الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توظيف الاستذكار, سوريا كمثال - فاعلية الصور المستحضرة

حسام مطلق

2009 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كنت قد ناقشت في الجزء الاول حركة " روح الأمة -http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=174225 " التي تغوص, وفقا لهيجل, في ذاتها كي تنطلق نحو المستقبل. وفي هذا الجزء أناقش فاعلية الصور التي يفعلها القومييون والإسلاميون في عملية العودة الروحية تلك ودوافعهم.
الجزء الثاني - فاعلية الصور المستحضرة
لا أحد يمكنه أن ينكر عظمة المجد العسكري في التاريخ العربي, ولعل الجملة الوحيدة الصادقة بشكل مطلق في هذا التاريخ : أن العرب حكموا من أسوار الصين حتى جنوب فرنسا. كذلك ليس لأحد أن ينكر الدور الذي يمكن أن يلعبه هكذا استحضار أو تذكر في شحن الهمم, وهنا اسمحوا لي أن أقول : نعم, ولكن. في المرحلة الأقل مدنية من التاريخ الإنساني كان العدد في حالات أهم من العدة, والعدة بدورها كانت عتاد الحرب وخطوط الإمداد القصيرة, فأطول المعارك كانت تستمر لأيام لا أكثر. لنفترض أن ما نحتاجه اليوم هو فقط النصر العسكري, لتحقيقه نحتاج إلى أكثر مما سوف أعرج عليه بكثير ولكن فيما يلي تذكرة لا أكثر. نحن بحاجة إلى التالي :
1- القدرة البدنية, وهذا يتطلب رعايا صحية تبدأ من الطفولة. المرأة العربية على سبيل المثال متوسط العمر لديها 52 سنة فيما المرأة الألمانية 78 سنة. أي ربع قرن من الحياة فقدت نتيجة لسوء الشروط الصحية.
2- الإعداد العلمي, إنفاق إسرائيل على الطالب 3500 دولار سنويا مقابل قرابة 200 دولار في الحالة العربية.
3- الإعداد الثقافي, وفقا لتقرير منظمة الثقافة العربية الصادر الصيف المنصرف فإن ثلث سكان الوطن العربي أميون, غانيك عمن يعدوا كخريجي جامعات وهم أصلا حصلوا على شهاداتهم بوسائل غير شرعية نتيجة لتفشي الفساد.
4- الهدف, وهذا حتما ناتج أساسي عن وعي الهوية,و العالم العربي يعيش صراعات عنفية بين تيارات بعضها قومي وبعضها إسلامي وآخر وطني ورابع طائفي ولن ننسى الأيديولوجيات الفكرية.
وهذه الهويات ليست حلقات تكاملية كما هي الحال الإسرائيلية, أي يمين متشدد, ويسار, وصوت ليبرالي, ورابع متدين, لأن الانقسامات في الحالة الإسرائيلية سياسية ولكنها جميعا متفقة على الشكل الأعلى للهوية : إسرائيل. كما تلاحظون فأنا أتحدث عن الإنسان فقط ولم أتطرق إلى ما تحتاجه العملية العسكرية من جوانب أخرى سواء في قوة الناتج القومي أو البنية التحتية أو الإرادة السياسية والتوافق العربي التكاملي. ولم أتحدث عن الأسلحة ومصادرها ولا عن الاختراقات الأمنية والاجتماعية العميقة في الواقع العربي ولا عن العلاقة بين الشعوب والأنظمة وتبادل الاتهامات بالتسبب بالواقع الفاشل. الحقيقة أن المعوقات كثيرة ولكن ما سبق فقط للتنبيه, يمكننا أن نشبه الحال العربي برجل مصاب بترقق العظام ولا ينفك عن التحدي في بطولة للملاكمة من الوزن الثقيل. إذن النتوء الأول المستحضر هو وفقا للتعريف السيكولوجي " إستيهام شعوري " أي بتعبير آخر, التفاف نفسي, أو خداع للذات. ونفس الشرح يصح للنتوء الثاني, أي العاطفة الدينية.
فكما أن المجد العسكري هو حقيقة لا غبار عليها ولا على تأثيرها فإن العاطفة الدينية كذلك, ودلالات قوتها موجودة في الواقع الخارجي. لقد انتصر حزب الله, بمعنى, منعه الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه, وكذلك فعلت حماس, والقاعدة زلزلت العالم وغيرت طبيعة العلاقات الدولية, تماما كما فعل حذاء الزيدي, قدم التنفيس العاطفي, ودفع إلى مراجعات أمنية عميقة, ولكنه في النهاية لم يحرر العراق, ولا جمع كلمة أبناءه حول خيار واحد كما فعل المنتخب العراقي حين فاز بكأس أسيا, أو فعلت شذى حين فازت في مسابقة للغناء, هنا تبرز أهمية ما هو مدني على ما هو سياسي في استخدام " الاستذكار ".
حين يصر القوميون العرب ومعهم الإسلاميون على حصر " الاستذكار " بعنصري الانجاز العسكري والعاطفة الدينية هم لا يفعلون ذلك لبراءة في نواياهم, كي نحلل حادثا سيكولوجي بموضوعية علينا أن ننظر إلى السببية والغائية. كما بات معروفا فإن كلا التيارين عاجز عن تقديم فعل حضاري يضع " روح " الأمة في المكان المناسب من الخارطة الإنسانية, لذا كانت ممارسة العصاب عبر الإصرار على البقاء في الحفرة خشية مواجهة العالم ليقينهم من إخفاقهم النوعي المدني لتحقيق الإنجاز لعدم امتلاكهم الآليات الدافعة, وما يتطلبه توفير هذه الآليات من شروط انفتاح حضاري جذري قيمي على العالم الحر, وما سوف يولده هذا الانفتاح من دفع إلى مراجعات فلسفية ونفسية تسقط وتعري عجزهم وفشلهم الفكري. لذا, تم, وبعمد, تنمية الاتجاهات العصابية التراجعية في شخصية الإنسان العربي كي تجعله شديد التمسك بما هو قديم وتراثي كي يكون تدليلا لديه على الهوية وفصل له عن مجمل الحركة الإنسانية وفعلها التقدمي. ففي التخلف فقط يمكن للتيارات الإسلامية أن تنشر أفكارها الظلامية, وفيه يمكن للأنظمة القومية الثورية أن تطبق نظرياتها الأمنية القائمة على هتك حرمات الإنسان.
العاطفة الدينية, كشقيقتها القومية, عنصر تحريك جماهيري واسع, خصوصا في حال المقاومة, حيث الخيار هو الرفض, وهذا الخيار اللاتأملي, أي الغريزي, لا يحتاج إلى مبررات فكرية لأنه منسجم بذاته مع طبيعة الذات وخشيتها من المستقبل. ولكن للمقاومة, في الفعل التأملي, دورا واحدا, هو التوظيف السياسي. وهذا يعيدنا إلى قضية التأمل وما ينتج عنه من تعريف للهوية, ما ينتج عن هذا التعريف من تحديد للأهداف, ما يترتب على هذا التحديد من تأطير للعمل السياسي, تماما كما في الحالة الإسرائيلية, حيث التوافق على الخيار النهائي محسوم. ولكن في حالة القومي والإسلامي, وهروبا من كل هذا التغير في قوانين الفعل الاجتماعي الناتجة عن نتيجة التأمل, هم, ببساطة, يمارسون الاستيهام الشعوري عبر دفع الإنسان العربي إلى أن ينظر لنفسه كمضطهد من العالم الخارجي فتتولد في ذاته نزعات عدوانية نحو هذا الخارج توظف لاحقا, وعبر ما يعرف بـ " التوحد الاسقاطي " في خلق تنظيمات من الانتحاريين يستخدمون لإعاقة قدرة المجتمع على التغير الداخلي من جهة أوالتوافق مع العالم الخارجي من جهة أخرى.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانطلاق نحو الحياة
alosy79 ( 2009 / 6 / 7 - 11:58 )
لايجب ان ندس رؤسنا في التراب كالنعام علينا ان نواجه واقعنا بشجاعةوننظر للحياةبواقعية,نعرف مانحن عليه من تخلف لابد من المواجهة عاجلا ا آجلا,يجب ان نقرا ونفهم مايدور من حولنا ,فلنبدأ من الصفر خير من ان نظل مادون الصفروشكرا.

اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال