الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قَدَرٌ وانْعِتَاق

علم الدين بدرية

2009 / 5 / 24
الادب والفن



تَرَكْتُ شَرْنَقَتِي مُعَلَّقَةً عَلَىَ أَغْصَانِ الْخَريْفِ وَصُرْتُ فَرَاشَةً تُعَانِق وَرْدَ أَنَامِلكِ تَحْمِلُ عِطْرَ كَفِّكِ بَخُورًا حِيْن تَطِيْرُ فِي رِحْلَتِها نَحْوَ النُّورِ الأَخِيْر...
تَتَعَثَّرُ الْكَلِمَاتُ وَيَكْثُرُ الصَّمْتُ ، وَتَبْقَى أَيَّامُنَا وُعُوْدًا عَلَىَ صَفْحَةِ الْمَوْجِ بَيْنَ مَدٍّ وَجَزْرٍ ، وَنَعُوْدُ لِلحِبْرِ لِلْوَرَقِ ، لِنَكْتُبَ أَحْزَانَنَا عَلَىَ أَطْيَافِ الْوَهْمِ الْمَاثِلَةِ ، لَعَلَّهَا تُواسِيْنَا فِي لَيْلِ غُرْبَتِنَا الطَّويْل ..!! لِرَعْشَةِ جَفْنَيْكِ تَضَاريْسُ مَاضٍ وَأَزْمِنَةٌ خَفِيِِّةٌ وَعَزْفٌ حَزِيْنٌ مُتَمَرِّدٌ عَلَىَ أَوْتَارِ الْحَيَاةِ ...فَحَتَّى لا أَتُوهُ فِي رِحْلَةِ الصّعُوْدِ سَأَوْقِدُ مِنْ خَفَقَاتِ الْفُؤَادِ....مِشْكَاةً تُنِيْرُ عَتْمَةَ الطَّريْقِ ، تَعْبَقُ بِنُوْرٍ وَنَارٍ وَأُغْنِيَاتٍ لِلْحَبِيْب ، سَأَرْسُمُ فِي لَوْحَةِ الَّلِيْلِ نُجُوْمًا تُومِضُ وَشَهْدًا مِنْ حُرُوفٍ تُضِيْء.....
يُدَاعِبُنِي الْحُلُمُ هَذَا الْحَاضِرُ الْغَائِبُ.....فَأَرْحَلُ مَعَهُ عَبْرَ مَسَافَاتِ الْغُرْبَةِ الطَّويِلَةِ....وَأُبْقِي لَهُ فِي الْفِكْرِ سَبِيْلاً وَفِي الْقَلْبِ أَنْغَامًا تَصْدَحُ مِنْ جَدِيْد......وَأَهْمِسُ بأسْمِ الْتِي لا تُغَادِر مَرَاسِي الْوعُودِ ولا تُقْبِل إلاَّ عَلَىَ غُيُومِ الأَوْهَامِ .....إلى أَيْنِ تَمْضِي بِنَا الأَيْامُ ؟ !هَلْ انْتِظَارِي سَيَطُوْلُ وَحُلُمِي الْخَرِيْفِيّ سَيَتَشَظَّى بِذَاكِرَةِ الْعُمْرِ الْفَانِي عَبَثًا قَبْلَ الْمَغِيْب ؟!! عَبَثًا أُحَاوِلُ وَعَبَثًا تُبْحِرُ الْمَرَاكِبُ !!
سَأَتْرُكُ نَبَضَاتِي شِرَاعًا مُمُزَّقًا عَلَىَ نَاصِيَةِ الأَمْوَاجِ الرَّاحِلَةِ إلى عُمْقِ الْمُحِيْطِ ....سَأُحَطِّمُ قِلاعَ عَوْدَتِي وَأُسَافِرُ عَبْرَ آخرَ شُعَاعٍ لِلشَّمْسِ وَأَعْزِفُ آخرَ لَحْنٍ لِلْغُرُوبِ .. لَحْنَ الْوَدَاعِ الأَخِيْرِ قَبْلَ أَنْ يُدَاهِمُنِي الْلَيْلُ الْغَرِيْبُ ..فَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ بَعْدَ الْغِيَابِ ..؟
هَذِهِ مَدَامِعُكِ الْعَصِيِّةِ تَذْرُفُ قَطَرَاتٍ عَطْشَى عَلىَ صَحْرَاء عُمْري الْقَاحِلَةِ لِتَرْوي جُذُورِ الشَّوْقِ الْمَنْسِيِّةِ خَلْفَ مِرآةِ الضَّبَابِ ... فَتَعْشَوْشِبُ مِنْ سَحَايَا الذَّاكِرَةِ الْمُهَشَّمَةِ بَقَايَا ظِلالٍ قَدِيْمَةٍ تَصَخَّرَتْ مُنْذُ فَجْرِ الْوِجُوْدِ وَتَسْتَفِيْقُ مَشَاعِرُ وَأَحْلامٌ مُغْتَرِبَةٌ فِي غَيَاهِبَ الذَّاتِ ...
دَعِيْنَا نَسْتَوْدِعُ حَاضِرَنا الأَزَليِّ لِصَمْتِ النَّخِيْلِ ، لِلْوَاحَاتِ الرَّاكِدَةِ تَحْتَ الْلَّهِيْبِ .. لِلرِّمَالِ لُغَةُ بَوْحٍ وَرَائِحَةُ سَرَابٍ تَمْتَزِجُ فِي ثَنَايَا الْوَقْتِ الْمَمْدُودِ وَتَشَابُكِ الْحُرُوفِ فِي مُفْتَرَقٍ مُتَعَدِّدِ الاتِّجَاهَاتِ ، عَلَىَ أَغْصَانِ الْفُؤَادِ يُزَقْزِقُ عُصْفُورٌ يُنَاجِي طَيْفًا ، يَبْحَثُ عَنْ دَلِيْلٍ لِحُبٍ مَوْءُودٍ آيَاتُهُ مِنْ حِبْرٍ وَمُجُوْن.....طُقُوْسُهُ مَشَاعِلُ نُوْرٍ فِي فَجْرِ الْخَلِيْقَةِ يُشْعِلُهَا الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ ....
يُبْحِرُ بِنَا الْوَهْمُ بِمِعْرَاجِ الذِّكْرَيَاتِ .....يُغْرِقُنَا .... وَيَحْمِلُنَا إِلىَ شَطِّ الْمَغِيْبِ ... قَدَرٌ يَحْمِلُ أَحْلامَنَا وَهُمُوْمَنَا وَيَشُقُّ طَرِيْقَهُ الزَّمَنِي فَوْقَ أَعْمَارِنَا.....يَنْسِجُ أَكْفَانَ الرَّحِيْلِ....عَلَىَ قَارِعَةِ الْغُرُوْبِ .....مِنْ لَهَبِ قَصِيْدَةٍ تُعَانِقُ الْمُسْتَحِيْلَ وَذِكْرَى وَقْتٍ مَاتَ عَلَىَ سُعْفِ النَّخِيْلِ....
إذَا تَنَاءَى طَيْفُكِ أَوْ تَوَارَى فِي الذُّبُولِ وَجْهُكِ الْوَرْدِيُّ سَتَفِيْضُ دُمُوْعُ الرُّوحِ ...... وَيَخْتَلِجُ الْمَدُّّ وَالْجَزْرُ فِي رِحْلَةِ الْعُبُوْرِ ..!!
مَا أَصْعَبَ الْقَدَرُ الَّذِي يَأْتِي .....قَبْلَ أَنْ تُجَهَّزَ الْخُيُوْلُ وَتَتَأَهَّبَ قَافِلَةُ الصُّعُوْدِ !!.... .... سَوْفَ آتِيْكِ عَاشِقًا مُتَهَجِّدًا لا يُفَارِقُ صَوْمَعَةَ عِشْقِكِ وَصُوْفِيًّا مُتَعَبِّدًا لا يَشْرَبُ مِنْ دُمُوْعِ شَمْسكِ الآفِلَةِ ، سَأَحْمِلُ إِليْكِ وِشَاحًا مِنْ الأَحْزَانِ وَمِنْ الأَرْضِ حَفْنَةَ تُرَابٍ وَمِنْ الْفَقْرِ أَسْرَابًا وَسَرَابًا ..!! عَاهِدِيْنِي لِكَي أُبْقِى جَذْوَةً تَحْتَ الرَّمَادِ ، رُبَّمَا تَأْتِيْنَ يَوْمًا مِنْ بُعْدٍ آخَرَ بَعْدَ الْغُرُوْبِ لِتُشْعِلي مَا تَبَقَّىَ مِنْ رَسْمكِ بَيْنَ الْحَنْايَا ..!! عِنْدَمَا يَنَامُ الَّليْلُ تَرْحَلُ النُّفُوْسُ فِي هَجِيْعِ الرُّؤْيَةِ الأُخْرَى ، فَإذَا مَا لامَسَتْ أَنَامِلُكِ أَوْتَارَ الانْعِتَاقِ وَشَرِبَتْ رُوْحُكِ مِنْ عُيُوْنِ الْبُعْدِ الآخَر وَتَجَرَّدَتْ خَلايَاكِ الأَثِيْريَّةِ مِنْ وَهْمِ الرِّجُوْعِ ،اذْكُرِيْنِي حِيْنَهَا فِكْرَةً رَاوَدَتْ فَجْرَ غُرُوْركِ وَوَمِيْضَ مُهَاجِرٍ عَلَىَ أَهْدَابِ آخِر زَهْرَةِ لُوْتُس طَافِيَّةٍ عَلَىَ ضِفَافِ بُحَيْرَةِ الْمِلْحِ الآفِلَةِ فِي مُهَجِ الصَّقِيْعِ الْمُتَحَجِّرِ فِي انْبِعَاثِ زُهُوْرٍ جَدِيْدَةٍ لا يُشْرِقُ فِيْهَا نُوْرٌ وَلا تَسْكُنُهَا أَرْوَاحٌ عَابِرَةٌ فِي دُنْيَا الضَّجِيْجِ .. زُهُوْرٌ سَوْدَاءُ لا تَرَى ولا تُرَى لأَن الزُّهُوْرَ السَّوْدَاءَ لا تَلْمَعُ فِي انْعِكَاسِ الضَّوْءِ الْمُخْتَمِرِ تَحْتَ وِسَادَةِ الْقَمَرِ وَتَنْمُو فَوْقَ هِضَابٍ قَاحِلَةٍ جَرْدَاء .. هُنَا كُلُّ شَيء وَهُنَا لا شَيء وَهُنَا عَلَىَ مَوْقِدِ الْغُرَبَاءِ بَقَايَا بَخُوْرٍ وَرَائِحَةُ بَعْثٍ وَصُوَرٌ مَهْجُوْرَةٌ.. وَدِمَاءٌ خَضْرَاءُ تُخَضِّبُ وَجْهَ الصَّحْرَاءِ.. ظَمَأُ الْوَاحَاتِ .. يَشْرَبُ أَوْجَاعَ قُرُوْنٍ تَمَرَّغَتْ فِي عُمْقِ الشَّجَنِ ... يُتَعْتِعُ بكِ وَهْمُ الْحَاضِرِ والْمَاضِي وَهَوَاجِسُ مُسْتَقْبَلٍ غَيْر آتٍ وَتَسْتَفِيْقُ أَشْبَاحٌ سَكْرَى كُلَّمَا لامَسَهَا وِشَاحُ حَالِمَةٍ تَسْتَبِيْحُ عُمْقَ الأَرْضِ الآفِلَةِ في مدار الزمن ....
الأَحاَدِيْثُ نَغَمَاتٌ تَتَمَاوَجُ فِي مِرآةِ الأَحْلامِ ......وَنُوْرُ طَيْفُكِ يُشْعِلُ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ......صَهِيْلُ عِشْقُكِ يَتَهَادَى فَوْقَ سُفُوْحِ الأَحْزَانِ ، يَتَرَدَّدُ فِي كُلِّ الْمَسَارِبِ الْوَعِرَةِ ، يَتَوارَدُ عَلَىَ بَقَايَا صَدَىً يَتَذَبْذَبُ بَيْنَ كِيْنُوْنَةِ الأَشْيَاءِ ...
لِلْتُرَابِ رَائِحَةٌ تَعْبَقُ بِالذِّكْرَيَاتِ الآتِيَةِ مِنْ دَهَالِيْزِ الطُّفُوْلَةِ حِيْنَ كَانَ النَّهْرُ الْمُقَدَّسُ يَرْتَوي مِنْ نَبْعِ الْمُطْلَقِ الْمُغَادِرِ الصَّفَةِ وَالأَشْيَاءِ ، الأَزْمَانِ وَالأَبْعَادِ وَضُعْفَ ذَاكِرَتِي الْكَوْنِيَّةِ ...
عُمْرِي الزَّمَنْيُّ سَحَابَةٌ دَاكِنَةٌ فِي كُلِّ الفُصُوْلِ لا تُمْطِرُ سُوَى أَضْغَاثٍ مُسَجَّاةٍ عَلَىَ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ ، أَهْرُبُ مِنْهَا حِيْنَ يَسْطَعُ وَجْهُكِ وَتَسْتَضِيءُ بِهِ الْمَسَافَاتُ .....وَيَصْطَفِيْهِ الْغَيْمُ لِيَطْرُدَ الشَّحُوْبَ ... نِدَاءُ الْغَيْبِ أُرْجُوْحَةٌ تُمْطِرُ غَيْثًا مِنْ الْوُعُوْدِ وَأَطْيَافًا مُسَافِرَةً عَبْرَ رِحْلَةِ الْوِجُوْدِ فَطَيْفُكِ الْمُحَلِّقُ بَيْنَ نَبَضَاتِ الْفُؤَادِ....وَرَعَشَاتِ الْوَتَرِ يَأْبَى الْفُرَاق ، فَأَرَاكِ فِي الأُفُقِ مَاثِلةً فِي الْحَنِيْن بَاقِيَةً فِي الرُّوحِ مُقِيْمَةً يَا مَنْ تُمْطِريْنَ بَلا سَمَاءٍ وَتُهَاجِريْنَ دُوْنَ دُعَاءٍ .. هَاهُو الأُفُق يَحْمِلُ تَبَاشِيْرَ الصَّبَاحِ وَأَجْمَلَ أُغْنِيَةٍ لِيَوْمٍ سَعِيْدٍ ، هُنَا هُنَاكَ رُبَّمَا فِي بُعْدٍ آخر بَيْنَ انْعِكَاسِ الصُّورِ الْهَارِبَةِ مِنْ مَحَاجِرِ الْعُيُونِ وَبَيْنَ مَوْجٍ يُزْبِدُ فِي عُمْقِ الْمُحِيْطِ ، سَنَخْتَارُ مِنْ أَلْوَانِ الطَّيْفِ الْغَارِقَةِ فِي سَمَاءِ عَيْنَيْكِ قَوْسَ قُزَحٍ نُسَافِرُ بِهِ نَحْوَ الْفَجْرِ الأَكِيْدِ حَيْثُ لا عَوَاصِفَ جَليْدِيَّةِ وَلا أَقْطَابًا شَمَاليَّةٍ جَنُوبِيِّةٍ وَلا بَرَاكِيْنَ تَشْتَعِلُ فِي أَخَادِيْدِ الْقَدَرِ ، نُخْمِدُ آخِرَ إسْقَاطَاتِ الْوَهْمِ الْمَاثِلِ فِي عَوْدَةِ الرَّحِيْقِ لِنُعَانِقَ أَزْهَارَ اللَّوتُس وَنُوْلَد فِي بُعْدٍ آخَرَ مِنْ جَدِيْد ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي