الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ائتلاف عراقي ديمقراطي إنساني

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2009 / 5 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أصيب العراق و منذ مقتل الملك فيصل الثاني و انقلاب العسكر الغاشم الذي أطاح بالنظام الملكي الدستوري الانتخابي، أصيب بفيروس مدمر من العنصرية و الطائفية و عقليات التنازع و الصراع، و أتاح ذلك للبعث أن يلغي العراق كفكرة و يضع بدلا منها الطائفية و العنصرية، فكان لغياب الانتماء العراقي (الإنساني) أكبر الضرر على البلد حتى بعد الإطاحة بالملعون و صنمه المعبود لتتحكم بالبلد و برلمانه كتل طائفية عرقية وضعتنا على حافة الدمار و لا زال.
و رغم فشل تجارب السنوات العجاف الماضي يدافع البعض عن إعادة تأهيل "الائتلاف العراقي الموحد" بحجج مختلفة، هذا الائتلاف القائم أصلا ـ حاله حال التوافق و قائمة عرقية عنصرية أخرى ـ على أُسس طائفية و مذهبية، و هذا الائتلاف يتحمل وزر تحول العراق إلى نظام المحاصصة و المخاصصة باعتبار أنه الكتلة الأكبر، و هو الذي أدى بالآخرين إلى تبني قوائم و تحالفات على أساس عنصري و طائفي، و اليوم نشهد محاولة بعض السياسيين الذين فـــــــشلوا في انتخابات مجلس المحافظات فشلا ذريعا في إعادة تأهيل هذا الائتلاف الذي تنبه الصدريون و الفضيلة إلى تكوينه الطائفي فهجروه، و هذه المحاولة لا دوافع لها إلا أن هؤلاء "السياسيين الفاشلين" لا يمتلكون برامج وطنية حقيقية تعمل لصالح الناخب.
زعم أحد هؤلاء السياسيين أن الائتلاف العراقي (الذي انفرط عقده) لم يكن طائفيا و أنه قام بكل ما يلزم لمساعدة الشعب ـ و هو ما يكذبه الواقع المرّ و المؤلم الذي يعيشه العراقيون عموما و أهل الجنوب خصوصا ـ متغافلا و متجاهلا قضايا الفساد التي تعلقت بالوزراء و النواب المنتمين لهذه الكتلة، و أعضاء الكتل البرلمانية الأخرى سكتوا عن مقابل تجاوز فساد و إجرام نوابهم، و أشهر القضايا كانت قضية وزير العمل و الشؤون الاجتماعية مع "دار الحنان لتعذيب ذوي الاحتياجات الخاصة"، حيث هب الائتلاف لحماية الوزير من أي تبعة قانونية لتلك الفضيحة و هو الأمر الذي كان ليكون مختلفا لو أن الائتلاف كان "عراقيا وطنيا".
هذا البرلمان العراقي (مجلس النواب) المهزوز هو نتيجة طبيعية لكتل طائفية و عنصرية تعتبر العراقيين مكونات "قطعان" يسهل تقاسمها بعد قليل من "التنازع" حيث يأخذ كل راعي حصة من "الأغنام"، و غاية ما يعرفه هؤلاء هو رفع النداءات و الصراخ و العويل بكل "غيرة و تقوى"!! لمنع الخمور و الكحول "العرق" و كل مظاهر الفساد الأخلاقي ـ حسب زعم برلمان قوم لوط ـ التي تفشت في الشعب العراقي، و بالتالي فإن انقطاع الماء و الكهرباء و التشرد و الفوضى و انخفاض مستويات الماء و الجفاف ليست سوى "غضب إلهي" لأن الشعب العراقي (كفر بأنعم) السيد المجاهد البطل و الرئيس المناضل المنصور بالله "أبو كرش".
كيف يمكن لعقلية متخلفة كهذه أن تبني عراقا حرا، ربما يبنون عراقا حرا بالاسم فقط، و لكن على أرض الواقع يريد هؤلاء "المتاجرون بآيات الله" أن يستمروا في الحكم محاطين بهالات العصمة و القداسة بينما المواطن يحيق به العذاب و هو من يتحمل وزر كل الخطايا و الآثام المزعومة، لا بد هنا من أن يلتفت المواطن كفرد و المجتمع كجماعات و منظمات مجتمع مدني إلى أن السياسة و الحكم و بناء الدولة لا يتم عبر مظاهر التقوى النفاقية و قيام الليل و التراويح أو مجالس العزاء أو بحجة "أن جدي كان مناضلا"!! و إنما عبر احترام الحرية الفردية و حرية الرأي و حقوق الإنسان بغضّ النظر عن انتماءه و رأيه، و هذا ما لا يتوفر في "الإئتلاف الشيعي المنحل" و الذي أساء كما أساءت التوافق و كتلة عنصرية أخرى إلى الديمقراطية العراقية و بيضت وجه البعث الملعون حيث أظهروا للعراقيين و للإعلام الإقليمي و الدولي و كأن العراق الجديد ليس أفضل حالا من "عراق صدام و البعث".
النقطة المهمة التي استوقفتني في لقاء "السياسي الفاشل" و الذي أعلن سعيه لإعاد تشكيل (الائتلاف القديم) هو نفيه إثارة مخاوف الطائفة الشيعية في العراق و استغلال هذه المخاوف للفوز بالانتخابات، و هو ما يعني بالضرورة إدراكه أن لا خوف على العراقيين "الشيعة" إذا انخرطوا في ديمقراطية حديثة و بالتالي لم يعد هناك أي دافع أو سبب لبقاء "الائتلاف الشيعي" و إنما إعادة صياغة هذا الائتلاف بشروط جديدة و تكوين كتلة أكبر من الحجم الطائفي الذي لا يمتلك أسباب النجاح مهما كان حجمه، و أشعر أن "ائتلاف دولـــــــــة القانون" مدرك لهذه الحقيقة و مدرك أن الناخب العراقي في 2010 لن يكون كالناخب في السنوات الماضية حينما كان العراق غائبا عن الجميع، و لكن العراق ـ و الذي غاب عنا منذ استولى البعث على الحكم ـ عاد الآن إلى الساحة و بالتالي أصبحت كل الكتل محتاجة إلى تطعيم نفسها باللقاح العراقي المضاد للطائفية و العنصرية و للجراثيم البعثية و غير البعثية التي ترد الفتك بالعراق كفكرة وطن إنساني ناجح.

Website: http://www.sohel-writer.i8.com

Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا ياسهيل؟؟؟
ذياب آل غلآم ( 2009 / 5 / 24 - 10:57 )
عزيزي اشكرك لتواصلك معي حيث كل مقال تكتبه ترفدني به مشكورا وانا في الغالب اتفق معك بكل ماتطرحه ؟هكذا أظن فيك صوابا!؟ لكن يا حبيبي ثورة تموز علينا انصافها وذلك من اجل عيون الفقراء العراقيين الذين اسعدوا فيها واستفادوا من حقهم العراقي ومن ابسطها مدننا المسبية الآن كالثورة والحرية والشعلة ؟؟ حبيبي هذه العبارة لطفا لاتكررها (انقلاب العسكر الغاشم)فهم ليس انقلابيوا ضد الشعب ولم يأتوا من فراغ فليس ثورة تموز انقلاب غاشم؟؟؟مع الود والتحية ومن الممكن ان نقول الرحمة والغفران للشهيد السعيد عبد الكريم قاسم لولا طرح مثل هذه الاراء وماتبعتها من قبل اللوبي المعادي لتموز لكان لنا ولك كلام اخر ؟هكذا أظن ياسهيل اشكرك حبيبي

اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر