الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )

اليمين أمير

2009 / 6 / 8
الادب والفن


خرجت من المقهى وأنا أحمل في مخيلتي فكرة رائعة.. لو تجسدت في قصة لكانت أجمل ما كتبت في حياتي.. بدأت تلك الفكرة تتخمر في ذهني وأنا أجوب الشارع الطويل الممتلئ بالقناديل الداكنة والمصابيح المكسرة، فرحت أهرول كي أصل بسرعة إلى بيتي لأزرع ذلك الإلهام فوق صفحة من صفحات كراستي.. وقد كنت أردد بعض الكلمات التي راودتني في الطريق حتى لا أنساها، وحال وصولي البيت أسرعت إلى غرفتي وبحركة خفيفة سحبت كراستي من فوق طاولتي ورحت أتخيل المشهد كاملا فوق إحدى صفحاتها البيضاء.. ثم أدخلت يدي في جيبي لأخرج قلمي الأسود الذي لا يفارقني.. لكنني فوجئت بعدم وجوده في مكانه فقلت في نفسي ربما أكون قد نسيته فوق الطاولة أو في الدرج أو في أي مكان من الغرفة، غير أني لم أعثر له على أي أثر، انتابني قلق مضطرب فرحت أقلب الأشياء وأفتش عنه في كل جزء من أرجاء الغرفة بلا جدوى.. وفجأة تذكرت صديقي وتذكرت أنني قد أعطيته قلمي حينما كنا في المقهى، وقد أخبرني ساعتها بأنه أراد أن يكتب الليلة الماضية قصيدة جميلة جدا.. لكنه لم يعثر على قلم في بيته، وراح يبحث طيلة الليل عن قلم ليكتب قصيدته دون جدوى إلى أن ضاعت منه فكرته التي هبطت عليه وحيا من السماء أو كما قال.. رحت أنا بدوري أبحث عن شيء أخط به قصتي لألا تضيع فكرتي هي الأخرى، لكن الحظ كان مكبلا في مكان ما بعيدا عن هذا الجو المحيط بي.. وأنا أبعثر الأشياء في جنون كمن يبحث عن جمجمته وسط ركام من العظام.. فكرت أن ربما لو أنني ذهبت إلى بيت صديقي واستعدت قلمي لكان أحسن.. ولكن الوقت متأخر جدا ومنزله أبعد من أن تصله مترجلا في وقت قصير.. كذلك تذكرت حظر التجول المفروض منذ أيام عقب الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد. ورأيت أنه من غير اللائق أن أهاتفه في ساعة متأخرة كهذه من أجل مجرد قلم.. وبينما أنا على تلك الحال إذ صادفني قلم حبر جاف التقطه بسرعة خاطفة كالصقر حينما يقتنص فريسته، وسحبت مباشرة ورقة من تحت الركام الذي كنت قد أنشأته تلك الليلة. لم يخيبن ذلك القلم الأحمر رغم أني كنت أبغض هذا اللون بشدة إلا أني مضطر غير باغ ولا عاد.. كتبت العنوان كاملا بلون كالدم العربي المستباح، لكن القلم أعرض عن كتابة أي حرف آخر وتوقف في هدوء رهيب كأنه جريح نزف آخر قطرة من دمه.. حاولت أن أسعفه كما الأطباء ولكن دون جدوى.. جفت الأقلام وطارت الصحف.. تذكرت أحد الأصدقاء المبدعين كيف رحل عنا وهو ينزف دمه قطرة بعد أخرى دون أن يجرأ أحد على إسعافه، تذكرته فراحت دموعي تسقي تلك الورقة البيضاء علها تنبت حروفا تشكل حقلا من الكلمات لفكرتي التي بدأت تتلاشى من مخيلتي كأنها تريد الرحيل إلى ذهن رجل آخر يملك العديد من الأقلام والكثير الكثير من السلم والأمان..
بت تلك الليلة جالسا على الكرسي أحدق في تلك الورقة إلى أن غابت عن وعيي كل الأشياء.. في الصباح استفقت على ألم شديد في رأسي وتشنج في عضلاتي، فاحترت كيف أنني تركت سريري ونمت على الكرسي ليلة كاملة، ورغم أنني لم أتذكر ما حدث تلك الليلة إلا أني كنت متيقنا أنه شيء هام جعلني أنام جالسا وأشعر بهذا الألم الحاد في رأسي وهذا النوع الغريب من الضياع.. خاصة حينما رأيت ورقة أمامي فوق الطاولة مكتوب عليها - بذلك اللون الذي أمقته حد الوجع - الفكرة الرائعة.. وبعض النقاط المبعثرة كقطرات الندى..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?