الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفة المخططات الإنفصالية العربية,,, داء ودواء

سعيد موسى

2009 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


((مابين السطور))
قبل البداية التقليدية المتبعة حول ظاهرة الحركات الانفصالية، والتي تتسع رقعتها في ربوع الوطن العربي، لنلعن ونستنكر ونخون بالتبعية لأعداء الأمة العربية من أجندات دولية وإقليمية، كان لزاما علينا أن نكون أكثر برجماتية وواقعية في تسليط الضوء على المناخات السياسية والاجتماعية والأيدلوجية، والتي تتوفر بوضوح في بلادنا العربية لتكون أرضية خصبة لنمو وتكاثر تنلك الآفة التي تهدد بتهتيك النسيج الاجتماعي وتهدد السلم والوئام الأهلي حيث اختلاف المذاهب الأيدلوجية الدينية، واختلاف المذاهب السياسية الدنيوية، وهذا الاختلاف أمر طبيعي وحميد إذا ماتم صهره في بوتقة وطنية لا تشعر المواطن بغربة في موطنه، وهذا الانصهار وتلك البوتقة هي مسئولية الأنظمة الدستورية والتشريعية، التي يجب أن تستثمر ذلك التميز والتنوع وتوجد له تربة التعايش وتساوي الفرص كي ينتج بنيانا اجتماعيا صلبا وسليما، يمتن الانتماء للوطن الأم، لأنه في حال عدم الشعور بالرضا وبالأمان والمساواة، فان ذلك التنوع الطبيعي يتجه كتحصيل حاصل إلى الانتماءات القومية الأيدلوجية ضاربين بعرض الحائط تلك الانتماءات الوطنية، حيث شعورهم بالاضطهاد والتهميش وعدم الثقة نتيجة تلك الاختلافات الأيدلوجية ومنها العرقية والاثنية، وبالتالي تكون تلك الفئات من مواطني الدولة موطئ قدم لدول انتماءاتها القومية الأيدلوجية، سواء كانت شيعية أو شيوعية، وكذلك انتهاك حقوق الإنسان وتقييد الحريات الحميدة، خاصة فيما يتعلق بانتقاد الأنظمة الحاكمة وحق المشاركة السياسية، تدفع إلى تكوين فئات وتجمعات سياسية منها العلنية ومنها الخفية، يكون انتمائها الأقوى للأنظمة الديمقراطية ومعظمها أنظمة استعمارية، تبدلت أهدافها القديمة الخطرة من احتلال مباشر للأرض واستعباد الإنسان، إلى أهداف وسلوك اخطر بالهيمنة الاقتصادية والغزو الثقافي الذي من شأنه تدمير الميراث الثقافي والأخلاقي والديني الحميد لمجتمعاتنا العربية المحافظة، فيكون العتب واللوم في المتسبب بإرهاصات كل أنواع الانفصال وضعف الانتماء الوطني، على عاتق المنظومة السياسية والاجتماعية الرسمية لتلك الأقطار العربية، هذا إذا أردنا وضع تلك البذور من الحركات الانفصالية في سياقها قبل أن نلعن ضعف انتماءاتها، وولائها لقوميات تتجاوز الحدود الوطنية للقطر العربي الواحد أو الشامل.
وفي مثل هذا المشهد من السياق، وعرض بضائع الانفصام الوطني في أسواق السياسة والإعلام، يتقدم المستثمرون بكل ألوان أهدافهم الخبيثة، وتحت العديد من المسميات، أهمها الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل تحدث تداخلات دولية وإقليمية انطلاقا من امتدادات ذات أصول مذهبية ودينية وقوميات غير قومية الوطن الأم، ومستثمرين بمطية لجان ومؤسسات حقوق الإنسان، ومعظمها كحصان طروادة محشو بالأكاذيب والمؤامرات، فيسلطون الضوء بكشافاتهم الإعلامية على وحشية الأنظمة الشمولية القمعية في الشأن السياسي، وحول اضطهاد الأقليات الدينية وعدم مساواتها بباقي المواطنين من اثنية أو أيدلوجية الاغلبية المواطنة في تلك البلاد، لا يتم الزحف أبدا من اجل إصلاح ذات البين، بل لكل فريق زاحف صوب أسواق دواخل الخلافات العربية أهداف متعددة، منها زعزعة استقرار تلك الأنظمة ونسيجها الاجتماعي الذي يحتوي على تلك الثغرات، وذلك بهدف ابتزاز تلك الدولة أو ابتزاز غيرها من خلالها، ويصبح عرابي الانفصال سلعة رخيصة في يد مستثمري تلك الأسواق السوداء، يجزلون عليهم العطاء ويشملونهم بغطاء إعلامي يظهرهم كالحمل الوديع ويظهر أنظمتهم وقوانينها كالوحوش الكاسرة الغير إنسانية، ولا مانع في حال تقرر الصدام الدموي مع الأنظمة دعم الانفصاليين بكل أدوات المواجهة لتصليب أرضية الاستثمارات الخارجية برسم الدم الوطني المراق، وتحدث المطالبة الفعلية بالاستقلال الاثني أو الديني أو القومي عن الدولة المركزية الأم بسبب ذلك التعدد الذي يوظف لدمار المجتمعات العربية ، وتلقى فكرة الانفصال استحسان محفوف بالمخاطر لدى أصحاب الأجندات الانفصالية، فيدفعون من دماء أبنائهم وتشردهم وتمردهم ثمنا باهظا هو الخامة أو العائد على المستثمرين الأجانب أصحاب الأجندات والأهداف المشوهة والمشبوهة باسم الاضطهاد الديني وانتهاك حقوق الإنسان، وحتى إن وجد بنسب متفاوتة وهذا لاتخلوا منه دول مواطنة المستثمرين، فان تسليط الضوء عليه حق يراد به باطلا، والهدف النهائي إما تقسيم تلك البلاد العربية وخلق دويلات داخل تلك الدول، بحيث تكون قواعد لتشكيل مسار القرار السياسي كما يريدها المستثمرون، أو مواطئ قدم للعولمة الثقافية أو التبشير الديني والمذهبي المخالف لدين ومذهب الدولة الهدف، وبالتالي يكون على الدولة التي تتدحرج إليها أدوات الانفصال، أن تعطي مزيدا من الحريات لكي تبرئ نفسها من جريمة كبح الحريات، حتى يصل الأمر لدرجة حق المثليين في ممارسة شذوذهم وربما المطالبة بإصدار تشريعات لمثل هذا الشذوذ الجنسي، إلى درجة قبول الانحراف والشذوذ الفكري والديني باسم الحريات المطلقة المطالبة بها الدول العربية، في حين أن انتهاك حقوق الإنسان وقمع المذاهب المخالفة واضطهاد الأقليات الدينية، تكون لها دول الاستثمار عنوانا واضحا لكنها لا تتعرض لحملة شعواء مرتدة من الدول العربية المستهدفة، فترى كثير من المثقفين يتغنون بالديمقراطية الغربية ويتخذونها مثلهم الأعلى، ويرددون شعارات اضطهاد المذاهب الأخرى، والحقيقة أنهم إما يكونوا مرتزقة مأجورين بإغراءات عالية، أو يكونوا أغبياء لايرون أكثر من أطراف أنوفهم المزكومة.




وعليه بنظرة سريعة لما يدور في العراق نجد أن المشهد لايحتاج إلى تلوين لوضوح الرؤيا، كان الادعاء الزائف أن هناك نظاما شموليا قمعيا، يمتلك الأسلحة الجرثومية والكيميائية، ويسعى لامتلاك الأسلحة النووية، مما يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، وللأسف وجد من يصفق ويهلل ويتعاون بإخلاص من اجل تغيير الوضع القائم إلى وضع أفضل منه، وتحركت كل فرق المستثمرين بأسماء اثنية ومذهبية واستعمارية، وتوافقت مصالحهم لإسقاط النظام ، وكان الهدف الأساسي ليس ديمقراطية زائفة ولا أسلحة كاذبة، بل لسرقة ثروة العراق وتقسيمها إلى دويلات قومية ومذهبية لتسقط أهم ركائز القومية العربية لحساب قوميات أخرى، ولإسقاط توليفة التعايش المذهبي لصالح مذاهب أخرى، فإذ بالحال يتبدل من استقرار لدمار، ومن سيادة إلى شتات وتبعية لكل أجندات المستثمرين السوداء، ويدخل العراق بعد هروب قوات الغزو الغربي، في دوامة قوى الغزو الأخرى السرطانية، ويعلم الله كم يتطلب العراق من مقاومة وقتال ومن السنين حتى يعود عراقا عربيا متعافيا وقد خططوا له أن يبقى عشرات السنين على هذا الحال من صراعات وحروب أهلية ومذهبية داخلية، بدعم من أباطرة الحروب على خطوط التماس.




والحالة السودانية ليس بأفضل حال، بل منذ عشرات السنين والقطر العربي السوداني يغرق في دوامة الدم والصراعات التي استهدفت أمنه واستقراره ووحدة بنيانه المتنوع مذهبيا واثنيا ودينيا، والمطلوب دعم حركات الانفصال في الجنوب والشرق والغرب والمركز، ليقسم السودان العربي إلى دويلات دينية واثنية داخل الدولة الواحدة، فأغرقوه بدعم الانفصاليين شرقا وجنوبا وفي دار فور، وأصبح النظام مجرما ينتهك كل القيم الإنسانية ويضطهد الأقليات الدينية، فتنتشر منظمات حقوق الإنسان الاستخبارية في كامل الجسد السوداني تحت مسميات الديمقراطية وحقوق الإنسان والمنظمات الطبية والغذائية... حدث لاحرج، المهم وبكل الوسائل دعم الحركات الانفصالية وإطفاء الشرعية على المطالب العادلة بالانفصال عن الوطن الأم وزعزعة استقراره وتدمير نسيجه الوطني بالسخاء بالدعم المادي وبالسلاح، مما يثير شهية دول الجوار لإضعاف الجار وتطهيره من النظام الذي يرعى قوى المعارضة للأنظمة الأخرى، وفي مثل هذه الحالة الثانية، ليس فقط ثروات السودان واستقرارها المستهدف فحسب، بل هي مقدمة بعد تامين حركات الانفصال لبلوغ أهدافها، لتنتقل كرة الانفصال المتدحرجة إلى باقي أجزاء الجسد العربي ومصر هي كذلك هدف استراتيجي، ولأنها تستعص على حالة الانفصال الداخلي، فيتم تأجيلها إلى أن يتم تطويقها ببرجماتية التقسيم والحركات الانفصالية المحيطة والبعيدة عنها، المهم أن يثخن الوطن العربي بحركات انفصال تحقق بعض النجاحات حتى لو حصلت على حكما ذاتيا، أو حتى على تعديلات دستورية تجعلها صاحبة قرار مستقل داخل قرار استقلالية الوطن الأم.




وما يدور في الصومال وموريتانيا القطرين العربيين، ليس ببعيد عن مخطط الانفصال الشامل وزعزعة استقرار الوطن العربي، لينشغل في حروبه ودمويته وصناعة الحقد والموت لتصل بالنسيج الاجتماعي داخل القطر العربي الواحد إلى خطوط اللاعودة، لتصبح الصومال غابة دامية وملجأ للقرصنة والحروب الدامية بين مسلم ومسلم حتى من نفس الصنف المذهبي، طالما لم يوجد تعدد مذاهب مؤثرة، وربما يتم تقسيم الصومال المقسم إلى دويلات تجعل من حالة السلم الأهلي بعيد المنال، ويزيد تغول الفقر والتشريد لضمان عدم عودة الصومال إلى حال الاستقرار، وهكذا هي موريتانيا ينهشها الآن الحكم العسكري بعد الانقلاب، كأحد صور الانفصال والتمرد على الدستور، وصولا إلى مزيد من تهتك النسيج الوطني، الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتراب ، كأرضية خصبة لكل من أراد بالصومال والمجموعة العربية شرا والمطلوب تقسيم الصومال وإشغالها بصراعات السلطة والنفوذ والاحتكام إلى كل أدوات القتل والخراب.
وما يحدث في اليمن ماهو إلا مؤامرة واضحة، وكما وصفها الزعيم اليمني/ عبد الله صالح، بتمرد كمرض أنفلونزا الخنازير الآتي كفيروس خطير من الخارج ليستثمر خلافات الداخل، ووجب حسب وصفه علاج تلك الآفة بأطباء متخصصين، فمطلوب إعادة اليمن إلى عصر جاهلية الانقسام بين يمن شمالي ويمن جنوبي، ومن ثم يصبح احد اليمنين ملاذا للاستثمار الأسود من اجل دحرجة كرة الانفصال إلى كل موطئ تماسك ووحدة يمنية، ليتحرك مستثمري الانفصال لمد الانفصاليين بكل أدوات القتال لدعم التمرد على الدولة الأم، باسم اختلاف المذهبية وباسم انتهاك حقوق الإنسان، ليصبح اليمن السعيد يمنين تعساء، ضمن مخطط الانفصال الشامل، وضمن ولاء وتبعية الانفصاليين المشبوهة.



وليس الحال لدينا في فلسطين بأحسن حال من الدول العربية المستهدفة، بل ربما كان الوضع في فلسطين حاليا أسوء الأوضاع الانفصالية، وربما المستثمرين حطوا كل أثقالهم ورحالهم لتكريس الانقسام الفلسطيني، ولهم من الألوان ما يوضح مدى وحجم الاستهداف لوحدة الصف الفلسطيني في مواجهة أعداء الوطن العربي والأمة الإسلامية قاطبة، ولان القضية الفلسطينية بمركزيتها تشكل لب الصراع العربي والإسلامي مع الصهاينة، فما حدث بها من انقسام تدعمه بضراوة كل قوى الشر الأسود عربيا وإقليميا ودوليا، تارة باسم السلام وتارة باسم المقاومة، وتارة باسم الربانية وأخرى باسم العلمانية، حتى باتت حالة الانفصال الأسود بين جناحي الوطن، عنوانا لشمولية الانفصال الذي يرهق الوطن ويريح كل أعداء هذا الشعب الفلسطيني المرابط في خنادقه الأولى في مواجهة زحف العدو الرئيسي الذي لايستهدف فلسطين فحسب، بل يستهدف الوطن العربي من محيطه حتى خليجه ومن بحره حتى نهره، فوجب نحر الوحدة الفلسطينية، ووجب ضرب متانة النسيج الوطني الذي يخلو من اختلاف المذاهب واضطهاد الأقليات الدينية وتعدد القوميات والاثنيات، فزُج بشرك الصراع على السلطات إلى المقدمة، والمساهمة في تذليل كل المعيقات لوصول حركة حماس إلى سدة الحكم بنتائج أذهلت حتى قادتها تحت مسمى التخلص من الفساد ومطلب الإصلاح، وقد صفق الكثيرون لهذا النصر العظيم والتمكين الرباني، في حين أن الحقيقة التي لايريد البعض سماعها ولا رؤيتها، أن الدول الغربية قبل الكيان الإسرائيلي والتي حسب تقارير أجهزتها الاستخبارية الدقيقة، لم تتفاجىء بهذه النتيجة بل كانت تعلم جيدا من سيتقدم في تلك الانتخابات ولم تعرقلها، ليس بالمطلق بفعل فساد بعض رموز المنافس الآخر كما يروج له، بل لأنها كانت خطة محكمة كشرك أول يصعب الإفلات منه أو مما يليه من شراك، وفي المحصلة كان الشرك الأول وابتلاع الطعم السياسي الخطير، والمطالبة باستحقاقات المشاركة السياسية، ومن ثم الانغلاق على الذات والتنكر لتلك الاستحقاقات.

فلم تكن المواجهة فلسطينية فلسطينية، بل كانت مواجهة مع ركائز السلطة التي وصلت لها حماس، وبموجب سماح قوانين أوسلو، تلك الركائز الاقتصادية والسياسية هي غربية أمريكية أوروبية بامتياز، فحدث التصلب فالحصار فالعقوبات الجماعية فالعدوان،وفي فرادة الحالة الفلسطينية مابين السذاجة وعدم التوقف عند إرهاصات المخطط، فان حركة الانفصال بين شقي الوطن كانت بتدبير غربي بالدرجة الأولى، وبعلم ودراية الطوق العربي المحيط، ولم تتدارك حماس ذلك المخطط خاصة عندما تنكرت للاستحقاقات الدولية وشرعية انتخابات أوسلو التي أتت بها، فنصب لها الشرك الثاني بافتعال عرقلة الصلاحيات وتعقيد العملية السياسية، فأقدمت على حسم الخلافات السياسية بالأدوات العسكرية وكان هذا هو المطلوب بالضبط، والدليل سقوط جميع المواقع العسكرية دون أي معارك تذكر باستثناء بعض العمليات الفردية، أي انه لا يوجد قرار مركزي لا من قيادة السلطة ولا من قيادة فتح بالقتال ، ولم يكن حتى يوجد استعداد لقتال كما هو الشرك الثاني لتهيئة الأمر بان هناك فريق "إن لم تتغذوا به سيتعشى بكم" كذلك باستثناء بعض المشاكسات الفردية، التي لا ترقى إلى خطر يدفع حماس بالسيطرة الكاملة العسكرية على كل مناحي الحياة في غزة وبهذه القوة المفرطة.




وهذا كما قلنا المطلوب تماما، بل لم تتدارك حركة حماس أن المطلوب كان أكثر من ذلك بكثير، كان مطلوبا أن تحضر حركة فتح بفعالياتها التنظيمية الطبيعية وتمنع رايتها الحركية وأناشيدها التنظيمية، بل كان المطلوب أكثر من ذلك بكثير أن تسوء العلاقة بين حركة حماس وكل مواطن فلسطيني ،وتقمع كل من يخالفها، بل مطلوب شلل أي نقابة ومؤسسة غير تابعة للحركة، بل المطلوب حسب خطة الانفصال الغربية المحكمة، أن تسلك حماس بما يخالف شعار أيدلوجيتها من حيث قبول التسوية على حدود حزيران 67 وليس من البحر إلى النهر، بل والسعي إلى تهدئة مع الاحتلال تحت مسمى المصلحة الوطنية، بما يتعارض مع دعوات التهدئة من غير حماس وتسميتها بالخيانة الوطنية، بل والمطلوب أكثر من ذلك في السعي إلى الحفاظ على السلطة بعيدا عن شعار الشرعيات والولايات، لان تصل في نهاية مطاف البذر الانفصالي إلى التنكر بمبررات غير منطقية، لعملية الانتخابات التشريعية الجديدة وصولا إلى انتهاء جميع الشرعيات وانتهاج شرعية البقاء بالقوة، بمعنى أن المخطط كان بحجم اكبر مما تتصوره العقول التي تنتشي بالانفصال، والنهاية المرسومة لبلوغ المخطط أهدافه اخطر بكثير مما يتصوره البعض منا، حين نفهم أو لانريد إلا أن نفهم مانريد، بان الوضع السياسي القادم سوف يتم الإبقاء عليه كأمر واقع وهذا حسب قراءة المخطط الغربي قبل العربي قراءة سطحية، ستجلب على مجتمعنا مزيدا من الدمار الذي يجد له شرعية عربية وإسلامية ودولية باسم حرية الشعوب في اختيار ممثليها عندما تنتهي ولايتهم، وإلا فالتدخلات ستكون اكبر من طاقة شعبنا على احتمالها، وبالمحصلة عملية الانفصال والانقسام المبرمج كي نصل إلى هذا الحال السيئ الذي وصلنا إليه، لاقت رواجا وإغراء للمستثمرين الدوليين والإقليميين للعمل على توسيع الفجوة بين الفرقاء الأشقاء وتحويلهم إلى أعداء ليسهل السيطرة عليهم وترويضهم على خارطة الأوضاع السياسية القادمة من تهدئة حتى تسوية، بل واستخدمت عملية الانفصال بين شطري الوطن كأوراق لتحقيق غايات وأهداف عربية وإقليمية غير فلسطينية وفي المحصلة جميعا تصب في الأجندة الدولية على حساب القضية والوحدة الفلسطينية، وفي لحظة انتهاء اللعبة السياسية وتسهيل مسارها، سيجد الفرقاء أنفسهم بلا دعم عربي أو دولي أو إقليمي، بل سيجدون أمامهم بابا مواربا في نهاية النفق المظلم، هو الوحيد المسموح المرور من خلاله وهو نفسه مرصود في خطة الانفصال الهادفة الكبرى في فلسطين، ومن سيتأخر عن المرور سيكون عرضة للزجر والعقاب العربي الإسلامي الرسمي قبل الدولي وتكون اللعبة بين سذاجة السلطة وذكاء المخطط للانفصال قد انتهت والقارئ الجيد لما بين سطور المتغيرات والأحداث ربما يحاول الإفلات بأقل الخسائر من ضرر خاتمة اللعبة السياسية، ومن يعصب عينيه عن الحقيقة مابين قرع جرس الانفصال ونهايته، إنما يكون وحيدا وعرضة لرياح عاصفة لن تنفع معها الأوتاد المحلية ذات خيمة النسيج الوطني الممزق.




وما يدور في لبنان من مناكفات انفصالية بين 14 آذار و8 آذار وما بينهما من 7 تموز كان موشكا على الانفجار، إنما هو من ضمن مخطط الانفصال وهو الأخطر حيث التوليفة الدينية والمذهبية المختلفة والمتعايشة بموجب اتفاق الطائف الذي أنهى حربا ضروسا أهلية حصدت أرواح الآلاف، حيث المسلم والمسيحي وحيث الدرزي والسني والشيعي، وبفضل شرور المستثمرين العرب والدوليين والإقليميين وجزلهم الدعم والعطاء، خلق في لبنان شرخ أفضى إلى شبه انفصال مابين مركزية الدولة وسيادة المقاومة، ونشأت على ضرر واستعداء ومزايدات مابين التبعية لأحلاف عربية ومابين التبعية للغرب ومابين التبعية لسوريا وإيران، مايكرس نفسية الانفصال ويهيئ الأرضية الصالحة في أي وقت لمزيد من الصدامات الدامية بدعم من المستثمرين لحساب أجنداتهم غير اللبنانية ، ومابين الولاء المطلق لقوميات مذهبية وأجندات دولية، توجب على المستثمرين السخاء بالدعم المالي والعسكري والسياسي في مواجهة الآخر، والخاسر الأكبر في نهاية المطاف هو لبنان وفلسطين والعراق واليمن والسودان، وها نحن نسمع بأصوات خافتة يتم وئدها في مهدها بمطالب انفصال لفئة مواطنين سعوديين يعطون الولاء لقوميتهم الغير عربية ولامتدادات مذهبية غير مذهب الأغلبية السعودية، بل في المحصلة إن اعتبرنا أن الحركات الانفصالية والتي يتم تشجيع حدوثها من خارج الدولة الأم ويخطط لها في دهاليز مستثمرين سلعة الانفصال، إن اعتبرناها آفة مدمرة وطنيا ومذهبيا فوجب علاجها لإنقاذ الأوطان من الوقوع في قبضة شرور المستثمرين على حساب دمار الأوطان، وكما هو معلوم أن صناعة الأزمات الوطنية تحت سقف الأنظمة الشمولية في معظم البلدان العربية والإسلامية، هي صناعة غربية صرفة وهي صناعة إقليمية واضحة، بل وأصبحت صناعة أحلاف عربية مستحدثة، فان لم تعالج وطنيا فمن صنع الداء إنما سيتقدم منتشيا ومنتصرا لتقديم الدواء الذي يعالج الحالة وفق ما تقتضيه مصلحته الاستثمارية الخارجية وليس المصلحة العربية الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس