الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد السعدي .. الشاعر الذي اقتفاه القدر

حسين التميمي

2009 / 6 / 9
الادب والفن


من المفارقات التي تثير الاستغراب والشعور بالحس الكوميدي لما يدعى بـ (القدر) ان الشاعر الشاب الممتلئ طموحا ورغبة في تحقيق الذات واختصار المسافات .. هذا الشاعر صاحب ديوان يقتفيني القمر ، اقتفاه (القدر) على حين غرة وهو يلج عقده الرابع بعد ان انهى على وجل وعجل عقده الثالث منذ أيام او أسابيع قليلة خلت ..
خالد السعدي .. الشاعر الشاب الجميل الاكبر والذي لا تخطئ العين شفافيته ورقته وابتسامته الانيقة .. هذا الشاعر الذي انطلق سريعا منذ العام 2003 ليؤسس لمشروعه الادبي بثقة وكان لظهوره الجديد هذا محل ريبة وتساؤل لدى بعض من عناصر الوسط الادبي وايضا لدى بعض من الجمهور الادبي .. لكن هذه الريبة وهذا الريب لم يوقف شاعرنا ولم يثنه عن المواصلة وكان للتهجير القسري الطائفي الذي تعرض له الأثر الاكبر في الوصول الى عوالم ومناخات ماكان له ان يدركها ويصلها لولا هذه الغربة القسرية والمفارقة الاخرى انني كنت التقي شاعرنا الجميل واستمع الى بعض من قصائده دون ان اعرف الى أي مكون او طائفة ينتمي .. وبتحديد اكبر لم اكن افكر في هذا الامر ذلك ان الكتابة والابداع لم يكن لهما أي انتماء طائفي او عشائري .. وحتى التسميات التي اطلقها بعض منا على نفسه لم يكن الغرض منها التميز عشائريا او طائفيا انما صادف ان التسمية لاقت استحسانا موسيقيا او لفظيا ما فاستمرت تحت هذا العنوان او ذاك .
من المفارقات الاخرى ايضا ان الشاعر طلب مني ان اهديه مجموعتي القصصية التي صدرت في العام 2005 وبعنوان (اعادة ترتيب) وكان يضمن طلبه هذا الرغبة في الكتابة عنها .. وهنا اود ان اعتذر للشاعر الشاب الشهيد الحي .. انني لم احمل طلبه هذا على محمل الجد او ان المشاغل حالت دون ذلك فأرجأت الاستجابة الى اجل غير مسمى ، وهذا الأجل استمر واستطال ولم اعلم من هو الشاعر السعدي حتى تعرضت للتهجير وعلمت انه تعرض هو ايضا للتهجير تحت مسمى مشابه لي .. ولا احاول هنا ان اؤكد اصطفافي الطائفي من خلال هذه المعلومة انما ان الفت عناية الساسة الى مدى ابتعاد ونأي كل المثقفين والادباء عما حل بنا من تمزق طائفي كوننا لم نفكر يوما في مثل هذه الامور بل اجبرنا على التفكير بها بعد ان حدث ماحدث لكن رغم ذلك لم نتعامل معها وفقا للنظرة او الموقف والافق المحدود الذي نتج عنه خراب حل بنا وببلدنا ولم يستثن احدا .
ولكي لانبتعد كثيرا عن الموضوع اقول ان الشاعر السعدي استطاع من خلال تجربته مع الغربة والشعر ان يلغي الكثير من المفاهيم الدخيلة وحصل من خلال مسابقة شاعر المليون التي اقيمت في الامارات على دعم وتصويت ابناء الشعب العراقي من كافة الطوائف والاعراق وايضا الشعب العربي .. أي انه وبرغم معاناته استطاع ان يوحد بين الجميع بطريقة لم يتمكن منها أي من الساسة الذين صدعوا رؤوسنا خلال فترة تفشي وباء العنف الطائفي وهم يطلقون الخطب ويدعون بأنهم ضد الطائفية فيما كانت القوى التابعة لهذا الطرف او ذاك تعمل ذبحا وقتلا بنا .
ولعل استدراجنا للكم الهائل من المفارقات في حياة هذا الشاعر تقف بنا امام حقيقة انه ورغم احقيته بالحصول على الجائزة الكبرى تعرض في الغربة الى الابتزاز او على اقل تقدير الى محاولة ما للتنحية وتم الوصول معه الى ترضية بحيث حصل على لقب شاعر القضية .. ولم يكن القائمون على هذه الجائزة يعلمون بأنهم منحوه جائزة اكبر من الجائزة الكبرى .. ذلك ان لقب شاعر القضية – في المهجر – هو اقرب ما يمكن ان يوصف به السعدي ، كونه مثل العراق الواحد في هذه المسابقة وفاز بالجائزة الاجمل وسط كل الجوائز ..
اليوم هاهو الشاعر يفاجئنا مرة اخرى .. فبعد ان استطاع ان ينجو بنفسه وابداعه عن كل انواع القتل والتدمير الاعمى .. وبعد ان تحقق هامش كبير ومطمئن من االناحية الامنية عاد الشاعر كما الطائر الذي اشتاق لعشه فاذا به وبعد مرور اسابيع قليلة يقتل وسط حشد من الناس وتحت عنوان الارهاب الاعمى فكأنما هو وبعد كل النجاحات والابداعات التي حققها عاد مجددا ليقف مع المواطن العراقي البسيط ليشاركه احزانه وآلامه ولم يتوقف عند هذا الحد بل واصل الابداع شعرا وعملا فاصطف مع قوافل الشهداء ليصدح عاليا وهو يلوح بجناحيه الى قمر حاول هو ان يقتفيه لكن القدر سارع الى اقتفائه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس لي ان اسال
علي النقاش ( 2009 / 6 / 8 - 23:23 )
كم كان مؤلما رحيل النخبه ولا اقلل من شان الاخرين ولكن المتميزون لهم وقع اخر لقد رحل امل اخر لبناء ما تهدم من البنى والنفوس اعدائنا يقتلون كل ما يمكن ان يعيد للعراق عافيته املهم ان يبقى العراق سقيم لا يحصد ابنائه الا الحزن والالم لقد رثيته في موقع اخر ابلغني الخبر المؤلم ..ومثلك اخي ليس لي ان اعرف
سوى انه شاعر القضيه .. وهذا يكفي


2 - بوركت
سعد محمد رحيم ( 2009 / 6 / 9 - 08:07 )
كانت تلك فجيعة أخرى حلت بنا.. رحيل هذا الشاب الطموح والمتفجر حيوية وطيبة.. وكتابتك يا صديقي أثارت فيّ مشاعر حزينة وايقظت ذكريات هي مؤونتنا في مواجهة وحشة حياتنا وقسوتها.. بوركت يا أبا آسر ورحم الله خالد السعدي وألهمنا الصبر على فراقه ومعه كل الأحبة الاخرين الذين تساقطوا شهداء على طريق الحرية والإبداع

اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق