الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفل اليتيم وجع البشرية على الأرض

جعفر المهاجر

2009 / 5 / 27
حقوق الاطفال والشبيبة


اليتيم هذه الكلمه المؤلمه والتي تحمل في طياتها الكثير من الأسى والحزن والتي لايشعر بوطأتها الثقيله والمؤلمه ألا من ذاق طعمها المر . فما معنى أن يفقد الطفل أباه ويجد نفسه فجأة قد أصبح وحيدا في مهب الريح دون قلب حنون ودون تلك الشجره الوارفة الظلال التي كان يلجأ أليها ويتفيأ بظلالها ويأكل من ثمرها الشهي حتى يشتد عوده وينمو عقله وتكبر آماله وطموحاته ويصبح عضوا نافعا في مجتمعه الذي هو بأمس الحاجه أليه . لكن أرادة الله كانت الأقوى وهي فوق كل أراده ولله في خلقه شؤون .

ربما لن يرقى عقل الطفل ألى هذا المستوى من التفكير ولكن لابد له أن يشعر بأنه قد فقد سندا عزيزا وكبيرا . لقد جربت ذلك اليتم الرهيب وأنا في العاشره من عمري فأحسست بعد ذلك الفقد الكبير بأن غيلانا سوداء أخذت بخناقي وحاولت الأنقضاض على في كل لحظه بعد ذلك الحدث الرهيب و لعدة سنين .

أذن لابد لهذا القارب الصغير الذي وجد نفسه بين الأمواج المتلاطمه في بحر لاحدود له أن تمتد اليه يدا حانيه تنقذه من هذه الأمواج العاتيه ألى شاطئ الأمن والأمان قبل أن يغرق ويصبح رقما في عالم النسيان وربما عاملا في تدمير المجتمع .

فاليتيم هو وجع البشريه على الأرض حقا ولتخفيف هذا الوجع الأنساني الذي ينتشر في المجتمع له كل الحق على مجتمعه لكي ينظر أليه كأنسان يحتاج ألى رعاية كبرى من هذا المجتمع قبل فوات الأوان وهو حق أنساني وديني وأخلاقي .

لقد ذكر اليتيم في القرآن الكريم ثلاث وعشون مره وهذا دليل قاطع على أن الله جل وعلا أوصى باليتيم وأمر المجتمع برعايته والأهتمام به وتلبية حاجاته الماديه والمعنويه لكي يشعر هذا اليتيم شعورا حقيقيا بأن المجتمع قد وقف ألى جانبه ولن يتخلى عنه بعد تلك المصيبه التي ألمت به .يقول الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم ( أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم . ولا يحض على طعام المسكين .) الآيه 1- 3 من سورة الماعون . أذن فأن دع اليتيم أي تركه وحيدا دون رعايه والتخلي عنه وعدم الأهتمام به هي من الكبائر لأن الله جل وعلا جعل هذا الأهمال والترك بمساواة عدم الأيمان بالدين وتكذيب قول الله تعالى وهذا الأمر جلي وواضح في هذه الآيه الكريمه .

ويقول الله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم ( فأما اليتيم فلا تقهر ) الآيه 9 من سورة الضحى لاتقهر أى لاتذل وتهين أنما يطالبك الله أيها المسلم أن تكرمه وتحسن أليه وتغمره بالرعاية والحب والحنان الذي فقده لكي يشعر بالأمان في المنظمه البشريه التي يعيش فيها .وينتمي أليها .

ويقول عز من قائل في آية أخرى بسم الله الرحمن الرحيم ( ويسألونك عن اليتامى قل أصلاح لهم خير وأن تخالطوهم فأخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لأعنتكم أن الله عزيز حكيم )الآيه 220 - من سورة البقره .

يطالبنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيه الكريمه أيضا أن ننتشل هؤلاء اليتامى من وهدة الذل والألم والمعاناة وننقذهم من المأساة التي يعيشونها بأصلاح نفوسهم وتقديم الرعاية لهم وتوجيههم نحو القيم الأنسانيه العليا وأبعادهم عن طريق الشر والرذيله لأنهم مازالوا في طور النمو وهم كالأزهار اليانعه لاتنمو وتكبر الا بتقديم الرعاية لها وغرسها في تربة صالحه تتوفر فيها كل عوامل النمو .

وهناك الكثير من الآيات الكريمه التي ذكر فيها اليتيم لايسعني ذكرها جميعا .

وعراقنا العزيز الذي زجه الطغاة في حروب لاطائل من ورائها وتعرض الكثير من الآباء ألى عمليات الأعدام وكثرة المقابر الجماعيه فيه وأخيرا الأحتلال الأمريكي البغيض والعمليات التفجيريه والأنتحاريه منذ خمس سنوات وليومنا هذا تركت لنا جيشا من اليتامى يكاد يكون أكثر بلدان العالم في وجود الأيتام فيه وقد قدرت المنظمات الدوليه عددهم بأربعة ملايين يتيم وما تزال هذه المشكله الأجتماعيه الكبرى والفاجعه الأليمه تراوح في مكانها والزمن يمضي ألا من بعض العمليات الجراحيه التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني وبعض القوانين التي بقيت حبرا على ورق دون أي تنفيذ فالعراق الذي شهد أكبر عمليات الفساد في العصر الحديث وأهدرت فيه المليارات من الدولارات لو صرف جزء منها لحضي أيتام العراق برعايه كبيره ولكانت هذه المشكله على طريق الحل وليس لي ألا أن أخاطب المسؤولين في هذه الحكومه وكل أصحاب الضمائر الحيه أن يبذلوا جهودا مضاعفه وحثيثه لأنقاذ أيتام العراق وأن نظرة اللامبالاة ودفن الرؤوس في الرمال والهروب من هذه المشكله الكبرى يجعل من هذه الشريحه فريسة سهله للقوى الظلاميه والأرهابيه وعصابات الجريمه والمافيات وأخاطب المسؤولين وكل الخيرين في عراقنا الجريح وأقول لهم باسم الأنسانيه المعذبه في العراق أنقذوا أيتام العراق من غول التشرد والضياع ولا تحولوا هذه الزهور الفواحه العطره ألى أشواك تتقاذفها الرياح وتدمر نفسها وتدمر المجتمع معها فاليتيم العراقي يرنو بعينيه أليكم عله يجد من يعوضه عن ذلك الشعاع الذي كان ينير له حياته .

قال رسولنا الكريم محمد ص :( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنه وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى وفرج بينهما ) أخرجه البخاري ومسلم .

وقال ص ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) حديث متواتر . وقال ص ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد أذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) أخرجه البخاري ومسلم . فلا تدعوا هذا الجسد يدب فيه المرض وتذروه الرياح الهوجاء وأنتم تتفرجون عليه في دولة العراق الغنيه ومن العيب أن نجد دولا غير مسلمه تسن التشريعات والقوانين لرعاية أيتامها ونحن في العراق لانصل ألى جزء بسيط مما تفعله وديننا هو الذي يأمر برعاية هؤلاء الأيتام .

ولدي بعض الأقتراحات المتواضعه في هذا المجال وربما يوجد من هو أقدر مني في تقديم الحلول الناجحه لأنقاذ أيتام العراق ومن هذه الأقتراحات التي أراها تساهم في عملية أنقاذ أيتام العراق هي :

1- أنشاء دور رعايه كافيه للأيتام تتوفر فيها كل شروط الراحه وبرعاية مشرفين تربويين مختصين برعاية الأيتام يشرفون على توجيههم الوجهه الصحيحه في الحياة واستمرار تعليمهم على حساب الدوله وحتى المرحله الجامعيه وتفضيلهم في أيجاد فرص العمل لهم بعد تلك المرحله .

2-تخصيص رواتب خاصه بهم لتلبية حاجاتهم ورغباتهم الماديه .

3- تخصيص يوم سنوي لليتيم يتم فيه ألقاء الكلمات في كل مدينه في العراق تتضمن حق اليتيم على الدوله والمجتمع .

تبني وسائل الأعلام المرئيه والمقروءه والمسموعه على كيفية الحفاظ على هذه الشريحه وحمايتها من العواصف الهوجاء .

4- تكريم المتفوقين منهم دراسيا وفي مجالات الحياة الأخرى كالرياضه والرسم وغيرها من المجالات .

أنني أدون هذه الأقتراحات البسيطه وربما هناك من هو أقدر مني في عرض مقترحات أخرى ومن المهم جدا أن ينتزع البعض تلك الأفكار السلبه من ذهنه ويعتبر شريحة الأيتام هم ضحايا القدر وليس له دخل في ذلك وهذا يتناقض مع العقل والضمير والدين .

أن هذه الغصون الغضه والزهور الملونه أذا أحيطت بالرعايه فأنها ستتحول ألى عناصر طيبه وخيريه ومصلحه ومعطاء في مجتمعها والعكس بالعكس وكما قال الشاعر :

أن الغصون أذا قومتها اعتدلت - ولا تلين أذا كانت من الخشب

هؤلاء هم أولادنا وأكبادنا وأمانة في أعناقنا وعلنا أن نكون آباء بررة لهم كي لانخسرهم ولات ساعة مندم ويقول الشاعر حطان بن المعلى :

وأنما أولادنا بيننا - أكبادنا تمشي على الأرض

لو هبت الريح على بعضهم - لامتنعت عيني عن الغمض .

وأخيرا أستشهد بعدة أبيات أخرى ضمنها شاعر عن اليتيم وأهيب بأصحاب الضمائر الحيه في العراق أن يولوا هذه القضيه اهتمامهم الكبير :

أنظر ألى وجه اليتيم ولا تكن - ألا صديقا لليتيم حميما

وامسح بكفك رأسه سترى على - كفيك زهرا بالشذا مفعوما

ولسوف تبصر في فؤادك واحة -للحب تجعل نبضه تنعيما

ولسوف تبصر ألف ألف خميلة - تهديك من زهر الحياة شميما

ولسوف تسعدك الرياض بنشرها - وتريك وجها للحنان وسيما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن