الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتاج النفط في العراق بين الواقع والطموح

طلال احمد سعيد

2009 / 5 / 26
الادارة و الاقتصاد


منذ كنا على مقاعد الدراسة تعلمنا درسا بليغا بقي يكتسب نفس الاهمية حتى الان والدرس تركز على ان النفط هو عماد الاقتصاد العراقي واستنادا لتلك الحقيقة فان كل ميزانيات الدولة و الميزانيات الانمائية اعتمدت النفط موردا اساسيا في عملية التمويل ، وقد انعكس موضوع النفط على الشارع العراقي طيلة عقود واصبح الان يكتسب مزيدا من الاهمية بعد التدهور الذي شهدته البلاد في كافة اوجه النشاط الاقتصادي المختلفة مثل الصناعه والزراعه والنقل والخدمات وغيرها .
بعد تدني انتاج الحقول النفطية خلال السنوات العشر الاخيرة من الحكم الصدامي ومانتج عنه من تردي الحالة المعاشية لاغلب ابناء الشعب العراقي ، فقد جاء سقوط النظام عام 2003 ليشكل بداية انطلاقة جديدة للنهوض بالانتاج النفطي وتحقيق مستويات جديده لتعويض الشعب عن معاناته السابقه . وكذلك للمساهمة في عملية البناء والاعمار التي ينتظرها الجميع ، والسؤال هنا بعد مرور اكثر من ست سنوات على التغيير هل تحقق الحلم في زيادة وتحسين انتاج النفط بمستوى الطموح .
تناول تقرير حكومي قدمته لجنة من الخبراء شكلها السيد نوري المالكي نهايه عام 2008 الاسباب الحقيقيه لانخفاض الانتاج نقتطف منه مايلي :-
الواقع الحالي للصناعة النفطية الاستخراجية بالرغم من قدم الصناعة الاستخراجية في العراق وتحقيقها خطوات متميزة في معدلات الانتاج الى مايقرب (4) مليون برميل يوميا حتى عام 1979 غير ان بناها التحتية (والكلام للجنه ) تعتبر الان الاسوأ بين الدول المنتجة للنفط في الوقت الحاضر بسبب ثلاثه عقود من الاهمال وسوء الادارة ومالحق بها من تدمير جراء مسلسل الحروب والحصار . وبعد مرور اكثر من خمس سنوات على سقوط النظام لم تحظ الصناعه الاستخراجية فضلا عن الصناعه النفطية بالاهتمام والرعاية الكافية ليس لكونها تمثل الشريان الاساس للاقتصاد بل لاعتبارها ثروة وطنيه يفترض الحرص عليها وانقاذها من الاهمال والتبديد. وعزا التقرير عوامل تراجع الانتاج والتصدير الى مايلي :-
1. غياب دور الوزارة الميداني في متابعه وتنفيذ الخطط والبرامج الانتاجية مع الشركات الاستخراجية ، وحل المشاكل التي تعيق الانتاج ووضع الحلول السريعه والناجحة لها مما ادى الى انخفاض ملموس في الانتاج يزيد عن (400) الف برميل يوميا .
2. ضعف اداء الادارة المكمنيه بسبب قلة الكوادر في الوزارة وبين الشركات الاستخراجية على الرغم من وجود بعض الدراسات المكمنيه المهمة التي لم يتخذ القرار المناسب بشأنها وادخالها حيز التنفيذ لحد الان .
3. تأخير برامج حفر الابار واكمالها واستصلاحها منذ السنوات الاولى وذلك عن طريق الجهد الوطني والاجنبي مما ادى الى صعوبة ادامة وتصعيد معدلات الانتاج .
4. البطيء الشديد في تنفيذ المشاريع المهمة كمشاريع حقن المياه وخاصة في حقلي غرب القرنه و شمال الرميلة تسبب في غياب الدعم الكمني وادى بالتالي الى انخفاض الانتاج وتوقف عدد كبير من الابار .
5. اتباع اسلوب مناقصات روتيني يستغرق زمن طويل لاينسجم مع واقع القطاع النفطي ولايلبي متطلباته وغير قادر على اجتذاب الشركات الرصينه في مجال تنفيذ المشاريع النفطية وتقديم الخدمات النفطية وتجهيز المواد والمعدات .
وتطرق التقرير الى عوامل اخرى ذات طابع فني وهي خارجة عن موضوع بحثنا هذا .

انتاج النفط العراقي بلغ اعلى مستوياته عام 1980 حيث سجل (3.8) ثلاثة ملاين وثمنمائة الف برميل يوميا ثم تراجع بسبب الحروب والحصار الاقتصادي الى معدل (1.5) مليون ونصف المليون برميل يوميا عام 1996 عندما عقد العراق مذكرة التفاهم مع منظمة الامم المتحدة المعروفة بأسم ( النفط مقابل الغذاء والدواء ) . بعد سقوط النظام وعلى اثر المحاولات التي بذلت للارتقاء بالانتاج النفطي الى المستوى الذي يلبي طموح العراق ، وقد وصل الانتاج الان الى (2.45) مليونان واربعمائة وخمسون الف برميل يوميا يصدر منه حوالي (1.850) مليون وثمنمائة وخمسون الف برميل يوميا . وهذا الرقم يراوح في مكانه منذ سنوات وهو دون متطلبات الاقتصاد العراقي وعلى وجه الخصوص في نطاق المؤشرات التي افرزتها الازمة المالية العالمية والانخفاض الكبير الذي طرأ على سعر برميل النفط .
لقد اثار موضوع تدني الانتاج النفطي موجه كبيرة من الانتقادات موجة الى السيد وزير النفط منها تصريح السيد نائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي اثناء مشاركته في منتدى دافوس على البحر الميت ، حيث قال ان اخفاق وزارة النفط في زيادة الانتاج هو السبب المؤثر في الوضع الاقتصادي الخانق الذي يعاني منه العراق . وبتاريخ 18-5-2009 اصدرت وزارة المالية بيانا حملت فيه وزارة النفط مسؤولية العجز في ميزانيه الدولة لفشلها في زيادة الانتاج . بنفس الوقت فأن ضجة كبيرة تدور في اروقة مجلس النواب بغرض استدعاء وزير النفط للاستجواب بسبب عدم زيادة الانتاج وتدني النوعيه ، وقد وقع على الطلب اكثر من 50% من اعضاء المجلس وهذا يعني ان السيد وزير النفط يواجه وضعا حرجا يصعب عليه الخروج منه .

لقد اعلنت وزارة النفط عن جولات سمتها تراخيص النفط والغاز وهي تسمية غريبة وثبت انها عملية بطيئة لاتتجاوب مع حاجة العراق الحالية ولايعرف بالضبط المقصود منها . وهذه التراخيص اعلنت لاول مرة منذ اكثر من عام ولم نلمس لحد الان نتيجة عمليه لها ، ولقد سبق للسيد وزير النفط ان صرح ( وهو بالمناسبة لديه ولع شديد باطلاق التصريحات ) وقال خلال مؤتمر صحفي عقد بداية هذا العام انه طرح مناقصة جديدة امام الشركات العالمية للحصول على عقود خدمة في اكثر من عشرة حقول ، واعلن بنفس الوقت عن دورة التراخيص الثانيه لاحد عشر حقلا نفطيا وغازيا واشار السيد الوزير في الوقت نفسه الى تنفيذ خطط وبرامج من خلال اعادة تطوير حقول النفط والغاز البالغ عددها (87) حقلا لم يستغل منها سوا (15) حقل فقط ، واكد الوزير ان وزارة النفط منحت في 30-حزيران -2008 (35) شركة عالمية تراخيص للعمل في قطاع استخراج وتطوير الحقول النفطية وتلك التراخيص شملت ست حقول هي حقل الرميلة الشمالي والجنوبي وحقل غرب القرنه وحقول البزركان وابو غرب والفكة وحقلي كركوك وباي حسن الى جانب حقلي الغاز وهما عكاز والمنصورية . وتوقع السيد الشهرستاني ان يبلغ حجم الانتاج الكلي 6 مليون برميل يوميا خلال خمس سنوات (والحديث جرى في بداية عام 2009) .
ان النهوض بالانتاج الوطني يحتاج الى قرار سياسي حاسم في اطار السعي لتحقيق الزيادة وتحسين النوعيه وهذا لايتم عن طريق التخبط وغموض الصلاحيات الذي يعكس فشلا ذريعا للحكومات العراقية المتعاقبة بعد السقوط ، في انعدام الرؤيا الحقيقية وضياع الفرص وعدم التأكيد على الجهة المخولة بشكل حاسم لابرام العقود النفطية بعيدا عن المزايدات الوطنيه والشعارات السياسية التي كانت السبب في تخلف العراق في حقول الانتاج النفطي بالذات .
لاشك ان تأخير تشكيل شركة النفط الوطنيه وعدم تشكيل مجلس اعلى للنفط والغاز يملك الصلاحية في ابرام العقود النفطية بشكل جريء لمصلحة العراق ومستقبل ابناءه ، فضلا عما سببته النصوص الدستورية في تأخير وارباك العملية النفطية حيث تأكد اخيرا بأن ارجاء اقرار مشروع قانون النفط والغاز من قبل مجلس النواب يقف ورائه التحالف الكوردستاني لان في القانون مايعتقد انه تقيد للعقود النفطية المبرمة في فيدرالية الشمال . كل هذه عوامل ساعدت في تاخير التقدم في العملية النفطية وابقاء العراق يراوح على نفس المعدلات منذ سنوات .
ان تدهور الاوضاع الاقتصادية في العراق وتوقف كل مفاصل العملية الانتاجية في كافه حقول النفط جعل النفط يقف في المقدمة باعتباره الممول الوحيد لميزانيه الدولة التشغيلية والانمائية ، لذلك فان ثمة مسؤوليه جسيمة تقع على عاتق الحكومة تدعوها لاتخاذ قرارات مهمه لابعاد شبح التدهور الاقتصادي الكارثي في البلاد والمتوقع حدوثه عام 2010 بسبب تدهور اسعار النفط في الاسواق العالمية وعدم زيادة كميات النفط والغازالمنتج والمصدر الى المستوى المطلوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة




.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل