الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكبة 1948 ونكبة أوسلو

رمضان متولي

2009 / 5 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كلما حلت ذكرى نكبة فلسطين في عام 1948، تركز مهرجانات إحياء هذه الذكرى على عرض الجرائم والمذابح التي ارتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني، وكأنها تستصرخ العالم من أجل "العدالة" بإعادة التأكيد على "ظلم" المجازردون تقديم رؤية ترتبط بالوضع الراهن. غير أن الشعب الفلسطيني لم يتعرض لنكبة حقيقة فقط في عام 1948، وإنما تعرض لنكبة أخرى مع اتفاق أوسلو في عام 1993 أصابته في مناضليه وقدراته المقاومة.

يمثل اتفاق أوسلو نكبة جديدة لفلسطين. سقط حلم الدولة العربية على كامل التراب الوطني أو على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 إلى دويلة لا سيادة لها ولا حدود ولا ملامح. وانتهى الأمر إلى سلسلة من المفاوضات العقيمة التي كشفت عن حقيقة الهدف من اتفاقيات أوسلو: أن يتحول المناضلون القدماء من أجل الحق الفلسطيني إلى نوع من السلطة الحاكمة تنفذ إرادة الاحتلال الصهيوني في الشعب الفلسطيني (قمعه وتكبيله) حتى لا يكلف إسرائيل عبء القمع ومسئولية أخلاقية عن جرائمها تماما مثل حكام "البانتوستانز" في جنوب أفريقيا في عهد العنصرية.

أثبتت عملية السلام المزعومة ألف مرة أن القضية الفلسطينية لا حل لها من خلال المفاوضات السلمية مع العدو الصهيوني، ولكنها أثبتت أيضا أن حل الدولتين شبه مستحيل. غير أن القيادات الفلسطينية تتمسك بحل الدولتين (على الأقل أغلب هذه القيادات في الوقت الراهن)، وتدخل في سلسلة مفاوضات عقيمة حول القضايا المستعصية: قضية اللاجئين، وقضية القدس، والمستوطنات، والحدود. وهي قضايا مستعصية لأن واحدة منها على الأقل – وهي قضية اللاجئين – لا حل لها إلا بتحولات ديموغرافية عنيفة يستحيل أن نتصور حدوثها مع بقاء دولة لإسرائيل. كما أن المستوطنات، خاصة المستوطنات الكبيرة التي تنتشر كالسرطان في الضفة الغربية، تحتاج من أجل تفكيكها إلى قوة قتالية تعادل وتستطيع أن تواجه آلة القتل الإسرائيلية، وإذا تغاضينا عن المصالح المشتركة بين كثير من الدول العربية وبين إسرائيل والولايات المتحدة، سنجد أن الدول العربية مجتمعة لا تمتلك تلك القوة التي تستطيع بها مواجهة إسرائيل.

حل الدولتين والقضايا التي يجري التفاوض عليها تحت هذا العنوان عملية عبثية لن تصل إلى نتيجة، ولكن قيادات فلسطينية وعربية تتمسك به بسبب ارتباط مصالحها بالوضع القائم، فقد تحول قدامى المناضلين إلى موظفين في سلطة أوسلو، وكبار موظفيها تحولوا إلى رجال أعمال وأصحاب مصالح اقتصادية وسياسية مع الكيان الصهيوني الذي يحاربونه! واختصر الهدف الحقيقي غير المعلن عنه في عملية التفاوض إلى مجموعة من المكاسب الصغيرة لا تقدم حلا لجماهير الفلسطينيين الذين تحصدهم رصاصات الحقد الصهيونية، وتهدم الجرافات منازلهم وتمحو جذورهم من الأرض لتبني عليها مستوطنات لمهاجرين جدد، وطرقا التفافية، وحائطا عنصريا عازلا، ومناطق أمنية … إلخ.

كل ذلك يدعونا إلى العودة إلى التفكير مجددا في حل الدولة الواحدة التي تتعدد فيها الديانات والأعراق دون تمييز وتتساوى فيها الحقوق مع إسقاط التمييز العنصري والصهيونية. إذا عاد هذا الحل إلى أجندة الفصائل الفلسطينية، سوف تتمكن من إسقاط خلافاتها وحروبها الداخلية بسهولة أكبر من الوضع الحالي، خاصة أن هذه الاستراتيجية تبدأ بحل وتفكيك السلطة الفلسطينية التي قامت على أساس مبادئ أوسلو.

هذه السلطة أقيمت بالأساس لمصادرة النضال الفلسطيني، ولذلك ليس غريبا أن نجدها مدعومة بالأموال من الاتحاد الأوروبي، وليس غريبا أن نجد إسرائيل مكلفة وفقا لمبادئ أوسلو بجمع الضرائب من الفلسطينيين في المناطق التي تسيطر عليها لصالح سلطة أوسلو، وليس غريبا أن نجد دعما عربيا (من الدول الصديقة لإسرائيل) لهذه السلطة باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وليس غريبا أن نجد الولايات المتحدة – التي لا يمكن اعتبارها صديقة للشعب الفلسطيني – لا تجد شريكا في "عملية السلام" إلا سلطة أوسلو وقياداتها.

هذه السلطة لم تقدم للشعب الفلسطيني أي حماية من العدوان الإسرائيلي، بل حرمت هذا الشعب المناضل والبطل من سواعد أبنائه، بتحويل العديد من هؤلاء المناضلين إلى موظفين يتقاضون أجرهم من أعدائهم، أو على الأقل يتحكم هؤلاء الأعداء في أجورهم.

الخطوة الأولى إذن هي تفكيك السلطة، وعودة الفصائل الفلسطينية المختلفة إلى فصائل مناضلة تنسق جهودها في مواجهة العدو المشترك، ولا تطالب بدولة خاصة للفلسطينيين، وإنما بحقوق سياسية وقانونية متساوية لأبناء الشعب الفلسطيني ووقف الهجرة إلى هذه الدولة الواحدة (بغض النظر عن اسمها) وعودة اللاجئين.

وطبيعي أن العصابة الصهيونية التي تدير الدولة في إسرائيل لن تقبل ذلك، لكن هذه الخطوة سوف تكون بالغة الأهمية بالنسبة للفلسطينيين، لأنها سوف تنقذ مناضليهم من وهم السلطة الذي حولهم إلى موظفين يتقاضون أجرا، وسوف تنقذهم أيضا من الصراعات الداخلية المرتبطة بهذا الوهم. كما أنها خطوة كفيلة بأن تكشف عن الطبيعة العنصرية الخالصة لإسرائيل وتجبرها على تحمل مسئولية جميع الجرائم التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وتحرمها من فرصة الترويج لأسطورة أنها دولة طبيعية تحاول الدفاع عن نفسها ضد أعداء يريدون إزالتها ويهددون أمنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حرام عليك يااخينا
سلام الشمري ( 2009 / 5 / 24 - 06:51 )
يارمضان..حرام عليك
تطلب من الفلسطينينين ان يفعلوا وحدهم مافشل قومجية ومتأسلمي الامة العربية الجبارة بقضها وقضيضها على مدى ستة عقود حتى اوصلوا شعوبهم وانفسهم الى هذه الهاوية التي انجروا اليها وجروا معهم شعب فلسطين ليخسروا كل شيء وبعدها تعود حضرتك لتطلب منهم ان يعودوا لنقطة الصفر ويبدؤا بشرب البحر
ماتسيبهم يشوفوا حالهم
حرام عليك
جرب نصيحتك الغراء اولا مع شعب مصر المسكين واسمع الجواب
علم اسرائيل يرفرف في سماء القاهرة وانت تطلب من الفلسطينيين ان يزيلوها لحساب حضرتك
وهوَ ده كلام؟؟؟

اخر الافلام

.. دول عدة أساسية تتخذ قرارات متتالية بتعليق توريد الأسلحة إلى


.. سقوط نتنياهو.. هل ينقذ إسرائيل من عزلتها؟ | #التاسعة




.. سرايا القدس تعلن قصف جيش الاحتلال بوابل من قذائف الهاون من ا


.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تقول إنها أنقذت محتجزا إسرائيليا ح




.. -إغلاق المعبر يكلفني حياتي-.. فتى من غزة يناشد للعلاج في الخ