الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة التاميل والجانب الإنساني

باسم محمد حبيب

2009 / 5 / 25
الارهاب, الحرب والسلام



تتدفق الأخبار هذه الأيام من ارض التاميل السريلانكية لتنقل لنا نتائج المعارك بين نمور التاميل والجيش السريلانكي فلأول مرة منذ بدا التمرد التاميلي قبل أربعين سنة يتحول ميزان القوى لصالح الجيش السريلانكي وتغدوا معاقل التاميل صيدا سهلا لمشاته والياته .
وإذا أردنا أن نفسر سر هذا الانتصار الكاسح أو على الأقل هذا التوقيت المحدد للحملة السريلانكية فلا نعزل ذلك عن الأوضاع في عموم شبه القارة الهندية وبشكل خاص في باكستان التي تشهد هي الأخرى معارك قاسية بين الجيش وجماعة طالبان وليس ببعيد أن يكون لتمرد طالبان أثره الكبير في دفع الحكومة السريلانكية للقيام بهذه المغامرة المكلفة فهناك تزامن واضح بين هذه الأحداث والحملة الباكستانية - الأميركية ضد مسلحي طالبان في منطقة القبائل شديدة الوعورة وحتى لو لم يكن هناك تنسيق مباشر بين الدولتين بشان الخطر الذي يواجهه كل منهما فهناك ما يشبه الشعور المشترك بان استفحال أيا من هاتين الأزمتين ربما ينعكس بتأثيره على الأزمة الأخرى رغم الاختلاف الكبير في الدين والايدولوجيا بل وحتى الأهداف بين نمور التاميل وحركة طالبان ففي حين تسعى حركة طالبان لتأسيس نظام إسلامي في باكستان يسعى نمور التاميل إلى تحقيق الاستقلال عن سريلانكا وإنشاء دولة تاميلية مستقلة أما الجانب الدولي فليس ببعيد أن يكون له تأثير في مجرى الأحداث وفي هذا التحول الدراماتيكي لاسيما وبشكل خاص موقف العملاق الهندي من الأزمة فبعد أن كانت الهند واقفة وعلى مدى عقود عديدة على مسافة بعيدة من هذه الحرب الطاحنة تحول الموقف الهندي ومعه الموقف الدولي فجأة لصالح دعم جهود الحكومة السريلانكية وكان عهدا مترنيخيا ( نسبة إلى رئيس وزراء النمسا مترنيخ ) قد حل ليحل محل الحركات الثورية والكفاحية التي تطالب بحقوق ما ولهذا الأمر أسبابه التي لا تبتعد كثيرا عن استفحال الخطر الإرهابي والرغبة الدولية في التفرغ لمحاربته .
ورغم أن هدف السلام قد يتطلب أحيانا بعض الشدة لتكريسه إلا أن علينا أن نلتفت إلى الجانب المأساوي من هذه الأزمة فمما لاشك فيه كان للحملة السريلانكية تأثيرها العنيف على ظروف السكان واستقرارهم بحيث دفعت بعضهم إلى الهروب واللجوء إلى الجوار فالصور التي تبثها وسائل الإعلام عن تفاصيل هذه الكارثة الإنسانية تثير بالتأكيد مشاعرنا التي تتحسس هذه القضايا كجزء من شاننا الخاص فكل دمعة طفل وصرخة أم ثكلى هي مثل نداء يخترق الروح والجسد ليؤشر على وجداننا المتحد وروابطنا المشتركة ولابد أن تثير فينا هذه الأحداث الحمية والتساؤل فلأول مرة نشهد مثل هذا الصمت الدولي إذ لم يصمت العالم على كارثة إنسانية كما يفعل الآن ولم يحصل أن تحولت أزمة بهذه الدرجة من الخطورة إلى مجرد مادة إخبارية دسمة ومع أننا لا ننكر الجهود التي بذلتها بعض الجهات والمنظمات الدولية إلا أن ما يحسب على هذه الجهود أنها كانت بسيطة ومشتتة الأمر الذي يشير إلى وجود حالة من الخلل في التعاطي مع هذه المسائل الخطرة ما ينذر ب تقلص أو انحسار العمل الإنساني وتراجع الاهتمام بالقضايا الإنسانية .
إن أهم سبب لذلك فربما ينبع من ازدهار الاتجاه اليميني في الفكر السياسي واستفحال الخطر الإرهابي الذي وضع العالم على شفى فتنة كبرى بعد أن شعر الغرب أن الإرهابيون عازمون على ممارسة كل أشكال العنف ضدهم ليبدأ هؤلاء بالحذر ويعملوا على استعادة ماضيهم في مواجهة تسيد التيارات المتطرفة وخروج العنف من عقاله وهو أمر قد يعني من بين ما يعنيه أننا مشرفون على نزاعات شوفينية مقيتة قد تؤدي إلى فقداننا إنسانيتنا وتآخينا اللذان يجب أن نحرص عليهما كل الحرص حتى نكون أمينين على هذه الرابطة التي تجمعنا معا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مالم تذكره في المقال
سلام الشمري ( 2009 / 5 / 24 - 23:25 )
تحدثت عن ألاختلاف الكبير في الدين والايدولوجيا و الأهداف بين نمور التاميل وحركة طالبان,لكنك لم تشيرالى تشابه الوسائل بينهما (مدارس الانتحاريات,تفجير القنابل وسط المدتيين السينيهاليين, الأغتيالات, الخطف والتصفية), هل نتحدث بعدها عن مآسي احدهما دون الآخر
أِن موقف العملاق الهندي الذي نآى عن الأزمة بعد اختلافه مع الحكومة السريلانكية سابقا لايجعله بعيداً عنها فمعظم التاميل المشتركين بين البلدين موجودين على ارض ولاية تاميلنادو في الهند ولا تنسى الهند ان رئيس وزراءها السابق راجيف غاندي قد قتلته انتحارية تاميلية بحزام ناسف بسبب تدخل الهند مع الحكومة السريلانكية
من يحمل السيف بالسيف يقتل
انت محق ودقيق أخي باسم في انتقادك لردود الفعل الدولية تجاه الموضوع
قلبي مع الضحايا الذين لم يختاروا ان يكونوا هناك حين تناطحت الافيال
قلبي مع من اصبحوا خلف سياجات معسكرات التجميع يجهلون ماسيكون عليه مصيرهم أو الأنكى,..مصير اطفالهم
هل سيتحرك المجتمع الدولي أم أن ذكرى رواندا ومجاعات أفريقيا وحروب الارهاب, قد بلَّدت حسه الانساني حتى النخاع

اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل