الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الي شبكنا يخلصنا

كاظم الحسن

2009 / 6 / 7
كتابات ساخرة


قبل بضعة ايام اجرت صحيفة الصباح لقاء موسعا مع مدير عام شبكة الاعلام العراقي عبدالكريم السوداني، وتحدث بلغة الارقام والوقائع بعيدا عن الطرق والاساليب التعبوية والحماسية المعتادة فكانت الصورة واضحة ودقيقة من الداخل بلا رتوش او اقنعة قد تتستر على الواقع السيئ الذي تعيشه الشبكة والمتمثل بالازمة المالية التي تعاني منها بعد نسبة تخفيض الميزانية العام 2009 تصل الى 70% بينما ميزانية العام 2008 كانت 109 مليارا دينار وناشد مدير الشبكة الجهات المسؤولة بالتدخل لانقاذ شبكة الاعلام العراقي من هذه الازمة. ما يجذب الانتباه في حديث مدير الشبكة، هو حجم المال المهدور على مدى الاعوام الخمسة المنصرمة التي تصل الى نصف مليار، وهكذا مبلغ، هو ميزانية بعض الدول، بل ان مؤتمرات الاعمار التي عقدت من اجل العراق لم تأت منها اموال بهذا الحجم، وربما ان الدول الدائنة للعراق سوف تقول كيف نمنحكم مساعدات مالية او اطفاء ديونكم في الوقت الذي تبدد وتتلف اموالكم بهذا الشكل.
وما يحز في النفس، كيف غابت الرقابة والمحاسبة والمساءلة عن هكذا مؤسسة اعلامية مهمة، وترك لها الحبل على الغارب، وما مدى مسؤولية المدراء السابقين للشبكة عن العشوائية والارتجال والفساد الذي اعاد هذه المؤسسة الى المربع الاول وتخلى عنها اطراف الصراع بعد ما وصلت الى مرحلة الافلاس وهذا يفسر السر الذي تم فيه تعيين شخصية مستقلة لرئاستها او ادارتها.

هل يمكن تصور وجود (34) محطة اذاعية وتلفازية مع كادر هندسي واعلامي وفني ولا تبث الا ساعة واحدة في اليوم ولا ينتهي الحال عند هذا الحد بل يمتد الى عمل قنوات تلفازية لم نسمع بها من قبل مثل قناة الاطياف وقناة المباشر وكانت حجم المشاهدة (حسب قول مدير الشبكة) لكل قناة لم تصل الى نسبة 2% وفي بعض المحافظات كانت النسبة صفر.

طيب ما الجدوى الاقتصادية والمعنوية من وراء ذلك؟ وتصل الحالة الدرامية ذروتها حين تسمع بوجود ملاك يصل الى اربعة الاف موظف بينما الحاجة الى ذلك اكثر من 500 موظف. من يتحمل مسؤولية هذا الترهل والتضخم في عدد الملاك؟
ولماذا فاعلية شبكة الاعلام محدودة وضعيفة مع هذا الكادر الكبير والاموال الطائلة؟

ام ان أهل الثقة والولاءات الحزبية والفئوية لهم حصة الاسد.

يبدو ان ثمة صفقات حزبية تمنع محاسبة المفسدين وتوفر لهم غطاء قانونيا لكي يفلتوا من العقاب وهذا السر الذي يبين حجم الفساد الهائل في العراق.

كان في ظن الاطراف المتصارعة على هذه المؤسسة، في بداية الامر، على ان من يمتلك الاذاعة والتلفاز يحكم البلاد، وهذا الشيء صحيح في العهود الغابرة، التي يحكمها المغامرون العسكريون والذين لا يعرفون من الدنيا سوى البيان رقم واحد الملازم للانقلابات العسكرية. الا ان مع وجود عدد ضخم من الفضائيات والاذاعات يربو على المئات، جعل المشاهد يمتلك خيارات واسعة لا احد من خلالها يفرض عليه هذه الفضائية او غيرها الا اذا كانت تتمتع بالجودة والكفاءة والقدرة على جذب المشاهد والشيء نفسه يذكر عن قصر الرئاسة، فلقد كان من يستولي على القصر تصبح البلاد بأسرها ملكا له، وهذا ما حدا بالطاغية ان يبني المئات من القصور ولذلك كان يتعذر لمن يريد الاطاحة بالنظام اي القصور يختار لمغامرته العسكرية.
عودا على بدء ان المال السائب يعلم السرقة فكيف الحال اذا كانت تلقى جزافا ولا يسئل عنها انه موسم الفساد، الذي يبقي العراق متربعا وبجدارة على المركز الثاني، للدول الاكثر فسادا في العالم حسب احصاءات المنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن.

كيف لا يكون العراق في المقدمة، اذا كان العفو بانتظار المفسدين الذين لم تتلطخ اياديهم بدماء العراقيين ولكن لا بأس ان تلوثت بالسرقة والنصب والاحتيال! وإلا كيف نبرر او نفهم التقرير السنوي الذي اعدته هيئة النزاهة عن شمول 2772 متهما بقضية فساد تصل اقيامها الى اكثر من 650 مليار دينار بقانون العفو حسب ما ورد في جريدة الصباح الصادرة نهاية شهر ايار.

هذا ما يؤدي الى شرعنة الفساد، حتى اصبح من الصعوبة مواجهة السارق او المفسد، لانه ما ان توجه اتهامات بالفسادالى مسؤول في دوائر الدولة، حتى يجيبك وعلى الفور ومن دون تردد (موبس آني) اي ان سرقة واتلاف وهدر المال العام لا غبار عليه طالما ازداد عدد اللصوص والمفسدين، اي شرعية المجموع حتى لو كان على باطل!

هذا الحال يذكرني بحادثة جرت امام ناظري، حين تعرض احد الاشخاص للسرقة، امسك بخناق اللص وهو يصرخ بأعلى صوته (آني حرامي تريد تبوكني)، اي اننا هنا نرى اهمال الجانب الاخلاقي، اذ ان الضحية لا تعنيه السرقة الا بقدر تعلق الامر بوضعه الشخصي انه سارق ايضا وعلى اللص البحث عن شخص اخر ليس من صنفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا