الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاشتراكية وقضية الصحراء المغربية //لخلط بين مفهوم الدولة الوطنية والتحرر الاقتصادي

بلكميمي محمد

2009 / 6 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


2+ - الخلط بين مفهوم الدولة الوطنية والتحرر الاقتصادي :
" ان النظام المغربي نظام تبعي للامبريالية ، ولذلك فان استرجاع الصحراء في ظل هذا النظام لايعني تحررها من التبعية للراسمال الامبريالي ". هذا هو المنطق الذي يفكر به اصحاب تقرير المصير للصحراء .
لكن ما علاقة الشروط الاقتصادية للتحرر الوطني ، المعروفة منذ زمن طويل والتي لايمكن انكارها ، بالمسالة السياسية التي نحن بصدد مناقشتها والمتعلقة بالتحرر السياسي من الاضطهاد الامبريالي ، المتمثل في بتر اطراف ترابية من الدولة المغربية ؟ ! .
ان المسالة المطروحة ليست مسالة تحرر اقتصادي للصحراء ، بل مسالة حق سياسي للمغرب في رسم حدود ديمقراطية لدولته الوطنية ، وهي الحدود التي لاتعني في الجوهر سوى الاستقلال السياسي ، أي حقها في المساواة في الوجود السياسي مع باقي دول العالم ، وحقها في السيادة السياسية على مجموع ترابها الوطني .
ان هذا الكلام يقودنا الى مناقشة مفهوم الدولة الوطنية بشيء من التفصيل .
ما معنى الدولة الوطنية ؟ في أي اطار يمكن تصنيف دول مثل المغرب والسعودية والارجنتين وكوريا الجنوبية ؟ هل هي دول وطنية ام لا ؟ .
ان نفس هذا السؤال قد طرح في السنوات العشر الاولى من القرن 20 ، داخل الاحزاب الاشتراكية الماركسية الاوربية ، واثار جدالا حادا بين قادة تلك الاحزاب وعلى راسهم كاوتسكي وروزا لكسمبورك ولينين .
لقد اثير هذا النقاش عندما نشر كاوتسكي سنة 1909 دراسة عنوانها " الاممية والمسالة الوطنية " ، حيث اطلق فيها مفهوم الولة الوطنية على الدول الاوربية الخاضعة للامبريالية والتي كان ابرزها رومانيا واليونان ودول بلقانية اخرى .
ان روزا لكسمبورك كانت اول المنتقدين لاطروحات كاوتسكي ، ولقد تصدت بعنف شديد لمفهوم الدولة الوطنية الذي استعمله كاوتسكي بالنسبة للدول التابعة للامبريالية ، وقد عللت رايها ذالك بالحجة التالية : في عصر الامبريالية ، يستحيل على الدول الصغرى الخاضعة لهيمنة الراسمال الامبريالي ان تكون دولا وطنية . ثم عمدت الى تحليل اقتصادي مفصل للبرهنة على ان اقتصاد الدول الصغرى تابع تبعية تامة للراسمال الاحتكاري الامبريالي . وفي الختام عارضت مفهوم الدولة الوطنية بمفهوم " الدولة – الفريسة " .
ان لينين قد تدخل بدوره في هذا النقاش ، فماذا كان موقفه ؟ لقد اتفق مع كاوتسكي على المضمون الذي اعطاه لمفهوم الدولة الوطنية ، ثم اخضع انتقادات روزا لكسمبورك لذلك المفهوم لحملة قاسية من النقد اللاذع . فقد اعتبر انتقاداتها لكاوتسكي " مثيرة للسخرية " واعتبر اراءها " صبيانية " . فلقد قال :
« فنحن عندما نقرا هذا النوع من التحليل ، لايمكن لنا ان نفاجا بسبب عجز الكاتبة عن ادراك المسالة المحددة التي هي بالضبط مجال النقاش . ان تلقين كاوتسكي دروسا مثل : ان الدول الصغرى تابعة اقتصاديا للدول الكبرى ، وان الدول البورجوازية تتصارع فيما بينها من اجل سحق ونهب الامم الاخرى ، وان هناك امبريالية وهناك مستعمرات ..هو من قبيل الكلام الصبياني المثير للسخرية ، لان كل هذا الكلام لاعلاقة له البتة بالموضوع » . ( لينين – المؤلفات – المجلد 20 – الطبعة الفرنسية ص 421 ) .
ثم يضيف لينين قائلا :
" ليست الدول الصغرى وحدها ، بل ان روسيا نفسها تابعة بشكل تام ، من الناحية الاقتصادية ، الى الراسمال الامبريالي المالي للبلدان البورجوازية الغنية " . ( المصدر السابق ) .
ثم يقول :
" ان كل هذه الاشياء ، بطبيعة الحال ، يعرفها جيدا كاوتسكي وكل ماركسي اخر . الا ان هذه المسائل لاعلاقة لها ، بالمطلق ، بالدولة الوطنية ". ( نفس المصدر ).
ثم يختتم لينين قوله قائلا :
" انه لمن الخطا فهم عبارة الدولة الوطنية ، بمعنى اخر غير معنى الوجود كدولة متميزة " ( نفس المصدر ).
والخلاصة اذن ، هي ان الخطا الذي سقطت فيه روزا لكسمبورك ، والقائم على الخلط بين مفهوم الدولة الوطنية ( الذي لايتعدى السيادة السياسية الوطنية ) ، والتحرر الاقتصادي ، هو نفس الخطا الذي وقع فيه اليوم اصحاب تقرير المصير ، عندما لم يميزوا بين التحرير السياسي للصحراء وتحريرها الاقتصادي .
ان هذا التمييز بين العامل الاقتصادي والعامل السياسي في المسالة الوطنية ، واصبح مثلا في الطريقة التي تعامل بها الصينيون مؤخرا مع مسالة هونكونغ . فهم عندما ارادوا استرجاع هذه الجزيرة الى السيادة الوطنية ، لم يشترطوا على الامبريالية الانجليزية ضرورة تغيير النظام الاقتصادي للجزيرة ، أي تحويله الى نظام اشتراكي مشابه للنظام القائم في جمهورية الصين الشعبية ، بل لقد قادوا مفاوضاتهم مع الحكومة الانجليزية على قاعدة هذا المبدا : " بلد واحد ونظامان اقتصاديان اثنان " . وهذا معناه بكل بساطة ، ان الحكومة الاشتراكية الصينية قبلت ان تظل هونكونغ ، بعد عودتها الى السيادة الصينية ، تابعة للراسمال الامبريالي الانجليزي والراسمال الغربي بوجه عام . وهذا الموقف سديد تماما لانه يلتقي مع المفهوم اللينيني للدولة الوطنية الذي لايربط وجودها بالتحرر الاقتصادي ، ففي مثل هذه الحالات ، ان حل المسالة الوطنية يعتبر مقدمة ضرورية من اجل انضاج شروط حل المسالة الاجتماعية ( التحرر الاقتصادي ) .
واذا رجعنا الى تاريخ حركات التحرر الوطني ، فاننا نجد نموذجين من ذلك التحرر : النموذج الذي تحقق فيه في نفس الوقت ، التحرر الوطني ( الاستقلال السياسي عن الدولة الكولونيالية ) والتحرر الاقتصادي ( التحرر من الاستغلال الراسمالي الامبريالي والمحلي ) . وهذا النموذج قد قادته احزاب اشتراكية بروليتارية في اطار جبهة وطنية ديمقراطية .
اما النموذج الثاني : ومنه المغرب ، فهو لم يحقق سوى التحرر الوطني ( جزئيا بالنسبة للحالة المغربية ) . ولقد كانت القيادة الطبقية لهذا النموذج ، تحت سيطرة البورجوازية .
الخلاصة التي اراد عبد السلام المؤذن ان ينتهي اليها من كل ماسبق ، هي ان الدولة المغربية الحالية ، رغم ان الطبقة السائدة فيها هي البورجوازية الكبرى ، ورغم ان هذه الطبقة خاضعة اقتصاديا للامبريالية ، الا انه مع ذلك ، فان تلك الدولة دولة وطنية لان لها وجود سياسي متميز عن الدولة الامبريالية التي تستغلها اقتصاديا .


في الحلقة المقبلة سنرى مبدا تقرير المصير ليس مطلقا كما جاء في المقالة .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل