الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأطفال العراقيون ، من يداوي جراحاتهم ؟

صبيحة شبر

2009 / 5 / 28
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟


مر العراق بعهود طويلة من الدكتاتورية والاستبداد ، ومن سلسلة مترابطة في حكم الإكراه والجبروت ، ارتكبت أنواع فادحة لا مثيل لها في بلدان الله من الظلم ، أزهقت أرواح بريئة ، وسفكت دماء طاهرة ، وسلبت حقوق كثيرة ، وهجرت أفواج كبيرة من المواطنين ، لا جرم لهم الا إنهم لم يسبّحوا بحمد مكرمات الدكتاتورية ، ولم يمدحوا المستبدين أو يسبغوا صفات العظمة على من تكره القلوب ، وتمقت النفوس ، لما قام به من أعمال ترتعد لفظاعتها الأهوال..
قتل الملايين من خيرة الرجال والنساء ، واعدم من لم يستطع ان يجمل المخازي ، وأرغم على مغادرة الوطن ملايين أخرى ، وكان من نتيجة سياسة سفك الدماء أن كثرت أعداد الأرامل واليتامى المقهورين ، الذين لا يجدون سندا في هذه الحياة البائسة ،من حنان أب ورحمة أم ، وتكافل أسرة ومساعدة ذوي رحم ، كثرت أعداد المحتاجين إلى لقمة الغذاء وجرعة الدواء ، وأرهقت الإمراض الجسمية والروحية والنفسية، كاهل عبد الله ، وتوقع الناس ان يتغير الحال ، لان مرارة الصبر بلغت أوجها ، ولم يعد في إمكان احد ، قدرة اكبر على الاحتمال ، و أبدل الحكم الدكتاتوري بنظام آخر ، كثر معادوه ، وتكالب عليه المناؤون من كل حدب وصوب ، يريدون الانقضاض عليه ، وبقي المواطنون على حالهم في الحرمان من الحقوق ، والمعاناة من الظلم وجروح النفس والروح ، وأمراض القلب والجسد، التي لا تجد دواء شافيا ، لأنها استقرت في النخاع ، ولم تعد الوعود الكثيرة ، بقادرة على مداواة نفوس العراقيين، التي طال سقمها ، أو ان تبدل حالهم ، لان معاناتهم تجاوزت الحد ، ومن أكثر الناس معاناة في عراق اليوم ،هم النساء والشيوخ والأطفال ، الذين وجدوا أنفسهم محرومين من كل المميزات التي تحلو حياة بني الإنسان بها ، وطال انتظارهم لبعض الترقيعات التي قد تجعل علقم الحياة ،التي يتجرعونها يصبح اقل مرارة ، وأكثر قدرة على الاحتمال..
وان كانت أيام الشيوخ في هذه الحياة قليلة ، وان من العبث ان ينتظروا ما يخفف لهم برودة الحياة، وتعنتها وشدة قسوتها ، وان كانت المرأة العراقية تتحمل العذاب صنوفنا وألوانا ،لأنها قدت من حجر ، ليس من حقها التذمر والشكوى ، لان كل بادرة من عدم الرضا، تعتبر بشرع الناس من قانون العيب والمحرمات
الأطفال ، وهم جيل الغد ، ومن يتحملون مسؤولية بناء الوطن ، وعلى الدولة العراقية ان تعتني بهم ، وان تتضافر جهود الشعب والحكومة معا من اجل إنقاذ تلك الفئة البائسة، التي لم تتمتع بطفولتها، بسبب غياب الأب الحاني والام الرؤوم ، وإبادة الأسرة العطوفة...
فماذا تحتاج الطفولة العراقية ، في بلد ما زالت مثخنة الجراح ، وهمومها تفتح فاها مفترسة كل الحياة ، و الأطفال بحاجة الى أسرة متماسكة متحابة ، ومنذ عهد الأجنة يشعر الجنين بما يعتمل في وجدان أمه، يتعذب بما يراودها من ويلات ، وما تتحمله من مصاعب ، وهي كثيرة ، كما يحتاج الأطفال الى عواطف المحبة والوئام والاحترام ، والتنشئة الصالحة ، والى معرفة تنمو مع الطفل ،وتتزايد بان كل بذرة، بحاجة إلى رعاية ،كي تؤتي أكلها من الثمار ، ان الطفولة العراقية بحاجة الى من يأخذ بيدها، لإنقاذها من الويلات المتواصلة ،التي عاشت تحت نيرها زمنا طويلا ، بحاجة الى تعليم مستمر يتعهد تلك الغرسة بالرعاية والاهتمام ’ يمنحها الأرض الطيبة ،ويعطيها الأمان والمحبة المستمرة ، وإشباع حاجات الإنسان الأساسية من غذاء كامل يتضمن كل عناصر المؤدية الى البناء والصحة ، ومن لباس جميل ، يقي حر الصيف وعواصفه الرملية ، ويحفظ من برودة الشتاء، وأمطاره المدرارة ، ومن رعاية صحية ، وتطبيب كامل ومنح الأطفال الأمصال المناسبة ضد الأمراض ، فإذا ما بلغ الطفل سن الروض ، وجد في اقرأنه الأطفال، أصدقاء يشاطرونه اللعب المفيد ،الذي ينمي المدارك ، ويشحن الذكاء ويزيد من المعارف ، حتى تأتي مرحلة الدراسة الابتدائية ، فيجلس الطفل مع من كان في مثل عمره ، يتآنس معهم ، يتعرف خلال هذه الفترة كيفية احترام الناس وتقديرهم ، وتقدير العلوم والآداب والفنون ويقبل على تعلم الدروس المختلفة ، برغبة وحب و يحترم زملاءه في الصف ، و يقدر المعلم لعطائه وعمله ، دون خوف ، وطاعة القوانين ، ليس خوفا من العقاب ، وإنما رغبة في الحصول على السعادة ، كما يتعلم في هذه الفترة ،احترام الكبير والعطف على الصغير وتقدير العاملين المخلصين ،الذين يعتمدون على أنفسهم ولا يتكلون على غيرهم في الحصول على ما يريدون..
والتعليم في المدارس يجب ان يحرص على أمرين: أولهما اكتساب القيم المختلفة والخلق الرفيع، الذي يحترم الناس ويقدرهم لأشخاصهم، وما قدموه من أنشطة ،وليس لاعتبارات أخرى، خاضعة لفروق الطائفة او الدين او المذهب او الاتجاه السياسي ، وكما ان الناس متساوون في تكافؤ الفرص مختلفون في الاهتمامات والكفاءات والميول العلمية والأدبية.. وان من حق الناس جميعا احترام آرائهم ووجهات نظرهم في الحياة وقناعاتهم في الدين ، وعدم قبولهم بسياسة فرض الرأي الواحد ، والأمر الثاني ، هو حرص المسئولين على العلوم المختلفة والآداب والفنون ، ومنحها للطالب واحترام تطورها ، وإكسابه المهارات المتعددة
طفلنا العراقي يجب ان يتعلم منذ الصغر ، حب العراق وتقدير العراقيين وعدم التفريط بأحد مكونات الشعب العراقي ، والحرص على السلام دون التخلي عن الحقوق المشروعة في الحياة الكريمة
التعليم الإلزامي يجب ان يمتد الى نهاية المرحلة الثانوية ، حيث يصبح الطالب مهيأ لاختيار الجانب ،الذي يتلاءم مع ميوله ورغباته وقدراته ، فليس كل الناس يجب ان يحملوا الشهادات العليا ويتزودوا بالمعرفة النظرية ، و البلاد بحاجة الى من يقوم بمجالات الأعمال كلها ، وتشجيع الشباب على ولوجها ، خدمة لأنفسهم أولا ولمجتمعهم ثانيا
وليس من حق أمريء أن يجبر أحدا من الطلاب، على التخلي عن مقاعد الدراسة لإعالة أسرته التي فقدت عائلها، بسبب الموت او القتل او التهجير ، ويتم الحصول على هذا الحق المشروع ،بان يجد أفراد الآسرة ما يقوم بإشباع رغباتهم الأساسية في الحياة ، فلا يطلبوا من أبنائهم الذين ما زالوا في مرحلة التعلم ان يساعدوهم ، فالأهل حريصون على الأبناء غالبا ، و حثهم اؤلئك الأبناء على العمل قبل الأوان ،ليس اختيارا وإنما اضطرارا ، فان قامت الدولة بتوفير وسائل العيش، لكل أفراد العائلة ، لكبار السن الذين فقدوا القدرة على العمل ، وأصحاب الاحتياجات الخاصة ، الذين يحتاجون الى أنواع معينة من الأعمال ، واكتساب مهارات معينة ،وان توفرت الأعمال لكل أرملة او امرأة ما زالت قادرة على العمل ، ومن بلغ مرحلة العجز عن الاستمرار، فعلى الدولة ان تنظر اليه بعين التفهم والعطف ،وترعاه لأنه مواطن أولا، وقدم ما يستطيع أثناء فترة شبابه الزائل ، وخدم بلاده في مجاله، وحين كان قادرا..
فليس من الإنصاف ان يظل كبار السن يقومون بما يرهقهم ، فالقدرة لها حد ، كما لا يصح ان نلوم الآباء والأمهات، لأننا وجدنا أطفالهم الصغار يعملون في أنواع من العمل، ترهق أبدانهم وتؤذي نفوسهم ، تاركين دراستهم ، لعدم قدرة الآباء على العمل، إما لعجزهم، أو لان مجالات العمل ليست متوفرة أمامهم ، فان كان المواطن قادرا على الاختيار لوجود أنواع من الأعمال ، وتكثر هذه الفرص في حالة التنمية، والرغبة في تطوير البلاد وتقدمها، وإيجاد الأعمال المناسبة لكل فرد، خاصة وان العراق يتوفر على أنواع من الثروات تجعل مجالات العمل من الأمور المتاحة
الأطفال العراقيون يعانون اليوم من حالة اليتم والفاقة والحرمان من التعليم والرعاية الصحية والسكن الملائم والغذاء المتجانس ، ونحن نسعى إلى تطوير بلادنا الحبيبة وإسعاد شعبنا الأبي ، فمن يمكن ان يقوم بهذه المهمة غير تضافر جهود العراقيين جميعا من اجل تناسي عذابات الماضي والبدء من جديد ؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة