الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امراه وخليجيه : يضع سره في اضعف خلقه

عبد العزيز حسين الصاوي

2009 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


منذ حوالي عقد من الزمان أعيد في تونس فتح جامعة الزيتونة العريقه بمنهاج جديد يركز علي تقديم المادة الدينيه من مصادر حركة الاصلاح الديني الاسلامي اواخر القرن التاسع عشر وليس المصنفات الباليه القادمه من عصور الانحطاط، وهي الحركة التي برزت فيها اسماء مشرقية مثل الشيخ محمد عبده ومعاصره التونسي الشيخ بو حاجب. الاخير يعتبره البعض صاحب سبق متميز في مجال الاصلاح التعليمي حيث ركز علي اهمية تدريس العلوم الطبيعيه في الطب والهنـدسة والزراعه والتقانه مقابل التركيز علي اصلاح التعليم الديني لدي عبده. لعل في هذه المقارنه المغاربية المصدر شيئا من أثر المنافسه المشرقية – المغربيه المعروفة في المجال الفكري والفلسفي إذ يروج أن العقلية المغربيه أميل للعقلانيه من المشرقيه، ولكن المهم علي كل حال هو الاعلاء من شأن تقديم المادة الدينية الي التلاميذ والطلاب من مصادر غير تقليديه. وقبل اسبوعين تقريبا تسلطت الاضواء علي شخصية عربيه ذات صلة بموضوع اصلاح التعليم موقعها في الطرف الاخر بمعنيين الاول جغرافي بمعني انها خليجيه والثاني بمعني انها تتعلق
بمؤسسات التعليم الحديثه، ولكن لاسباب لاعلاقة لها بهذا الموضوع وذلك اثر مقال كتبه رئيس
تحرير جريدة الجمهورية المصريه تعرض فيه للشخصية المعنيه وهي الشيخه موزه المسند زوجة
امير قطر. اسوأ مافي المقال الذي يصف قطربأنها ليست دوله وانما " مشيخه تتلخص في موزه
المسند وقناة الجزيره" ، انه هجومي وتعريضي وليس نقديا ما يجعله عديم القيمه كوجهة نظر.
لاقطر ولا السيده موزه المسند فوق النقد بطبيعة الحال وكاتب هذا المقال يجد في اصطفاف قطر
،الوثيقة الصلة بالغرب، مؤخرا مع زعماء ايران وسوريا وحماس مايثير الاستغراب والريبة،
ولكن السيده موزه تستحق كل الاعجاب والتشجيع لدورها القيادي وتحديدا في ابرز النواحي التي
يتناولها المقال بالهجوم عندما يقول ساخرا انها " وهبت نفسها وأموالها لقضية نشر
الديموقراطية في الدول النامية وترسيخ مبادئ حرية الصحافة والإعلام " بينما تمتنع السياسات
القطريه علي النقد في فضائية الجزيره والاعلام القطري الداخلي. رغم صحة مايورده المقال
هنا، فأن التزام الشيخه موزه بالتنمية الديموقراطيه امر لاشك فيه. ففي تقدير هذا المقال ان الاهم
في هذا الصدد ليس اقامتها لمشاريع معينه مثل " المؤسسة العربية للديموقراطيه " التي شارك
السيد الصادق المهدي في احد مؤتمراتها وغيره، وانما مساهمة هذه السيده في مجهودات إيقاظ
العقل العربي من سبات القرون بتأسيس منظومة تعليميه تقوم علي تدريب التلميذ والطالب علي
استخدامه بحريه مسئوله. فمعضلة الديموقراطيه العربيه ،كما علمتنا التجربة السودانيه، ليست في
عدم وجود مؤسساتها الرسميه وغير الرسميه فقط وانما الاكثر اهميه هو خوائها عندما توجد
لانعدام الانسان الذي يعتبر الديموقراطيه حقا من حقوقه الطبيعيه فلا يقبل لها بديلا مهما كانت
عيوبها مما لايسمح بنمو العقليه والتصرفات الانقلابيه الاستبداديه. وفي ظروفنا التاريخية المختلفة
جذريا عن الظروف الاوروربيه حيث كان الاصلاح الديني اقوي المعابر نحو الديموقراطيه، فأن
النظام التعليمي المفتوح الافاق هو المصدر الاهم لايجاد مثل هذا الانسان وبالتالي اقوي المعابر
نحو الديموقراطيه ومن ثم تهيئة الشرط اللازم لانتاج فهم متطور للدين الاسلامي.
السيده موزه هي نائبة رئيس المجلس الاعلي للتعليم في قطر الذي ينفذ مشروعا بعنوان " التعليم لمرحلة جديده " يقوم علي : " تعليم المهارات الأساسية في البحث وحل المشكلات. الأمر الذي يدعم وينمي مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدي الطلبة، ويساهم في إعدادهم الأمثل لولوج سوق العمل بقوة في ظل اقتصاد دولي عالي المنافسة ". من قاعدة النظام التعليمي الي قمته نجد نماذج لجدية الالتزام بهذا الهدف كما ترد في النشرة الدورية للمجلس. فالأعلان عن التسجيل للتدريب لوظيفة المعلمه المساعده ( لاحظ المساعده فما بالك بالمعلمه ) يحدد هدف برنامج التدريب ب : " التطوير المستمر لأداء المعلمين بالمدارس المستقلة، وتحسين قدراتهم وكفاءتهم المهنية، واطلاعهم باستمرار على أحدث النظريات والممارسات التربوية " خلال عام ويشترط علي المتدربه بعد ذلك قضاء فترة ثلاث سنوات كمعلمة مساعده في رياض الاطفال. والمدارس المستقله، اساس المشروع، تجربة تطوير نوعي للتعليم فهي مؤسسات تعليمية وتربويه تصرف عليها الدوله ولكنها تتمتع بقدر من الاستقلاليه فيما يتعلق بفلسفة التعليم وطرق التدريس في نطاق المناهج العامه للغتين العربية والانجليزيه والرياضيات والعلوم وتسترشد باراء الاباء/ الامهات في خططها متحملة مسئولية النجاح والفشل وفق المعايير المطبقه امام هيئة مختصة بتقييم التعليم. وفي الحد الاعلي الجامعي من المنظومة التعليميه القطريه تنفتح سياسة البعوث، وهي مدفوعة التكاليف من قبل الدوله كما هو حال التعليم من الحضانه وحتي الجامعه، علي أرقي الجامعات الاجنبيه من اليابان وكوريا الجنوبيه وحتي استراليا واوروبا وامريكا. كما تستورد قطر احدث الخبرات التعليمية الي المجال المحلي بأقامة فروع لجامعات هذه البلدان في منطقة مهيأة لذلك من حيث المباني وكافة التجهيزات اسمها " المدينة الجامعيه" مساحتها 800 كيلو متر مربع، اخرها اتفاقية تعاون مع جامعتي امبريال كوليدج واكسفورد البريطانيتين، وذلك في ظل توجه عام لا ينقل : " بصورة حرفية نظاما تعليميا معينا، قد يكون مصمما لتلبية متطلبات دولة أخرى خارج قطر، ثم يقوم بفرض تطبيقه داخل البلاد دون أن ُيقوّم تقويما حقيقيا( وانما يستمد ... ) من البرامج والسياسات و الخبرات الايجابية التي تحققت في النظم التعليمية العالمية التي أعيد تصميمها لتلائم القيم والاحتياجات القطرية المحلية”. هذه هي السياسات التي تقودها السيده موزه المسند وتستحق صفة " ثورة التعليم " ، هذا النعت المستخدم عندنا لوصف نقيضها التام والكامل. فهذا لم يكتف بأعادة كافة الطلبة الدارسين في الخارج وانما حشرهم حشرا مع الدارسين في الداخل في ( جامعات ) يعز في معظمها الساحق الكتاب الاكاديمي والمعمل كما الاستاذ المؤهل وحتي المبني المناسب، فيصبح التلقين والحفظ ، اي إلغاء العقل، هو سيد الموقف لاسيما وان ذلك يشمل حشو المناهج بالمادة الدينية من سن التاسعه بمقرر للفقه والعقيده وحفظ القران وحتي الجامعه حيث مقرر " الدراسات الاسلاميه" المفروض علي الجميع حتي طلبة الطب والهندسه شاملا فصلا حول فريضة الجهاد، في الجنوب.
عندما صدر كتاب بعنوان " الخليج ليس نفطا" للاكاديمي والمفكر الكويتي محمد الرميحي اوائل الثمانينيات بدا عنوانه لاول وهله احتجاجا خليجيا تجاه نظرة عربية دونيه تتعامل مع هذه المنطقه بأعتبارها منبع ثروة مهدرة في الاستهلاكيات ليس إلا ولكن الكتاب كان في الواقع دراسة في العلاقه بين النفط والتنميه، أي بالعكس الاستغلال الامثل والمنتج لهذه الثروه. ومن المؤسف ان نظرة بعضٍ كثيرٍ من الاوساط العربية بما فيها النخبوية للخليج لاتزال برهانا علي مايستحق الاحتجاج من قِبل اهله وهي الناحية التي لعب عليها مقال رئيس تحرير الصحيفة المصريه لاثارة القارئ ضد قطر والسيده موزه المسند. حتي عندما تعدلت النظرة العربية للخليج بعد ان اصبح ملاذا لمئات الالاف من العرب الهاربين من تدهور الاوضاع الاقتصادية في بلادهم وجور حكامها بقي كثير منهم مثبتي الانظار علي السلبيات القديمه فقط، بعثرة الثروه وطبيعة علاقات الانظمه الخليجيه السياسيه مع أمريكا، او في احسن الاحوال مستهينيين بالتقدم الحقيقي الذي يتحقق فيه. ولعل اكثر قطاعات هذه النخب حاجة لمتابعة مايحدث علي الجبهة التعليمية في قطر متابعة ايجابيه هي تلك التي استثمرت جهودا وتضحيات طائلة في بناء نماذج تنموية تحريرية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فخلال العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي سادت نماذج التنمية الاشتراكيه للمجتمعات العربية والعالمثالثيه ولكن الحصيلة النهائية كانت عكسية فيما يتعلق بالتنمية البشريه إذ ساهمت في عملية طمس العقول وارادة الانسان التي ابتدرتها الانظمة التقليدية وجاءت هذه النماذج بديلا لها وذلك لانها قامت علي معادلة سلب حرية الفرد مقابل تخليصه من تلك الانظمه وعلاقاتها بالغرب الاستعماري. لقد ولدت هذه النماذج الطليعية والرائده في زمنها، لان النخب كانت علي استعداد للاصغاء الي والتمعن في التجارب الجديده وعليها الان ان تتعلم كيف تتعلم من مشروع تقوده إمرأة والي ذلك إمراة خليجيه. بهاتين الصفتين الشيخه موزه المسند تنتمي الي فئة أضعف الخلق بمقاييس الماضي الميت ولكن المثل يقول : " يضع سره في اضعف خلقه










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد