الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس محمد خضير

جمال المظفر

2009 / 6 / 7
سيرة ذاتية


قد نحتاج في أية كتابة عن شخصية ما ، أدبية كانت أم سياسية إلى أن نعطي نبذه للقارئ عن تلك الشخصية لكي يقف عندها ، او لينشئ منطقة استكشاف عن خلفياتها الثقافية وبيئتها وتربيتها . ولكن الكتابة عن محمد خضير لا تحتاج إلى أية مقدمات ، ما ان تذكره حتى يتبادر إلى ذهن القارئ المملكة السوداء، وفي درجة 45 مئوي وبصرياثا وكتابات أخرى تسابقت الصحف لنشرها ، ومَن يعرف محمد خضير عن قرب يعرف ذاته، وطريقة كتابته وأسلوبه وتأثير المكان في قصصه ، بل شخصيته الهادئة التي يعرف بها، وتواضعه الذي يعد مصدر إعجاب كثير من اصدقائه، ناهيك عن الإبداع الذي يتسرب من ذهنيته، وتلك الصور التي يصنعها لمكاناته، والشخوص التي تلعب بحرية في مساحة النص ...
أول لقاء مع محمد خضير كان في بداية الثمانينيات من القرن الماضي في اتحاد أدباء البصرة ، كانت جلسة ضمت كل من الشاعر كاظم الحجاج وفوزي السعد والإعلامي الراحل عباس الرباط واحمد المظفر والصحفي جاسب عبد المجيد، ومجموعة أخرى من الأدباء البصريين .. كنت استمع إلى محمد خضير بدهشة ، هذا القاص الكبير بذلك التواضع وتلك الطيبة ، إلى هدوئه ، واصغائه للآخرين وفقره ، ليس الفقر بمعنى الفقر المادي وانما فقر الأخلاق ، يشعر المقابل بأنه التلميذ، والآخر هو الاستاذ في معادلة معكوسة ، ومنذ تلك اللحظة صار محمد خضير مثلي الأعلى ، في التواضع وسماع الآخرين، وان الإبداع والنجاح هو التواضع بعينه .. تحدثت معه عن القصة القصيرة، وهل ان القاص يحتاج إلى خلفية ثقافية عن الفلسفة وعلم النفس والعلوم الأخرى ، أو ان كتابة القصة لا تحتاج إلى خزين معرفي سوى آليات كتابتها وخيال القاص .. كانت لديّ قصص قصيرة تمثل بداياتي ، ولكني كنت اخشى ان أريها له خوفا ورهبة واستحياءً ، حتى ان إحدى القصص التي كتبتها في الثمانينيات من القرن الماضي نشرتها العام الماضي، وفازت بجائزة ...
منذ تلك المدة تولعت بشخصية محمد خضير، وحاولت ان احصل على مؤلفاته، ولكن من دون جدوى ، لم اترك مكتبة في البصرة او بغداد للحصول على مجموعاته، ولكن كنت اقابل من أصحاب المكتبات بأن مؤلفاته لا تبقى أسبوعا على الرفوف ..
مرة قال لي احد الاصدقاء ان قصصي قريبة إلى اسلوب محمد خضير ، ومن تلك اللحظة وقفت أمام هذه الملاحظة ، هل تقمصت شخصية محمد خضير أو اني ارتديت عباءته مثلما خرج كثير من القصاصين من تحت عباءة غوغول ..؟؟!! أم ان البيئة التي نعيشها هي سبب قربي من أسلوب محمد خضير ، الشناشيل وازقة العشار ونهر الخندق وشط الترك وبائعات القيمر ومراكب البحارة الهنود وسينما الكرنك وشارع الوطني والداكير والعوانس اللواتي يعدن البلاطات في ساحة ام البروم ، أشياء كثيرة تغري للكتابة ...
أذكر تلك الحكمة التي قالها لي محمد خضير في أول لقاء معه وبقيت عالقة في ذهني ( تمنى ان تقرأ للكاتب ولا تراه) ، وبالفعل كنت أقرأ لأدباء واعجب بكتاباتهم، ولكن عندما جالستهم ورأيت تصرفاتهم عزفت عن القراءة لهم ...
محمد خضير مدرسة في الأخلاق والتربية والإبداع، وأنموذج للأديب الملتزم الذي لا يؤجر قلمه، ولا يبيع ضميره من اجل حفنة دراهم ، هو اختصار للطيبة البصرية والتواضع الإنساني ، علمني أنه عندما تكون مبدعا في الأدب عليك أولا أن تكون متواضعا أمام الآخرين ، وأن لا يأخذك الكبرياء، ولا تعلو عليك الألقاب ، وانما العلو في الطيبة والتواضع .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقت
فراس الفتلاوي ( 2009 / 6 / 7 - 01:18 )

صدقت ,, فكذا هو العملاق الصامت , صاحب ( ساعات كالخيول ) ..

طوبى لنا ما أنجبت بصرياثا ..

تحياتي

اخر الافلام

.. حجاج بيت الله الحرام يواصلون رمي الجمرات وسط تحذيرات من ارتف


.. حملة انتخابية خاطفة في فرنسا.. وأقصى اليمين في موقع قوة




.. استمرار جهود وحملات الإعمار في الموصل بعد 7 سنوات من القضاء


.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد مع لبنان




.. أطفال غزة يحتفلون بثاني أيام العيد مستذكرين شهداءهم