الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية التوافقية الخلل في التطبيق وليس في المبدأ

نجاح العلي

2009 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



بوعي او بدونه بدات بعد نيسان 2003 الية الديموقراطية التوافقية هي التي تنظم الحياة السياسية الجارية في العراق وتكرس نوعا من المشاركة في السلطة والادارة والثروة والقرار بين غالبية المكونات القومية والدينية والمذهبية التي يتشكل منها النسيج الوطني العراقي وعلى هديها تم انتخاب البرلمان وتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب الرئاسية والسيادية والمسؤوليات العسكرية والأمنية والدبلوماسية.
والديموقراطية التوافقية حسب نماذجها المجربة مورست اما في مجال تنظيم الحياة السياسية وتداول السلطة بين قوى تختلف في برامجها الفكرية والثقافية والاقتصادية من ليبراليين واشتراكيين وقوميين في البلدان ذات اللون القومي الواحد مثل هولندا المنشأ الأول لهذه التجربة التاريخية أو بهدف تقسيم السلطة وادارة الاقتصاد بصورة متوازنة والمشاركة في القرارات المصيرية بين الأديان والطوائف المنتمية الى القومية الواحدة أيضا وتشكل النسيج الاجتماعي لبعض البلدان مثل لبنان أو بهدف السعي لتحقيق المساواة بين القوميات الكبيرة والصغيرة وكذلك المجموعات المتباينة في الديانة والمذهب في ظل النظام الفدرالي وبضمانة دستورية على قاعدة آليات التوافق الوطني بحسب بنود الدستور والقوانين النافذة والاتفاقيات المبرمة بين ممثلي المكونات وأحيانا بشهادة واشراف قوى دولية وهيئة الأمم المتحدة ومنظمات اقليمية في البلدان المتعددة القوميات والمكونات.
وقد وصف ارنت ليبهارت في كتابه "الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد" كيف بدأت مساعي بناء التوافق والنهوض بمفهوم "الديمقراطية التوافقية" لحاجات المجتمعات غير المتجانسة من الناحية القومية مثل ( النمسا، بلجيكا، هولندا، سويسرا وكندا، لبنان، ماليزيا، قبرص، نيجيريا، غانا واخيرا تم تطبيقها في العراق) اذ جاءت النظرية التوافقية، بعد التجربة وليس قبلها، حتى اكتسبت هذه النظرية شكلها الملموس على يد مفكرين سياسيين بارزين منهم آرنت ليبهارت، وغيرهارد لمبروخ وج. بنغهام باول و"الديمقراطية التوافقية"، ببساطة تعني النظام الذي تتعدد فيه مصادر السلطة ولها خصائص رئيسية اربع هي:
- تشكيل حكومة ائتلاف واسع، الأمر الذي يميز النموذج التوافقي عن النموذج البرلماني على النمط البريطاني، الذي يقوم على حكومة مقابل معارضة.
- نسبية في التمثيل بدلاً من قاعدة الاكثرية.
- الفيتو المتبادل كوسيلة لحماية الاقلية ضد قرار الاكثرية. فالمشاركة في الائتلاف الحكومي لا تكفي بالفعل لحماية الاقليات لذلك يجب اعطاء هذه المجموعة حق النقض في الميادين ذات الأهمية الحيوية.
- ادارة ذاتية في بعض الشؤون. لتلافي جمود سبل التقرير من خلال حق النقض، تمنح الديمقراطية التوافقية الثقافات الفرعية ادارة ذاتية في الميادين التي تخصها مباشرة. وتتخذ هذه الادارة الشكل الاقليمي عندما تتطابق الانقسامات الرئيسية مع الحدود الجغرافية والشكل الشخصي عندما لا تلتقي الانقسامات مع الحدود الجغرافية.
ولابد هنا من توضيح ان لكل نظرية سلبيات وقد يحدث بعض الخلل اثناء التطبيق وهو امر طبيعي لان المجتمعات التي طبقت فيها الديمقراطية التوافقية مختلفة وليست على حالة واحدة فلايمكن تطبيق النموذج النمساوي او اللبناني على النموذج العراقي اذ لكل منهم خصائصه وسماته.. لذلك لابد من وضع نموذج عراقي يتلاءم مع حاجات وخصائص المجتمع العراقي والبنية السياسية التي تميزه عن غيره من المجتمعات.
ان مراجعة ونقد تجارب النظم السياسية في أي بلد أمر مطلوب ومفيد وقد حدثت عقبات حقيقية أمام ترسيخ الديموقراطية التوافقية المعمول بها بالعراق ومنها الفترة الزمنية القصيرة والحاجة الماسة الى قانون انتخابي حديث يتلاءم وخصوصية المجتمع العراقي وتركيبته السكانية اما الدعوة لانهاء النظام السياسي التوافقي برمته من دون تقديم البديل الأمثل فلن يكتب له النجاح وستبوء بالفشل، وكان الاحرى بالداعين الى الالغاء مراجعة الذات وتعديل تطبيقات الديمقراطية التوافقية اذ ان العبرة بالتطبيق وليس في النظرية مع التسليم بان كليهما قابل للتعديل والتغيير.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟