الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاغة الغموض في - أشرب و ميض الحبر - للقاص اسماعيل البويحياوي.

مصطفى لغتيري

2009 / 6 / 8
الادب والفن



لا شك أن الوتيرة المتسارعة التي تصدر بها مجاميع القصة القصيرة جدا، تشي بأن هذا الجنس الأدبي الوليد قد وطن لنفسه مكانة خاصة في قلوب المبدعين المغاربة، و وجد له في التربة المغربية حضنا دافئا يحتويه .. و لعل ذلك ما سيساهم في تحقيق التراكم المرغوب ، الذي سيمكن النقاد – لا محالة- من أن يتلمسوا اتجاهات الكتابة في القصة القصيرة جدا و تحديدها ، رغم أنه يبدو أنها في تناسل مستمر.، مما يجعلها عصية على الحصر.
و يعد القاص اسماعيل البويحياوي أحد القصاصين الذين اختاروا أن تكون القصة القصيرة جدا الوسيط الذي يقدمهم للوسط الأدبي ، بعد أن رصدوا لمدة طويلة المشهد القصصي المغربي من خلال متبعاتهم النقدية المشهودة ، التي انصبت بالخصوص على القصة القصيرة جدا.
و مما يثير الانتباه في المجموعة القصصية " أشرب وميض الحبر" للقاص اسماعيل البويحياوي ارتكازها على بلاغة الغموض ، و نقصد بذلك أن القاص لم يتعامل مع لغته بنوع من الحياد ، باعتبارها و سيلة توصيل و تواصل ، بل اشتغل عليها بكثير من الحرص ، ليجعل منها أيقونة تستحق التوقف و التأمل و التفكيك و من ثمة الفهم أو التاويل ، لتكون بذلك أقرب إلى لغة الشعر ، التي تنحو نحو الإيحاء و التورية أكثر من لجوئها إلى التوضيح و السفور.
و يفرض هذا الانطباع نفسه على المتلقي انطلاقا من العتبة الأولى و الرئيسية للمجموعة و أقصد بها العنوان ، هذا الأخير الذي لعب المجاز دورا حاسما في بنائه ، وذلك من خلال إضافة الحبر إلى الوميض أي الضوء ، ثم من خلا ل شرب هذا الوميض ، فالشكل الذي ارتضاه الكاتب للعنوان غارق في المجاز ، مما يجعل الغموض يتسلل إليه ، فيفرض على القارئ التعامل معه بخلفية قرائية ، تستمد أدواتها من الاشتغال الشعري.
كما تتخلل الصور البلاغية كل قصص المجموعة تقريبا ، هذه الصور البلاغية ميسمها المجاز ، الذي يسافر بالمخيلة في عوالم المعنى البعيد و المستعصي أحيانا ، مما يفسر بأنه دعوة من الكاتب للقارئ من أجل المشاركة في بناء المعنى ، ونورد هنا بعض النماذج لهذا النوع من التعاطي مع الجملة ، الذي يتميز بهيمنة البعد الاستعاري.
-بصيص اللحظة الحربائي.
يتقيأ أوصال تمارينه المترهلة.
- فاضت شروخ الروح ، و تقرحت دموع الفردوس.-
- - يرشف زبد الغبار.


و لم يقتصر الأمر على توظيف المجاز في القصص ، و الذي يبدو مهيمنا على أكثر نصوص المجموعة ، بل تعداه إلى التركيب ، الذي لم يخضع إلى الصياغة العادية التي تميز لغة القص عموما ، بل انزاح إلى غير المألوف ، ليبتكر لنفسه تركيبا يراهن على فعالية القارئ و مشاركته في بناء المعنى أو اللامعنى.،و قد تميز هذا التركيب بالحذف و الجمع بين المتناقضات ، و كنماذج لذلك نذكر :
- أطل شبح المفترس الرحيم بأمره و اقفا على أسلافه المقدسين
-تبتلع قدرها عن طيب رعب.
-يبيض له قدره المخصي.
ثم أخيرا و مع..-
و يمكن كذلك الإشارة إلى عدم تحديد هوية الشخوص و الاكتفاء بالإحالة على ضمير الغائب أو الغائبة، مما ضاعف سمة الغموض في كثير من القصص ، و كأن القاص يتغيا من وراء ذلك الإيحاء بأن شخصياته هي الإنسان عموما أينما و وقتما وجد.
و أخيرا تؤشر المجموعة القصصية " أشرب وميض البحر" لاسماعيل البويحياوي على خصوبة القصة القصيرة جدا و حيويتها ، و قابليتها المبهرة للتكيف مع شتى أصناف الكتابة و الصياغة ، و هذا –لعمري- مكسب هام لها ، يبعد عنها شبح النمطية و التشابه و التناسخ ، الذي –لاريب- يصيب الجنس الأدبي بالتكلس و من ثم الانحطاط و الانقراض









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الغناء في الأفراح.. حلال على الحوثيين.. حرام على ا


.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب




.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ


.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش




.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا