الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضحايا البراءة واللا منتمي

إبتهال بليبل

2009 / 6 / 2
حقوق الاطفال والشبيبة


نعيش في عالم تناقضت فيه الصور ، عالم مرهون بالازدواجية الباهتة ، فأشتغل الكثير من العلماء والفلاسفة المفكرين في محاولةٍ منهم لإيجاد تفسير دقيق ومقنع لكل ظاهرة كان لها الكائن البشري أسيراً ، بعضهم أجتهد إلى حد الخوض في كينونة النفس البشرية والآخر أستند على مفاهيم مكنتهُ من الحصول عليها من خلال معايشة الآخرين ...
أن أكثر ما شدني للكتابة اليوم هي تلك المقالة التي نشرت في أحد المواقع الالكترونية وتحمل عنوان ( ضحايا البراءة ) بقلم الكاتبة والقانونية تانيا جعفر الشريف فكان محتواها كما سردته الكاتبة " بعد وفاة زوجها وهو المعيل الوحيد لأسرة أم (ع) المكونة من ثلاث بنات وولد واحد تسلسله الثاني في الأبناء لم تجد الأم بدا من الموافقة على القبول بالزواج من أول من تقدم لها ويدعى {ر}.ألأم الأرملة كانت بمنتصف الثلاثين من العمر أو أكثر بقليل يوم تزوجت زوجها الثاني اشترطت عليه أن يكون أبا لأبنائها ولم تطلب منه شيئا أخر سوى ذلك وتظاهر بالرضا والسرور أن يتبنى أولادها بأبوية صادقة وهكذا كان أول الأمر كما بدا ، لكن حلاوة الأمر لم تدم طويلا وإن لم تنكشف خيوطها إلا بعد وفاة الأم المخدوعة بهذا الرجل فقد سردت قصة طفلتين قد تم الاعتداء عليهن من قبل زوج الأم وبدون أن يفهمن هذين الطفلتين ويشعرن بهذا الفعل الشنيع الذي ارتكبه هذا الزوج فتحكي لنا كيف تم هذا الاعتداء وكيف أنهن أصبحن ضحايا البراءة وكما قرأتها وسمعتها من أفواه ضحاياها بعد أن قدر لها أن تترافع في الدفاع عن مظلوميتهم أمام القضاء قبل سنين من الآن ..
أن المقالة المطروحة كانت كرسالة موجهة إلى كل الصبايا أن يحذرن حبائل بعض الرجال ولا يأمنهم خصوصا وإن الضحايا المماثلات هذه الأيام أكثر وإن اختلفت الصور ومعلوماتها كونها مستشارة قانونية وجدت إن بعض من طالبات المدارس المتوسطة وحتى الابتدائية يقعن ضحايا الاغتصاب (الاختياري) هذه الأيام وبعضهن يحملن دون أن يعلمن بالأمر وغيرهن قتلن من ذويهن على براءتهن ، لتنهي الكاتبة مقالتها بالقول " يا بناتي لا تحسن الضن بكل رجل أو شاب فأنتن في واقع ليس لكن حق فيه إلا ما يرضى به الرجل وقد أعذر من أنذر" ، من هنا نجد أن بعض العلماء قد طرحوا على مثل هذه النماذج والتي أعني بها هذا ( زوج الأم ) المتعدي على الطفلتين صفة " اللا منتمي ".. عن كتاب كولين ويلسن يبحث في كنه مرض الإنسانية في منتصف القرن العشرين" ، حيث أن حالته هذه هي ضد المجتمع وهي واضحة كل الوضوح ، فالرجال والنساء جميعاً يمتلكون هذه الدوافع الخطرة اللا مسماة ، إلا أنهم يغطونها عن أنفسهم وعن الآخرين وليست أديانهم وفلسفاتهم ألا محاولات صقل وتمدين شيء حيواني عنيف غير منظم وغير متعقل وبهذا يكون هذا الفرد لا منتم لأنه يريد أن يجد الحقيقة ، تلك هي حالتهم إلا أن شذوذه يقلل من ظهورها ، أنها في الواقع محاولة لتبرير الذات ، يقوم بها إنسان يعرف أنه منحل أخلاقيا ، مريض وموزع نفسيا ..
وفي أحدى المرات قرأت عن دراسة لرجل يحاول مراقبة امرأة وهي تخلع ملابسها من ثقب باب حينها وصفه الباحث بأنه يمتلك عين حمراء كالتي يمتلكها القرد بينما ذكر لنا حالة أخرى عن الشخص الذي يرى شاب وشابة جالسان معنا في جلسة ودية وجميلة ليشير إليهم بالعطف والشعور الرقيق ، ليس حيواناً بل هو أنساني جداً ، وبهذا فأن القرد والإنسان يستقران في جسد واحد ، فإذا تحققت رغبات القرد اختفى ليحل محله الإنسان الذي يشمئز من شهوات القرد ،تلك هي مشكلة اللا منتمي حيث تدعى بالوجودية ، والوجودية هي تلك الفلسفة المعنية بالذات والبحث عن معنى الحياة بالمعنى الروحي من خلال الإرادة الحرة والمسؤولية الشخصية والاعتقاد هو أن الناس يبحثون فيها على أساس مقولة سقراط (اعرف نفسك بنفسك) في جميع مراحل الحياة كما يجرون اختيارات بناءاً على تجاربهم ومعتقداتهم وتوقعاتهم وتصبح الخيارات شخصية فريدة من دون الحاجة إلى وجود شكل من أشكال الحقيقة الموضوعية ، " ويعتقد أن الوجودي شخص يشعر بالإحباط واليأس وأنه قد ألقي في هذا العالم وسط مخاطر تؤدي به إلى الفناء"
أن مشكلة هذا الصنف من الناس مشكلة في جوهرها حية ، لأنه ليس مجنوناً أنه أكثر حساسية من أولئك الأشخاص المتفائلين صحيحي العقول ، أنه يبدأ بنوع من التوترات الداخلية ، ترى كيف يستطيع أن يزيلها ؟ أن الجواب الذي يخطر ببال صحيح العقل فهو " أرسله إلى مختص نفساني " إلا إن هذا لا يمكن أن يعتبر جواباً بالنسبة إليه ، أن الجواب الذي يكشف عنه هو في أساسه مشكلة الحرية ولا نقصد بذلك الحرية السياسية طبعاً وإنما الحرية بمعناها الروحي العميق وأن جوهر الدين هو الحرية ولهذا فغالباً ما نجد هؤلاء الناس يلجئون إلى الدين لحل مشكلتهم ، إذا قيض لهم أن يجدوا حلاً ...
من هنا أكتشف العلماء والمختصين والفلاسفة بأن هناك الكثير من الأمور التي يحاولون من خلالها تمييز هذا النوع من الناس ليكتشفوا أنها توحي بالغرابة واللا حقيقية ، فنحن نقرأ عن الكثير من الشعراء والكتاب أو لنقل العشاق يبعثون بمرسال إلى من عشيقاتهم كمقولة ذكرها أحدهم لحبيبته يقول فيها " أني أشعر وكأني ميت منذ زمن ، وأنني إنما أعيش الآن حياة ما بعد الموت " هذا هو معنى اللا حقيقية الذي يمكن أن يبرق في سماء شديدة الصفاء إلا أن الأعصاب القوية والصحة الجيدة تجعلان ذلك أمراً غير ممكن ، غير أن ذلك قد يكون لان هذا الشخص الذي يتمتع بصحة جيدة يفكر بالأشياء الأخرى دون أن ينظر في الاتجاه الذي يكمن فيه الشك ،لأن من ينظر في هذا الاتجاه لا يستطيع أن يرى العالم كما يراه عليه من قبل الاستقامة ، كما أن حالة هذا النوع من الناس يشعر بأنه الوحيد الذي يعلم كل شيء في حضارة لا تعلم بأن الطبيعة الإنسانية هي المريضة وأنه الإنسان الذي يواجه الحقيقة المؤلمة ...
لا شك في فعل هذا الرجل أو ذاك من حالة كاغتصاب طفلة شيء ما وراء ذلك ، فهو يعيش حياته الاعتيادية بكافة الفروض التي تملاها من معنى وهدف وفائدة وهنالك تلك الإيحاءات أو بعبارة أخرى تلك الدوافع المقيتة التي تقلب أعماق حياته العادية ، فهم يسؤون استخدام أي كلمة تتفق مع المجتمع ..
ولكن كيف لنا أن نتعامل معهم ، حتماً أن التعامل مع هؤلاء يحتاج إلى دراية كبيرة ودراسة لوضعه ودوافعه ولكن يا ترى هل من المتوقع أو المستطاع أن تقوم هذه الأم بدراسة حالة الرجل الذي ستقترن به كي تحدد على ضوءها بأنه شخص طبيعي أو غير طبيعي ؟!! بالطبع ستكون الإجابة بلا إذ من غير الممكن احتواء جميع الشخصيات ومن غير الممكن اكتشاف حقيقة هؤلاء بهذه السرعة إذ أنهم يعيشون ازدواجية متناهية في الدقة والغرابة ، وهذا يجعلني أعود إلى مقولة ذُكرت سابقاً " أن الإنسان ليس حراً مطلقاً وأن من الحمق والسخافة بحيث لا يلاحظ ذلك " إذن نحن لسنا أحرار فالدين والعقائد والتقاليد والأعراف كفيلة بما يجري وقد تحمينا من حولنا ، أنا بصراحة أضع اللوم في مثل هذه الجريمة التي أرتكبها زوج الأم بالطفلتين ، على الأم فهي مشتركة بهذه الجريمة ، حيث أنها لو ربت أبناءها على العيب والحرام وأتبعت ما كان ينصحنا به الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم لما حدث ما حدث فقد كانت أحاديثه كنور تنير الدروب المظلمة من حيث التربية الأسرية في كل شي من ناحية الاحتشام وعزل الإناث عن الذكور عند النوم وغيرها الكثير من التعاليم التي تجعل لهم كصرح متين ضد أي تشويش ، كما لو أن هذه الأم كانت قريبة لأبنائها لكانوا قد تحدثوا بكل شيء لها ولكانت قد اتخذت بحق هذا الزوج أجراء ، لكن ماذا نقول لسذاجة بعض الأمهات وتهاونهم الأعمى ... التربية مسؤولية كبيرة والأبناء حمل ثقيل وليس من السهولة أن تحدث هذه الحوادث دون أن يكون هناك تمهيد وخلل ما ...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت
همسات ( 2009 / 6 / 2 - 00:32 )
مقال رائع كصاحبته


2 - الامنتمي والراسماليه
علي النقاش ( 2009 / 6 / 2 - 02:44 )
اطلعت على المقاله للسيده ابتهال وكانت تشكل جهدا مشكورا ولكني اضيف حتى لا تدغم الحقيقه ... ان الامنتمي بالضروره وكما طرحه الروائي كولن ولسن واضافت اليه روايه الجحيم للكاتب هنري برابوس عضو الحزب الشيوعي الفرنسي فيي الستينات من القرن الماضي وتمثيله لشخصيه العامل الذي ينظر من فتحه في جدار غرفته الى الغرفه الاخرى في الفندق اللذي يقيم فيه لا يمثل التلصلص خلسه وانما كانت رمزيه .... وهي ان الطبقه المسحوقه والمعدمه من البشر ومثلها بهذا العامل تشاهد المجتمع من مكان ولكنها لا تاثر فيه نظرا لتهميشها في الحياه من قبل البرجوازيه وبالضروره فان الامنتمي في البلدان الراسماليه هو اشتراكي بطبعه يحاول الحصول على حقوقه لكي يكون ماثرا في الحياة اللتي اصبحت من حق البرجوازيه والارستقراطيه لا ان ينظر ويتاثر بجوارحه من دون ان يكون فاعلا في التغيير ولما اسلفت ان التعبير المجازي في هذه الحاله لم يكن مرضيا اومنحرفا بالضروره والمقارنه بالامنتمي في متن المقال لم يكن موفقا


3 - كلنا شركاء
عماد ( 2009 / 6 / 2 - 09:24 )
عندما لايمتلك الانسان الا التعاطف مع الضحايا فهر شريك فاعل في ما يرتكب بحق الطفوله...أنا ممن يتابع ما تكتبين وأجد بك أخت مشروعا ممتازا لباحثه في شؤون السلوكيات الاجتماعيه ولكن السؤال من يأخذ بيدك؟ ومن يسهل لك أمر تعميم طروحاتك في تصحيح وتقويم المسار الاجتماعي والتربي الخاطيء؟
أتمنى مخلصا على الاقل ومن اجل تعميم الفائده أن تنشري القالة في المواقع والنتديات التي تعنى بشؤون الاسرة والتربية لعلك تحقيق جزءا اكبر من غايتك الساميه وبورك مسعاك

اخر الافلام

.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس


.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم




.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن


.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات




.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب