الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة بالمفهوم الجزائري

جمال الدين بوزيان

2009 / 6 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


أخذت الهجرة غير الشرعية أو "الحرقة" بالجزائر بعدا آخر في السنوات الأخيرة، حيث تفاقمت الظاهرة و زاد عدد الشباب بل و الشيوخ و النساء أيضا الحالمين بالهجرة و المنفذين لها. طبعا لا يجدون أمام تحقيق حلمهم إلا الهجرة غير الشرعية و اللجوء إلى طرق غير قانونية كثيرة للوصول إلى أرض الخلاص، إلى الضفة الأخرى، حيث يحلمون ببلد آخر يستقبلهم، يجدون به ما ينقصهم، حيث يجدون الحيوان يتمتع بحقوق مقدسة و تخصص له مستشفيات و فنادق و منتزهات، بينما في بلادهم قد يكون أغلبهم لا يملك من الحقوق إلا حق الوجود و الحق في الحياة، و في السابق حتى هذا الحق البديهي سلبته آلة الإرهاب من الشعب الجزائري، و لم تتوقف لحد الآن عن سلبه إياه، مع أن آلة صناعة الموت تمشي ببطء شديد اليوم، بعد تطبيق ما يسمى بـ "الوئام المدني" و "المصالحة الوطنية"، حيث نزلت أعداد هائلة من الإرهابيين و انخرطوا في الحياة المدنية بعدما ألقوا السلاح و أصبح يطلق عليهم اسم "التائبين"، لكنهم لا يحملون من التوبة إلا الاسم، لأن من يتوب يكون نادما على ما فعل و منكسر الجناح و النفس، أما هؤلاء فنزلوا نزول المجاهد المنتصر، و يسيرون بيننا بشموخ و عزة.
خصصت الدولة لهؤلاء منحة شهرية قدرها 16 ألف دينار جزائري، و جرمت كل شخص يجرأ على نعتهم بالإرهابيين.
بالمقابل، المهاجر غير الشرعي أيضا يعتبر مجرما في نظر القانون الجزائري، ليس لديه الحق في تحقيق حلمه بطريقة غير قانونية، مع العلم أن كل الطرق الشرعية و القانونية مغلقة في وجهه.
كيف كان يقضي هذا "الحراق" يومياته قبل إقدامه على فعلته هذه التي يعتبرها النظام جريمة و نقصا في الوطنية؟
هو كان إما شابا بطالا، بطالته دامت لسنوات كثيرة حتى بدأ يرى بوادر الشيب تغزو شعر رأسه، فسارع إلى الهجرة قبل أن يصبح كهلا، و إما مواطنا عازبا لا يقدر على تكاليف الزواج، فاته قطار الإنجاب، و حتى و إن تزوج سيكون بمثابة الجد لابنه. و قد يكون أيضا حاملا لشهادة جامعية بلا معنى، ففضل الغرق معها في البحر و شرب ماءها، بعد أن سئم من سياسات التشغيل التي تسخر منه أكثر مما توفر له الحل.
أغلب هؤلاء الشباب كانت تمتلئ بهم المقاهي، هم ينافسون الشيوخ المتقاعدين على كراسي المقاهي، المقهى هو الاستثمار الوحيد الذي لا يخسر أبدا في الجزائر، لأنه من المستحيل أن تخلو من الناس، و الفضل في ذلك للبطالة.
و كذلك يرجع الفضل لهذا القاتل الصامت (البطالة) في تفاقم ظاهرة جرائم النشل و قطع الطرق و السرقة بصفة عامة. و لا داعي للمرور على المخدرات، أو القول بأنها قاتل شرس آخر للشباب الجزائري و مستنقع آخر يغرق فيه.
البطالة أيضا يرجع لها الفضل في زيادة نسبة الانتحار، لأنه لا شيء يجعل الفرد يقدم على قتل نفسه مثل فقدان الإحساس بالذات و الشعور بعدم القيمة و انعدام الجدوى.
و مع كل هذا، نجد النظام له الجرأة لتجريم المهاجرين غير الشرعيين و اتهامهم بفقدان الوطنية.
عن أي وطنية تتحدثون؟ الوطنية التي تجعلكم تقضون عطلكم في سواحل "الكراييب"، أو التي تمكن أولادكم من الدراسة بالخارج بأكبر الجامعات و نيل أرفع المناصب بأنجح الشركات؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : شهادة طبيب • فرانس 24 / FRANCE 24


.. -يوروفيجن- في قلب التجاذبات حول غزة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا