الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فليسقط الوطن ولتحيا المواطنة

نادر قريط

2009 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة بديهيات لا تقل صعوبة عن نسبية آينشتاين. الوطن مثلا الذي نؤدي له تحية العلم، ونلقي في حضرته الأناشيد، فتسري بنا القشعريرة وأحيانا نموت في الدفاع عن سياجه .. الذي دفع الأديبة والنحّاتة اللغوية الماهرة "فاطمة الناعوت" لتقول ما مضمونه: إذا كان حب مصر فاشية فأهلا بها؟ هو نفس الدافع الذي جعلها تتذكر مقولة مصطفى كامل: لو لم أكن مصريًّا لوددتُ أن أكونَ مصريًّا! أو تناجي الراحل الكبير محمود أمين العالم في منولوج شعري وتسأله سؤالا ذكيا : لمن نكتب يا أستاذ؟ فيجيبها: لكلِّ المصريين، المصريون من أجمل شعوب الأرض؟.. إنه نفس الشيئ الذي يدفع كاتب السطور للحماسة، وترديد أغاني فيروز عن الشآم وكأن الله صبّها وسبكها لوحدها (ثم كسر قوالبه) أو التغني باوغاريت ويوليا دومنا وبستان هشام، مع أن لسان الحال لا يختلف عمّا قاله نزار القباني (أنقل من الذاكرة):

حتى النملة تملك وطنا
والسحلية والصرصار
وأنا يا سيدتي
أملك وطنا بالإيجار

إنه الشعر إذن .. فالوطن في جوهره العميق شعر ووجدان وصور ذاتية، أكثر من كونه موضوعا عقلانيا (جبال وهواء وأنهار وحدود ومياه أقليمية، أو أبو الهول ومسلة حمورابي) فالمكّون الحقيقي للوطن هو الذاكرة واللغة وروح الإنتماء للقطيع (التي تحوّلت في صيرورتها من قبيلة تدافع عن الحمى، الذي لايرتبط بالإرض بسبب تنقل القبيلة، إلى ممالك مستقرة تعتاش على الزراعة، إلى الدولة الوطنية المعاصرة ذات النشيد الوطني والمخابرات والموبايل) وهذا المكون النفسي هو كيان ذاتي تجريدي لا يختلف كثيرا عن الشعور بالألم والفرح، الذيّن لايمكن قياسهما بالسنتمتر.

المهم برأيي لفهم هذا الشيئ التجريدي المعقد في حياتنا الوطنية المعاصرة، التي تسودها الدوغما ومسلماتها القروسطية. أن نعيد نقاش هذه البديهيات، وأن ننزع اللثام عن أشكال الدوغما والتمويه. وتجديد تأثيث المفاهيم القديمة، فالوطن الحديث هو عقد إجتماعي بين مسافرين على متن باخرة، تمنع الجميع من ثقبها وإغراقها.. وهو يختلف عن وطن حكمته السلالات المقدسة (بمبدأ ان الله يورث الملك لمن يشاء) لهذا أعتقد أن التجديد يقتضي تحليل مركبات سوسيو ـ تاريخية مترابطة، بإدخال علوم الحداثة وعلم النفس الإجتماعي (بورديو) الذي يرى على سبيل المثال: أن "الرأسمال الرمزي" للمجتمعات الما قبل رأسمالية، ترتبط عضويا وبشدة برأسمال رمزي، وهذه اللحمة تكاد تكون "حياة أو موت" لهذه المجتمعات، وستبقى كذلك مادامت تفتقر لرأسمال مادي يقيها شر الجوع والفقر ومادامت تتهددها الحروب والويلات.
وهنا يمكننا التبحر في الموضوع حتى ينقطع النفس، لأن رأسمالنا الرمزي يعيش داخل لغة (قديمة كلاسيكية، مُتحكّمة بألة العقل وتتجلّى في موروثها الشعري والحكمي والديني) لذا سرعان ما نسقط جميعا في التعبيرات المتناقضة سواء كنا علمانيين أو على الله متوكلين.
وكي لا أقلل من المشاعر الوجدانية والذكريات وروح القبيلة وصرخات الثأر والفخر التي أججت قبائل الأتروسكا ضد الرومان، وكي لا أنسى عمرو ابن كلثوم الذي مجد قبيلته ب: إذا بلغ الفطام لنا صبيّ تخرّ له الجبابر ساجدينا .. أجد أننا بأمس الحاجة لإعادة صياغة الأسئلة، وتحليل مركبات الوطن سواء كانت موضوعية أو ذاتية.. فالأولى تجمعنا .. وهي عبارة عن مكان وأرض يعيش عليها الأثرياء بفلل وقصور عامرة ويمارسون أشهى أنواع اللذة، وأسوء أنواع الإسترقاق والمهانة والسطو على المال العام والرشوة والفساد والسرقة (الليبرالية جدا).. في ظل لا عدالة وإستئثار بالثروة .. فالوطن لهؤلاء السادة هو مجموعة من النعم الوفيرة التي يعضون عليها بالنواجذ ( أتذكر أن ميزانية المدرسة الشاهنشاهية، لتخريج النخبة في طهران بلغت في سبعينيات القرن الماضي أكثر مائة مليون دولار سنويا، وهذا ينطبق الآن على ممالك العطش العربية التي تستأثر عائلاتها الحاكمة بخمس العائد البترولي، حتى نفقات القصور الهامشية (؟) تبلغ عشرات الملايين، ناهيك عن مليارات مخيفة تعود لبيوتات حكام الجمهورية)

والوطن هو أيضا مكان للمنفيين في وطنهم وسكان الخرائب والأكواخ اللا أدمية، وهو المكان الذي يلعق فيه المتسوّلون أحذية المارة وغبار الرصيف من أجل قوت يومهم، وينام فيه المشردون على أوراق الجرائد.

كل هذا هو وطننا ..فهو الصيف والذباب والتلوث، وإختناق المرور، ورائحة المجاري وعيون القطط اللامعة التي التي تفرّ مذعورة من براميل القمامة. إنه أيضا ذاكرة ممزوجة برائحة عرانيس الذرة والباذنجان المقلي (وقيّمر الحلّة وجلولاء) ورائحة الآباط المتعرقة، في الأسواق المزدحمة، ورسائل الغرام الأولى، والعباءات التي تتفجر بالأنوثة والنظرات المملوءة بالشهوة.. كل ذلك هو وطن معتق في آنية الوجدان والمُتخيّل الجمعي.. نعم إنه مكان للشعور بالكرامة.. لكن لمن هذه الكرامة؟

لهذا بإمكاني أن أجيب على سؤال لمن نكتب؟ بدون لف ودوران.. نكتب لأنفسنا؟ لنكون!! لنشبع ذواتنا ونشعر بالفخر والزهو والإعجاب والتصفيق .. وبدون ضحك على الذقون؟ نكتب لأننا لا نستطيع إلا أن نكتب.. فالكتابة لعبة ومخداعة بين الذات والموضوع، حتى وإن نصبّنا أنفسنا صوتا للضمير. نكتب لنثبت وجودنا وأنواتنا في عالم تتزاحم فيه الأقدام، وتُزيّف فيه الأمجاد وتُشد فيه السروج على الحمير.
لكن أسوء ما في الكتابة عندما تُوظف وتصبح دكانا لإيجار وبيع الكلام وتلبية ذوق الزبائن وإيصال الخدمات للبيوت.. هنا تسقط الكتابة، وتصبح أحيانا أدوات لصناعة وتمجيد الجريمة، وتبرير وتمرير كوارث الأمم ونكباتها وسرقة خيراتها

لكننا نكون جميعا متواطئين، إن أغمضنا أعيننا عن البعد الحداثي لمفهوم الوطن.. إذ لا وطن بدون فكرة المواطنة والعقد الإجتماعي، ولن يكون بإقصاء وتهميش شرائح مجتمعية وأقليات دينية أو لغوية، أو منعها من ممارسة وجودها الآدمي الكريم. ولن يكون وطنا، مادامت تحرسه قضبان السجون والكلاب البوليسية، ومواد دستورية بالية تُدخل الدين في صلب القضاء والحياة العامة والخاصة.
وبإختصار وكي أنقذ نفسي من براثن هذا النص الكئيب، أسرد عليكم حتوتة تقول: أن تونسيا وليبيا إختلفا حول موطن النبي محمد، فتشبث كلاهما بنسبه إلى وطنه، الأول يقول إنه تونسي والأخر يصرّ على أنه ليبي. وأخير وبعد مشادة كلامية إضطرّا لطلب التحكيم، وللصدفة وجدا سوادنيا يمشي في سبيله فأوقفاه وسألاه:

يازول: تعال أحكّم بيننا هل النبيّ محمد تونسي أم ليبي؟
قال: والله أنا مش من هنا، لا أعرف بالضبط. كل ما أعرفه أن الله سبحانه وتعالى، هو سوداني.

أخيرا ولإضفاء بعض التفاؤل على النص، أذكركم بمقولة سعد زغلول التي لا تقل عظة عما قاله مصطفى كامل: غطيني يا صفية ما فيش فايدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إعتذار
الكاتب ( 2009 / 6 / 6 - 20:02 )
أسف للكاتبة فقد أضفت أل التعريف إلى إسمها -ناعوت: ظلما وعدوانا، وكذلك ألفت النظر إلى أن عبارة - الرأسمال الرمزي- في السطر 23 يمكن إطلاق حذفها .. فالمقصود : أن المجتمعات ..إلخ وشكرا


2 - الكاتب عقار فيه منافع ومضار للناس
أبو هاجر :الجزائر ( 2009 / 6 / 6 - 20:37 )
الأستاذ نادر المحترم ،الكتابة شبهها أحد الفلاسفة المعاصرين بالعقار فيه منافع ومضار للناس. ولهذا قبل أن نكتب نسأل، هل المثقف العربي يقدم الوصفة ،أو كما تقولون في المشرق الروشيتة الصحيحة .هل استطاع هذا المثقف أن يميز بين الشرايين الميتة فينا دون المس بشرايين القلب النابضة التي تضمن لنا الاستمرارية التاريخية. استاذ نادرالمحترم بدون أدنى شك لقد اطلعت على دفاتر السجن للفيلسوف و المناضل الإيطالي غرامشي إننا في أمس الحاجة لذلك المثقف العضوي الذي وصفه غرامشي أحس وصف
ولك ألف تحية من الجزائر . .


3 - عن المواطنة
آرام كربيت ( 2009 / 6 / 6 - 21:41 )
دائماً الاستاذ نادر يدخلنا في قضايا إشكالية معقدة وتحتاج إلى أبحاث ودراسات عميقة أكثرمن مقال صغير. بتقديري هذا الموضوع يحال إلى الحضارة الذكورية برمتها, منذ لحظة الانقسام والتقسيم الاجتماعي الذي حل بالبشرسواء كانوا ذكوراً أوإناث, منذ بدأ الكيل يختل لصالح طرح على حساب آخر. والوطن مفهوم غامض ومختلس وحداثي ولا يمكن نختصره في مفهوم المواطنة أو غيرها فقط.


4 - الأوطان أم التنقل في البُلدان ؟
نادرعلاوي ( 2009 / 6 / 6 - 21:42 )
الأستاذ نادر قريط المحترم
قيلَ لبعض الأعراب : ما الغِبطةُ ؟
قال : الكفاية معَ لُزوم الأوطان ، والجلوس معَ الاخوان
قيلَ : فما الذِّلّةُ ؟ قال : التنقُّل في البلدان والتنحي عن الأوطان

نعم ـ قد يكون الوطن أشبه بمركبٍ هائل ، يحمل مسافرين ، كلٌّ له دوره في الحفاظ على انسيابية رحلته في عباب البحر
وقد يكون الوطن ملاذآ لذوي النِعم ، أو يكون سجنآ للمنفين كما تفضلت ....لقد عبر الشاعر الكبير نزار قباني عن حال الوطن أروع تعبير وأجمل وصف ، في قصيدته ( الدخول الى هيروشيما ) وتحديدآ في مقطعها الأخير

قَبْلُكِ يا صغيرتي
جاءت الى مدينتي ــ جحافل الفرسِ وأفواج التَتَرْ
وجاءها أكثرُ من مغامرٍ
ثُم انتَحرْ

فحاذري أن تقربي أوثانها
فَكلُّ مَنْ لامَسها
صارَ حَجرْ
مدينتي

مالكِ من مدينتي ؟
فليسَ في ساحاتِها
سوى الذباب والحُفَر
وليسَ في حياتها
سوى رفيقٍ واحدٍ
هوَ الضَجَرْ

ربما خرجتُ عن جوهر وفحوى الموضوع فعذرآ . مع الأمتنان لكَ للموضوع الشيّق مع تقديري واعتزازي


5 - وطني
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 6 / 6 - 22:26 )
الاستاذ العزيز نادر قريط
لا ادري ان كان فريد الدين العطار اوجلال الدين الرومي هو من قال :
وطني حيث يكون المحبوب
لا اخفيك انني اخاف ان لايكون الوطن ممكنا في قصيدة
غير انني اجدان لا وطنا عاد يحتمل القصيدة
وقديما قيل (المكان بالمكين )....فماذنب الاوطان اذن وما ذنب الاشعار ؟
قل لي كم مرة يعبر ضغط الانسان حدوده المسموحة ؟وكم مرة يتنهد حرقة ؟ وكم مرة ياسى (على ماض تولى )؟وكم مرة يتمنى مع نفسه لو لم يكن شيئا مذكورا ؟
عندها ساقول لك هل لهذا المواطن وطن ام اسطبل ...
تقبلني صديقي نادر بما انا منه اليوم مكلوم ...
(يا وطن يا مطنطن يبوطن طن...على كل الاوطان بتطنطن )
تعال نتقاسم بقايا وطن
تعطيني طن ....واعطيك طن
ان ظل من كليهما معشار طن ..يكفي لبناء كوخ طين من كرامة !!
محبتي


6 - نادر يا نادر
همسات ( 2009 / 6 / 6 - 22:46 )
رائع كعادتك..هذا ما رغبت فى قوله للشاعرة فاطمة ناعوت

تحياتى


7 - بين نيتشه وغرامشي
مختار ( 2009 / 6 / 6 - 23:03 )

تقول: (لهذا بإمكاني أن أجيب على سؤال لمن نكتب؟ بدون لف ودوران.. نكتب لأنفسنا؟ لنكون!! لنشبع ذواتنا ونشعر بالفخر والزهو والإعجاب والتصفيق .. وبدون ضحك على الذقون؟ نكتب لأننا لا نستطيع إلا أن نكتب.. فالكتابة لعبة ومخادعة بين الذات والموضوع، حتى وإن نصبّنا أنفسنا صوتا للضمير. نكتب لنثبت وجودنا وأنواتنا في عالم تتزاحم فيه الأقدام، وتُزيّف فيه الأمجاد وتُشد فيه السروج على الحمير).
أراك هنا تقف على الضد من ذلك المثقف العضوي الذي بشر به غرامشي، والذي دعاك إلى قراءته صديقنا أبو هاجر. أنت إلى نيتشه أقرب. لكنك عندما تقول:
(لكننا نكون جميعا متواطئين، إن أغمضنا أعيننا عن البعد الحداثي لمفهوم الوطن.. إذ لا وطن بدون فكرة المواطنة والعقد الإجتماعي، ولن يكون بإقصاء وتهميش شرائح مجتمعية وأقليات دينية أو لغوية، أو منعها من ممارسة وجودها الآدمي الكريم. ولن يكون وطنا، مادامت تحرسه قضبان السجون والكلاب البوليسية، ومواد دستورية بالية تُدخل الدين في صلب القضاء والحياة العامة والخاصة).
هنا تعود إلى غرامشي عندما ترى أن (لا وطن بدون فكرة المواطنة والعقد الاجتماعي، ولن يكون بإقصاء وتهميش شرائح مجتمعية وأقليات دينية أو لغوية، أو منعها من ممارسة وجودها الآدمي الكريم).
الواقع أن هذا الإقصاء يطال


8 - اهتم بنفط بلادك المنهوب بخمسة أخماسه
سوري حزين ( 2009 / 6 / 6 - 23:04 )
بدل اهمامك بخمس العائد النفطي في بلاد العطش، لماذا لاتهتم بالعائد النفطي الذي لايدخل-خمسة أخماسه- في الموازنة في بلادك السورية منذ قيام سلطتك الأسدية في بلاد (الصمود والتصدي والمانعة) ، والتي تكره -مثلك- كل الليبراليات الجديدة منها والقديمة، أي هي من خيرة الزبائن الذين يعجبون ويستهلكون بضاعتك (الكتابية) الكارهة لليبرالية جد...ا ماعدا (ليبرالية النهب والتصدي الأسدية المخلوفية)... اهتم بثروات بلادك يارجل! ولبلاد العطش رجالها القادرون على الدفاع عن ثروات أوطانهم،رجال بحق لا يريدون أن يكونوا شجعانا-كشجاعتك- بالهروب للحديث عن القذى في عيون الآخرين وفي عيونهم الأخشاب ...رحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده


9 - أكتب أنت
همسات ( 2009 / 6 / 6 - 23:14 )
يا سيد سورى حزين السيد نادر قريط يكتب ردا على مقال فاطمة ناعوت
حيث بدأ مقاله بالتخصيص ثم أنهاه بالتعميم
السيد نادر يرى أن لا وطن يعلو فوق المواطن وفكرته هنا عامة تشمل جميع البلدان والأوطان بما فيهم سوريا
أما عن النفط فلماذا لا تتحفنا سيادتك بمقالات تشرح فيها كيف يسرق النفط
فى انتظار كتاباتك الشجاعة
تقبل تحياتى


10 - أكتب أنت
همسات ( 2009 / 6 / 6 - 23:22 )
يا سيد سورى حزين السيد نادر قريط يكتب ردا على مقال فاطمة ناعوت
حيث بدأ مقاله بالتخصيص ثم أنهاه بالتعميم
السيد نادر يرى أن لا وطن يعلو فوق المواطن وفكرته هنا عامة تشمل جميع البلدان والأوطان بما فيهم سوريا
أما عن النفط فلماذا لا تتحفنا سيادتك بمقالات تشرح فيها كيف يسرق النفط
فى انتظار كتاباتك الشجاعة
تقبل تحياتى


11 - ملاحظات
صلاح يوسف ( 2009 / 6 / 7 - 02:20 )
تقول ( مواد دستورية بالية تُدخل الدين في صلب القضاء والحياة العامة والخاصة ) وهي جملة بديعة وتحتاج منك إلى مقالات منفصلة .
لكن بودي السؤال حول عنوان المقال: يسقط الوطن وتحيا الواطنة - لا أختلف على الشق الثاني لإحياء المواطنة، لكن يسقط الوطن ؟ كيف ؟
أعتقد ان الوطن هو مجموع ( المواطنات ) فلو سقط الوطن لن تبق أية مواطنة. ما رأيكم ؟
مع التقدير.


12 - الوطن ... تداعيات
فراس الفتلاوي ( 2009 / 6 / 7 - 02:44 )

أبدأ بتداع ٍ ينتمي إلى كلاسيكيات الأدب العالمي المهمة , إذ يتحفنا كفافيس العظيم سليل هوميروس بهذه الرؤية المستقاة من مخبره -الرعوي- في محاكاة ثيمة الوطن , في هذا المقطع المجتزء من قصيدة -المدينة- ( ترجمة سعدي يوسف ) :

قلت : سأمضي إلى أرض ٍ أخرى
أمضي إلى بحر ٍ آخر
لأجد مدينة ً أخرى خيراً من هذه ..
حيثُ كل ما فعلته كان مداناً مقدّراً ..
لن تجد أرضينَ جديدة , و لا بحاراً أخرى
فالمدينة ُ ستتبعك
و ستطوّفُ في الطرقاتِ ذاتها ,
و تهرمُ في الأحياء ِ نفسها
و تشيبُ أخيراً في البيوتِ نفسها ..
ستؤدي بك السبل دائماً إلى هذه المدينة
فلا تأملنَ في فرارْ
إذ ليس لك من سفينة
و لا من طريق ..
و كما خربت حياتك هنا
في هذه الزاوية الصغيرة
فهي الخراب أنـّى ذهبت ..

لمحات ثلاث عالقة في ذاكرتي عن الوطن , لعقول عربية ثلاث , متباينة في تخصصاتها و في اِنوجادها الزماني و الجغرافي ,,
إبن خلدون : -الوطن سجن المتحضرين- ..
د. نصر حامد أبو زيد : -الوطن بالنسبة لي هو وجوه الناس- ..
أما الشاعر سعدي يوسف ,, فقد قال عن الوطن ما معناه : -شعري في الغالب غير معني بندب الوطن .. فمسعاي الشعري , هو نحت لقصيدة تدعوا للتوّطن في المنافي- .. <


13 - عظيم الإنسانية
جورج خوام ( 2009 / 6 / 7 - 05:30 )
إقبلها مني تحية إلكترونية عابرة فوق الأوطان لتستقر في صدر إنسان.


14 - اعطيك ماتعطيني
سليم الورد ( 2009 / 6 / 7 - 07:18 )
قرأت يوما للوردي بانه لم يسمع طيلة حياته التي عاشها في امريكا ان تفوه احد بحب الوطن او وجوب التضحيه في سبيله ولكن عند الحروب تجد التطوع لدى الشباب للخدمه
وتجد عندنا من يغني ليله ونهاره بحب الاوطان وهو يفعل كل شئ ليتهرب من الخدمه العسكريه وخصوصا في اوقات الحرب فنحن نعطي الوطن ما يعطينا فهو يسلبنا كل شئ ويعطينا كلمات
لذا لانستغرب من يصل الى بغداد من البصره بالوقت الذي تتطلبه سرعة دبابه ليس الا
فالمقدس الاول هو الانسان فاذا سلبت القداسه الاوطان ضاع الاثنان
وتحيه للاستاذ قريط


15 - 100 %
عدنان عاكف ( 2009 / 6 / 7 - 08:25 )
أكبر دليل على ان التقييم الحقيقي لمقالتك هو 100 % وليس 63 % ، كما هو مبين حتى هذه اللحظة في مربع التقييم، هو هذا الطيف الواسع من وجهات النظر الواردة في التعليقات، التي جاءت في مجملها كإضافات مهمة . لست أدري لماذا لكن ما ورد في المقالة ذكرني بمقولة لآينشتاين ذكرها في كتابه - العالم كما أراه - يضع فيها المواطن فوق الدولة، فيقول : - أعتقد ان ما له قيمة حقيقية في مسيرة الحياة ليس الدولة بل الفرد، الشخصية الخلاقة والقابلة للتأثر، الشخصية التي تبدع كل ما هو سام ونبيل، في حين ان عموم القطيع يبقى بليد الفكر وكليل الشعور..- وربما لهذا تجده يعلن بحزن في نفس الكتاب - أنا في حقيقة الأمر مسافر وحيد، لم أشعر قط باني أنتمي من كل قلبي الى دولة أو بلد، أو لحلقة أصدقاء، أو حتى لأسرتي نفسها- - لكن الكثير من مقالاتك تشير الى انك على نقيض آينشتاين، وان ما تتنفسه هو الوطن: قد أكون قد شطحت بعيدا عن صلب الموضوع، ولكن لا أعتقد ان ما أثاره قلمك في النفس بعيد عن بعدنا الذي طال عن الوطن. مع التحيات.


16 - تعقيب
الكاتب ( 2009 / 6 / 7 - 09:55 )
الأساتذة الأفاضل:
أشكر مداخلاتكم القيّمة، فكل واحدة تسحق رسالة وحوار إضافي ..وإذا إستعرت عنوان الأستاذ فراس الفتلاوي ـتداعيات ـ فإن النص هو تداعيات وصدى ومحاولة عقلنة لمفاهيم مركبة ذات خصائص شعرية تجريدية ذاتية مثل ـ الوطن ـ وألفت الإنتباه أن هذا النص القصير كتب بسرعة وجاء كصدى وإستكمال لنص مزعج (لم ينشر بعد) وجاء مطعما بلغة الأدب، لتمرير بعض الأفكار.. ومحاكمة الذات قبل الآخر
صحيح أنه أخذ الأديبة ناعوت ذريعة لكنه إستبطن أيضا الحوار الداخلي بين الأستاذين الكريمين ـ عبدالعال الحراك وإبراهيم البهرزي وهو يتضمن لا وعي شخصي تجاه النقاش العام، وكأنه يقول: يا سادة إن مصر والعراق ليست لكم بمفردكم .. فنحن لنا نصيب في هذا الوطن التجريدي ..لنا نصيب في الأفلام المصرية التي صنعت طفولتنا ولنا حصة في طه حسين وعلي الوردي ولنا نصيب في الجزائر وثورتها ومشاكلها.. إنه.. لكن القصد .. هو الإلحاح على فكرة العقد الإجتماعي (تعني ضمنيا المصالحة بين الجميع ومع التاريخ وهذا يعني مبدأ تداول السلطة ووقف إحتكار الثروة ـ وهو برأيي أخطر ما تعانيه مجتمعاتناـ فبئس هذا الوطن عندما يتشرد طفل وتجوع إمرأة .. وهذه البديهيات أهم بكثير من إلقاء اللوم على أبي هريرة أو على الإستعمار ..
وبالإشارة إلى ماذكره الأس


17 - آسف
الكاتب ( 2009 / 6 / 7 - 11:00 )
نسيت سهوا الأستاذ صلاح يوسف وأخبره أن العنوان يتضمن مجاز لغوي فالوطن (تراب وجبال) لا يسقط إلا بزوال الكوكب.. القصد كان البلاغة لإبلاغ المعنى وشكرا


18 - وضعت أصبعك على جرح يمتد من المحيط الى الخليج
جهاد مدني ( 2009 / 6 / 7 - 12:49 )
البلدان العربية أضحت محميات طبيعية للدكتاتورية ولقطعان البشر في صراعها البدائي من أجل البقاء....من أجل البقاء فقط
أن أساءة العرب أستغلال الأوطان التي أستعمروها فيما مضى أدت بهم في نهاية المطاف الى فقدانهم لمواطنتهم شخصياً
مقالك سيد نادر ممتاز ولا يمل المرء من قرأة كلماته المعبرة عن عمق هذه الأزمة-اللعنة
تقبل مني فائق التقدير


19 - مرحبا .. أشتقنا اليك
علي ( 2009 / 6 / 7 - 13:18 )
ذكرني حديثك عن الوطن والمواطنة بقول تلك الفتاة التي حال العداء القبلي بينها وبين حبيبها من القبيلة الأخرى فأرسلت اليه تعده بأنها ستبقى على حبه مدى الحياة فأجابها بأنه لا يستطيع أن يتصور الحب بلا وصل .... وهكذا أنا سيد نادر ، وعلى كل حال أنت بالذات مأذون ،والمهم ، أن تداوم الكتابة عن وفي أي موضوع
تركتك بخير


20 - شبكات الموبايل
فادي يوسف الجبلي ( 2009 / 6 / 7 - 14:00 )
التي تحوّلت في صيرورتها من قبيلة تدافع عن الحمى، الذي لايرتبط بالإرض بسبب تنقل القبيلة، إلى ممالك مستقرة تعتاش على الزراعة، إلى الدولة الوطنية المعاصرة ذات النشيد الوطني والمخابرات والموبايل.
وأظنك تقصد بالكلمة الاخيرة شبكات الموبايل المنصوبة في بلداننا والتي يمتلكها عادة اقارب رئيس العشيرة والتي تبلغ وارداتها في بعض الاحيان ربع الدخل القومي


21 - ثقافة الصحراء وإستيطان الأوطان؟
جحا القبطي ( 2009 / 6 / 7 - 14:35 )
نعيش في هجرة و بأوطان ليست بأوطاننا ونشعر بحصولنا كل حقوق المواطن وعندما كنا بأوطاننا لم نشعر حتي باحقيتنا في ملكية مجرد إسم مواطن فكانوا ينعتوننا بالخواجة...؟؟ ولكثرة ما دمروا حلم خصوصية الأوطان اصبحت كل غايتهم تدمير أحلام كل من يتمني أن يكون فقط مجرد انسان.. الوطن_وكما قيل_ سرير دون كوابيس أو وجوه نألفها أو حقوق ننالها او ثقافة نعشقها او أحلام نظن تحقيقها ونصر علي الرحيل في دروب الكلمات بحثا عمن يعيد الحياة في أموات... سراب يتعشم ألا يجد في الصحراء سراب؟؟؟؟


22 - التباس
صلاح يوسف ( 2009 / 6 / 7 - 15:00 )
أستاذ نادر يبدو أن ثمة التباس قد حدث. تعريف الوطن يختلف لدي كثيراً عما لديك. التراب والجبال موجودة لدى كل شعوب الكوكب. الوطن عندي هو الإنسان. إذا وجد الإنسان الحقيقي الشاعر بمواطنته والعامل على إسعاد نفسه وإسعاد من حوله وجد الوطن. لذلك فالسويد وطن للسويديين ولكن العراق - مثلاً - ليست وطناً للعراقيين. الوطن هو الأمان والسعادة والرخاء والطمانينة والمستقبل المتألق بين الأمم. أين نحن من هذا كله ؟؟؟؟؟


23 - تعقيب آخر
الكاتب ( 2009 / 6 / 7 - 15:51 )
للسادة الأساتذة جهاد مدني فادي جبلي وعلي شكرا على المرور وإبداء الرأي ولا بوجد إلتباس يا أستاذ صلاح فالوطن يتضمن نسبيا الأمان والرخاء والحرية في دولة كالسويد حيث تقاسم السلطة والثروة بشكل إنساني. .لكني لست متأكدا إن كانت السويد وطنك ووطني؟
لقد ميّزت في النص بين الوطن كموضوع (جبال وحدود وكيان سياسي تاريخي إقتصادي) وبين الوطن كمفهوم شعري موجود في اللغة والذاكرة وشكرا


24 - تبرع لا يفوتكم
حامد حمودي عباس ( 2009 / 6 / 7 - 17:15 )
اذا كان الوطن ثمة سجن كبير يبدأ قهرا وينتهي مقبره ، خذوه مني هدية لا اطلب مقابلها شيء واعطوني بديلا عنه قطعة من ارض في اقاصي غابات العالم شرط ان انعم بها بهدوء البال ، وأحس بما يمنحني فرصة السفر المريح داخل ذاتي دون ان يهزمني او يصادرني رقيب .. وسوف أكون مستعدا ايضا بمنحكم هبة اخرى هي جنسيتي حتى تكون مواطنتكم كاملة الاوصاف ..


25 - شكرا على التبرع
الكاتب ( 2009 / 6 / 7 - 19:26 )
أستاذ حامد حمودي عباس:
النص أعلاه بسيط للغاية ولا يحتاج لتأويل وربما تكون بساطته قوة إضافية له .. تعليقك غير مفهوم ويعبر عن إضطراب حقيقي. ما شأن النص بوطن وسجن ومقبرة .. هل تعتقد أن كاتب السطور هو مسؤول عن الحروب والديكتاتوريات وغزو المارينز وقصف الطائرات وإستباحة الأوطان وتدميرها؟؟ هذا السؤال يمكن أن توجهه لفرقة دبكة الليبراليية في واشنطن دي سي وكتاب بلاك ووتر والزرقاويين وأمثالهم ؟؟ التعليق الذي كتبته شعر مضطرب وفصامي .. إذ لا معنى للتبرع بجنسيتك لأحد ولن تنفع بها أحد.. لكني أطمئنك فبعد الهجرة بعشرين سنة ستستمر تأكل - التمن والمرقة- ولن تتعلم أكل شيئ من الغابة التي تسكنها ولن تنعم براحة البال .. لأن رائحة الرز العنبر والدولمة ستطاردك في المنفى .. إنها جزء من الوطن التجريدي الذي لايمكن إلغاؤه إلا بفقدان الذاكرة واللغة. .

اخر الافلام

.. تونس: ما حقيقة هبوط طائرات عسكرية روسية بمطار جربة التونسية؟


.. ليبيا: ما سبب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الزاوية مؤخرا؟




.. ما أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني؟ •


.. نتنياهو: المقارنة بين إسرائيل الديمقراطية وحماس تشويه كامل ل




.. تداعيات مقتل الرئيس الإيراني على المستويين الداخلي والدولي |