الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتلنياهو وفحوى خياراته البديلة لحل الدولتين

ماجد الشيخ

2009 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عقود طويلة من الشراكة الإستراتيجية الهامة والمثمرة، ربطت بين المصالح المنسجمة، إن لم نقل المتطابقة نسبيا، بين إسرائيل والولايات المتحدة، هل آن أوان افتراقها الآن في ضوء الصعود الثاني لنتانياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية، وفي ضوء صعود إدارة أميركية ديمقراطية تحاول أن تتجاوز أو تصحح من خطايا إدارة جمهورية سبقتها، وكانت في عهديها الأول والثاني تنحو نحو سياسات أكثر من مارقة، وهي تتسيّد المشهد الدولي وحيدة، بل أحادية.؟

وإذا كان من الصعب، بل من الاستحالة توحيد الهواجس الأمنية – على تباينها – بين تلك التي تواجه إسرائيل، أو تلك التي بدأت تواجه الولايات المتحدة منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، واتساعها في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية، كذلك تبدو مسألة الدفاع عن مصالح كل طرف محفوفة بتباينات قد لا تظهر للجانب الآخر، وكأنها وجودية أو ضرورية، حتى ولو لم تمس بمصالحه، من قبيل ما يجري الآن على صعيد محاولات الحد من تطوير إيران لأسلحة نووية، وهو موضوع أثير بالنسبة لإسرائيل وادعاءاتها الأمنية الإستراتيجية مستقبلا، واعتبارها الملف النووي الإيراني تهديدا وجوديا. بينما تنظر واشنطن للموضوع ذاته من زوايا متعددة أمنية وغير أمنية، تكتيكية وإستراتيجية، واضعة إياه على أكثر من محمل سياسي ودبلوماسي، تريد توظيفه، كما على طاولة الحوار و"التفاوض" من أجل مصالح خاصة لها، "تشترك" فيها مع الوجود الإيراني المباشر وغير المباشر إزاء العراق وأفغانستان، بل لقد ذهبت سياسة واشنطن تجاه معاهدة منع انتشار السلاح النووي منحى أو مناحي مختلفة عن السابق، حيث اعتبرت إسرائيل كغيرها معنية بهذه المسألة وبضرورة انضمامها إلى المعاهدة، وذلك انسجاما مع رؤية باراك أوباما وحملة إدارته الساعية والداعية إلى "عالم بلا سلاح نووي".

وإن لم تعدم الإدارات السابقة رؤى خاصة بها لإيجاد حل أو حلول للقضية الفلسطينية، فإن تبني إدارة أوباما لـ "حل الدولتين" خلال السنوات الأربع المقبلة، وهي الفترة الرئاسية الأولى كلها لهذه الإدارة، والتباين الحاد مع حكومة نتانياهو إزاء وجود دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، هذا التباين قد يغرق العلاقات البينية في مزيد من البحث عن مسببات افتراق ولو ضئيلة، خاصة فيما يتعلق بالاستيطان، حيث يسعى نتانياهو للحفاظ على تفاهمات سرية سابقة بين حكومة إيهود أولمرت السابقة والرئيس الأميركي السابق جورج بوش، تتعلق بموضوع التسوية مع الفلسطينيين والمستوطنات القائمة في القدس والضفة الغربية، حيث تعتبر تلك التفاهمات امتدادا لأخرى بين بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون.

إلى جانب مثل هذا الابتزاز الذي تسعى لإقراره حكومة نتانياهو، يعمل الإسرائيليون على خط آخر – خط الكنيست – من أجل سد الطريق على خطة "حل الدولتين" وفق النوايا الأميركية الواردة في خطة أوباما، حيث تسعى الكتل اليمينية داخل الكنيست لتكبيل أيدي الحكومة – المكبلة أساسا – لإقرار "اقتراح بديل" لخطة حل الدولتين، وهو ما اعتبرته صحيفة معاريف (24/5) رسالة إلى الرئيس الأميركي مفادها أن الإسرائيليين الذين انتخبوا الكنيست واختاروا الحكومة – حكومة نتانياهو – يودون توجيه رسالة مؤداها أن على أميركا عدم معارضة اختيار الإسرائيليين الذين يرفضون مبدأ "حل الدولتين"، وأن على أوباما أن يسير مع الرغبة الإسرائيلية في البحث عن "خيار بديل"، لا يقوم على أساس قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة.

"الخيار البديل" هذا تلخصه "رؤية" نتانياهو "الجديدة" والتي تقوم على أساس قيام "نصف دولة" فلسطينية، وذلك في إطار صفقة شاملة تهدف بالنهاية إلى وجود كيان سياسي فلسطيني لا يتمتع بالاستقلالية التامة، أي أن جوهره يقوم على قاعدة قيام حكم ذاتي مرتبط بإسرائيل، وذلك هو المقصود بالنصف المجتزأ من "الدولة". ليس هذا فحسب، بل ويذهب نتانياهو إلى اشتراط "الوصفة السياسية الجديدة" واشتمالها اعترافا فلسطينيا بيهودية الدولة الإسرائيلية، وذلك انسجاما مع عدم الاعتراف الإسرائيلي حتى بفلسطينية "النصف دولة" التي يقترحها.

ومهما تكن "رؤية" نتانياهو العتيدة، فهي لن تخرج عن عموم محاولات فرض تسوية إسرائيلية على الشعب الفلسطيني، لا تتضمن إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، كما يحلم الفلسطينيون بأن يكون لها حدودها المستقلة، وتضمن عودة اللاجئين، وأن تكون القدس عاصمة لها. كون كلّ حكومات إسرائيل السابقة واللاحقة ترفض منح الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة، أو حتى مجرد الاعتراف بها دون شرط تطبيقها، حيث لم يزل "قانون النفي" – نفي أي حق للشعب الفلسطيني في أرضه التاريخية – يعمل، بل ويراد تفعيله وفق "رؤية الفاعل النافي" حتى وهو يبحث عن وهم القبول بتسوية اعتراف "نصف دولة" بـ "الدولة الكاملة"، بل وبشرط الاعتراف بيهوديتها كذلك، فأي إجحاف هذا؟

لقد سبق لزعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني وأن أعلنت أن ممارسة الفلسطينيين لطموحهم القومي سيكون في الدولة الفلسطينية التي تمنع إسرائيل وتحالفاتها الدولية الفلسطينيين من إقامتها، وليس في إسرائيل، وهي "الدولة اليهودية" أو "دولة اليهود" كما بلور مفهومها ونحته أرييل شارون، قبل أن تسير الآن على خطاه أحزاب الإجماع الصهيوني، بعدما أصبح مشروعا استراتيجيا ومركبا أساسيا في مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، وهو بخلاف النقاش الخلافي سابقا على حدود إسرائيل، فإن "الدولة اليهودية" تحظى بإجماع كل القوى والتيارات الصهيونية والمجتمع الإسرائيلي.

لهذا قام مفهوم "الولاء للدولة" ويقوم على ضرورة خضوع المواطن الفلسطيني لصالح مستعمريه، وهو ليس موجها لليهودي القادم من بلد/أصل (بلده الأصلي)، وهو بمجرد وصوله إلى فلسطين يصبح "مواطنا إسرائيليا" من الطبيعي أن يوالي دولة تحتضنه، حتى ولو كانت هجينة، وهذا ما ليس متوافرا في حالة الفلسطيني الذي يرى إلى الدولة، دولة احتلال استيطاني – استعماري، حيث الولاء للدولة هو الخضوع للاحتلال والتماهي والذوبان في دولته الاستعمارية. وأمثال بيريز ونتانياهو وليبرمان ليسوا المؤسسين للعنصرية الإسرائيلية، كما باتت تتجلى اليوم، وكما كانت بالأمس، بل هم الامتداد الطبيعي لجوهر إسرائيل ككيان استعماري عنصري، لا يملك إلاّ أن يعيد إنتاج ذاته بشكل متواصل لمواجهة أزماته ومآزقه الوجودية المتناسلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ