الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيش عوازة ...إشكالية الفاضل والمفضول

حسن الشرع

2009 / 5 / 30
كتابات ساخرة


السطور التالية تتناول انعكاسات سلوكية في الشخصية العراقية على حرفيات السياسة العراقية وعلاقة كل ذلك بحزمة المتبينات العقائدية او الفكرية و التاريخية او السياسية...صحيح ان السياسية تدخل في معناها الواسع في جميع مفاصل الحياة ولكن من الصحيح ايضا ان للسياسة اعراف ومباديء واصول وفيها ابحاث اكاديمية تمنح فيها ارقى الدرجات العلمية وارفع الجوائز العالمية،وهنا يجب التذكير بالمفارقة التي تشير الى ان معظم سياسيي العالم البارزين من المعاصرين وماقبلهم لم يحصلوا على تعليم اكاديمي في صلب العلوم السياسية ...
اقول لمن لا يعرف اللهجة العراثية ان عنوان المقال يشير الى مجموعة قطع اللحمة الصغيرة التي توضع جنبا الى جنب في ميل معدني عند شيها وهذا هو الشيش ،اما العوازة فهو ما يعوز الشخص من الشواء قبل ان يشبع ،وعلى هذا فان شيش العوازة هذا لا بد ان يمتد به الامر في نهاية المطاف ليخضع الى قانون تناقص المنفعة في الاقتصاد ولا بد انه سيفقد قيمته شيئا فشيئا مع قلة الطلب عليه بموجب تناقص الحاجة اليه او تناقص الرغبة فيه او انتفائها في المراحل النهائية ،لكن ايا من العامة سيرفض ان يقوم بدور شيش العوازة وهذا هو صلب الموضوع.
من المؤكد ان الامراء والحكام المسلمين كانوا قد وضعوا معايير لتوالي المناصب كالقضاء والشرطة والجند والخراج والحسبة، كما ان هنالك معايير للامامة وولاية الامر كانوا يسمونها بمعايير الفضل كالقرابة من الرسول(ص) والسبق في الاسلام والهجرتين والشجاعة والبلاغة،وعل اساس هذه المعايير نشب خلاف فقهي اثار شبهات لاحقة في العقيدة بين افضلية الامام علي بن ابن طالب وابو بكر الصديق(رضي الله عنهما)،فيرى البعض افضلية علي على ابي بكر ويرى البعض الاخر العكس ،في حين فضل اخرون ان يمسكوا بالعصا من الوسط فقالوا بجواز امامة المفضول مع وجود الفاضل.
تقضي سياقات العمل الوظيفي ان يقوم المسؤول بتقديم مجموعة من اسماء المرشحين لشغر منصب معين او لجنة معينة او اي نشاط اداري آخر وغالبا ما يوضع المرشح (الساخن) على راس قائمة الاسماء المرشحة المشوية ،ويمكن القول ان الاسماء الاخيرة تقدم ضمن القائمة باعتبارها شيش عوازة فاقد المنفعة او في سبيله لان يفقدها ..ان هذا السياق الاداري كان معمولا به في العراق القديم ورغم سرية الترشيح والاختيار الا ان معظم المرشحين يرفضون ان يقدموا كشيش عوازة على مناضد او ولائم المسؤولين..طبعا في حالة تسرب اخبار الترشيح اليهم.
ليس لي علم باليات الترشح لاشغال منصب ما في دولة العراق الحديث او حتى دولة العراق الاسلامية!فلربما يقدم شيش العوازة محاصصيا او طائفيا اومنطقيا ،فقد يكون هناك شيش عوازة سني في قائمة شيعية او بالعكس وربما كان الشيش قوميا كرديا او اسلاميا او بصراويا او كردستانيا ،لكنني بدأت افكر بما كان يتوجب علينا ان نبحث في اصل هذه الاليات وفلسفتها ،قد نصل الى نتائج مهمة ...ربما كان شيش العوازة في العراق الجديد غير موجود اصلا ،فكل شيء في العراق الجديد جديد بالفعل وربما كان من الاصوب ان نفتش عن المخلصين والاكفاء لشغل المناصب ضمن (اشياش العوازة)واعتقد ان هذا ما يمكن ان يكون بالضبط..لو حصل هذا لوجدنا الكثير من المتواضعين بل من المصرين على وضع اسمائهم في كعب القائمة ،تواضعا وتعففا .العراق مقبل على مرحلة سياسية جديدة تتمثل في الانتخابات النيابية للدورة البرلمانية الجديدة التي ربما يعول عليها الكثير من المتفائلين بسمتقبل البلاد السياسي..وحتى يكون هذا التفاؤل في موضعه المناسب فلا بد من النظر الى قوائم المرشحين ومحاولة الاجابة على مجموعة من الاسئلة من قبيل :هل ان هؤلاء المرشحين افضل ما عندنا من الراغبين في تولي المسؤولية ،وطبعا الافضلية تؤخذ بالمعايير المهنية والعلمية والمؤهلات الشخصية ،فضلا عن القبول الاجتماعي والحضور والمبادرة والشجاعة والجرأة والموضوعية...الى غير ذلك من الصفات التي يمكن ان تضيف الشيء الكثير من الاثراء من شخصية المرشح الى مجمل الحراك السياسي وبث روح النضج في مؤسسات الدولة التي لا بد ان تتاثر بكل هذا وذاك،ومن الطبيعي ان تنسحب النتائج الايجابية عل مرشحي الحكومة والرآسة ومجمل الفعاليات الادارية والسياسية والاقتصادية المرتبطة بها،ربما كن الاصوب والاقرب للحق بموجب هذا التحليل ان تقلب القوائم للاغراض المكورة اعلاه . صحيح ان شيش العوازة كمالي وليس ضروريا ولكن الصحيح ايضا انه اصبح شيش عوازة بقوة السياسة او قل بقوة الشياشة .كل من يلم بلعبة الترشيح في العراق الجديد او القديم يدرك كيف يتم تسليط الضوء لغرض التوصية باول المرشحين وكيف يتم تجاهل غيره من المرشحين ممن قدر لهم ان يكونوا شيش عوازة ليس بارادته على الارجح.
لقد اصبحت انا د.حسن الشرع شيش عوازة غير مرة احيانا بعلمي واحيانا اخرى دون علمي او حتى رغبتي،وكنت احظى بالتهاني احيانا ،لكن الفرق بين من يصبح شيش عوازة والجسر المحلل لزواج المطلقة بالثلاث هو ليلة حمراء في اقل تقدير اما شيش العوازة فلا ليلة حمراء ولا منطقة خضراء.وفي الحقيقة ان معظم قادة العراق الجديد لم يكن احدهم شيش عوازة في يوم ما قبل او بعد الطوفان ليس لوجاهتم عند الناس او عند بعضهم ،بل ربما لهوان الناس عليهم .المشكلة كل المشكلة ان يصير العالم او المثقف او الاكاديمي ممن يكون لهم حضور مميز في اوساطهم شيش عوازة يقدم على موائد الشواء عند السياسيين ممن يتناول الطعام بشراهة ،لا يدانيها في ذلك الا رغبة الجاهل بذل العالم وسعادة اللص بالفوضى وعطش البلاد الى خدمات ابنائها الشرفاء من الفضلاء وليس المفضولين من اهل العلم والدراية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس