الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال غزة رهائن النزاع المسلح

اساف اديب

2004 / 4 / 26
الحركة العمالية والنقابية


الاغلاقات المستمرة لحاجز بيت حانون (ايرز) جعلت من 15 الف عامل غزي رهينة لقرارات الجيش الاسرائيلي ولعمليات الفصائل الفلسطينية؛ السلطات الاسرائيلية تعرف تماما ان العمال الذين يدخلون بتأشيرات عمل رسمية، لم يكونوا متورطين ابدا في عمل مسلح ضد اسرائيل، ولذلك فلا مبرر للاجراءات القمعية المشددة التي تمارسها بحقهم.

اساف اديب

أغلقت اسرائيل منذ منتصف شباط حاجز بين حانون (ايرز) ثلاث مرات. مرة بعد الهجوم المسلح على المنطقة الصناعية، والمرة الثانية بحجة عيد المساخر (بوريم) وذلك بين الايام 5-8 آذار، واخيرا في 15 آذار بعد عملية اشدود. وقد تم بسبب الاغلاقات المتكررة، فصل عمال غزيين من شركات اسرائيلية، بسبب عدم الاستقرار في عملهم. وكان بين هذه الشركات "سوليل بونيه" التي فصلت 30 عاملا غزيا بسبب الاغلاقات المتكررة.

عمال غزة الذين ليس لهم مصدر رزق آخر، يقومون بمجهود غير معقول لضمان مكان عملهم، بدءا بخروجهم في منتصف الليل للوقوف عند الحاجز. بموجب اوامر عسكرية تعسفية، يُمنع العامل من حمل هواتف نقالة، اكياس او حتى حافظة للاوراق والنقود. رغم فتح المعبر في تشرين اول (اكتوبر) 2002، ومنح اسرائيل تأشيرات دخول ل15 الف عامل من غزة، امتنع الجيش الاسرائيلي عن تشغيل كل البوابات ال24 القائمة في المعبر، والتي كان من الممكن ان تسهل عملية عبور العمال.

الاكتظاظ في الحاجز خطير للغاية ويؤدي مرة تلو الاخرى الى اختناقات واصابات للعمال. وكان قد ادى في 16 شباط الماضي الى وفاة العامل ابراهيم الشيخ (41 عاما) جراء الاختناق. في اليوم التالي أضرب العمال، وقرروا عدم الدخول للعمل كوسيلة ضغط على الجيش الاسرائيلي حتى يسهل العبور. وبالفعل تم الاتفاق في 17 شباط بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، بحضور ممثل النقابات الفلسطينية راسم البياري، على ان يتم فتح البوابات بطريقة تقلل من الاكتظاظ. ولكن بعد ايام قليلة من فتح المعبر بطريقة مقبولة تم اغلاقه من جديد بسبب العيد كما ذكرنا.

التناقض في تعامل اسرائيل تجاه العمال واضح: من ناحية هي لا تريد دخول فلسطينيين الى حدودها. ولكنها من ناحية ثانية تفهم ان الطريق الوحيد لاعادة الحياة الى طبيعتها، تتطلب تشغيل الاقتصاد من خلال استيعاب العمالة الفلسطينية من جديد.



العمال ليسوا خطرا امنيا

الاغلاقات المستمرة لحاجز ايرز جعلت 15 الف عامل غزي رهينة لقرارات الجيش الاسرائيلي ولعمليات الفصائل الفلسطينية. السلطات الاسرائيلية تعرف تماما ان العمال الذين يدخلون بتأشيرات عمل رسمية، والذين لا يقل سنهم عن 35 عاما بموجب الاوامر العسكرية، لم يتورطوا ابدا في اعمال مسلحة ضد اسرائيل، ولذلك فلا مبرر للاجراءات القمعية المشددة التي تمارسها بحقهم.

خلال 30 عاما من الاحتلال، منعت اسرائيل بناء منشآت اقتصادية مستقلة في المناطق الفلسطينية يكون من شأنها توفير اماكن عمل للمواطنين. الاعتماد على العمل في اسرائيل كان اذن خيارا اسرائيليا وليس قرارا فلسطينيا. السلطة الفلسطينية ايضا لم تركز على انشاء بنية تحتية اقتصادية لتشغيل المواطنين (راجع ص 10). واذا زدنا على ذلك الدمار الاقتصادي الذي اعملته اسرائيل خلال سنوات الانتفاضة الثلاث ونصف، فسيصبح واضحا ان العمل في اسرائيل يعتبر اليوم المنفذ الوحيد المباشر المفتوح امام العمال الفلسطينيين، وعمال غزة تحديدا.

ومن هنا تنبع الضرورة القصوى لاخراج معبر بيت حانون – ايرز من دائرة الصراع، وعدم جعل العمال رهائن له. رسالة الاتحاد العام للنقابات الفلسطينية التي وجهت الى جمعية معاً (راجع الاطار) تقول ان العمال الفلسطينيين ينبذون "كافة انواع العنف ضد المدنيين من الطرفين كما يرفضون الاحتلال في نفس الوقت".

في المقابلات التي أجرتها الصبّار مع عمال من غزة (في العدد السابق)، ساد الاجماع على ضرورة ابعاد الصراع المسلح عن الحاجز، كيلا يعرقل عبور العمال الى اماكن عملهم في اسرائيل. صحيفة هآرتس نقلت يوم الجمعة (12 آذار) خبرا مفاده ان عمال فلسطينيين في الحاجز ابعدوا من صفوفهم مسلحين حاولا الوصول للمعبر وسلموهما لقوات الامن الفلسطينية.

وابدت جمعية معاً استعدادها للتعاون مع اتحاد النقابات في غزة ومتابعة مسألة المضايقات عند الحاجز. كما وجهت رسائل لنقابات عمالية في العالم، وطلبت منها القيام بحملة احتجاجية لدى السلطات الاسرائيلية. الهدف المباشر من الحملة هو اخراج عمال غزة وحاجز بيت حانون من دائرة الصراع، ووقف سياسة العقوبات الجماعية التي جعلت من العمال رهائن للنزاع المسلح.



عمال غزة عند حواجز الموت

فيما يلي مقتطفات من اعلان المكتب الاعلامي للاتحاد العام للنقابات الفلسطينية في غزة، الذي تم توجيهه لجمعية معاً النقابية.



"حواجز الموت" هكذا تسمى المعابر الاسرائيلية بين اوساط العمال، لما فيها من معاناة واذلال لكرامة العامل الفلسطيني خلال ركضه وراء لقمة العيش. رحلة تكون احيانا محفوفة بالمخاطر، واحيانا تكون مغمسة بالدم، واحيانا اخرى برائحة الموت. رحلة من اجل تحصيل قوته وقوت ابنائه.

فالعامل الفلسطيني بطبيعته الانسانية يُقتل اكثر من مرة، جراء الاساليب والاجراءات التي يستخدمها جنود الاحتلال على المعابر والحواجز العسكرية. فكل يوم هناك حاجز جديد او اسلوب اذلال جديد. وتستخدم (اسرائيل) المعبر وتصاريح العمل لمساومة العمال على رزقهم، فتقوم بالضغط على العامل الفلسطيني من اجل استخلاص معلومات منه.

يجب الا يدفع الانسان حياته ثمنا للقمة العيش، يجب الا يضطهد من اجل اعالة افراد اسرته. انها رحلة اشبه بالخيال لمن لا يمر بها، ولكنها وللاسف اصبحت روتينا لكل عامل فلسطيني يسعى للعيش بكرامة.

ان حجم الدمار والخسائر المادية الذي خلفته السياسات الاسرائيلية والاجراءات السابقة الذكر بحق العمال وقطاع العمل الفلسطيني، قد وصل الى معدلات مهولة في ظل فترة زمنية وجيزة. ومن اسباب ازدياد معدلات البطالة والفقر استهداف قوات الاحتلال لقطاع العمل المحلي، من خلال تدمير الورش والمصانع الصناعية والمؤسسات الانتاجية التي تم تدمير 750 منها.

واضافة لما سبق، فان سياسة الاعتقالات التي تمارسها قوات الاحتلال والشرطية الاسرائيلية بحق العمال، تعتبر منافية لكافة التشريعات والقوانين. وقد قامت مؤخرا باعتقال آلاف العمال داخل الخط الاخضر، والزج بهم في السجون. كما قامت باعتقال ارباب عمل من عرب الداخل ومن الاسرائيليين ايضا، لمجرد انهم قاموا بتشغيل عمال من مناطق السلطة الفلسطينية.

اضافة الى الشائعات التي تقوم بترويجها عن اصدار تصاريح للعمال الفلسطينيين، فهي تقوم باصدارها اليوم لتصادرها صبيحة اليوم التالي. ويبلغ مجموع من يملكون تصاريح عمل حوالي 13 الف عامل، ولكن لا يسمح بالعبور الا لسبعة آلاف.

ومن منطلق المصالح المشتركة والمتبادلة بين العامل الفلسطيني وارباب العمل الاسرائيليين، يجب ان نعترف جميعا ان العامل الفلسطيني هو الحل الوحيد والبديل الاوحد للعمل داخل الخط الاخضر، ذلك ان العامل الفلسطيني ذو تكلفة رخيصة ويعتبر من امهر العمال في كافة القطاعات، مقارنة بالعمال الاجانب الذين يتم جلبهم للعمل.

العامل الفلسطيني لا يتطلب تكلفة اضافية، فهو يخرج من منزله ويعود اليه. كما ان ما يتلقاه من راتب شهري يعود الى الخزينة الاسرائيلية، حيث الارتباط الوثيق بين الاقتصاد الفلسطيني والاسرائيلي، اضافة الى كون المجتمع الفلسطيني مجتمعا استهلاكيا من الدرجة الاولى. هذا خلافا للعامل الاجنبي الذي يتطلب تكلفة اضافية من توفير مكان للسكن، اضافة الى انه يقوم بتحويل ما يتلقاه من راتب خارج اسرائيل، مما يضعف سوق الاستهلاك فيها.

اننا، وبكل صراحة وثقة، متأكدين من ان المجتمع الاسرائيلي لو اطلع على حجم المعاناة التي يعانيها العامل الفلسطيني، سيتبنى وجهة نظر مخالفة تماما لما يروّج له في وسائل الاعلام، نظرا لان الحكومة الاسرائيلية تتبنى سياسة عنصرية تقوم على اساس التمييز العنصري حتى بين الاسرائيليين انفسهم. نحن نقول هكذا لاننا متأكدون ان المجتمع الاسرائيلي يريد العيش بسلام مع جاره الفلسطيني، ويريد ان تتواصل مسيرة المصالح المشتركة بين الشعبين.

اننا ننبذ كافة انواع العنف ضد المدنيين من الطرفين، كما نرفض الاحتلال في نفس الوقت. فنحن ضد الهدم ومع البناء. فمتى سيأتي هذا اليوم الذي يتمكن فيه العامل الفلسطيني من الذهاب الى عمله بكرامة والعودة بكرامة. ومن هذا المنطلق، فاننا نهيب بجمعية معاً الموقرة والتي شعرنا بصدق نيتها، بانها تهتم بامر العامل الفلسطيني، ان تبدأ بالتحرك لنقل وعرض الصورة الحقيقية لما يتعرض له العامل الفلسطيني على الحواجز والمعابر الاسرائيلية، ونقل الصورة لكل من يشاركنا الرأي باننا خُلقنا لنعيش كجيران وليس كخَصمين.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لطلاب جامعة إدلب دعما للشعب الفلسطيني


.. محتجون يحاصرون وزارة العمال والنقابيين البريطانيين للضغط على




.. عيد العمال بفرنسا: -يجب وضع حد لسياسة تدمير المكاسب الاجتماع


.. تونس.. مئات العمال يحيون عيدهم بمظاهرة في شوارع العاصمة




.. أصوات من غزة| في يومهم العالمي.. العمال يعانون البطالة وقسوة