الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألك الكؤوس ولي ثمالتها ؟!

نجيب أحمد كريم

2009 / 5 / 25
كتابات ساخرة


الماضي بالمعنى المبسط هو الزمن الذي يسبق اللحظة الراهنة , وهو وفق حتمية استمرار التاريخ منذ لحظة الأزل وحتى لانهائية الأبد , كان وعاءا لمجريات أحداث عظام تدرجت بالأنسان من اشكاله البدائية الى ماهو عليه في عصرنا الراهن , وبتراتبية تطورية لم تكن , ولن تكون , لتخلو من معرقلات , ومعوقات , وعثرات , وكبوات , افرزها البناء السيكولوجي للأنسان ذاته , من حيث كونه كائنا يحتوي على كل الثنائيات المتضادة , خير وشر , جمال وقبح , فضيلة ورذيلة , حكمة ودوغمائية , ادراك وبلادة .......الخ . وسيطرة المكونات السلبية على ذاته , لتصيبه بالوهن وتعطل ارادة الفعل الخلاق لديه احيانا , بل وتدفعة الى الأرتكاس نحو ممليات غرائز ماقبل تشكل الوعي لديه , ليهدم بيد ماكان قد بنته يده الأخرى . أي ان التاريخ بهذا المعنى كان مشتملا على ادوات البناء وأدوادته , ومعاول الهدم ونزعته في آن معا . ونتيجة للفرز بين ماهو صالح لتبنيه و واعتماده , والبناء عليه , وما هو طالح لنبذه والتخلص منه , تمكن الأنسان بشكل عام من تشذيب سلوكياته محققا هذا الأرتقاء الجبار في سلالم التحضر والمدنية والتطور الذي نشهده ونعيش على نتاجاته . وأن عملية الفرز بين الصالح والطالح , والنافع والضار , ,الدافع نحو الأمام والساحب الى الخلف , والرافع نحو سماوات الرقي والمهبط الى مهاوي التخلف والأنحطاط , لم تكن سهلة , أذ استلزمت الدخول في صراعات شاملة مازالت ذيولها مستمرة حتى لحظتنا الراهنة , وستظل قائمة مابقيت المصالح متعاكسة , حتى يرفع الطالح راية الأستسلام ويكون البقاء للأصلح كنتيجة حتمية يمليها منطق الأشياء . مايهمني من هذه المقدمة ( التي ارجو أن لااكون قد اطلت فيها ) هو مانشهدها في المشهد السياسي العراقي من تقاطعات الرؤى حول _ أي عراق نريد _ بعد كل هذا الركام المخيف من الخراب على كل الأصعدة _ المتوارث منه والمستجد _ في ظل استمرار قسم من مسبباته ‘على مستوى المتبنيات الفكرية القومية , الشوفينية المتعصبة للبعض من المتصدين للعملية السياسية . هذه المتبنيات , حتى اذا افترضنا حسن النية بها , مع وجود مايدفعنا الى غير ذلك , ستهبط بنا الى الى مهاوي اسحق مما نحن فيه واكثر عمقا . حيث ان الفكر القومي المتعصب , والناضح للشوفينية , كان سببا مباشرا لأغلب الصراعات الدموية التي كلفت البشرية عشرات الملايين من الضحايا , وركاما هائلا من الخراب المادي والنفسي الأجتماعي عبر العالم . وأن آثار الدمار التي خلفتها الحرب العالمية الثانية , والتي اشعلت النازية ( التي هي شكل من اشكال التعصب القومي ) فتيلها , مازالت شاخصة حتى الآن . لذلك , ولأسباب اخرى , كانت الحاجة الى تشكيل هيئة دولية’ _ الأمم المتحدة _ رسمت الأطار العام المنظم للعلاقات بين دول العالم وشعوبه وفق مبادىء عامة مستقاة من تعاليم الأديان السماوية , وأفكار المصلحين الوضعية , وكانت واحدة من اهم انجازاتها , تقليم مخالب العنصرية الشوفينية المقيتة , والأنتصار لضحاياها وفق حق تقرير المصير , المتضمن في ميثاق الأمم المتحدة , كحق مكفول لجميع شعوب الأرض . ( ماحدث في البوسنة , وجنوب السودان , مثلا ) ليتذكر الجميع هذا دوما" . ثم أن الدروس المستخلصة من تجاربنا في الدولة العراقية الحديثة , التي تشكلت وفق مصالح لاتمت للشعب العراقي بصلة , لابد من استحضارها دائما , وواحدة من هذه الدروس البليغة _ للنابهين _ تخلص الى : أن دولة المواطنة الحقيقية التي ينبغي على الجميع العمل المخلص من اجل ترسيخ اسسها , لايمكن أن تقوم مع وجود هذه الا فكار والنزعات المريضة المدمرة , والتي لم نجني من وراء حماقات متبنيها سابقا غير خراب بيوت العراقيين , ونفوس بعضهم , عبرحقب مظلمة كان آخرها وأشنعها وأكثرها وحشية حقبة حكم صدام حسين , وما جرتها سياساته الحمقاء المجرمة تجاه الكرد من ويلات كارثية على العراق وطنا , وعلى العراقيين على اختلاف قومياتهم . أفلا ترعوون ؟؟! . أعتقد _ جازما _ بأن البعض من المروجين للمفاهيم الشوفينية هم أمتداد للحقبة الصدامية , وهم يتوجهون بطروحاتهم وشعاراتهم المعادية للكرد الى شريحة _ غيرذي تاثير _ من بسطاء الشعب العراقي ممن تمت الهيمنة على عقولهم عبر برمجتها بأفكار فاسدة عنصرية الطابع وأقصائية المسعى مستمدة من كتابات الحصري وعفلق ودهاقنة الشوفينية الآخرين , عبر مناهج التدريس السابقة ( والتاي هي بحاجة الى مراجعة جادة ) , وايضا عبر قنوات تشكيل الرأي العام , فيلق الأعلام الصدامي داخل العراق , وأتباعه من ( مثقفي كل شيء للبيع بما في ذلك الذمم ) خارج العراق . للتذكير فقط , فأن هؤلاء أقاموا الدنيا ولم يقعدوها للآن , احتجاجا على المادة الدستورية (المعبرة عن أرادة الشعب العراقي الذي صوت بغالبية اكثر من 70% على هذا الدستور ) , والتي تعرف الشعب العراقي على ان العرب منه جزء من الأمة العربية . وحاولوا استبدالها لتنص بأن الشعب العراقي _ بمجموعه _ هو جزء من الأمة العربية خلافا لمتطلبات الشراكة الحقيقية التي تستوجب عدم سلب هوية _ الآخر _ كشرط من شروط اقامتها . يريدون صهر الكرد في بودقة الأمة العربية بقرارسلطوي فوقي متناسين أو غير مدركين بأن الأمم لاتتشكل بقرارات فوقية , بل بتوفر عناصرها اللآزمة , من جغرافيا جامعة كأطار محتوي لأفراد الأمة الذين يرتبطون مع بعضهم بوشائج من مصالح , وثقافة , ولغة , وتاريخ , ووجود , ومصير مشترك يتم التفاعل بين كل تلك العناصر وعبرالاف السنين , بأرادة حرة وليس بالقهر , لتتشكل بذلك ملامح الأمة . وهؤلاء أيضا أقاموا الدنيا ولا أدري متى سيقعدوها , استنكارا وأنكارا لحق الكرد الطبيعي , والدستوري , في اقليمهم الفيدرالي ضمن العراق الواحد . وهؤلاء ايضا يحاولون وضع العراقيل أمام مسعى الكرد في استثمار خيرات اقليمهم من اجل رخاء كل العراقيين , بالتعاقد مع الشركات العالمية ( وفقا" للدستور ) لاستخراج وتصدير النفط والغاز , علما بان عائداتها تذهب الى خزينة الدولة الأتحادية ( تبعا للدستور ) . كل ذلك بمبررات واهية تنطوي على مقاصد مفضوحة لخدمة أجندة ومصالح الآخرين عبر الحدود الشرقية والغربية وكذلك الجنوبية للعراق . والمتتبع لطروحات وسلوك هؤلاء يمكنه بادنى قدر من التحليل المحايد ان يتوصل الى كامل القناعة بأن مصلحة العراقيين هي في آخر اولوياتهم _ أن كانت موجودة أصلا _ وان من حسن الحظ فأن هذه الطروحات لاتلاقي القبول من غالبية الشعب العراقي العظمى , لأنهم خبروا أنعكاساتها الخطيرة على مدى العقود السابقة , والعراقيون باتوا يدركون جيدا , استحالة أن تقوم لهم قائمة في وطن يحتظن جميع ابناءه بنفس الحنان , على أختلاف قومياتهم , من دون شراكة حقيقية بكل استحقاقاتها وليس المشاركة وفق طريقة ( لي الكؤوس ولكم الثمالة ) , وعذرا للراحل العظيم بدر شاكر السياب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي