الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد خضير نخلة البصرة

توفيق الشيخ حسين

2009 / 6 / 3
الادب والفن




عندما يلتفت الشاعر العربي الى الوراء فانه يجد وراءه تراثا ضخما من اروع ما قالته الأمم من شعر .. وهذا التراث الضخم هو المسند الفكري والفني العظيم للشاعر في خطواته نحو الأضافة والتجديد ..



اما كاتب القصة فلا يجد شيئا غير الحكايات الشعبية المتداولة مثل (الف ليلة وليلة) وفن المقامة وكلها بعيدة عن القصة بمفهومها الحديث، ولهذا فأن القاص العربي يملك مسؤولية مجهدة من اجل ترسيخ القصة كلون ادبي له ابعاده ومعالمه في ادبنا العربي الحديث ..



ان القصة بشكل خاص بين كل الأنواع الأدبيةالأخرى، اذ حلت لدى الشعوب الحديثة محل الملحمة القديمة أو السيّر الشعبية ووقفت موقفا وسطا بينها وبين التأريخ لأحداث المجتمع وحركته، فأنها تقدم وسيلة ابداعية فذة لأستحضار اجماع الثقافة الروحية لشعب معين ونقدها بكل ما تحمله تلك الثقافة من مؤشرات التأريخ ...



ان انسان العصر الحديث قد ورث حياة مثقلة بالأحزان والهموم .. بالحب والعطف .. بالمسؤولية واللامبالاة في آن واحد .. وحضارتنا حضارة معقدة لا يسهل على المرء ان يحيا في كنفها دون ان يضع قدمه على نقطة ارتكاز ليحدد مكانه ويكتشف ذاته وذوات الأخرين ..

فالأنسان المعاصر مشدود الى ماضيه وهو في تطلعه الى القمة مرتبط ابدا بالسفح وهو في نضاله الطويل يشدّه المصير المجهول .. ومع كل التناقض الموجود في العالم لا بد من النضال والبحث فالطريق طويلة وشاقة والأنسانية ما زالت تسير بالرغم من كل شئ .. الحرب .. الجلادون .. الضعفاء .. عشاق الدعارة في الليل .. الشحاذون .. وربما يصدمنا الواقع بمرارته لكنه واقعنا على اية حال ولا بد من العيش فيه رغم القسوة والمرارة .. حيث يقول الناقد الأمريكي المعاصر "البرت كول":

(نحن نريد من القصة بادئ ذي بدء ان توضح واقعا كان خافيا علينا وهو ليس كواقع قصيدة يتشكل من ايقاعات وتماثلات وليس طقسا من طقوس الدراما أو واقع عواطف مجردة، ولكنه نسيج لمعنى خفي نراه في حياتنا اليومية، وأن علاقة القاص الخاصة بالواقع تلزمه بأن يسجل وأن يتحرى الصدق في تسجيله) .



ابرز الأتجاهات على القصة العراقية هو الأتجاه الواقعي لأنها تتحدث عن اناس يعيشون على الأرض وأكثر هؤلاء الناس من العامة الذين نلتقي بهم في الشارع والسوق والحقل والمصنع وتتناول قضايا المجتمع العراقي .. فالقصة العراقية تقدمت خطوات مهمة وخاصة في خضم الويلات والأنكسارات فالزمن صعب زمن الأبداع الحقيقي .. من هنا دخل القاص العراقي محمد خضير هذا الميدان مؤمنا بأهمية الحداثة والتطور .



يشكل ادب القاص محمد خضير في رأي " د. علي عبد الأمير صالح " ظاهرة فريدة في الأدب العراقي المعاصرليس بسبب كون هذا الكاتب البصري واحدا من المع القصاصين العراقيين والعرب بل لأنه مجنون الأبجدية وصانع الحكايات أو مخترع الحكايات اذا استخدمنا تعبير " غابرييل غارسيا ماركيز " ..



ولأن محمد خضير رجل دؤوب وصموت في آن واحد، فقد عكف على القراءة والدراسة العميقة والبحث عن كل ما هو جديد وخارج المألوف .. واستطاعت اعماله السردية ان تتكامل في الأقناع بتجاوزها لمقولات الجنس الأدبي المحدد. وبتأهيل وبلورة شكل القصة القصيرة في الأتجاه الفني والفكري الحديث .. منفتحة على مختلف الأشكال التعبيرية ذات العلاقة بالنص السردي مثل الشعر والأسطورة والرواية واشكال الحكي التراثي والشعبي ..



ولد القاص محمد خضير في البصرة عام " 1942 " درس وتخرج من دار المعلمين في البصرة ..

يركز محمد خضير في نصوصه على دور المكان وعلى المغيب "من الناس والأماكن" ..

صدر له : المملكة السوداء 1972 .. في درجة 45 مئوية 1978 ... بصرياثا صورة مدينة 1993 ..

رؤيا خريف 1995 .. الحكاية الجديدة 1995 .. لم يكن محمد خضير معروفا على نطاق عربي الا بعد نشر قصة " الأرجوحة " في مجلة الأداب البيروتية وهي من قصص الحرب المكتوبة بعد نكسة حزيران 1967

كما يقول محمد خضير: "عندما كتبت هذه القصة كنت في سن الخامسة والعشرين ووجدت حقيقة صعوبة في السيطرة على المشاعر الذاتية التي كانت تختمر في نفس شابة قليلة الخبرة في السياسة والحرب لكني كنت على وعي كافي بظروف كتابة القصة .. ومع ذلك كانت الموازنة صعبة بين الحدث الكبير وفن التعبير عن سخونته وأثره وصدمته " ..



القاص محمد خضير لم يغادر مدينته "البصرة " شأنه شأن زميله الراحل الشاعر محمود البريكان .. هو نخلة البصرة راسخة غزيرة الثمر الذي يتجدد عبر المواسم .. من شدة حبه للبصرة كما يقول عنه " ياسين النصير " نادرا ما كان يغادرها الى مدينة اخرى، لا بل انه آثر ان لا يرحل عن العراق نهائيا رغم الظروف القاسية التي مر بها .. فهو يؤمن ان من يخرب عشه في مكانه الشخصي يمكن ان يخربه في أي مكان يحل فيه ..



لذلك بقي يتابع ما يحدث لمدينة العراق الكبرى " البصرة " من ويلات وحروب وتدمير فرصد يوميات وكتابات غائرة في الواقعية الرمزية والتعبيرية ما يحدث لهذه المدينة من تحولات تدميرية مهلكة ضمنه نصه " بصرياثا "..



ان هموم القاص محمد خضير هي هموم نفسية تنجم عن التغير والتحول الأجتماعي .. لم تكن قراءة محمد خضيرللواقع العراقي ـ كما يشير الى ذلك الناقد الدكتور شجاع العاني ـ قراءة أفقية بل قراءة أفقية وعمودية معا ..

محمد خضير في رحلته الطويلة في رحاب مدينته يخرج في نهاية شهادته القصصية في كون القصة هي (رسالة مشفرة يرسلها مجهولون يكونون عقلا كونيا واحدا) ثم يعطي لنفسه أحقية الأنضمام الى هذا العقل في قوله (ولعلي واحد من هؤلاء اللامسمين المتزاحمين في مركز السرد أتفكر في الوجود في محيط الرؤيا حيث لا بقاءالا للتفكر والسرد في عالم بلا مركز) ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض