الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفولة في العراق عمر مستقطع

كوهر يوحنان عوديش

2009 / 6 / 3
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟


قبل ان ندخل في أي نقاش او نسطر أي كلمة بخصوص الطفولة ومآسيها في بلدنا ( العراق ) علينا ان نسأل انفسنا سؤالاً جريئاً يختصر كل المواضيع وكل النقاشات وبنفس الوقت يجيب على كل الاسئلة التي تخص الطفولة، وهو:- هل هناك طفولة في العراق؟، والجواب هو لا عموماً ونعم نسبياً، ومع ان فترات نمو الانسان واحدة في العالم كله ولا يجوز اعطائها نسبة، فالطفل طفل والشاب شاب وكذا بالنسبة للعجوز، لكن الوضع بالنسبة للعراق مختلف عن بقية الدول والمجتمعات كما هو حال سياستنا المتقلبة واموالنا المنقولة من جيب الى جيب، فالطفل العراقي عاش حياة قاسية في العقود الثلاثة الاخيرة وخصوصاً السنوات الستة الاخيرة، فمنذ بداية الثمانينات مع نشوب الحرب العراقية الايرانية والى يومنا هذا لم يعش الطفل العراقي طفولته بل ولد عجوزاً حفرت وجهه السنين واعيت اعينه الدموع والاحزان، فعاش اليتم اولاً والحرمان ثانياً والتشرد ثالثاً والعذاب رابعاً، فاما نراه يتيم الاب، الذي استشهد او قتل غدرا او اختطف واختفى او اخترقته شظية عمياء من احدى المتفجرات او المفخخات التي يشتهر بها العراق الجديد، او يتيم الام او كلاهما وقليل من هؤلاء يكون محظوظاً فتشمله رعاية احد الاقارب والبقية تتشرد لتنبش القمامة وتتوسد الارصفة وبذلك تكون فريسة سهلة للمتاجرين بالاعضاء البشرية وغيرهم من تجار الرقيق الابيض.
تشرد الطفل العراقي بسبب اراء ومواقف عائلته السياسية فكان ضحية التقلبات السياسية في البلد وكثيرا ما دفع ثمن ذلك حياته، فلا احد منا ينسى ما عانته عوائل المعارضين كباراً وصغاراً ابان النظام الاسبق والوضع مستمر على هذا النحو اذا لم يكن بأسوأ، فكل الطرق والاساليب التي مورست قديماً لا زال معمولاً بها، والاطفال المشردين في دول الجوار حالهم حال الفقراء في الوطن ( اما بائعي حلويات وسجائر او ماسحي احذية او بائعي ماء او يمدون اياديهم في تقاطعات الطرق يستعطون المارة والسواق ) الذين عليهم الاجتهاد والكدح والعمل حتى الاغماء لمساعدة عوائلهم في تدبير لقمة خبز شريفة مضحين بمستقبلهم العلمي محرومين من طفولتهم ولذتها.
اضافة الى اليتم والحرمان والتشرد عانى ويعاني اطفال العراق من امراض خطيرة وحالات عوق ولادية معقدة ونادرة نتيجة سوء التغذية ايام الحصار الظالم والاف الاطنان من القنابل والبارود التي انعمت بها علينا امريكا وحلفائها في حروبها وهجماتها الصاروخية ضد العراق من عام 1991 لغاية الاطاحة بالنظام السابق عام 2003 بحجة تحرير الكويت مرة وتدمير اسلحة العراق مرة ثانية وتحرير العراق مرة ثالثة ومحاربة الدكتاتورية مرة رابعة وارساء العدالة والديمقراطية مرة خامسة، وكانت نتيجتها ملايين الاطفال من المشردين واليتامى والاميين والاف المرضى والمعوقين، اما فضائح التعذيب والاغتصاب التي حدثت في معتقلات خاصة بالاطفال واليافعين لدى وزارة الداخلية في زمن الاحتلال، زمن العدالة والحرية والمساواة، التي هزت مشاعر الانسانية ليس في العراق وحده بل في العالم اجمع فهي ان دلت على شيء فانما تدل على الخطط المدروسة والمعدة مسبقاً لتدمير مستقبل العراق كون اطفال اليوم مستقبل البلد الاتي، فاذا جرد البلد من حاضره ونواة مستقبله أي غد هذا الذي ينتظره؟
تدل كل البحوث والدراسات الحديثة على ان مرحلة الطفولة هي المرحلة الاهم في حياة الانسان، واذا كان الانسان قد نشأ وامضى طفولته في بيئة لا انسانية مجردة من المشاعر والاحاسيس منبوذاً ومحتقراً ومستغلاً ومحروماً ليس من الالعاب والطمأنينة والعطف الابوي فقط بل من لقمة خبز نظيفة تسد رمقه، فأي تصرف عقلاني او عمل خيري او كلام مؤدب ينتظر من مثل هذا الشخص؟ اليس اساس الجريمة وجود طفولة تعيسة وغير سعيدة؟ اضافة الى كل هذا التعاليم والمنهج التربوي الخاطيء الذي يعتمد عليه لتعليم وتثقيف الاطفال، ليس في العراق فحسب بل في الشرق الاوسط عامة، حيث تكدس اطنان من الحقد والكراهية والتعاليم السوداء مكان البراءة والافكار البيضاء والاحلام الوردية التي يحملها الطفل ويأمل بتحقيقها يوماً، فأي مستقبل نأمله من شباب تربوا على الحقد والانتقام؟
في يوم الطفل العالمي وبدلا من الاحتفالات التقليدية وتوزيع الهدايا على اطفال المسؤولين على الحكومة العراقية المنتخبة ان تفكر بجدية بمستقبل الاطفال الذي هو مستقبل بلدنا، فالنظام القائم على الافكار والممارسات الدينية والطائفية لن يستقيم يوماً الا اذا اجتهد القائمين على السلطة في نبذ التعاليم والممارسات الخاطئة وتقديس الطفولة واعطائها حقها المشروع لبناء مجتمع انساني ينبذ الاجرام ولا يعترف بالانتماءات القومية والدينية والسياسية وهذا لن يحدث الا بمعاقبة المتاجرين بالاطفال مستغلين ضعفهم واحتياجهم اولا، اما ثانياً رعاية الايتام وذوي الاحتياجات الخاصة وتمويل دورهم مع مراقبة دورية لكشف المواهب الدفينة لهؤلاء الاطفال ومعاقبة المقصرين بادائهم من المدراء والمشرفين وكشف المواهب، وثالثاً تغيير النظام التربوي والتعليمي وما يتلائم والفكر الانساني متجاهلا الاحقاد والمواريث الدينية والقومية والطائفية التي تزيدنا جهلاً وخرافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة