الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أطفال العالم أمل للمستقبل وضحية للطغيان
فاطمه قاسم
2009 / 6 / 6ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
لأن الأطفال في العالم، ليسوا طرفا في تمزقاته العرقية أو الدينية أو الطائفية، فإن الجرائم التي ترتكب بحقهم، والأثمان الباهظة التي يدفعونها، والضحايا التي يقدمونها على مذابح الكبار، يكون لها وقع مضاعف، وآلام لا حدود لها، مما يستوجب صرخة ضمير في هذا العالم المضطرب، صرخة ضمير بأن تتوقف الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق الأطفال في مناطق كثيرة في العالم، وخاصة في المناطق الأكثر فقراً، حيث لا يقتصر الأمر على حرمان عشرات الملايين من الأطفال من أبسط حقوقهم الأساسية، مثل الحق في التعليم، وفي الرعاية الصحية، وفي بيئة اجتماعية هادئة، بل يصبحون فوق ذلك كله، عرضة هم أنفسهم، ولكونهم أطفالاً، لانتهاكات واعتداءات صارخة من الصعب تجاهلها والسكوت عليها.
وحسب التقارير الدولية التي تنشرها الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة، أو مراكز البحوث والدراسات المستقلة، فإن الأطفال في العالم يتعرضون بشكل متزايد للانتهاكات المباشرة التالية:
إدخالهم إلى سوق العمل بما يخالف القوانين المعلنة والسارية، واستغلالهم على مستوى الأجور وعلى مستوى بيئة العمل الذي يقومون به.
تجارة الأطفال الذين يسرقون من عائلاتهم بطرق متعددة، وبيع هؤلاء الأطفال عبر مسافات بعيدة لأسر تحتاج إليهم بسبب عدم القدرة على الإنجاب.
استغلالهم في تجارة الجنس، كأطفال من الجنسين، وهي تجارة قاسية جداً، حيث أن الطرف الثاني فيها أشخاص مرضى ويعانون من اضطرابات نفسية عميقة، وما يترتب على ذلك من عذابات يلقاها هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون لهذا النوع من الاستغلال.
إشراك الأطفال في عمليات ترويج وتوزيع المخدرات، وغالبا ما يتم دفعهم إلى الإدمان قبل زجهم في هذه التجارة الجهنمية.
إشراكهم كمسلحين مأجورين في جيوش المليشيات التي تنشأ لخدمة الحروب والنزاعات القبلية، فيتحولون إلى أطفال يحملون أسلحة يقتلون بها بعضهم بأقل الأثمان.
هذا كله يضاف على معاناة الأطفال المستمرة، بسبب الاضطرابات الأسرية والمجتمعية، وتداعيات الفقر، والحرمان من الغذاء المفقود أو الرعاية في حدها الأدنى أو التعليم حتى في مراحله الأساسية.
وقد انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة أطفال الشوارع التي أصبحت ظاهرة ملفتة للنظر في أخرمة الفقر التي تحيط بالمدن الكبرى، وفي العشوائيات التي تنشأ في قلب المدن وعلى أطرافها، كأنها نبت شيطاني، لها قوانينها الخاصة التي تتناقض كليا مع قوانين المجتمع المحيط بها، بل لقد وصل الأمر في أحيان كثيرة، أن بعض السلطات الرسمية هنا أو هناك، تعاملت مع
ظاهرة أطفال الشوارع بأقصى درجات الضعف كما لو أنها مجموعات من الكلاب أو الوحوش الضالة يتم ملاحقتها بالرصاص.
وبسبب الهزات والأزمات الاقتصادية، وارتفاع معدلات الفقر، وارتفاع مستوى المعيشة، وانخفاض مستوى البرامج الاجتماعية، فإن كل مظاهر استغلال الأطفال، والانتهاكات التي يتعرضون لها في العالم، أصبحت في ازدياد، بما في ذلك مجتمعاتنا العربية، رغم أن التقارير الرسمية تحاول تجاهل هذه الظواهر، أو التقليل من حجمها وخطورتها، ولكن تفاقم هذه الظاهرة يجعل من الصعب بل من المستحيل تجاهلها أو نكرانها ،لتبقى الأسئلة تطرق الأبواب ، وتبقى الصرخات توقظ كل الضمائر النائمة ،
ما العمل:
وما الذي يجب أن نفعله قبل فوات الأوان ؟
ظاهرة الانتهاكات ضد الأطفال هي ظاهرة على مستوى العالم ،وسببها الرئيسي هو الطغيان ،وتراجع القيم والمبادئ لصالح المكاسب والمصالح التي لا تنتهي ، ولصالح الرغبة المسعورة لدى الأقوياء والأغنياء للصعود على أنقاض مئات الملايين من الفقراء في العالم الذين يزدادون فقرا،وتتصاعد أرقامهم إلى حد أن بعض الإحصاءات تقدر عدد الفقراء في العالم بمليار إنسان .
وهذا الفقر الذي يولد كل هذه الظواهر السلبية ،سببه أن الأغنياء الأقوياء لا يأخذون غيرهم بعين الاعتبار ،وان الحكومات غير الديمقراطية والغير حكيمة تدخل مجتمعاتها قلب وزخم الصراعات القبلية والطائفية ، فتحدث تدمير المجتمعات وتدمير الحياة فيها ، وتحدث الهجرات الكبرى من مكان لأخر بحثا عن الامن والاستقرار ، وبالتالي تتراكم المشاكل ،ومن ثم يدفع الأضعف الثمن دائما ،والأضعف دائما في هذه الحالات هم الأطفال الذين يفقدون ابسط حقوقهم ويزج بهم في ظروف صعبة وغير طبيعية .
نحن في فلسطين لسنا استثناء بما يجري على امتداد العالم ،بل الوضع لدينا أكثر صعوبة ،أولا بسبب الاحتلال الإسرائيلي وما تخلفه أعماله من أثار سلبية ،عبر القتل والاجتياحات والتدمير المنهجي والمبرمج لحياة الناس كما حدث في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة ،وبسبب الاضطرابات الداخلية بين القوى السياسية المتصارعة ، والانقسام وما سبقه من ولحقه من اقتتال داخلي ،وفقدان المرجعيات الوطنية والقانونية ،وحالة الحصار التي هدمت أركان الاقتصاد الفلسطيني ،وحيث أن الأطفال هم الطرف الأضعف فقد كانوا هم أول من يدفع الثمن .
الحلول ليست بسيطة .
وتحتاج إلى تعاون دولي حقيقي ،والى إرادات اجتماعية صادقة ، للحد من ظواهر الانتهاكات ضد الأطفال ،والتي أصبحت ظواهر كبرى ، ومستمرة ،ومتزايدة بشكل سريع ،ولا بد من وقفة جادة ،وصدمة أقوى ، تؤدي إلى اتخاذ إجراءات شاملة تبدأ بالتأسيس لمرحلة يصل العالم من خلالها إلى السيطرة على هذه الظواهر حتى يتم إنهائها بشكل قاطع ،وهذا يتطلب تشريعات وقوانين دولية ملزمة ،والارتقاء بمفهوم الامن الدولي لتشمل هذه الظواهر ،وهذا يحتاج إلى عقوبات رادعة ،ومحاربة بؤر الفقر في العالم ،لان الفقر هو السراديب المظلمة التي تنطلق منها كل الشرور .
الأطفال في العالم هم المستقبل، وهذا ليس تعبيرا مجازيا، بل هو حقيقة موضوعية، وإذا لم نكسر هياكل الطغيان التي تعبث بمصير الملايين من الأطفال في العالم، فان المستقبل نفسه سيكون مقلقا على كافة المستويات.
تعالوا نتحد معا من اجل أطفال يعيشون في ظروف صحيحة وطبيعية، فمن خلالهم نستطيع أن نبني عالما أفضل من عالمنا هذا المليء بالظلم، والانتهاكات، والتي بدورها تغتال مستقبل وأحلام الأطفال.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حزب الله يعلن قصف عدة مواقع عسكرية إسرائيلية بالصواريخ
.. هاريس: إعجاب ترمب بالديكتاتوريين دليل على ضعف الشخصية
.. مراسلة الجزيرة ترصد آثار الغارات الإسرائيلية على بلدة تمنين
.. هاريس: علينا التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان
.. حزب الله أمام أزمة مالية قد تعصف به