الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريح -ليبرمان- خبيث وخطير

سعيد موسى

2009 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


((مابين السطور))


بموازاة المناورة العسكرية الإسرائيلية الضخمة وغير المسبوقة والمسماة"تحول3"،والتي تكلف ملايين الدولارات بشموليتها وجديتها، وقد تراوح الخداع الإسرائيلي لتضليل الكشافات والتحليلات السياسية الإعلامية، مابين اعتبارها استعدادا دفاعيا لمواجهة أي هجوم صاروخي تقليدي وغير تقليدي متوقع، ومابين فقاعات إعلامية اعتبرت أن مثل هذه المناورة هي شيء عادي بتخصيص أسبوع من كل عام على غرار مناورة العام السابق لمثل هذه المناورات، ومابين توقع هجوم صاروخي من غزة أو حزب الله اللبناني، فما عاد هذا الحرف المتعمد يجدي في التقليل من رصد الهدف الحقيقي لمثل هذه المناورة الكبيرة والتي شملت كل المؤسسات لدى الكيان الإسرائيلي، بما فيها الطاقم الحكومي والرئاسي لإتباع إجراءات جادة للدخول إلى الملاجئ فور سماع صافرات الإنذار وقد حدث وما زالت المناورات مستمرة إلى وقتنا هذا، بموازاة هذا الحراك العسكري الكبير نشهد على الساحة الدبلوماسية حراكا واسعا ونشطا لأركان القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية, بدأت بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي"نتن ياهو" للبيت الأبيض الأمريكي في محاولة جادة للحصول على التأييد والغطاء السياسي والعسكري، لهجوم محتمل على إيران يستهدف منشآتها النووية، وهذا العدوان المفترض ليس بحاجة لتأكيد ولا تغطيه تصريحات توزيع الأدوار المخادعة، لان ذلك الهدف معلنا وتم إجراء كل الاستعدادات وحتى المناورات الجوية خارج نطاق فضاء الكيان الإسرائيلي من اجل الاستعداد لضرب أهداف عسكرية ومنشآت نووية إيرانية.



وقد بدا واضحا عدم تأييد الرئيس الأمريكي"اوباما" لمثل هكذا خيار قبل استنفاذ أدوات الحوار الدبلوماسية، كما تعهد بذلك في برنامجه الانتخابي، ولعل الزيارة الثانية لوزير الحرب الإسرائيلي"براك" للبيت الأبيض ومقابلته وزير الحرب الأمريكي، لم تكن كما أعلن عنه بهدف ثني الإدارة الأمريكية عن الضغط لوقف الاستيطان، بل كانت تصب في نفس الهدف ولان إسرائيل باتت على جاهزية كاملة لتنفيذ تهديداتها، لكنها اصطدمت مع الرؤيا الأمريكية ليس على الهدف بل على التوقيت وترتيب الأولويات، وكما ورد في وسائل الإعلام أثناء لقاء وزيري الحرب الأمريكي والإسرائيلي وعشية الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي اوباما لمصر والسعودية، وبشكل مفاجئ دخل الرئيس الأمريكي وقطع اجتماعهما ليؤكد من جديد على أن الأولوية للمسار السياسي، وكما لإسرائيل مطالب ملحة أمنية في مقدمتها الخطر النووي الإيراني، فللإدارة الأمريكية أولويتها بما يتعلق بمسار التسوية وحل الدولتين بما لايتعارض مع استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، ومطلوب لتأكيد المصداقية الأمريكية وقف كافة أشكال الاستيطان مما تعارضه كافة الشرائح السياسية الإسرائيلية.




أمام هذا الحراك السياسي والمتوج بتضليل سياسي إسرائيلي، متراوح كل ساعة مابين التطمين والتهديد، فقد صرح منذ أيام"نتن ياهو" في نفس السياق بان هذه المناورات ليست موجهة كتهديد لأحد بقدر ماهي مناورة طبيعية لاختبار الجاهزية الإسرائيلية ضد أي هجوم محتمل، فقد طار الصهيوني صاحب أيدلوجية الإبادة والدمار الشامل المعلن، افيغدور ليبرمان" وزير خارجية الكيان إلى روسيا مسقط رأسه في سعي للحصول على تأييد روسي لمثل ذلك العدوان الإسرائيلي المرتقب، ومن هناك دارت المناورات السياسية التي تنم عن خداع وخبث صهيوني، بان الملف النووي الإيراني لايشكل خطرا على إسرائيل فقط، وإنما هو خطر على كل دول المنطقة، وأضاف بان إسرائيل لن تقصف إيران بالنيابة عن تلك الدول التي يهددها الملف النووي الإيراني، ويقصد هنا دول الخليج وبالتالي هذا التصريح الخبيث، إنما يدفع بنفس اتجاه حتمية العدوان على إيران، وكأنه يقصد القول بان على تلك الدول المهددة إيرانيا وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أن تدفع باتجاه توحيد الآراء بخصوص خطورة الملف النووي على دول المنطقة بأسرها وليس فقط على الحليف الأمريكي الصهيوني، وإنما على دول المصالح الأمريكية، وفي نفس اللحظة يرد عليه وزير الحرب"براك" بأنه ليس صحيحا عدم احتمالية ضرب إيران، بل كل الخيارات مفتوحة مع تأييدهم لمبادرة الرئيس الأمريكي بإعطاء مسار الحوار مزيدا من الوقت، والحديث يدور بتعبئة خطيرة أن طهران باتت خلال أشهر على عتبات صناعة القنبلة النووية.




تصريح ليبرمان جاء في الوقت الذي شرعت فيه دول الخليج أمام تهديدات إيرانية للإمارات والبحرين، بمتغيرات سياسية وعسكرية كان أخرها، جلب قاعدة عسكرية فرنسية إلى دولة الإمارات العربية، بل والشروع في إجراءات بناء مفاعل نووي فرنسي في الإمارات العربية، وتوقع بناء مفاعل نووي أمريكي في المملكة العربية السعودية مما حدا بوزير خارجية إيران"متكي" لزيارة مفاجئة للاليزيه الفرنسي ومقابلة الرئيس"ساركوزي" وهذا بحد ذاته عدم تعويل على الضربة الإسرائيلية المفترضة للمشروع النووي الإيراني، أي أن الإمارات بتحالفها الاستراتيجي مع دولة عظمى كفرنسا النووية تضع الكوابح أمام أي خطر أو مد إيراني محتمل، وباقي مناطق الخليج بها قواعد أمريكية وبريطانية إستراتيجية ونووية، وليس مستبعدا كما كتبنا منذ سنين أن تصبح المملكة العربية السعودية دولة بغطاء نووي ما، وهذا بحد ذاته ليس في وارد المخطط الإسرائيلي،لأنها لاتريد للعرب أن يخلعوا شوكهم بأيديهم، بل تريدهم أن يعولوا على الكيان الإسرائيلي في معالجة الخطر الإيراني وبالتالي يخضعوا للابتزاز،و لان الثابت لديهم ولدى أوروبا والغرب عامة أن تتفرد إسرائيلي بالخيار الأخير"النووي" دون غيرها في المنطقة الإقليمية عامة باستثناء الباكستنان والتي لاتملك من القنبلة النووية سوى اسمها ، وإنما التحكم في ذلك الخيار النووي الباكستاني بمفاتيح غربية، فإيران نووية وخليج بمظلة نووية كذلك ليس في مصلحة الكيان الإسرائيلي، ولكن المخرج الإسرائيلي المراد هو أن تتوحد كل الآراء والرؤى العربية والإسرائيلية والأوروبية لتكون لدى الرئيس الأمريكي قناعة بان تسويف علاج الملف النووي الإيراني إنما يشكل خطر على جميع دول المنطقة.




ليتزامن ذلك مع رفض إيران للجلوس مع الدول الستة التي تدعوها إلى الحوار وتسوية ذلك الملف مقابل رفع العقوبات الاقتصادية وفتح علاقات طبيعية مع إيران، وتحويل ملف المشروع النووي الإيراني من طاولة مجلس الأمن حيث الخيارات السياسية والعسكرية، إلى أروقة ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والقصد أن تصريح"ليبرمان" والذي يبدوا انه واجه من الكرملين والخارجية الروسية، نفس الموقف الذي واجهه رئيس وزراءه في البيت الأبيض، بالامتثال إلى وقف الاستيطان والشروع في مفاوضات مباشرة على المسارين السوري والفلسطيني، وبالتالي إعطاء الدبلوماسية الأمريكية والروسية والدولية بعض الوقت كي تزحزح إيران عن موقفها المتعنت حول الإصرار على إكمال طموحاتها النووية، وعند ذلك يتم إعطاء الضوء الخضر بغطاء أمريكي وصمت روسي لعملية جوية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، ومن ثم الاعتراض على إنشاء أي مفاعلات نووية حتى لو كانت سلمية في منطقة الخليج أو لدى أي دولة عربية، فالمقصود من خلال خداع ليبرمان ليس عدم قصف إيران بل في الشق الثاني من تصريحه قمة المناورة والخداع، بان الخطر الإيراني ليس على إسرائيل والقصد أنها تملك ترسانة نووية كرادع يشل فاعلية الخيار النووي الإيراني، وإنما بالتزامن مع بدء جلسات الحوار بين العاهل السعودي كدولة القيادة الخليجية،، والرئيس الأمريكي اوباما كي يتصدر الملف النووي الإيراني نفس الحيز الموازي لتصدر قضية الصراع مع إسرائيل، بل إعطاء أهمية اكبر للملف النووي الإيراني كخطر على دول الخليج مقرونا بالتهديدات الإيرانية للإمارات والبحرين والمملكة، كما هو خطر على إسرائيل مقرونا بتهديدات القيادة الإيرانية بإزالة إسرائيل عن الوجود، فتتوحد الآراء أمام الرئيس اوباما، مما يدفعه لتقبل تقصير أمد الضوء الأخضر بتغطية غربية لإسرائيل في عدوانها الشبه جاهز المخططات، وتقصير أمد المهلة المخصصة كهامش سياسي لخيار الدبلوماسية مع إيران لنفس الهدف وهو ثنيها عن بلوغ الطموح النووي العسكري وإخضاع منشآتها النووية لرقابة وتفتيش وكالة الطاقة الذرية، ولا اعتقد أن التصريحات التي تطالب بالتوازي بجعل المنطقة خالية من الأسلحة النووية إيران والكيان الإسرائيلي، سوى تصريحات إعلامية لان إسرائيل ولا الولايات المتحدة ستطرح تجريد إسرائيل من خيارها النووي وترسانتها المملوكة منذ نصف قرن، ولأنه في نفس الوقت لم تعلن إسرائيل رسميا عن امتلاكها لذلك السلاح الذري التدميري.
إذن كل مايتردد من شد وجذب، تأكيد ونفي، حول النية العدوانية الإسرائيلية صوب المنشآت النووية الإيرانية، بأنه وارد وغير وارد، وان المناورات طبيعية وغير طبيعية، وهجومية ودفاعية، إنما يصب في خانة الخداع والتضليل الذي يعيد للكيان الإسرائيلي زمام مبادرة المباغتة كإستراتيجية إسرائيلية تاريخية في عدوانها المتواصل كي تحسم المعركة منذ بدئها أو على الأقل تتحكم في تحديد مسارها ولكن لن يكون العدوان ولن تقصف لا طهران ولا غزة ولا لبنان، إلا بغطاء أوروبي أمريكي سياسي وعسكري، وما دون ذلك إنما هو ذر للرماد في العيون، وتصريح "ليبرمان" إنما هو مناورة سياسية مترامية الأهداف، كما هي المناورات العسكرية محددة الأهداف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بودكاست تك كاست | شريحة دماغ NeuroPace تفوق نيورالينك و Sync


.. عبر الخريطة التفاعلية.. كتائب القسام تنفذ عملا عسكريا مركبا




.. القناة الـ14 الإسرائيلية: الهجمات الصاروخية على بئر السبع تع


.. برلمانية بريطانية تعارض تسليح بلادها إسرائيل




.. سقوط صواريخ على مستوطنة كريات شمونة أطلقت من جنوب لبنان