الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
خديعة أوباما
شاكر الناصري
2009 / 6 / 9السياسة والعلاقات الدولية
بلا شك أن المهمة الاولى والأساسية لكل الروؤساء الامريكان هي تحقيق مصالح الولايات المتحدة الامريكية وتعزيزها كل بطريقة ووفق الرؤية التي يحملها هذا الرئيس أو ذاك وبلا شك أيضاً إن وصول أي واحد من الرؤساء الى البيت الابيض ليس بالامر الهين أو بالأمر الذي يجري وفقاً للنظم والقوانين الانتخابية السلسة والمرنة أو وفقاً لحكاية الحقوق المدنية المقدسة في أمريكا التي يتم تصويرها من قبل الماكنة الاعلامية الامريكية وأنعكاساتها وكأنها الاداة السحرية التي توصل أي راغب بالوصول الى البيت الابيض . إن وصول أي رئيس جديد لابد وأن يكون وفقا لقناعات الطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة وهي التي تحدد سلفاً من الذي يجب دعمه وأبرازه بصورة البطل المنقذ و حامل لواء المصالح الامريكية والاقدر على تحقيقها ، بالحرب والارهاب الدولي والعسكرتارية المنفلتة وأشاعة الفوضى في العالم ، خلاقة أو مدمرة ، أو بحمل لواء التغيير والانفتاح على العالم من أجل اعادة تصدير الهيبة الامريكية وبكل ما يعنيه هذا التغيير من أطر وشخصية معينة وخطابات يمكنها أن تعطي الانطباع المخادع بأن التغيير آت لامحالة.
لم يكن وصول أوباما الى البيت الابيض بعد النتائج التي حققها في الانتخابات الا حلقة ضمن مسار ترسمه الطبقة السياسية الحاكمة والشركات العملاقة وأصحاب رؤوس الاموال العابرة للقارات ، فكل ما تحقق في زمن بوش الابن لم يكن سوى خيبات متتالية أوصلت مكانة أمريكا وهيبتها على الصعيد الدولي الى الحضيض وجعلتها على صورة محارب متوحش ومسعور لايشبع من الدم ولا من القتل وتدمير العالم وتعزيز الارهاب في كل مكان .أصبحت أمريكا مرادفا للغطرسة ونعدام الأستقرار في العالم وتحقير بني البشر . لذلك لابد من منقذ يخرج عن المألوف والسائد داخل أمريكا وخارجها ، شاب بكاريزما قوية وبشخصية وحضور أعلامي لانظير له . رياضي مرح ولايلتزم ببروتكولات الحكام والروؤساء ولا الاتكيت الرسمي ، وفوق كل هذا خطيب مفوه يصل الى قلب من يستمع له . وصل أوباما الى البيت الابيض حاملا معه الكثير من الامال التي وعد الناخب الامريكي بها وفي نفس الوقت فانه قد حمل خطابا الى العالم مليء بوعود السلم والامان والشراكة .
إن المهمة الاولى للرئيس الجديد هي أعادة صياغة الوجود الامريكي على خارطة العلاقات السياسية في العالم وتخليصها من كل ما لحق بها من علامات استفهام وشكوك بسبب ممارسات الادراة السابقة بقيادة بوش واليمين الامريكي المتطرف والمتغطرس . العالم الاسلامي والعربي أحدى الساحات الاساسية التي عبر أوباما عن رغبته في اللعب فيها من أجل أزالة المخاوف والغموض والشكوك التي تعتري علاقات أمريكا مع هذا العالم المضطرب ومُصنع الارهاب والتطرف الديني وأنعدام حقوق الانسان وانفلات وطغيان الانظمة الدكتاتورية وتحويلها المجتمعات والدول التي تحكمها الى سجون هائلة للملايين من البشر الذي يواجهون الاستبداد والقمع وأمتهان الكرامة وأستلاب الحقوق . مجتمعات يتعزز فيها الجهل والامية والتطرف الديني بشكل متواصل ويتحول فيها الانسان الى شيء فاقد للقيمة . إن رحلة أوباما ودعواته للتصالح مع العالم الاسلامي والعربي تأتي بعد أن تمكنت الانظمة العربية خصوصا من الأطاحة التامة بكل محاولات الاصلاح السياسي والأجتماعي والدستوري ،الطوعي أو القسري ، التي سعت الادارة الامريكية السابقة الى فرضها بالقوة او بدعم جهات وشخصيات كان نصيبها السجون والتشرد ، فثمة روؤساء يتناسلون ويتوارثون حكم بلدانهم ويعززون قدراتهم القمعية والاستبدادية ويحولون كل شيء في بلدانهم الى أداة لخدمة سلطاتهم . إن أوباما وأدراته الجديدة قد طووا والى الابد ملف المطالبة بتحقيق الاصلاحات السياسية والتحول الديمقراطي أو التدوال السلمي للسلطة . لقد تلمسوا أنهم يواجهون طواغيت قادرة على تعطيل كل شيء من أجل البقاء في السلطة وأن كل ما يعني أمريكا مصالحها أولا وأخيراً مادام هناك من يستطيع أن يؤمن لها ذلك دون المساس بقدسيته ووجوده وحكمه الأبدي .
رئيس شاب..حكام كهول
إن المعرفة التي أظهرها أوباما خلال خطابه الاخير في جامعة القاهرة بالعالم الاسلامي واستشهاده المتواصل بفقرات من القرآن لم تكن سوى وسيلة منه لتمرير طعم الخديعة للقائمين على هرم السلطة في العالم العربي ووسائل الاعلام والنخب السياسية الموالية للسلطات الحاكمة خصوصاً في السعودية ومصر وإن عبارات الثناء والمديح والأشادة بالحكمة كانت وسيلته لأنتزاع ما يريد من هؤلاء الحكام . الرجل يعرف ديننا وتقاليدنا الاصيلة ويحترمها ..هكذا واصلت وسائل الاعلام العربية ، الرسمية منها على الخصوص تسويق خطاب أوباما على المواطن العربي الطامح للعيش بكرامة وحرية قبل كل شيء آخر.
سبق لأوباما أن تمكن من أنتزاع عدة مليارات من الدولارات من الملك السعودي وحكام الخليج ، كمساهمة منهم في أخراج الاقتصاد العالمي من الأزمة التي يواجهها ، بمجرد أنحناءة بسيطة جعلت الأعلام العربي والسعودي يطبل لأوباما ولحكمة الملك التي جعلت من الرئيس الامريكي ينحني أجلالاً له .
خلال زيارته الاخيرة أوصل أوباما خديعته الى مديات أبعد من مجرد الكلام فهو في مواجهة ملوك وروؤساء كهول لايتمكنون من تحريك أجسادهم بشكل سليم ( ربما هنا يكمن مصدر الحكمة والالهام ..!!!) ولايتمكنون من الحركة والنطق السليم ( لانعرف كيف لملك لايتمكن من نطق جملتين مفيديتن قراءة أو شفاها أن يكون بهذا المستوى من الحكمة التي تستحق الأشادة ..!!!) ، لقد تجلى ذلك واضحا خلال لحضات تقليد الملك السعودي ،قلادة الملك عبد العزيز الذهبية لأوباما ، فأوباما لم يكتفي بمديح حكمة وكرم الملك السعودي بل طلب مشورته أيضاً في قضايا معينة !!!، الايدي المرتجة للملك الحكيم لم تتمكن من وضع القلادة على رقبة الرئيس الضيف دون مساعدة من أوباما نفسه . أما في مصر فأن الرئيس الشاب قد تمكن من خلال ممارسته لعبة القفزعلى السلم المؤدي الى حيث يقف الرئيس الكهل حسني مبارك غير قادر على الحركة البسيطة ، دون مساعدة ،لأبراز هيبته وأثبات وجوده أمام وسائل الأعلام ،من الوصول الى ما يريد ، أذ جعل هذا الرئيس الذي يحكم أكبر بلد عربي في مواجهة قاسية معه ، شباب طيع الجسد يحكم أكبر وأقوى دولة في العالم لايتردد عن القفز على سلالم القصور والطائرات كشخص يسعى للوصول الى نتائج أعماله بعجالة وأقدام ،في مواجهة رئيس تجاوز الثمانين من العمر بعدة سنوات ، يقف بلده على حافة الانهيار ، بفعل التخلف الاجتماعي والتطرف الديني وبفعل الفقر والبطالة وأحتكار ثروات البلاد بيد الرئيس وعائلته وحزبه وأطلاق يد الاجهزة القمعية والبوليسية لتمارس دورها اللامحدود في قمع المصريين ومصادرة حرياتهم وأذلالهم وأمتهان كرامتهم .
جاء أوباما الى العالم العربي والأسلامي محملا بالوعود وفي نفس الوقت فأن الكثير من النخب السياسية والحزبية والثقافية قد عولت على خطاب أوباما المنتظر ولكن أي أحد أوجهة من هذه النخب ومن السلطات لم يلمس أية امكانية لتحقيق وعد يصب في صالح المنطقة العربية والاسلامية ، قالها صراحة نحن نحترمكم ونحترم دينكم لكن الاولوية بالنسة لنا هي أسرائيل . ربما يكون وعد العمل من أجل تحقيق الدولتين في فلسطين وأسرائيل قد فعل فعله لدى الانظمة الحاكمة ووسائل أعلامها ، لكنه في حقيقة الامر مجرد وعد لايمتلك العرب والمسلمين أمكانية تحقيقه بقدر ما تستطيع أسرائيل . وعد جاء على خلفية القطعية والانقسام الحاد بين القوى الفلسطينية التي أحتكرت القرار السياسي ومارست كل أنواع الفساد والارهاب والانفراد بالسلطة والتي يتعذر دفعها للعمل من أجل هدف واحد دون مؤامرات أو تخوين وبعد أن فعلت الحرب الداخلية فعلها بين هذه الفصائل وجعلتها لاتتردد عن أنتهاز اية فرصة للانقضاض على بعضها البعض . إن هذا الوعد لايخرج مطلقا خارج أطار ممارسة الخديعة وكسب الوقت تحقيقا لمصالح أمريكا .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - منافق و بس
شريف
(
2009 / 6 / 9 - 02:49
)
اوباما انسان منافق و بس و لا يهمه حتى مصلحة امريكا
سليمان الحكيم قال - ويل لبلد حاكمها ولد- و هنا انا اقول ويل لكل من يصدق انه حاكم حقيقى. هو ينطبق عليه المثل القائل -يلعب بالبيضه و الحجر
2 - شكر وتحية للأستاذ الناصري
مريم نجمه
(
2009 / 6 / 9 - 08:59
)
شكراً لك يا عزيزنا شاكر على هذا التحليل العميق والنظرة البعيدة .. مقال منصف وموضوعي
كل الحب .. ونهاركم مبارك
3 - Obama’s credibility, as president and intellectual, and the
Talal Alrubaie
(
2009 / 6 / 9 - 13:09
)
I agree with your analysis and certainly believe that changing persons in charge in the US has the only goal of cementing the capitalist system of the US and strengthening the cohesiveness of it is political and financial structures. Your focus on the Palestinian-Israeli conflict could be justifiable in assessing the credibility and nature of Mr. Obama’s speech. However, I, an Iraqi, choose to focus on some thing else to assess Mr. Obama’s credibility, as president and intellectual, without feeling the need to be apologetic about it.
What I miss in the rhetoric of the current US president, as evidenced in his Cairo’s speech, and certainly in his predecessor’s is the ear-deafening silence on the most terrible crime committed against the historical and cultural heritage of any country since time began, namely, the looting of the Iraqi Museum. The US, the Occupier, is considered responsible legally and morally for not preventing this crime from happening. This crime has caused, and I am sure you agree, an immeasurable, possibly irreversible damage, to our identity as Iraqis and to t
4 - Appeal addressed to Mr. Altalabani and Mr. Obama
Talal Alrubaie
(
2009 / 6 / 9 - 14:56
)
Further to my comment above, I would like to suggest that Ahewar launch an appeal addressed to the Iraqi president, Mr. Altalabani, and the US president, Mr. Obama, calling on them to do their utmost to help retrieve the cultural and historical artifacts looted from the Iraqi Museum. Although this appeal certainlly could be signed by intellectuals and people from all wakes of life worldwide, I think it is the responsibly first and foremost that the Iraqis themselves initiate such an appeal.
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر