الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب نوايا

محمود جابر

2009 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ما بين الحين والآخر ينشب حريق بمصر وتعددت الحرائق ما بين سياسي وحقوقي وديني ومطلبي ، وأصبحت المشهد العام مشهد استحقاقي .... الجميع يطالبون حقوقهم من الجميع والمتابع لهذا المشهد من بعيد يقول: من سوف يعطى لمن ؟!
واحد من الأزمة التي نعانى منها هو التطور الاجتماعي أو المتغيرات الطارئة علينا بفعل تغير الأوضاع السياسية فى الإقليم (منطقة الشرق الأوسط) ،وإذا كان البعض يرى الحل في الديمقراطية – باختزال الديمقراطية فى الانتخابات وفقط - وان اى إخفاق ديمقراطي لا حل له إلا مزيد من الديمقراطية ، وهذا كلام وجيه وجيد ، بيد أن هذه الديمقراطية المبنية على سوء النوايا والوهم وسيل من الخبرات المتراكمة- بطريقة الخطأ- حول فصيل ما أو جماعة ما أو شخص ما تجعل هذه الديمقراطية ديمقراطية طوائف ومحاصصة وشراء ذمم وأصوات وتصبح الانتخابات التي هي واحدة من الآليات التنظيمية لتوزيع الحقوق والواجبات والمسئوليات شكلا خاليا من المضمون وتصبح هذه الانتخابات غير معبرة عن المضمون الحقيقي للمجتمع .
ومما لا شك فيه أن هناك ثمة مجموعة كبيرة من الأزمات الوطنية وهذه الأزمات لن يكون الطريق إلى حلها هو الانتخابات، فهذه الانتخابات أو تلك لا قيمة لها مالم يتم معالجة الأزمة الوطنية وهذا الحل مرهون بالبحث عن صيغ تفاهمية بين الجميع ، وهذه الصيغ لا يمكن الوصول إليها مالم يعتمد كل فريق أو فصيل أو جماعة مبدأ خطاب النوايا .
وخطاب النوايا هذا أو البرتوكول أو خطاب التفاهم والتعريف بالذات ، وهذا الخطاب هو خطاب يوجه للتأكيد على مجموعة من القضايا وإزالة الوهم وفض الالتباس الذي يحيط بقوى أو جماعة أو فريق أو تيار بعينه فى قضية أو قضايا بعينها ، ويجب أن يتضمن أيضا هذا الخطاب الأفكار والأخلاقيات والمبادىء العامة للتيار أو للجماعة ذاتها هذا بالإضافة إلى أهمية أن يتضمن هذا الخطاب الآخر الوطني والموقف منه سواء كان هذا الآخر جماعة سياسية أو دينية أو فئوية أو جهوية أو أثنية،وهذا الخطاب هو الحالة المصغرة لبرامج الأحزاب .
وإذا ما اعتبرنا الدستور المصرية – تجاوزا – خطاب نوايا بين الدولة ومكوناتها من مؤسسات وجماعات وتيارات وأفراد ....، فإننا سنجد أن هذا الدستور لم يصادر على حرية أحد و لم يشكك فى نوايا أحد ولم يمنع أو يمنح أحد ميزة أو مميزات نسبية عن الآخر ، وعليه وفى المقابل يجب أن يقدم الجميع خطابات نوايا على هذا المستوى من الرقى والتقدم وعدم الانغلاق أو التفرد .
وبناء على ما تقدم فيجب على الجميع سرعة إنجاز هذه الخطابات ونشرها ومناقشتها على العلن وفى الأوساط المعنية ووسائل الإعلام وأول هذه الجهات أو الجماعات التي يجب أن تقدم هذا الخطاب هي جماعة السلطة وحزبها الحاكم وعليها أن تجيب على بعض الأسئلة المستحقة : إذا كان الدستور المصري دستورا عادلا ومتزنا ومحدد فيه السلطات المختلفة والجهات الرقابية وآليات المحاسبة والتشريع فمن أين جاءت كل هذه الأخطاء الكبيرة ؟
إن حالة التجريف الثقافي والمعرفي ، وانتشار الجهل وإشاعة روح التخوين والتشكيك وهذا التغيير المطلق أو حالة انقلاب المعايير الأخلاقية والسياسية والثقافية التي أصابت المجتمع المصري فى السنوات الماضية كانت نتائجه انفجار مجموعة هائلة من الحملات العدائية وإشعال " حرب الكل ضد الكل" ، فما من فصيل أو جماعة أو تنظيم سياسي إلا ومتهم فى شرفه الوطني أو العقائدي أو ولائه للوطن وللدولة وقد أصابت هذه الحملة الجميع .
فقد اتهمت الليبرالية المصرية بأنهم عملاء الاستعمار والإمبريالية الأمريكية الغربية وهم يروجون للانسحاق والتبعية والاحتلال والعلمانية...، واتهم اليسار المصري بالإلحاد والإباحية والتبعية للاتحاد السوفيتي ..... ، كما جرى اتهام الأقباط بالولاء للغرب ومعاداة الإسلام وإعلان الحرب عليه وتحالفهم مع الصهيونية العالمية الإمبريالية ...، كما اتهم الشيعة بسب الصحابة والقول بتحريف القران وإنكار نبوة المصطفى والولاء لإيران ولحزب الله ....، كما اتهم البهائية بالكفر والإلحاد والردة عن الإسلام والولاء لإسرائيل ... وغيرهم وغيرهم !!
هذه الحالة من اباحت الاتهام وتوسيع دوائر الشك بدءً من السلطات المحلية وانتهاءً برأس الدولة وتنزل حتى تصيب جماعات النشاط فى الجامعة والأحياء ، فهذا الجنون الغير متناهي راح ضحيته آلاف المواطنين المصريين ما بين قتيل ومقيم بالسجن ومحتجز رهن الاعتقال الممتد ،أو فى حده الأدنى ولدت هذه الحالة موجة عاتية من الريبة من الجميع وتربص الجميع بالجميع ، وقد حرمنا منذ البدء طاقات كبيرة قلما يجود الزمان بمثلها بدء من الشيخ الذهبي والرئيس السادات وفرج فودة ..... ومحاولات قتل الرئيس مبارك وكذلك المبدع والروائي العالمي نجيب محفوظ ، مع الأخذ فى الاعتبار حوادث الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط من شبرا الخيمة إلى الزاوية الحمراء مرورا بالإسكندرية وصولا إلى الصعيد .
ومما ذاد الطين بله قيام بعض أفراد محسوبين على تيارات سياسية أو مدنية أو حقوقية أو دينية باللجوء والاستعانة بالخارج من أجل الحصول على بعض الحقوق فى الداخل (الوطني )، كالحوار الذي تم بين محمد الدرينى الملقب زعما(زعيم الشيعة فى مصر) والسفارة الأمريكية فى مصر وإعلانه عن الذهاب للولايات المتحدة لبحث حقوق الشيعة فى مصر ،هذه الفعلة التي المستنكره ولا استنكرها بصفتي (شيعي) ولكن بصفتي مواطن مصري أرى أن المشكلة فى مصر هى مشكلة مع واقع متأزم سياسيا تحكمه سلطة سلطوية غير تعدديه يسيطر عليه مزاج محافظ (اصولى ) يحتاج إلى ثورة ثقافية وحوار ونضال وطني، وليس عمالة أو استعانة بالخارج أيا كان هذا الخارج وصفته ورسمه .
أيها السادة عفوا هل نفيق ونشرع فى بناء مصر جديدة أو ننتظر حتى يمر الوقت ونفيق على إعلان بقانون " محاسبة مصر" يصدر من هنا أو هناك نتيجة تصرفات حمقاء ، أو " حرب أهلية " تأكل اليابس والأخضر وتترك مصر قاعا صفصفا ؟!!
أيها السادة عفوا الخطاب هو الحل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوراق الجوافة..كيف تحضر مشروبًا مثاليًا لمحاربة السعال والته


.. دراسة: مكملات الميلاتونين قد تمنع الإصابة بحالة الضمور البقع




.. في اليوم الـ275.. مقتل 20 فلسطينيا بغارات على غزة| #الظهيرة


.. ترقب داخل فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية




.. اقتراح التهدئة.. تنازلات من حركة حماس وضغوط على بنيامين نتني