الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف العضوي ومعنى الضمير

كريم الهزاع

2009 / 6 / 5
حقوق الانسان


يبادرك أحدهم وعلى غفلة بسؤال عن أهمية المثقف العضوي الذي عناه جرامشي ؟ وبعد تفكير متأني تجيبه وأن كان حتى بشكل انفعالي ، بأن أهمية " المثقف العضوي " الذي عناه جرامشي تظهر من خلال نظرية علم الاجتماع وليس من خلال مسألة المثاقفة والتراكم المعرفي فقط ، إذ على المثقف أن يلعب دوره في قضايا المجتمع المدني والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان وهذا الدور تلقفه من بعد جرامشي كل من فوكو وادوارد سعيد وهابرماس ومدرسة فرانكفورت كما أن الليبرالية تبنت ذلك الدور في معطياتها الجديدة ، وهو دور تنويري ونضالي أكثر منه دور تثاقفي وتراكم كتابات مستلبة للذات أو لفئة معينة تسقط في فخ الأيدلوجية في معناها المطاطي والذي نراه في المشهد السسيوثقافي العربي الذي لم يبدل من واقعنا شيء ، حيث أن المثقف لم يعطي من طاقته نقطة دم بل ولا حتى نقطة عرق أو قلق ، أن الدور الذي يلعبه " المثقف العضوي " يجب أن تلعبه المؤسسات المدنية وجمعيات النفع العام مثل جمعية الصحفيين وجمعية المحامين وجمعية حقوق الإنسان والتي هي مجرد ديكورات لتلميع وجه السلطة اما قضايا الفرد والأقليات المضطهدة فلم تعني تلك الجمعيات في دولنا العربية جميعها وبلا استثناء ، أقول بأنها لم تفكر به أبداً ، وهذا الدور يجب أن يلعبه البرلماني والذي يقع على عاتقه الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان وحقوق الأقليات المضطهدة كما أن ذلك الدور يحتاج إلى زعزعة أساسات وفعل إزاحة لكسر التابوهات وتبدل القناعات لخلق قناعات جديدة تقف إلى جانب الفرد أولاً قبل المجتمع . أن المثقف العضوي الذي عناه جرامشي في مشهدنا العربي وسط تضييق الحريات وسلب الفرد حقوقه في الوطن العربي يقبع الآن في السجون وليس من يتمطق بعلكته ويركب سيارته الفارهة وينتابه قلق بورصة المال ثم من بعد ذلك يصفعنا في مقال سياسي يومي في الصحف الصفراء والتي لا تحرك ساكناً ، والتي أصبح كل دورها مجرد صحيفة خبرية ومقالات ونصوص متناثرة مبهمة مصابة بفوبيا ورهاب الاقتراب من قضايا الإنسان الحقيقية وإشكالية هويته ، أن المثقف الحقيقي ينظر للإنسان نظرة شمولية وليست نظرة فئوية أو طبقية أو مصبوغة بالدم الأزرق الذي يرفض كل ألوان الدماء الأخرى وكأنهم من كوكب آخر ، وإذا كانت هناك قوانين للمجتمع غير مفعلة يقوم بتفعيلها وإذا لم توجد يسعى لإيجادها بشكل أو آخر قبل أن تظهر على السطح ظواهر سلبية مثل العنف والعنف الرمزي ، وقبل أن يجهر المضطهد بصوته عالياً : الجوع أبو الكفار ، وقولة " نعم " بخنوع والتي سيعقبها قولة " لا " تنسف مليون كلمة " نعم " أو حوار ، ساعتها الحوار لا يجدي في حالة الانفلات ، كما لا ننسى بأن " الغريق يتعلق بقشة " ، وأعني بذلك بإمكانه أن يعاني من ردة بحيث يترك حالته العقلانية والطبيعية ويكفر بكل تمدنه وتحضره ويتحوَل إلى إرهابي تتلقفه التيارات الدينية وأن كان ذلك ضد كل قناعاته التي تعلمها من الكتب أو من وسط ثقافي أو تنويري ، أن كل ما يحدث للإنسان من تحولات أو حالة استلاب هي في ذمة كل محامي يعي معنى حقوق الإنسان ، في ذمة كل برلماني ، في ذمة كل من يحمل قلم ، في ذمة كل من يقرأ كتاب ، في ذمة كل من عنده ضمير .. فهل من ضمير أو مثقف عضوي يعطي للإنسان حقوقه البسيطة، الطمأنينة، الهوية، الحرية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجود يفقر والإقدام قتال
مخلص ونوس ( 2009 / 6 / 5 - 13:28 )
صديقي كريم
منذ الأزل النظرية كانت جميلة ورائعة ، ومنذ الأزل أيضا كان تطبيقها ملتبسا ، أنا مقتنع تماما بكل ما أوردته حول المثقف العضوي ودوره المهم في المجتمع ، ولكن ألا ترى معي ،أن ممارسة المثقف العضوي لدوره بفاعلية في مجتمعاتنا العربية
أشبه بالعمل الاستشهادي الاتتحاري ؟ في ظل غياب الحريات وكمية التخلف الهائلة ، والبيروقراطية والمشي جنب الحيط والقول يارب الستر ، والكثير الكثير من التفاصيل البائسة التي تعرفها أكثر مني
عن واقعنا العربي من الماء إالى الماء ومن كافة جوانبه الاقتصادية والسياسية والاحتماعية والثقافية ، أقول في ظل هكذا
أحوال يبقى الحديث عن دور المثقف العضوي في إطار النظرية فحسب ، وإذا تعداه إلى الواقع فسيكون المصير كما أشرت إليه أنت في سياق مقالك ( الذهاب إلى بيت خالتو) في زيارة مجهولة المدة
ولدينا الكثير من الأمثلة التي لا داعي لسردها في هذه المساحة
المحدودة.
كريم لا تظن أني أدعو لتغييب دور المثقف العضوي بل أحاول الإشارة لمدى صعوبة ممارسته لدوره وتحديدا في مجتمعاتنا
العالمثالثية التي يكون مآله بعد ها الموت أو السجن وهذا ما تؤكده كلمات جدنا الرائع أحمد بن الحسين الملقب بالمتنبي
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
وال

اخر الافلام

.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين


.. يوم حرية الصحافة العالمي: قتل في غزة، قيود في إيران وسجن في




.. طلاب جامعة مكسيكية يتظاهرون تضامنا مع فلسطين