الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس اوباما و وهم التغيير

محمد نويري

2009 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لقد كان عهد الرئيس الامريكي السابق بوش حافلا بالتطورات و الأحداث أثرت بشكل واضح على معالم الحياة الدولية . في هذه الفترة أيضا أضحت مشاكل السياسة الخارجية الامريكية على الساحة الدولية بالجملة ,فأصبح الكذب و تزييف الحقائق و الاستخدام المفرط للقوة و عسكرة العلاقات الدولية من الامور الشائعة . فمباشرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أبانت إدارة بوش عن وجهها الحقيقي و كشرت عن انيابها , فتحت ما سمي بالحرب على الارهاب خاض "المحافظون الجدد" حربيين ظالمتين على كل من أفغانستان و العراق راح ضحيتها مئات الآلاف من القتلى و ملايين المشردين , وكان نتيجة لذلك أن تشوهت صورة أمريكا و ظهرت دون تجميل , فشاهد العالم أجمع في كل من باغرام و غونتانامو و أبو غريب حقائق المدرسة العسكرية الامريكية و كيف ان خريجوا هذه المدارس يقتلون بدم بارد , و يأخذوا الصور مع الاسرى في مشاهد يندى لها الجبين ...
وأمام امبراطورية الخوف و الارهاب التي خلقها "المحافطون الجدد" , كان لزاما على المؤسسة الامريكية الحاكمة من خلال ما تمتلكه من وسائل و آليات و خصوصا وسائل الإعلام الجبارة تستطيع من خلالها قولبة و صناعة الرأي العالم و توجيه الى إنتخاب هذا المرشح او ذاك . فزينت صورة المرشح الذي يخدم أهواءها و مصالحها , و كان لها ذلك من خلال اوباما الذي رفع شعار "التغيير" في برنامجه السياسي , فاز اوباما و أصبح بذلك الرئيس 44 للولايات المتحدة الأمريكية ...
اعتمد الرئيس اوباما في الفلسفة العامة لبرنامجه خيار "التغيير" , فإعتقد البعض ان فجرا جديدا بزغ في سماء السياسة الخارجية لامريكا , و ظن اخرون ان العالم سيسوده السلم و سيعم الامن و تنتهي كل الحروب , و بفضله ايضا ستشبع العدالة بعد ان صار الظلم عنوانا ...
فلم نرى للوهلة الاولى اي تغيير بخصوص السياسية الخارجية لأمريكا , بل سار على نفس النهج الذي سار عليه سابقوه . فبخصوص القضية الفلسطينية , ففي ظل وجود لوبي صهيوني متنفذ في المؤسسة الامريكية الحاكمة فقد نفذ اوباما الامور المطلوبة منه بحذافيرها , فقام بزيارة القدس وظهر بصورة المتدين اليهودي عند ما يسمى بحائط المبكى , و أكد على ولائه المطلق لهذا الكيان . و مباشرة بعد فوزه في الانتخابات استمر في التأكيد كذلك على طاعته ل اسرائيل من خلال الكلمة التي ألقاها امام اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة او ما تعرف اختصارا ب ايباك و التي تعد أقوى جماعات الضغط و اكثرها نفوذا في صنع السياسة الامريكية , و عبر قدسية الامن الاسرائيلي وأن" القدس هي العاصمة الابدية لاسرائيل " . وقد أحاط كذلك الرئيس اوباما نفسه بمجموعة من الاشخاص المعروفين بولائهم ل اسرائيل , فمنصب نائب الرئيس و الذي يحتل مكانة مهمة في النظام الرئاسي تولاه جوزيف بايدن المعروف بتأييده الشديد ل اسرائيل . هكذا فإن الرئيس اوباما لم يخرج عن التقليد الامريكي السائد الذي سار عليه الرؤساء الامريكيين السابقين بخصوص الدعم الامريكي المطلق و اللامشروط ل اسرائيل .
على صعيد انتهاج القوة و عسكرة العلاقات الدولية فمن الواضح أن التدخل العسكري و اعتماد القوة العسكرية كخيار استراتيجي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية , في وجه اية مشاكل تهدد الأمن القومي ,و تحول دون تحقيق مصالحها الاستراتيجية ...
تحت عنوان الحرب على الارهاب خاضت الادارة الامريكية السابقة الحرب على افغانستان , وعاتث فيها خرابا و دمارا , و راح ضحيتها خسائر بشرية هائلة من المدنيين ... أمام كل هذا و تحت شعار التغيير فقد سار الرئيس اوباما على نفس المسار, و وضع استراتيجية عرفت ب استراتيجية اوباما الجديدة في افغانستان و باكستان شملت حتى باكستان , و أعلن عن زيادة عدد القوات الامريكية ب17 ألف جندي لارتكاب المزيد من الجرائم و الارهاب ضد المدنيين . فإذا كان صادقا و يريد التغيير الحقيقي فكان عليه وجوبا أن يسحب كامل قواته من أفغانستان , و أن يقدم كل الارهابيين و المجرمين الامريكيين الى محاكمة عادلة , و أن يعوض كل من شابه ضرر من الهمجية الامريكية هناك ...
خاض كذلك المحافظون الجدد حربا جائرة ضد العراق تحت شعارات واهية تبين في الاخير مدى زيفها و كذبها , فقد كانت أسلحة الدمار الشامل عنوانا بارزا لحرب راح ضحيتها أزيد من مليون قتيل عراقي , و تشريد أكثر من أربعة ملايين ... و نظرا للخسائر الامريكية الفادحة جراء توالي نعوش المحتل الى واشنطن و سقوطه متمرغا في رمال العراق نتجة المقاومة الشرسة التي تلقاها الاحتلال بعد اعلان بوش النصر و انتهاء العمليات العسكرية الكبرى ... أمام هذا الوضع الكارثي وعد اوباما في برنامجه الانتخابي بسحب قواته من العراق في غضون مدة زمنية محددة , لكن حجته على ما يبدو لم تكن انسانية او أخلاقية بل على الارجح كانت اقتصادية , ففاتورة هذه الحرب كانت باهضة نتيجة ضخ اموالا طائلة فيها . رغم كل هذا فشكل الانسحاب و حجم القوات التى ستبقى في العراق تظل من الامور التي يكتنفها الغموض , و يرجع الفصل فيها ل تقديرات القادة العسكريين . فيبدو ان إدارة الرئيس اوباما اذا كان الانسحاب المفترض فعليا , فستقصي لعبة الملاكمة و تعوضها بلعبة الشطرنج .
لطالما اعتقد البعض ان انتخاب الرئيس اوباما , سيغير نظرة و سياسة أمريكا اتجاه قضايا العالم العربي و الاسلامي من خلال لافتة التغيير . و التركيز على ان لون و أصل و جذور هذا الرئيس ستخدم قضايانا . ما يهمنا ليس تغيير الوجوه او وجود الرجل الاسود في البيت الابيض , بل تغيير السياسات و الافعال , و إلا فإن شعار التغيير يصبح مجرد وهم .
*طالب , تخصص علم السياسة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة