الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراب ..... والبكاء المتأخر

محمد حبيب غالي

2009 / 6 / 7
حقوق الانسان


لكل شعب ميزة , وميزة الشعب العربي تتمثل في تقدير الشخص بعد موته ، وبالفعل قد تبيّن مؤخراً إننا لا نستطيع التخلص مـن هذه العقليـة التي تجيد البكاء و ( اللطم ) علـى مشاهيرنا ( بأنشطتهم المختلفة ) عند مغادرتهم لنا إلى مثواهم الأخير , رغم إن إهمالنا لهم كان من أهم أسباب رحيلهم !! , فلـو وقفـنا إلى جانبهم واهتممنا بهم وأعطيناهم ما يستحقون لتغيرت أحوالهم وتأخر رحيلهم ... واستغفر الله ورب العالمين .
لطالما هربت من واجب تعزية بعض الرفاق , حيث لا احب ان اضع نفسي في مثل هكذا مواقف , إلا إنني اليوم مجبر على تعزية الشعب العراقي بهذا المصاب الجلل الذي كان متوقعاً في أي لحظة من اللحظات , كون بطله كان يعاني الكثير مـن الأمراض وتحت أنظار الجميع , حيث وجـه الكثير مـن الاستغاثات لكن دون جـدوى !!!! .
عمانويل داوود ( عمو بابا ) الذي ولد في 27 نوفمبر 1934 شيخ مدربي العراق الذي ترعرع في مدينة الحبانية والحاصل على العديد من الميداليات وفي أكثر من رياضة ، وصاحب المدرسة الكروية التي تدرب لاعبين صغار السن في أكاديمية أسسهـا في بغداد وغيرها , ( كنت أتمنى أن اذكر أمجاده التي حققها وانتصارات العراق على يده إلا إنني متأكد إن ذكرها لا جدوى منه , فالرجل قد ذهب إلى غير رجعه , بالإضافة إلى إن أمجاده لم تساعده في حياته !! فما فائدة ذكرها الآن !!! ؟؟؟ ) .
فـي أيار 2006 وجه عمو بابا نداء استغاثة , بعدما أضطر الأطباء لبتر أصابع قدميه في الأردن متأثرا من تفاقم مرض السكري وحسب تعبيره " أدار الجميع من مسؤولي الرياضة في العراق ظهورهم لي بالرغم من قضاءي 56 عاما في خدمة الكرة العراقية " , وقـد أثارت هذه الاستغاثة استغرابا من قبل الشارع الرياضي العراقي في وقتها , فقد تم تغطية تكاليف العلاج من قبل مسعـود بارزاني ورئيس دولة الإمـارات مع إهمال واضح من قبل الحكومة مع العلم من انه عمو بابا !!!! .
المشكلة في هذا الرجل هو عدم تفكيره بالأمور الدنيوية التي يتمناها الكثير ( كما هو حال لاعبي منتخبنا الوطني الحالي " ويا مكثرهم " ) والدليل على حبه للرياضة العراقية انه رفض اللجوء الإنساني المقدم من فرنسا عام 2006 عندما كان هناك للعلاج ولأصبحت في حينها الحكومة الفرنسية مجبرة على رعايته عملا بالقوانين الدولية الإنسانية , بالإضافة إلى كونه يستطيع أن العيش وبسهوله في الولايات المتحدة الأمريكية لإقامة عائلته هناك !!!! فلماذا لم يفعلها بدلا من أن يقضي نهاية حياتي يستغيث ولكن بلا معين ؟؟؟ الجواب هو أمنيته بإعداد مدرسة كروية متكاملة فـي بغداد تُخرج منتخب وطني للمرحلة القادمة .... منتخب على غرار أخلاق وحب عمو بابا !!! .
عندما سمعت بالوصية الأخيرة لم أتفاجأ كثيرا فهو وكما اعتقد يحب الكرة العراقية حتى أكثر من أهله , حيث أوصى وفي أكثر من مرة بدفنه في العاصمة بغداد وفي ملعب الشعب الدولي تحديدا ومعه كرة قدم !!! .
اختم تعزيتي هذه بسؤال يكاد يمزق أحشائي ... ما الفرق بين عمو بابا ومن اخسرونا في مباراتنا مع قطر ؟؟؟
رحم الله عمو بابا ... ورحم الله الكرة التي دفنت معه ... كما ورحم الله منتخبا الوطني ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرآ
جيفارا ( 2009 / 6 / 6 - 21:29 )
شكرآ يا أخ محمد ألعنوان جميل وألموضوع أجمل وألاجمل من هذا وذاك تطابق ألعنوان مع ألمحتوي------ وتقبل فائق أحترامي

اخر الافلام

.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة


.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع