الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندليب الامبريالية الأسمر : وداعا حقوق الإنسان

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2009 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


هذا العندليب الأسمر ليس أبراهام لينكولن

أوباما، عندليب الامبريالية الأسمر ، الذي جاء أملا في نجاة سفينة الرأسمالية التي تعصف بها عواصف الأزمة الاقتصادية المعاصرة ، قد شبهه بعض الناس بالرئيس الأمريكي التاريخي لينكولن، بينما يحاول أوباما تضليل الناس بدعوته لهم أن لا ينتظروا أن تقدم لهم أمريكا شيئا، بل عليهم أن يضحوا من أجل أمريكا قبل كل شيء.
فتشبيه العندليب الامبريالي الأسمر بلينكولن لا يعدو كونه هراء ، إذ أن الأخير كان رئيس رأسمالية في حالة ازدهار ، ألغت العبودية لأنها وقفت حجر عثرة أمام تقدم البرجوازية الصاعدة قبل قرن من الزمان والتي أصبحت اليوم في خبر كان.
اليوم وقد مر قرن ونصف قرن على فترة حكم لينكولن، قد بلغ هذا النظام الظالم من التفسخ مدى بحيث يصاب بالدوار والدوخة من وصول رجل من أصل إفريقي إلى سدة الرئاسة رغم قسمه الولاء للرأسمالية عديدا من المرات و في كل مناسبة وغير مناسبة.

هذا النظام الطبقي الذي نخرته عفونة المراحل الرأسمالية العليا حتى النخاع لا يقبل حتى هذا اليوم أن يكون قسم من البشر أحرارا ، إذ حين يصل شخص ملون إلى هذا المنصب يعتبره حدثا عجيبا غريبا و يدق له الطبول لشهور و تقيم ماكينته الدعائية الدنيا و لا تقعدها ، مدعية إنسانية هذا النظام و نبذه للعنصرية . هذا النظام الذي يرى أن عبودية العمل المأجور لا بد منها لتقدم طبقته الحاكمة ،لا يمكن أن تكون الديمقراطية بتعبير مؤسسيها ، مدينة له، بل أنه حتى ليبراليته الجديدة غريبة كليا عن الليبرالية الأولى للرأسمالية الصاعدة قبل نصف قرن ، ولوائح حقوق الإنسان و المجتمع المدني.هذا النظام يريد للعمال أن يكونوا مجرد آلات صماء، ويريد للنساء الدعارة وتشييعهن، أو حجبهن أو كليهما.. ويريد للأطفال أن يكونوا قوة عمل رخيصة في سوق العمل، أي أنه باختصار شديد نظام لتحقير الإنسان و استغلاله أقصى درجات الاستغلال.
وبقليل من التفكير والتأمل نكتشف أن هذا العندليب الأسمر لا يشارك الطيبين والسذج أوهامهم التي نسجوها حوله، إذ مثله، مثل أسلافه لا تحرك مشاعره الحروب التي أشعلتها الرأسمالية، ولا تشرد الملايين البشرية ومآسيهم، ولا المجاعات قيد شعرة.. ومن البديهي أن الكوارث التي تنزل على البشرية ينظر إليها أرباب رأس المال كأمور روتينية و يعتبرونها أقدار البشر. لقد دافع أوباما بكل وقاحة عن العدوان الإسرائيلي على أهالي غزة، واعتبره من حق إسرائيل المقدس قي الدفاع عن النفس. كما أنه تجاهل كليا قضية حقوق الإنسان في ظل الأنظمة الديكتاتورية، حتى بالأقوال، بينما أسلافه كانوا يدعون قولا ولا عملا بـأنهم يطالبون الأنظمة الدكتاتورية باحترام حقوق الإنسان.
انه يحتفل مثل أسلافه بجرائم الامبريالية في فيتنام وكمبوديا وأفغانستان والعراق وكوبا ، بدل تقديم الاعتذار لهذه الجرائم ، مثل جريمة تحريف ثورة الجماهير الإيرانية عن مسارها التقدمي ، واجهاضها من قبل أحد أسلافه ، أي كارتر. ويمدح مجرم الحرب ماكين لجرائمه بحق الانسانية في فيتنام.
إنه يتبنى ذات السياسة الامبريالية التي خلقت طالبان من مزابل دينية في باكستان وأفغانستان ، و ولّدت حركة حماس الإرهابية من قبل إسرائيل، وغيرها من الجرائم التي لا تعد ولا تحصى.
و رغم كل هذه الفضائح، فقد أسال العندليب الأسمر دموع بعض الناس و لا يزال بعض المرائين حوله يبتغون إحياء الوهم الذي انتاب بعض السذج حول كندي في عقد الستينات من القرن الماضي مرة أخرى بأنه الرئيس المحبوب والمسالم والشعبي. وقد بالغ رؤوس المحافظين في المدح والثناء عليه، ما يؤكد اطمئنان الكارتلات ومصاصي الدماء له.
ففي أول كلمة له بعد وصوله البيت الأبيض اعتبر الشيوعية والفاشية مترادفتين، وقد أراد إنزال سقف أماني الجماهير وخاصة العمال والكادحين المتضررين من الأزمة الرأسمالية في سبيل حياة أفضل لهم ولأولادهم وأحفادهم. إنه يريدهم كبش فداء و أضحية لإله الرأسمالية، بدون أن يسألوا عما سوف تقدم لهم أمريكا.
إن الثروات الهائلة المتراكمة المتمركزة عند الدكتاتوريات المختلفة ( ولكنها متشابهة في الأساس) في أنحاء العالم، و
حكومات الاستبداد المعادية للديمقراطية وحقوق الإنسان ، حرمت على مبدعيها وخالقيها .
إنه يفضل تقبيل يد الملك السعودي، على أن يطالبه بتحسين أوضاع رعاياه المعيشية من الشيعة، واحترام حقوقهم الإنسانية والاجتماعية.
من الأفضل للعمال والكادحين حسب تفكير اوباما و نهجه التغييري الجديد أن يكونوا مقتنعين بما هم عليه ، وأن لا يكلفوا أنفسهم عناء الكفاح والعمل على تغيير أوضاعهم المزرية وأوضاع المجتمع نحو الأفضل ، وأنه – برأيه - من المريح لهم انتظار ظهور المهدي و التفكير بإزالة إسرائيل و العيش على أمل إقامة الصلاة في القدس ، على أن يفكروا بتغيير أوضاعهم ، وبناء مجتمع اشتراكي ، وإلا سوف يغضب اله الرأسمال عليهم و يلجا إلى خيارات أخرى مثلما غضب على الشاه وصدام و نوريحا . لكن هذه الأساليب التأديبية التي لجأ إليها أسلافه قد تغيرت اليوم ، بعد بروز منافسين أقوياء لقيادة ديكتاتورية السوق مثل الصين وروسيا والهند ، فأمست هذه الأساليب التأديبية مختلفة عن أساليب أسلاف العندليب الأسمر و توجب تغييرها.


أثناء حملته الانتخابية تعهد عندليب الامبريالية الأسمر باراك أوباما بتغيير العديد من سياسات الولايات المتحدة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.

وبالفعل، شهدت هذه الفترة من رئاسته تحولات وتغييرات جوهرية في بعض الأحيان ورمزية في أحيان أخرى.
إلا أن هناك من يرى أن كل هذه التغييرات لم تكن جوهرية وان سياسة الولايات المتحدة تجاه القضايا الشائكة في العالم لم تتغير ويشيرون إلى أزمة الشرق الأوسط كمثال على هذا.

انتهت رحلة باراك اوباما إلى بلدان أوروبا والشرق الأوسط في الشهر الفائت،بدء من انجلترة حتى تركيا و العراق ، واشترك في اجتماعات مهمة دولية لبحث مشاكل العالم و ترتيقها.. وخاصة مشاكل الاقتصاد العالمي ، ومستقبل حلف الناتو ودوره في أفغانستان، والحد من التسلح النووي ، و علاقات أمريكا مع العالم الإسلامي التي تعتبر من المواضيع الساخنة .. و قد ألقى كلمات واشترك في لقاءات ومؤتمرات صحفية ... لكن الموضوع الخطير الذي لم يتطرق إليه كان قضية حقوق الإنسان وانتهاكها من قبل الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط وبقية العالم.

لقي خطاب أوباما ترحيبا من الأنظمة الحاكمة في أوروبا و في المنطقة.إذ أن أمريكا ما بعد فترة بوش أصبح لها موقع جديد في أذهان الأوروبيين..و أخذت حالة عدم الارتياح و العداء للسياسة العدوانية لبوش في الشرق الأوسط و المواقف المختلفة بعد رئاسة اوباما و مواقفه السياسية المختلفة ، بالتلاشي .
رحلته الأسبوعية إلى أوروبا و نجاحاته الظاهرة في التعامل مع القضايا الدولية الرئيسية ، بالإضافة إلى مواقفه من الأسلحة النووية و العلاقات مع روسيا والصين، كان لها تأثير مريح على الرأي العام الأوروبي ، وقد أبدت أمريكا تواضعا غير مسبوق تجاه المجتمع الدولي و من ضمنه حلفائها الأوروبيين ...

هذه العوامل بمجموعها أوجدت أجواء مساعدة في أوروبا لقبول سياسات أمريكا تحت إدارة أوباما .. هذه السياسة الأمريكية أصبحت متقاربة تقاربا كبيرا حتى التطابق مع سياسية أوروبا العنصرية الاستعمارية تجاه العالم الثالث.وأن أوروبا تدعم السياسة الأمريكية الجديدة تجاه إيران، وقضايا الشرق الأوسط. إنه سياسة ما بعد الحداثة التي تدعو إلى إطلاق جذور الطائفية والعنصرية في العالم، والتراجع عن كل المكتسبات التي تحققت للبشرية في فترات التنوير والنهضة الأوروبية، و الليبرالية الصاعدة. ويمكن ملاحظة هذا الدعم والارتياح على مستوى الشارع الأوروبي أيضا. سياسة ما بعد الحداثة تعتبر أحمدي نجاة، و حماس، وطالبان خيارات شعوب إيران وفلسطين وأفغانستان، وحكومات منتخبة وشرعية من قبل شعوبها. وبذلك تنتفي مشروعية معارضتها، أو أي مطالبة من القوى العظمى باحترام حقوق الإنسان أو إجراء أي تغيير لصالح الجماهير.

امتناع أوباما عن ذكر قضايا حقوق الإنسان والحريات الاجتماعية ، كان حافزا قويا حافزا للنظام الإيراني للاشتراك في المفاوضات مع الغرب بشأن مشاريعه النووية.إن ما لم يأت العندليب الأسمر على ذكره كان على أهمية أكبر من الأمور التي ذكرها ، طوال فترة حكمه .
إنه لم يذكر شيئا عن الديمقراطية و حقوق الإنسان وإلغاء التمييز الجنسي وغيرها .وخصوصا حين تحدث عن إيران مبديا الرغبة لبناء علاقات صداقة وسلام مع النظام الإيراني.
أوباما يعي تماما مدى تأثير خطاباته على الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة .

‏الجمعة‏، 29‏ أيار‏، 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Obama’s disguised, albeit more malign, rhetoric
Talal Alrubaie ( 2009 / 5 / 29 - 21:39 )
With the election of Obama as the president, the US is hoping it will make capitalism appear more palatable and likeable in the eyes of others. It tries to tell us that it could be kind-hearted and that its system enables the underdogs to climb up the hierarchical ladder and reach even the position of the president. Obama is the honey added to sweeten the poisoned food. His stance on the prohibition of the publication and distribution of the abuse of human rights in Iraq is just a drastic example. His polices are as dangerous as those of Bush’s, or even more, because his agenda and policies are heavily masked by rhetoric that necessitates reading the (invisibly) small prints, scholarship and a healthy dose of skepticism. The belief in him is greatelly due to feelings of desperation and to reality distortive wishful thinking.
The capitalist system is not that fool to elect someone as the president who is not the smartest and most competent one to serve capitalism, and the issue of the color of his skin becomes totally insignificant, or turned even into an advantage and used as a m

اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان أحياء إضافية شرق رفح إخلاءها ر


.. في سابقة إسرائيلية.. رسالة تحذير من رئيس الأركان لنتنياهو| #




.. مجلس الأمة الكويتي.. لماذا حلّه أمير البلاد وماذا تعني هذه ا


.. قيس سعيد يا?مر بمحاسبة من غطى العلم التونسي بخرقة من القماش




.. وصف بالأقوى منذ عقدين.. الشفق القطبي يزين سماء عدة دول أوروب