الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلايا العسل في مرايا الحب والغزل- 2

رياض الحبيّب

2009 / 6 / 9
الادب والفن


أصرّت كاتيا Katja على التقاط صُوَر لكِلينا بالكاميرا التي مع والدتها
في إحدى أماسي ليماسول العاري نسبيّاً
قدّام البحر والقاعدة الإنگليزية القائمة على إصبعه-
في إمكانها رصد جميع الأجسام الساكنة منها والمتحرّكة
لكنها عاجزة عن رصد حركات الشفاه ولغاتها
إذ كنّا نتحدّث بلغة الزنابق
بروح هادئة تحبّ الحياة أكثر ممّا مضى

وحين دعوتهما إلى مائدة العشاء في المنزل
أحضرتا معهما هديّة- قنينة فودكا VODKA بلون نبيذ أحمر
كانت مخصّصة لأوّل شخص يقوم تجاههما بواجب الضيافة
قالت كاتيا: لا ينقص منزلك سوى شيء واحد-
أن يكون قريباً من السّاحة الحمراء التي في قلب موسكفا MOSKVA (موسكو)
وقبل أن يحين موعد السّفر بسُوَيْعات
رأيتهما عائدتين توّاً من البحر والنهار في أوّله

بعد مرور أسبوعين
تلقيت نُسَخاً من الصّوَر من بريد ليماسول
كما تلقيت كتاباً مبسّط الشرح لتعليم اللغة الرّوسيّة
لا تزال الصّوَر معي في الذاكرة
لكني ضيّعتُ العنوان والكتاب بعدما تركتُ قبرص
أمّا القصيدة التي بعثتُ بها إلى كاتيا فلا تزال معي-

إنها للشاعرة الرّوسيّة: آنا أخماتوفا (1889-1966)
هي مقاطع من قصيدة: من يدي يأكل الحمام
[ترجمة: جمانة حداد]


سوف أشرب نخباً أخيراً لمنزلنا المدمَّر

لحياتنا التعيسة

لوحدةٍ عشناها اثنين

وسأشرب نخبكَ أيضا:

نخب خداع شفتيك اللتين خانتا

نخب جليد عينيك الميت

نخب هذا العالم الوحش

الحنان الحقيقي لا يشبه شيئاً:

صامتٌ هو

بلا جدوى إذا تغطي كتفيّ

وصدري بمعطف الفرو

وبلا جدوى كلماتك المهموسة

عن روعة الحب الأول:

كم بتّ أعرفها جيداً

نظراتك هذه العنيدة والجشعة!



لا أعلم هل أنتَ حي أو ميت

هل على هذه الأرض أستطيع البحث عنك

أم يمكنني فقط

عندما يخبو المغيب

أن أندبكَ بصفاء في أفكاري؟



كلّ شيء لك: صلاة النهار

حرّ الليل الأرِق

والأبيضُ من سرب أشعاري

والأزرقُ من نار عينيّ

لم يُعشَق أحد أكثر منك

لم يُعَذبني أحد اكثر منك

ولا حتى ذاك الذي خانني حتى كدتُ احتضر

ولا حتى ذاك الذي غمرني ورحل



لقد علّمتُ نفسي أن أعيش ببساطةٍ وحكمة

أنظر الى السماء وأصلّي للرب

أتنزّه طويلاً قبل نزول المساء

كي أُنهك همومي الباطلة

وعندما الأشواك تصنع حفيفها في الوهد

وعندما تتدلّى عناقيد السّمـن الحمراء

أكتب أبياتاً فرحة

عن انحطاط الحياة

عن انحطاطها وجمالها

ثم أعود من نزهتي

الهرّة الكثيفة الزغب تلحس راحة يدي

تخرخر بنعومة

والنار تتوهج فجأة

على برج المنشرة الصغير عند البحيرة

وحدها صرخة لقلاق يحطّ على السقف

تكسر الصمت من حين الى حين

لقد علّمتُ نفسي أن أعيش ببساطةٍ وحكمة:

حتى إذا قرعتم بابي

لن

أسمعكم

ربما



هكذا هو الحب:

تارةً يتلوّى كمثل أفعى

ويمارس سحره في أنحاء القلب

وطوراً يهدل كيمامةٍ

على حافة نافذتي البيضاء



هكذا هو الحبّ:

قد يبرق على الجليد المتلألئ

أو يتراءى لي في غفوة القرنفلة

لكنه بعنادٍ وصمت

يخطف منّي راحة البال



أسمعه ينتحب برقّة

في صلاة كماني المُعَذب

وكم أخاف حين يعلن قدومه

في ابتسامة رجلٍ غريب



أنا صوتكم يا عشّاقي الكاذبين

وحرارة لهاثكم

وانعكاسُ وجوهكم في المرآة

والخفقان الباطل لأجنحتكم الباطلة

لا يهمّ من أنا

فحتى اللحظة الأخيرة سأرافقكم

لهذا تدّعون حبّي بجشع

رغم ذنوبي وشروري

ولهذا تعهدون إليّ بخيرة أبنائكم

لهذا لا تسألون عنه قط

وتلفّون منزلي الخالي على الدوام

بمدائحكم الدخانية

لهذا تقولون: لا يمكن اثنين أن يلتحما أكثر منّا

وتقولون: لا يمكن أحداً أن يحبّ امرأة بجنون أشدّ



مثلما يتوق الظل الى الانفساخ عن الجسد

مثلما يتوق الجسد الى الانفصال عن الروح

هكذا أنا اليوم

أتوق يا عشّاقي الكاذبين

إلى أن تنسوني
..............


آنا أخماتوفا: سيرة ذاتيّة
http://www.adab.com/world/modules.php?name=Sh3er&doWhat=ssd&shid=599

القصيدة كاملة:
http://www.adab.com/world/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=80718&r=&rc=0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شعر رائع
ج ح ( 2009 / 6 / 8 - 21:53 )
بكلماته الرقيقة العذبة..بين طيٌاته أفكار فلسفية قد تستوعبها أنت أكثر مما إستطعت أنا كونك شاعر....شكرا لهذا الإختيار الذي سنحت للقارئ فرصة قراءة شعر للشاعرة***أنٌا ***وإن السيدة جمانة أبدعت في الترجمة..الأخ رياض(ص ح) لا يسعني إل أن أقول سلم قلمك وسلمت أفكارك
ج ح


2 - الأخت الملهمة ج ح
رياض الحبيّب ( 2009 / 6 / 9 - 02:25 )
إنّ القصيدة هي التي تكتب الشاعر- أو الشاعرة- باتفاق الكثير من الشعراء والنقاد. ولهذا أقول عفواً، لا أدّعي استيعاباً أكثر منك، إنما أظن باختلاف درجة الحساسية في التذوّق واختلاف زاوية النظر

أمّا اختياري هذه القصيدة- وغيرها- فله أسباب عدّة ومنها أنّي أعرف قيمة تراث الشاعرة الأدبي وسيرتها الذاتية، فضلاً عن أنّ القصيدة تحكي جانباً من تجربة لي شخصيّة أشرت إلى جزء منها في المقدّمة

وأمّا ترجمة العمل الأدبي فمن أصعب الفنون الأدبيّة، حتى اضطرّ أحد المترجمين مرّة للذهاب إلى ضيعة أحد الشعراء الفرنسيّين- آرثر رمبو*- للإستفهام عن بعض الكلمات المميّزة التي استبدل بها الشاعر مقاطع نثرية، كي يكون أميناً في ترجمته ودقيقاً

شكراً لك سيّدتي على مرورك واهتمامك وتشجيعك- مع فائق الشكر والتقدير

* Arthur Rimbaud

اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو