الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل استراتيجية النضال الديمقراطي وافاق استراتيجية سياسية بديلة

التضامن من اجل بديل اشتراكي

2009 / 6 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


مقدمة
اذا كانت لانتخابات 7شتنبر2007 من اهمية سياسية فهي توقيعها لشهادة وفاة الاستراتيجية السياسية الاصلاحية لاحزاب المعارضة البرلمانية المنحدرة من الحركة الوطنية.
فقد انتهى المسلسل السياسي القائم منذ 1975 الى استسلام احزاب الحركة الوطنية. وبدل تكريس توافق سياسي متوازن بين الكتلة الحاكمة ممثلة في الملكية والاحزاب السياسية الوطنية ممثلة في المعارضة البرلمانية، انتهت المعارضة البرلمانية الى الاندماج في النظام السياسي بعد عقدين من التكييف والتطويع داخل المؤسسات.
لقد شكل التصويت على دستور 96 الممنوح، والمشاركة في حكومة "التناوب" لتنفيذ السياسات الليبرالية وتشكيل غطاء سياسي لتمرير المخططات الامبريالية منعطفا تاريخيا في المسارالسياسي لليسار الاصلاحي التقليدي.
ليست نتائج انتخابات 7 شتنبر بالنسبة لحزب الاتحاد الاشتراكي وتحالف اليسار الديمقراطي مجرد كبوة او تعثر ظرفي بل هو مؤشر على تفكك المعارضة السياسية الديمقراطية بصرف النظر عن طبيعتها المتخادلة وتكتيها السياسي الاستسلامي امام الحكم.
علينا اذن الدهاب الى ابعد من قراءة الارقام ومن الاستنتاجات الظرفية للبحث عن جذور ازمة المعارضة المؤسساتية واخفاقها في تحقيق اي من الاهداف السياسية التي كانت مبرر وجودها.
ان اعادة بناء قطب ديمقراطي تتوقف على اعادة تنظيم الحركة الديمقراطية والشعبية على قاعدة استراتيجية سياسية بديلة.

فشل استراتيجية النضال الديمقراطي
شكل "المسلسل الديمقراطي" التعبير السياسي عن انتصار الملكية في صراعها ضد الحركة الوطنية. وبدءا من سنة 1975 شرعت الملكية في "ماسسة" انتصارها وتكريسه دستوريا ومؤسساتيا، من خلال مسلسل سياسي يسمح باضفاء شرعية ديمقراطية على تحكم الملكية في السلطة السياسية، وباحتواء المعارضة السياسية ضمن حدود "هامش ديمقراطي".
على قاعدة هذا التوازن المختل، وتحت تاثير هزيمة التيار الراديكالي برز تيار سياسي "معتدل" يدعو الى "سياسة واقعية" تقوم على المشاركة في مؤسسات "المسلسل الديمقراطي" من اجل توسيع الهامش الديمقراطي ومراكمة اصلاحات سياسية تسمح بدمقرطة المؤسسات من الداخل وبتوازن السلط. ان الهدف السياسي لهذه الاستراتيجية كان بالنسبة للبعض هو اقامة نظام ديمقراطي تسود فيه الملكية دون ان تكون القوة السياسية الحاكمة، بينما كان بالنسبة للبعض هو تحسين شروط اقامة "تعاقد جديد" بين الملكية والحركة الوطنية ممثلة في المعارضة البرلمانية.
على قاعدة هذه الاستراتيجية السياسية، تعايشت اتجاهات وتناقضات الحركة الوطنية الديمقراطية.
لكن بعد 25 سنة تحولت "المشاركة في المؤسسات" الى اندماج فيها، وتحول "التوافق مع الملكية" الى تواطؤ معها، حيث ستتخلى "المعارضة الديمقراطية" عن كل شرط للمشاركة في الحكومة والبرلمان والقبول بكل شروط الملكية. ان التصويت الايجابي على الدستور الممنوح وقيادة حكومة "التناوب التوافقي" وتطبيق سياسات معادية لمصالح وحقوق الطبقات الشعبية شكلت مقدمات لانهيار و"مخزنة" احزاب "المعارضة التاريخية". كما تشكل المشاركة في حكومة القصر (2002) وحصيلة انتخابات 7 شتنبر 2007 والقبول بالمشاركة في الحكومة دون شروط وعلى قاعدة البرنامج السياسي للملك، معيارا تاريخيا على نهاية طور احزاب المعارضة البرلمانية كمعارضة ديمقراطية (ولو اصلاحية) ودخول طور تحولها الى احزاب مرتبطة عضويا بنظام الحكم.
هذه هي حصيلة استراتيجة النضال الديمقراطي، على الاقل كما طبقتها الحركة الوطنية الديمقراطية: بدل تطوير معارضة سياسية جماهيرية وتوسيع الهامش الديمقراطي ومراكمة اصلاحات اجتماعية وديمقراطية، قادت استراتيجية "الاصلاح من الداخل" الى منح شرعية سياسية لتعزيز الاستبداد بالسلطة وتوفيرغطاء سياسي يمنح الطبقات السائدة سلاح تكثيف هجومها الاقتصادي والاجتماعي وينزع من الطبقات الشعبية سلاحها السياسي لمقاومة هذا الهجوم.
فشل احياء جديد لاستراتيجية النضال الديمقراطي
صحيح ان الانتقال من انظمة حكم استبدادية ودكتاتورية يشكل خطوة هامة على طريق تحرر الشعوب من استغلال واضطهاد الطبقات السائدة، بل ان كل تقدم نحو تغيير ولو جزئي لنمط اشتغال نظام الحكم هو مكسب اذا كان ثمرة مبادرة شعبية من تحت. فالتغيير الجزئي من تحت تفوق قيمته ودلالته السياسية اكثر التنازلات والمساومات الفوقية جرأة. ان المسالة هنا ليست مع او ضد الاصلاحات، اصلاح ام ثورة؟ بل تتركز في سؤال: ما هو الطريق لانتزاع اصلاحات ديمقراطية واجتماعية لصالح الطبقات الشعبية؟ طريق المشاركة في المؤسسات ام طريق النضال الشعبي الجماهيري كمركز الثقل في استراتيجية سياسية تستهدف قطيعة انتقالية مع شكل اشتغال النظام السياسي والاجتماعي؟.
ان استراتيجية سياسية تتمحور حول المشاركة في البرلمان والحكومة تقود الى التكيف مع قواعد اللعبة والاندماج في المؤسسات حتى في البلدان "الديمقراطية" حيث تتوفر القاعدة المادية والسياسية لاستقرار توافق طبقي وتداول سلمي وديمقراطي على السلطة.
ان التحول الليبرالي للاحزاب الاشتراكية الديمقراطية ومازق ما تبقى من احزاب شيوعية يعكسان فشل استراتيجية الاصلاح من داخل وبواسطة المؤسسات، ومازق اعطاء نفس جديد لهده الاستراتيجية في ظل الثورة الليبرالية المضادة للديمقراطية.
اما في المغرب حيث تهيمن الملكية على كل السلطات وتتحكم في كل تفاصيل اللعبةالسياسية، فان فشل هذه الاستراتيجة السياسية ومازق تجديد نفسها، يتجسدان في مشهد عبثي. هذا المشهد هو ما يسعى تحالف اليسار الديمقراطي الى "عقلنته". لكن كيف؟
ان الفكرة الجوهرية في منظور تيارات اليسار الديمقراطي لتصحيح استراتجية النضال الديمقراطي تتمثل في توفير شروط "تعاقد سياسي جديد" بين الملكية والحركة الديمقراطية، واعتبار الانتقال الديمقراطي هو ثمرة عمل مشترك، وان بشكل غير مباشر، بين الملكية التي من مصلحتها تحديث اليات ونمط اشتغال نظامها السياسي، وبين حركة ديمقراطية من مصلحتها الارتكاز على الدور المركزي للملكية في النظام السياسي لمواجهة مخاطر الارتداد الى الخلف.
لهذا تشكل المشاركة في المؤسسات روح الخط السياسي لتيارات اليسار الديمقراطي.
يكفي تعزيزالحركة الديمقراطية لموقعها الحركة في المؤسسات، من خلال مضاعفة عدد مقاعدها في البرلمان من اجل كسب الملكية الى صف القوى التقدمية في الصراع ضد القوى المعادية للديمقراطية متمثلة في "القوى الرجعية" و"المخزن الاقتصادي والسياسي". هذه هي الاطروحة التي ترتكز عليها احزاب اليسار الديمقراطي لتحريرالمضطهدين في المغرب من جبروت الاستبداد المزمن. ان الملكية في هذه الاستراتيجية السياسية هو القوة المحركة للانتقال الديمقراطي، اما وظيفة القوى الديمقراطية فهي توفير شروط نجاح الانتقال الديمقراطي، وعلينا ان نتصور ماهي الشروط المطلوبة لمساعدة الملكية على قيادة الانتقال الديمقراطي.
لا يختلف اليسار الديمقراطي الاصلاحي في العمق عن اليسار التقليدي فهو لا يقدم اية عناصر لاستراتيجية سياسية بديلة عن استراتيجية النضال الديمقراطي المفلسة. واذا ما تركنا جانبا التبريرات السياسية والايديولوجية (خطر السلفية، موازين القوى، وجود قوى متنورة في هرم السلطة....) فان الهدف غير المعلن لهذه الاحزاب يبقى هو ملء الفراغ السياسي الذي احدته التحول الليبرالي لليسار التقليدي.
استراتيجية انتقالية
ان استراتيجية ثورية تهدف الى قطيعة جذرية مع النظام السياسي يمكن ان تمر عبر قطيعة ديمقراطية انتقالية، قطيعة تسمح في كل مرحلة باعادة بناء الحركة الجماهيرية وتعزيز قواها كداث مركزية ومستقلة.
يمكن تسريع هذه السيرورة بشكل منهجي، لكن لا يمكن حرق مراحلها. لا يعني هذا السقوط في "الاستراتيجية المراحلية" بل التاكيد على ان كل قطيعة ديمقراطية تشكل عاملا اساسيا لتطوير النضال الثوري على مستوى جماهيري، ورافعة لتغيير موازين القوى في الشروط الراهنة.
علينا ان لا ننسى ان قطيعة ديمقراطية من تحت، تفترض تعبئة شعبية واسعة ومواجهة مباشرة مع الطبقات السائدة.
كما ان الانتقال من وضع دفاعي الى وضع هجوم مضاد ليس مسالة الية او نتيجة حتمية لتطور موضوعي وخطي للصراع الطبقي، بالنظر الى عمق ازمة العامل الذاتي (بالمعنى الواسع للكلمة) من جهة، وبالنظر الى عمق التحديات التي تعترض اعادة بناء البديل الاشتراكي واعادة تشكيل حركة عمالية وشعبية مستقلة.
لهذا يكتسي فهم دقيق لطبيعة كل مرحلة وادراك خصوصياتها اهمية حاسمة من اجل تحديد خط سياسي ملموس.
ان المسالة التكتيكية المطروحة علينا في المرحلة الراهنة تتلخص في هدف عزل النظام سياسيا عن طريق سياسة ديمقراطية هجومية.
عزل النظام في افق تغييره
يمكن ان يكون الهدف المباشر هو عزل النظام سياسيا، باعتماد تكتيك هجوم ديمقراطي يستهدف الحاق هزائم جزئية بالعدو، تسمح بتحسين شروط النضال وشروط اعادة بناء قوة شعبية مستقلة، وتعزيز شرعية وانغراس مطلب التغيير الجذري للنظام.
ان مجرد استعادة الثقة في النضال من اجل هذا الهدف على مستوى شعبي سيشكل قفزة نوعية في ظل المناخ السياسي والاجتماعي الحالي.
لكن هذا لا يعني حصر المعركة في هذا الهدف في حد ذاته، بقدر ما يعني، ربط الاهداف البعيدة بالتحليل الملموس لحدود وافاق تطور الحركة النضالية في كل مرحلة.
برنامج استعجالي اجتماعي وديمقراطي
يجب ان تستهدف معركتنا السياسية في هذه المرحلة انتزاع اقصى حد من الاصلاحات الاجتماعية والديمقراطية، وخوض تعبئة شعبية واسعة للتعريف بالتدابير والاجراءات الضرورية لاحدات قطيعة مع السياسيات اللاشعبية واللاديمقراطية، اخدا بعين الاعتبار مستوى الوعي والكفاحية لدى الجماهير.
ومن جهة اخرى العمل على توضيح خط نضالي يسمح باعادة تنظيم نشاط الجماهير بشكل مستقل وتحفيز التنظيم الداتي للحركة الجماهيرية واقحام قطاعات اجتماعية جديدة في المعركة. وخلال كل مرحلة يجب وضع اهداف دقيقة حسب موازين القوى.
حكومة في خدمة الشعب
يمكن لشعارحكومة شعبية منتخبة بشكل ديمقراطي ومستقلة عن المخزن ان يعبر عن تدمر الشعب من الحكومات المخزنية المتعاقبة. خاصة وان الانتخابات الاخيرة لا تمنح الحكومة المخزنية اية شرعية سياسية ولو شكلية. ليس فقط لانها كسابقاتها غير منبثقة من الارادة الحرة للاغلبية الشعبية، بل ايضا لانها منبثقة عن انتخابات قاطعها اكثر %70 من الشعب.
صحيح ان هذا الشعار لا يعني تغيير النظام، لكنه يسمح بطرح هذه الامكانية في قلب النضال الجماهيري. فالجماهير حين ستصطدم بالسياسات اللاشعبية للحكومة ستدرك ان هذه الحكومة مفروضة ضد ارادة الاغلبية الشعبية من اجل تطبيق سياسات معادية لمصالحها.
------------------------------------------------------------------------------------------
زروا موقعنا: http://www.tadamone.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي باشتباكات في جباليا | #


.. خيارات أميركا بعد حرب غزة.. قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ




.. محاكمة ترامب تدخل مرحلةً جديدة.. هل تؤثر هذه المحاكمة على حم


.. إسرائيل تدرس مقترحا أميركيا بنقل السلطة في غزة من حماس |#غر




.. لحظة قصف إسرائيلي استهدف مخيم جنين