الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعار أوباما: نعم نستطيع ... أن نتحاور

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 6 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


هذا هو الشعار الذى تبناه باراك أوباما "الرئيس الأمريكى رقم 44" أثناء حملته الانتخابية التى قادته إلى البيت الأبيض. ومن الملاحظ أن الشعار الذى يتكون من ثلاث كلمات فقط "نعم نحن نستطيع" يتضمن لفظة "نعم" وضمير المتكلم "نحن" والفعل المساعد "يستطيع". من المعروف أن كلمة "نعم" تعبر عن الايجابية والتفاؤل تجاه القضايا والأزمات المحلية والعالمية، وضمير المتكلم "نحن" يرمز إلى الجهد الجماعى ونبذ الفردية وهذا يأتى متسقا مع مجتمع ديمقراطى له مؤسسات تشارك فى اتخاذ القرار. أما الفعل "يستطيع" فى اللغة الانجليزية فلابد أن يتبعه فعل رئيسى لكى تكتمل الجملة غير أن الشعار لا يتضمن فعلا رئيسيا وملحقاته بعد الفعل المساعد لأن أوباما يؤمن أن المجتمع الأمريكى لا يعرف المستحيل. الكل يعلم أن الرئيس أوباما ينتمى إلى ثقافة باتت مقتنعة أن هنالك ثمة علاقة بين الإسلام والإرهاب وأن الإسلام يمثل خطرا على الحضارة الغربية والأوربية وهذا التوجه تدعمه وتؤكده الوسائل الإعلامية المختلفة. والسؤال الذى نطرحه يتكون من عدة أجزاء: كيف نشأ هذا التصور الخاطئ عن الإسلام كمصدر للخطر على الأخريين ولماذا قرر أوباما أن يتخذ أسلوبا مختلفا عن الآراء التقليدية من خلال إضافة بضع كلمات لشعاره: نعم نستطيع أن نتحاور مع العالم الإسلامى ولماذا اختار جامعة القاهرة لتوجيه خطاب إلى العالم الاسلامى يوم الخميس 4 يونيو 2009م؟

بداية يجب أن نتعرف على الخلفية الثقافية التى ساهمت فى تكوين شخصية أوباما. من المؤكد أن أوباما أتطلع على الآراء التى تشير إلى خطورة الإسلام على الغرب وأوربا وهذه الآراء التى جاءت من شخصيات مختلفة سياسية ودينية وأكاديمية لم تؤمن أن هذا الصراع يمكن تداركه من خلال الحوار والتفاهم بل ساهمت فى تعميق الفجوة ولم تقدم حلولا سوى الدعوة للتكاتف والتضامن لمواجهة الخطر الإسلامى. فالرئيس نيكسون "الرئيس رقم 37" اصدر كتابا فى عام 1992م عنوانه "انتهزوا الفرصة" حيث زعم أن الإسلام والغرب نقيضان وأن المسلمين ينظرون إلى العالم كقطبيين قطب الإسلام وقطب الحرب ويعتقدون أن القطب الأول يجب أن ينتصر ويحذر نيكسون أن المسلمين يعدون العدة للقيام بثورة ضد الغرب لذلك لا يملك الغرب سوى التكاتف لمواجهة هذا الخطر الذى يهدد حضارته. وهذا الكتاب ترجم إلى العديد من اللغات بما فى ذلك اللغة العربية وبالطبع لعب دورا فى توسيع الهوة بين الحضارات. لقد لعب المفكرون دورا مهما فى ترسيخ الصورة النمطية للإسلام كمصدر للخطر. فالامريكى صمويل هنتيجتون الذى رحل عن الدنيا فى ديسمبر 2008م تناول صراع الحضارات فى مقال فى جريدة الشئون الخارجية فى عام 1993م وتحدث عن هذا الأمر باستفاضة فى كتاب فى عام 1996م وهو يعتبر أول من تنبأ أن الصراع فى الألفية الجديدة لن يكون حول الأيديولوجيات كما كان الحال فى سنوات الحرب الباردة. ففى رأى هنتجتون فإن صراع الحضارات سوف يساهم فى اندلاع الحرب القادمة وأشار إلى أن الإسلام يمثل مصدرا من مصادر الخطر على الحضارة الغربية. وهذا الرأى تبناه أيضا بعض رجال الدين. لقد أعلن أحد أساقفة البابا الراحل هو بول بوبارد فى صحيفة لو فيجارو الصادرة فى 30 سبتمبر 1999م أن انتشار الإسلام يمثل خطرا حقيقيا على مسيحيى الغرب وأوربا. وقد ازداد المؤيدون لأفكار هنتجتون عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م إذ لم يتردد الرئيس بوش فى الإشارة إلى أن الحروب الصليبية ضد الإرهاب سوف تستمر لبعض الوقت. والإشارة هنا واضحة للحروب التى بدأت فى القرن الحادى عشر حيث حث البابا ايربان فى عام 1095م رعاياه للتحرك لتحرير القدس من السلاجقة الذين احتلوها فى عام 1067م. هذه هى الخلفية الثقافية التى ساهمت فى تكوين شخصية أوباما. إذن لماذا يأتى أوباما بهذه المبادرة التى تتناقض مع آراء المفكرين؟

لقد قرر أوباما أن يبعث برسالة إلى العالم الإسلامى يغير من خلاله نظرة العالم الإسلامى تجاه أمريكا وقد اختار أن يلقى هذا الخطاب من جامعة القاهرة بعد أن رفض اقتراحا بإلقاء الخطاب من الجامعة الأمريكية فى القاهرة. لكى نتفهم هذه المبادرة فلابد أن نتوقف قليلا لقراءة الخبرة الحياتية التى ساهمت فى تنشئة هذا الرئيس وهذه التنشئة تجعله مختلفا عن الرؤساء السابقين من أمثال بوش. ففى عام 1967م انتقل أوباما مع والدته الى جاكرتا "عاصمة اندونيسيا" حيث التحق بإحدى مدارسها لمدة أربع سنوات عاد بعدها إلى هاواى حيث أقام مع جده وجدته. وفى ظنى فإن السنوات القليلة التى قضاها فى دولة إسلامية أتاحت له فرصة التعرف على الثقافة الإسلامية ومن ثم أصبح أكثر إدراكا لاختلاف الثقافات ولأهمية إجراء الحوارات التى تساهم فى الحد من الصراع الذى تنبأ به هنتجون وتلاميذه فى جامعة هارفارد. أما اختيار الجامعة منبرا يخاطب من خلاله العالم الإسلامى فيعزى إلى معرفته بأهمية الجامعات التى درس وعمل فى أروقتها. ففى عام 1988م التحق أوباما بجامعة هارفارد حيث درس القانون وتم انتخابه كأول محرر لدورية القانون التى تصدرها الجامعة وقام أوباما بتدريس القانون الدستورى فى جامعة شيكاغو من عام 1992م حتى 2004م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة