الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصحاب الحقوق المنقوصة في جنوب الاردن

بلال العقايلة

2009 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


شهدت الدولة الأردنية تحولات متسارعة بدأت منذ هبة نيسان في العام 1989م التي ألغت الأحكام العرفية وأدخلت الوطن في مرحلة جديدة من الديمقراطية، لكنها ديمقراطية منقوصة سرعان ما تبخرت معالمها تحت وطأة الظروف الدولية التي أحاقت بالأمة وعلى رأسها الجنوح للسلام مع الأعداء، وكذلك الظروف المحلية والاقليمية، وضيق النظرة عن المفهوم الشامل للمسؤولية، فتفرد البعض بالقرار بلا هدى ولا حكمة، فتقهقرت الحريات، ودخل القلق كل بيت وحي، وأخذ شبح البطالة وارتفاع الأسعار يطارد الناس كل يوم.



كل هذه الأشياء أفرزت حالة من المباعدة ما بين القمة والقاعدة، حتى أصبحنا نترحم على عهود البيروقراطية التي كانت تمنح بعض الحق لأصحابه حتى ولو كان منقوصاً، فأتى الظلم على الجميع ولم يترك ريفاً ولا قرية إلا وغزاها..



وأضرب هنا مثلاً حياً على بؤس الحال الذي وصل إليه أبناء الوطن، فهذه قرية (أبوعامود) في البادية الأردنية - محافظة معان- يحرم (40) شاباً من أبنائها من فرص التعليم بحسب الدراسات الرسمية، حيث استمرت مطالب الأهالي بفتح مدرسة للقرية أكثر من خمس سنوات ولكن ليس من مجيب، ويحدث ذلك في القرن الحادي والعشرين في زمن كثر فيه المنظرون للتربية والتعليم.



هذه القرية تحاذي في موقعها منجم الشيدية، وهو المنجم الذي يقدر الاحتياطي من الفوسفات فيه بحوالي ( 1538) مليون طن ووصل سعر الطن إلى 870 دولار تقريباً.



أما منطقة المدورة المحاذية للحدود السعودية فباتت فاقدة لنصيبها من الرعاية الصحية والطبية، فلا مراكز متطورة ولا مستشفيات، ومن يتعرض للدغة من ثعبان أوعقرب تأته منيته وهو على الطريق وهذا حال منطقة الجفر بأكملها.



هؤلاء البؤساء من أبناء الوطن القابضون على جمر الأسى هم أصحاب السبق في بناء الكيان الأردني الحديث، الذين شيدوه على أكتافهم .. هؤلاء الوطنيون حتى النخاع، لقد فُوضت أراضيهم إلى كبار المتنفذين يزرعون منها آلاف الدونمات دون أن ينعكس ذلك بالإيجاب على تنمية المنطقة المحرومة. نعم إنها سمات الليبرالية النتنة التي حصدت منهم كل شيء ولم تبقي لهم إلا الجوع والفقر والجهل.



هذا وكان للأحداث الأخيرة التي تسببت بها حكومة أبوالراغب بحق أبناء معان، تحول آخر في السياسات المتبعة، فعندما أعملت تلك الحكومة المذمومة القتل والتعذيب والتخريب بحق الأبرياء، وبعد مرور ست سنوات عجاف تفصلنا عن الماضي الأليم، إلا أن أبناء المحافظة ما زالوا يعانون آثار وتداعيات تلك الحملة الظالمة، لا سيما أن مرحلة التجاذبات التي أعقبت تلك الأحداث جعلت تلك الحكومة تبحث عن حلول سريعة للخروج من عنق الزجاجة، بعد شعورها بعظم الذنب وحجم الظلم الذي أحاق بالأهالي فعمدت الحكومة آنذاك إلى استخدام أسلوب الأعطيات وشراء الذمم، وتقريب البعض واستبعاد من يستحق الاستبعاد في نظرهم، على قاعدة من ليس معي حتماً ضدي هذا بدلاً من الشروع في تنمية المنطقة سياسياً واجتماعياً، ففرخت تلك الأحداث استحقاقات جديدة أضاعت حقوق البلاد والعباد، وأنجبت الظروف إياها مرحلة غاية في الاجحاف، فقد عمد ربانها إلى تفتيت الناس إلى شيع وأحزاب وتصنيفهم إلى عبيد وأسياد فجرى تهميش عشائر بأكملها، واستبعد أفرادها عن هرم المسؤولية، ونصب البعض على رقاب البشر ووضع بأيديهم الحل والربط، فلا وظيفة ولا علاج ولا ابتعاث إلا بمباركتهم.
وهكذا ألغت الحكومة ومن جاء من بعدها وحتى هذا اليوم الوجود الاعتباري لبعض العشائر والأشخاص وأطلقت عليهم رصاصات الرحمة وأخذت تجلدهم بسياط الماضي وتقذف بهم في غياهب النسيان.

سياسة الاقصاء والتهميش هذه عملت على قتل الروح الوطنية وأفقدت الكثيرين الشعور بالانتماء لا سيما وأن مصائرهم أصبحت في مهب الريح. والسؤال هنا: من خول أولئك الحق في تقسيم الناس إلى فسطاطين: كفر وإيمان ؟ وكيف استأثر البعض لنفسه الحق في توزيع صكوك الغفران ليعاقب من يعاقب ويتوب عمن يتوب؟ وأين نحن من روح الدستور الأردني الذي نص في أولى مواده وصفحاته على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ثاني يوم لزيارته: بوتين يؤكد الرغبة بزيادة التعاون مع الص


.. المحامون غاضبون في تونس • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أجرى عملية لطفل فقد 3 من أطرافه.. طبيب أمريكي محاصر في غزة ي


.. تواصل أعمال النسخة الـ 29 من معرض الكتاب في المغرب وسط إقبال




.. تقدم ساحق لروسيا في أوكرانيا والناتو يهب للنجدة... فهل تحدث