الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارى (صخب) ابنتي فاتذكر(بؤس) طفولتي

خالد الكساسبه

2009 / 6 / 5
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟


ارى (صخب) ابنتي فاتذكر(بؤس) طفولتي .

طفولة فقر وعوز،لا مصروف ولا ساندويشة للمدرسة ،مرة اعطتني امي قرشا فتشاركت مع فقير اخر لشراء ساندويشة بقرشين.

واتابع ابنتي المنتشية مع اصحابها فرحا في انتظار باص المدرسة ، فارى بنات (وادي موسى) يمشين كيلو مترات للبحث عن (علم).

في الطفولة ، كنت اكره (الدعايات) التي تقطع المساسلات ،لا لشىء الا انني لا استطيع شراء اي شىء من البضاعة المعروضة،ابنتي تنتظر (الاعلانات) لتسهل عليها عملية التسوق.

ابنتي تقتطع مبلغا من مصروفها لشراء الطعام والملابس ل (بوتشي) كلبها المدلل ، وانا كنت احرم نفسي المصروف لاوفر على ابي وامي .

ابنتي تمارس التزلج على (الجليد) ،وانا مارست في طفولتي التزلج على عربة عجال( البيليا).

ابنتي تسبح منذ كان عمرها ثلاث سنوات وانا وقد شارفت على الاربعين ولا زلت اغرق في (شبر ماء).

ابنتي قضت في المطارات والطائرات تستمتع ب(السفر) مدة تعادل ما قضيته في مواقف السرفيس والباصات استمتع ب ( الطفر).

ابنتي تكتب اغاني ب (الانجليزية) مليئة بالحب والفرح والصخب وانا اكتب ب (العربية )عن شعب مقهور وعن فقراء يغادرون منازلهم من اجل (لقمة العيش) واطفالهم نيام ويعودون اليها واطفالهم نيام.

ابنتي تقضي وقتها في (ارسال) رسائل قصيرة لاصدقائها وانا امضيت طفولتي (مراسلا )اما لشراء علبة سجاير لوالدي او كيلو سكر لامي ، واول مرة امسكت فيها الخلوي كان عمري سبعة وعشرين عاما.

ابنتي تجلس على حاسوبها المحمول الذي بحجم كتاب وانا اول مرة رايت الحاسوب في حياتي عندما دخلت الجامعة ، كان بحجم نصف غرفة.

ابنتي تمارس كرة القدم على ستاد يضاهي الملاعب الاولمبية وانا مارست كرة القدم على ملعب صخري مائل خطوط التماس فيه من الحجارة، ذات مرة حاولت ركل الكرة فركلت حجارة التماس،جلست حبيس الجبص لمدة شهر.

تجلس ابنتي تقلب بين مئات القنوات التلفزيونية وتشاهد (هانا مونتانا) و(سيلينا غوميز) وانا امضيت طفولتي اشاهد (راس غليص) النسخة الاولى على تلفزيون ابيض واسود ،يبدا ارساله مع حلول الظلام ويتوقف بعد نشرة اخبار الحادية عشرة.

ابنتي اشتكت لي ذات مرة ان معلمتها في المدرسة كانت قاسية عليها، لم تقل لها صباح الخير في ذلك اليوم ، ذات طفولة مدحت معلمي لابي:"اليوم المعلم لم يضربنا ، لقد شتمنا فقط".

ابنتي امتلكت اول دراجة هوائية من (المول) بعمر خمس سنوات، وانا اشتريت اول دراجة من (سقف السيل) بدينار،كانت بغرض العمل لا المتعة، كنت اؤجرها لرفاق الحي.

طفلتي واصدقائها يحتلون نصف المنزل وكل الحديقة الخلفية بالعابها واجهزتها الالكترونية وانا كنت اتشارك ابي وامي واخوتي الخمسة غرفة واحدة.

طفلتي تملك حماما خاصا و(جاكوزي) وانا امتلكت حماما سقفه من (الزينكو)، كان خارج المنزل.

طفلتي ترتدي (جزما) للشتاء مصنوعة من جلد ( الماعز) تمنحك الدفء والراحة،اما انا كنت ارتدي (جزمة بلاستيكية) سوداء تملؤني بردا وصقيع.

تنتشي ابنتي بعيد الاستقلال باطلاق العاب نارية زاهية الالوان، وانا كنت احتفل بعيد الاستقلال بحرق اطارات ( الكاوشوك) وادخنة سوداء، هي تحي الرابع من تموز بالسباحة مع باربيكيو ، وانا امضي الخامس والعشرين من ايار في مشاهدة التلفزيون يبث حفل استقبال لا يحضره الا علية القوم فقط، يسمعونا دروسا في حب الوطن.

ابنتي كتبت مقالة قالت فيها انها لا تحب( بوش) لانه مجرم حرب ، علقوا مقالتها على جدران المدرسة ، انا كتبت مقالا في الجامعة ضد (علي محافظة) فاستدعيت من قبل المخابرات وهددت بالفصل.

ابنتي قالت لي انها تستطيع ان تشتم (اوباما) في وسط (واشنطن) ، فأجبتها : وانا ايضا استطيع ان اشتم (اوباما) في وسط (عمان).

لا ادري ربما لا استطيع ان افعل ذلك ايضا، خوفا من تهمة تعكير العلاقات مع دولة صديقة.

ابنتي تعيش طفولتها في (امريكا) ،انا عشت طفولتي في (الاردن).










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارات إسرائيلية جديدة على عدة بلدات في جنوب لبنان


.. غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. بلال الشوبكي: المؤسسة الرسمية بحاجة لتقديم شئ للمجتمع الإسرا


.. هل ستنجح الجهود الدبلوماسية بوقف إطلاق النار؟




.. شاب يحتضن جثمان شقيقه الذي استشهد بقصف إسرائيلي في جباليا شم