الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل للفساد دور في تضخيم ظاهرة المثلية في العراق ؟

باسم محمد حبيب

2009 / 6 / 11
حقوق مثليي الجنس


كنت جالس مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء نتداول موضوع الفساد ونتائجه الكارثية على المجتمع العراقي ،عندما انبرى احد الجالسين وهو من الضيوف مقاطعا حوارنا قائلا : ( عمي يا فساد يا بطيخ .. كلشي أهون من الجراوة !!؟ ) ، عندها تحول مسار الجلسة ليبدأ الجالسون بالتحدث عن انتشار هذه الظاهرة في أوساط المجتمع العراقي ، ودور المخابرات الإسرائيلية في نشرها !! ثم تطرق الحاضرون لتصدي قوى الأمن الداخلي لهذه الظاهرة واستبسالهم في مواجهتها حيث نقلوا لنا صورا من تلك المآثر، والغريب أن الجميع نسي أو تناسى موضوع الجلسة الأول ( أي موضوع الفساد ) ولم يعد إليه احد بعد ذلك .
هذا الأمر ربما يدعونا إلى التساؤل عن الدافع وراء تضخيم ظاهرة المثلية ( الجراوة!! التسمية الشعبية الجديدة ) ، هل فعلا أن وراءها دافع أخلاقي ما ؟ أم أن هناك دوافع أخرى تتحكم بها ، ولو كان الأمر كذلك ( أي هناك دافع أخلاقي وراء حالات استهداف المثليين ) ، لماذا لم يتم ذلك في مرحلة سابقة ؟ علما أن هذه الظاهرة قديمة قدم البشرية .
أن هناك بالتأكيد عدة تفسيرات لإثارة ظاهرة المثلية في هذا الوقت بالذات وبهذا الشكل العنيف ، إما أنها محاولة من بعض الجهات الدينية أو المليشياوية لإثبات الحضور وتأكيد الدور في وقت تتزاحم فيه العناوين والمسميات للظهور على المسرح العراقي والحصول على حصة من الكعكة العراقية ، أو ربما كان الهدف إحراج الحكومة على أساس أن استفحال هذه الظاهرة سببه الاحتلال وان هناك جهات معينة تقف بوجهه وبوجه التأثيرات التي أتى بها كنوع من المقاومة الأمر الذي يفسر حصولها في مناطق تهيمن عليها هذه الجهات أو ربما تقف وراءها محاولة البعض إبعاد انتباه الرأي العام العراقي عن ظاهرة الفساد والنهب المالي التي غدت اليوم احد أهم معالم الواقع العراقي و اخطر ظاهرة فيه بعد أن تجاوز الفساد أقصى درجاته و حدوده ، فبالإمكان وبكل بساطة خداع الرأي العام العراقي ، الذي يضم نسبة كبيرة من البسطاء والأميين من خلال الطرق على عقدة الشرف المؤثرة في الوجدان الشعبي ، ومحاولة إيهام الناس بوجود خطر أخر يهدد النسيج العراقي هو اشد خطورة وتأثيرا من ظاهرة الفساد ، وبدلا من أن يناقش الناس أو الإعلام ظاهرة الفساد والجهات المتورطة بها وحجم النهب الذي قامت به ، يتم بدلا عن ذلك التكلم عن ظاهرة المثلية (الجراوة ! ) وتهويلها إعلاميا وشعبيا ، بحيث يغطي الحديث عنها على موضوع الفساد الخطير .
وبالتأكيد لا تنجح الإثارة دون ممارسة القتل والتعذيب ، الذي هو بالتأكيد الجانب الأكثر مأساوية في هذا الأمر والذي حول هذه الظاهرة إلى ظاهرة إعلامية ساخنة بعد أن كانت حبيسة الأروقة الشعبية الضيقة ، فكان أن غدت ركن مهم من أركان الحوار الشعبي والإعلامي العراقي ، والغريب أن هؤلاء الذين انطلقوا في تعاطيهم مع هذه الظاهرة من شعار الدفاع عن الشرف ، لم يهتموا بالزوبعة الإعلامية التي أثاروها والتي أعطت مؤشرات عكسية ( أي عكس ما يطرحون في منهجهم ) ، حيث لم يعبا هؤلاء بالنتائج الكارثية لهذه الإعمال ولم يتهيبوا من تأثيراتها الإعلامية بعد أن هولوا في حجم الظاهرة وفي خطورتها ، فمن أولويات المدافعين عن الشرف كما نعهدهم (الستر) وهو أيضا ما يدعو إليه الإسلام ، وهؤلاء لم يعدموا وسيلة لنشر الفضائح والفضائع حتى أصبحت هذه القضية حديث الناس في كل مكان .
وبالتالي لا يمكننا إلا أن نتعاط مع التفسيرات التي اشرنا اليها قبل قليل في معرض تناولنا لهذه المسالة ، إذ لا يمكن تفسير مسالة التوقيت أو الترويج الإعلامي الذي رافق استهداف المثليين ، إلا بكونه إما تعبير عن عامل دعائي ينشده المستهدفون ( بكسر الدال ) لإبراز وجودهم أو لإثبات نهجهم ومعارضتهم أو لغرض التغطية على أمر ما ، وقد بينا في بداية المقال كيف انبرى صديقنا للرد على حديث الفساد و كيف نجح في قلبه إلى الحديث عن الجراوة ! وربما صديقنا انف الذكر قد دلنا على جزء من هذه الأحجية عندما انتفض بتلك المقولة الهادرة : عمي يا فساد يا بطيخ كلشي أهون من الجراوة !! .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية