الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش العلمانية (2)

مازن الوكيل

2009 / 6 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تدور عجلة الزمن،ويظل هناك على الدوام، قويان يسعى كل منهما بمثابرة وحيوية الى إحكام مسك الارض والهيمنة على سكانها،وبكل اندفاع وجدية يحولان الحياة الى منازلة يدفع المجتمع فواتيرها المختلفة، من حياة ... ودم ..
هذان القويان ،الشريكان فيما حدث،وما يحدث ،وماسيحدث ايضاً، هما رجل السياسة والدولة،ورجل الدين والشريعة، إثنان متسلطان لايرحمان من يخالف مسلة طموحهما، فبقوة الدولة وجبروت رجالها، يقف رجل السياسة صلباً يلوح بالمال والسوط لكل من يخضع لملكه وسلطانه فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والسجون أوالمقصلة بانتظاره.
وبعرش المقدسات ،وسحر السماء، يلوح رجل الدين بالجنة لمن عمل صالحاً واطاع الفتوى وبالنار لمن عصى وتولى، ولازلنا منذ مقالنا السابق نسير بمحاذاة ماحدث ( التاريخ )، حيث كانتا كلتا القوتين مندمجتين في لحية الخليفة أو الامير، ومختزلتين في صولجانه واحياناً لايملك استغلال هذه القوة الا متملقٍ أو حسناء من علب الليل، وبمستوى غريب من تطبيق العلمنه كان الفقيه المحترف لايشكل سوى معلم لحلقة من المريدين يمرر فتواه ورأيه على خلفية رضا الامير وأذنه، لان الامير صاحب القوتين شريك في أمضاء وسريان هذه التعاليم، ومن حقه امتحانها وامتحان روادها وفق ما يعتقد وبالطريقة التي تحفظ متطلبات حفظ العرش، واحياناً لتفكهه ومزاجه.
فقد كتب الطبري في تأريخه أنه في سنة 218هـ كتب المأمون الى عامله في بغداد اسحق بن ابراهيم حول امتحان القضاة والمحدثين وامر بأشخاص جماعة منهم الى (الرقة) وسؤالهم بما يعرف في التاريخ بمحنة(خلق القران)وانتهى اللقاء بينه وبين الفقهاء، كما يصف الطبري المشهد حيث يقول (فرأى امير المؤمنين أن اولئك شر الامة ورؤوس الضلالة) أي انهم اصحاب رأي يهدد امن واستقرارالعرش، أو كما يعبرون تأريخياً أنهم (اصحاب فتنة) والقضية واضحة فالامتحان سبيل لمعرفة من له استعداد في مخالفة الامير والتحرش (بدست السلطة), وكان على رأس ضحايا هذه المحنة احمد بن حنبل امام السلفية.ويبدو ان رجال الدين، او ما كان يسمى بالقضاة والفقهاء والمحدثين أخذوا يشعرون بان أعطاء سلطانهم وقوتهم بهذه المجانية الى الخليفة ورجل الدولة حماقة وتنازل الى حد الأسراف فمثلاً أنهم ضحوا بمزايا ثورة الحسين وأعتبروه قتيلاً بسيف جده كما يصف ذلك القاضي ابو بكر بن العربي فدم الحسين إذن هدية فقيه الأمويين الى عروشهم، وجر الموت بعد الحسين ثواراً ومفكرين ذبحوا بتأييد رخيص ومجاني من الفقهاء هبةً لظل الله على الارض خليفة المسلمين أو فيما ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء عن يزيد بن عبد الملك الذي أقسم له أكثر من أربعين فقيهاً بأن الخلفاء لايخضعون لحساب الله يوم القيامة، على أثر مناقشة في مجلس الخليفة الأموي.هذه المجانية قد أعيد النظر بها،وانتهى الحال بهم الى حتمية سلب ظل الله عن الخليفة، فان قولاً للمأمون يصف فيه من يقول بغير قوله في قضية(خلق القران)بانه ليس له حظ في الدين ونصيب من الايمان، كما عبر الطبري هو حديث عن الايمان والكفر الذي هو سر قوة رجال الدين.
واذن لابد من استرجاع هذه القوة وانتزاعها من عرش الخليفة ليتطور بعد ذلك مفهوم رجل الدين ويقف ندا قوياً لرجل الدولة ويعيد انتاج هذه القوة عن طريق تأسيس تكتلات حزبية تنادي أحياناً بالدعوة الى الاسلام أو تطبيق الشريعة على ماهو معروف في تاريخ الاحزاب الدينية ونشأتها الاولى التي كان يعبر عن عصورها بعصور الفرّق والمذاهب التي ينعت اربابها احيانا بالائمة أو المصلحين، وأحيانا بالمتشرعين كما يحلو للمتأثرين بهم أن يصفوهم.
فلا هبة من السماء لعرش الخليفة، فهذه الهبة في خزانة رجل الدين يتمتع باسرار قوتها، ولايمكن ان يتنازل عنها، بل هو سباّق الأن الى الانتخابات ليجمع كلتا القوتين،هذا ما حدث ... وفيما يحدث كلام اخر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال مختلف
سيف ( 2009 / 6 / 11 - 00:31 )
الحق ان هذا المقال شيق ويعبر عن مفهوم العلمانية بطريقة رائعة دون الدخول بتفاصيل المفهوم انما توجيه النظر الى الحاجة اليها عن طرق فهم التاريخ اشكر الكاتب ونتمنى له ان يرفدنا بالمزيد

اخر الافلام

.. لماذا تحظى سيارة بيك أب بشعبية كبيرة؟ | عالم السرعة


.. -بقنابل أمريكية تزن 2000 رطل-.. شاهد كيف علق حسام زملط على ت




.. عودة مرتقبة لمقتدى الصدر إلى المشهد السياسي| #الظهيرة


.. تقارير عن خطة لإدارة إسرائيلية مدنية لقطاع غزة لمدة قد تصل إ




.. قذائف تطلق من الطائرات المروحية الإسرائيلية على شمال غزة