر صناع القرار بالمغرب , أن مثل هذه المناسبات , تلعب دورا فاعلا في التعريف بالمنتوج السياحي و التراث المغربيين عبر العالم . و في الوقت نفسه هي لحظات للترويح عن المواطن , الذي ليس بحاجة إلى الخبز وحده (حسب تصريح أحد الصحفيين) باستحضار تاريخه المتنوع و طقوسه القديمة , و ربطه بمحيطه العربي و الإفريقي و العالمي. أما المواطن العادي فله قراءة بعيدة (كل البعد) عما رسمه المسئولون و المنظمون.
مهرجان كناوة و موسيقى العالم بمدينة الصويرة . مهرجان مدينة مراكش الدولي للسينما . مهرجان الموسيقى الروحية بمدينة فاس العتيقة . و مهرجان موازين بالعاصمة الرباط . عينة صغيرة من مهرجانات تصرف عنها ملايين الدولارات , دون أثر إيجابي أو منفعة تذكر. و من هنا نلمس الكثير من الإهمال و سوء التسيير لدى الحكومة المغربية الحالية, التي ربما تعاني من ضيق الرؤيا . أو لنقل : أن اللاوعي , قد طغى على سياستها.
و في عددها الصادر بتاريخ 9 يونيو 2008 حول ميزانية بعض المهرجانات. أزالت جريدة المساء النقاب , عن قيمة الأموال المصروفة عن بعض هذه التظاهرات. و أفادت أن مهرجان كناوة و موسيقى العالم الذي تستضيفه مدينة الصويرة , رصدت له 9 ملايين درهم (مغربي) . و مهرجان البيضاء كلف 400 مليون درهم(مغربي) . و أن الاحتفالات بمدينة فاس كعاصمة روحية قد رصدت لها ميزانية تبلغ 35 مليار درهم(مغربي) . فيما نشرت جريدة ألوان المغربية الإلكترونية, أن مهرجان موازين الذي تحتضنه عاصمة المملكة المغربية (الرباط) في هذه الأثناء . و الذي يقدر عدد المشاركين فيه ب1782فنان. 382 منهم مغاربة و1400 الباقية من الأجانب. قد خصص 2.5 مليون يورو لاستقطاب أكثر من مليون مشاهد . و اللجنة المنظمة تسخر كل الوسائل المتاحة لتجاوز هذا الرقم , و لما لا استقطاب المليونيين (يضيف أحد المواطنين ساخرا) .
و قد تساءل أحدهم: ماذا سيضيف المهرجان لأكثر من مليون متفرج لا يتمتع 70 في المائة منهم بالحد الأدنى من الحياة الكريمة ؟ و استفهم أخر : لماذا تجد نداءات الانحلال و الفساد و التطبيل و التزمير بالمغرب أدانا صاغية , و لا تجدها تلك التي يطلقها المعطلون المغاربة من حاملي الشواهد العليا , و الملايين من الفقراء التي تنادي بتحسين أوضاعها ؟ و المهرجانات التي تنظم بالعشرات لا تساهم إلا في تهجين و إفراغ الشعب من قيمه و إفقاره , و بالتالي غضبه و تذمره (يهمس أحدهم) .
و في غياب الفنان المغربي الضمني عن هذه المناسبات, يبقى المهرجان غريبا عن عامة الناس, فتمثيل المغرب فيها يبقى ضئيلا و دون مستوى تطلعات الفنان و المواطن المغربيين. و إن زاد عدد الفنانين, فلدر الرماد في الأعين. و أذكر في هذه الواقعة ما قاله أحد المواطنين بهذا الشأن, حين سألته عن رأيه بعدم إدراج المنظمين لعدد أكبر من الفنانين المغاربة, فأجابني أنهم يرونهم دون مستوى تلك الفعاليات التي لا يليق بها إلى الأجانب الأكابر. و يرى أن المنظمين (الذين يتغاضون أنهم أيضا مغاربة) يتميزون بكونهم شخصيات نافذة , يستغل بعضها منصبه في الحكومة و الأخر يستغل مكانته المقربة أو علاقته الوثيقة بالملك . لتلميع وجهه و الظهور على شاشات التلفزيون العالمية مانحا للحظات نفسه صفة العالمية أو ببساطة لنيل الاستحقاقات الانتخابية أو الفوز بمصلحة شخصية. و أضاف أن الفنان و المواطن (المغربيين) بعيدين تماما عن سياستهم و برامجهم.
تنظيم المهرجانات و الإنفاق عليها من خزينة الدولة (المال العام), فعل ينم عن عدم المبالاة و الوعي بالوضع الراهن الذي يمر به المغرب. و كما يجمع كل المتتبعين للشأن الاقتصادي, فقد كان من المفروض على القائمين على الشأن العام, استغلال تلك الأموال في النهوض بالحالة المزرية التي يعيشها المواطن المغربي. فالبطالة مرتفعة و نسبة الفقر مرتفعة و الأمية مرتفعة, قطاع الصحة... التعليم... البنية التحتية ... العديد من القطاعات تعاني من الضعف و الخصاص الشديدين , أضف إلى ذلك عدم مواكبتها العصر . و لو خصصت تلك المبالغ المنفقة في تطوير او بناء المستشفيات أو المصانع أو الطرقات مثلا, لكان ذلك أكثر منفعة للشعب المغربي.
الحكومة الحالية بالمغرب , فشلت بكل التحديات التي عاهدت المواطن على تجاوزها . إلا تحدي المهرجانات و السهرات, و المغاربة متأكدون اليوم, أكثر من أي وقت مضى. أن إنجاز حكومة عباس الفاسي في تنظيم عشرات المهرجانات و السهرات و تبذير الملايين من مال الشعب . دليل أخر على مدى احترامها للآمال الملايين من المستضعفين .
نتمنى فقط (أنا و الملايين من المغاربة) أن يتنبه العاهل المغربي لحجم التجاوزات التي تمارس بإسمه في كل تظاهرة و مهرجان , و نحن لا نشك في الرعاية الملكية للشعب المغربي , و لا نشك بجدية الملك الشاب الذي يحاول بكل الوسائل الممكنة , النهوض بالواقع المغربي و تحسينه , و المبادرات الجادة التي اتخذها للتغيير تعبر عن نظرته العملية . و لكن الرغبة الملكية , بدفع المغرب نحو قاطرة الدول المتقدمة و الديمقراطية . تبقى محل استهتار بعض المسؤولين في الحكومة و بعض المقربين منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج