الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباما وإيران بين اليوتوبيا والدولة الدينية

أحمد لاشين

2009 / 6 / 12
السياسة والعلاقات الدولية


منذ فترة ليست ببعيدة خرج علينا جورج بوش الإبن ليؤكد على أن الإنتقام سيكون شديداً بما لا يتوقعه الأخرون والجميع يتذكر أن أمريكا والغرب الأوروبي كان يجيد إستخدام العديد من آيات القرأن الكريم التي كان تخض على الجهاد بوصف أن الجهاد من المشاريع المؤسسة للدين الإسلامي بشكل كامل،مثل الآية الكريمة :( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم..)،وكذلك (فأقتلوهم حيث ثقفتموهم..)،وأكدوا وقتها أن القضية ليست فقط المسلمين أو الإسلام السياسي الحركي الذي أساء إستغلال الدين لصالح العمليات الإرهابية،بل أن الإرهاب مشروع أساسي في الدين الإسلامي والدليل (ترهبون به عدو الله..)،مع الإلحاح على فترة الفتوحات الإسلامية الأولى،ثم تعامل العثمانيين في البلقان،وخلط إنتقائي لأوراق التاريخ وللقرآن الكريم وما تلاه من المدونات الإسلامية،وتبعيد أي دور للدولة الإسلامية في النمو الحضاري الإنساني،وتشبيههم بالمغول،سيناريو معد سلفاً كان المبرر أمام كل هذا العبث الأمريكي بالعالم،وأستمر هذا الخطاب الإنتقائي حتى أواخر العام الماضي،ثم حدث هذا التغير المبرر أيضاً في الخطاب الأمريكي الإنتقائي كذلك الموجه للعالم الإسلامي خاصة على يد أوباما.
الخطاب الديني لأوباما :
قرر أوباما في خطابة أن يقوم بدور المخلص أو المنقذ لصورة الإسلام في العالم،مستخدماً في خطابة العديد من الآيات القرأنية المنتقاه والمختاره بعناية فائقة مثل الآية الكريمة (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)،وكذلك (من قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)،وفجأة تحول الإسلام من عدو إلى مؤسس للحضارة الأمريكية،كما ألح أوباما على المشروع الأندونيسي بوصفه تجربته الذاتية كذلك تجربة تتسم بالتسامح.ولكنه في النهاية قرر أن يستخدم نفس آليات الخطاب الإسلامي المعتدل التي تدير وجهها للعديد من مواضع الخلاف داخل النسق الديني ذاته،سعياً وراء التمسك بأصول لا خلاف عليها،بشكل يُعد تلفيقياً أكثر منه توفيقياً.
بنية خطابه ذات طبيعة دينية من الأساس،فهو في البداية يؤسس ويعترف بأخطاء الحضارة الأمركية بوصفها تسببت في العديد من الفجائع على مستوى العالم، ثم يدعوا إلى التجاوز لبناء عالم جديد،عالم يخلو من الألم أو العذاب الكل يعيش فيه بسلام،الإسرائيلي بجانب الفلسطيني،التطرف بجانب التسامح،بناء أسطوري احتوى كل المتناقضات.وكأنه أراد أن يؤسس عالم ديني تغيب فيه الصراعات لصالح الإنتماء للذات الإنسانية الحقة.دعوة للعالم إلى نسيان أو تناسي ما كان لصالح ما سيكون.
إيران والخطاب البديل:
صادف في نفس يوم الخميس الماضي مرور عشرون عاماً على وفاة الخوميني مؤسس الثورة الإسلامية وملهمها الروحي والفكري،مما دعى كالمعتاد أن يتم إحياء تلك الذكرى بخطاب يلقيه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية (علي خامنئي)، بجوار مرقد الخوميني ،والذي أشار فيه أن صورة أمريكا ستظل قبيحة أمام العالم خاصة بعد فترة الحكومة الأمريكية السابقة،بل أن الثورة الإيرانية كانت هي الملهمة لكل ثورات المنطقة،والمساندة لهم خاصة القضية الفلسطينية،ومهما حاولت الولايات المتحدة التودد للعالم الإسلامي فلن ينسى أحد الدور الأمريكي في دعم الدولة الصهيونية على الأقل.
بحيث وحد خامنئي بين الثورة الإيرانية وتغيير العالم أيضاً،ومن قبله كانت تصريحات نجاد يوم الأربعاء الماضي بهذه المناسبة،و التي أحتوت على خطاب مهدوي بديل متسق مع التوجات الدينية الإيرانية،بحيث أشار أنه سوف يُكّمل مسيرته في الإصلاح وتحقيق العزة للأمة الإيرانية بمساندة من الإمام الغائب والشعب الإيراني.أي أنه طرح مشروعه بوصفه مشروعاً منتظراً ليحقق دولة المهدي ويقيم العدل والمساواة في الدولة الإيرانية أمام طغيان أمريكا وإسرائيل.
وفي صلاة الجمعة التي تمت في جامعة تهران بالإمامة المؤقته (لآية الله أحمد جنتي) رئيس مجلس صيانة الدستور وأحد أهم المتشددين في النظام الإيراني،كان رد فعل خطبته على خطاب أوباما غاية في الأهمية،فقد أشار إلى رغم أن أوباما قد اعترف في خطابه بأن الولايات المتحدة كانت ضالعة في إسقاط رئيس وزراء إيران الأسبق مصدق عام 1953،وأزمة تأميم البترول الإيراني،وكذلك إعطاءه الضوء الأخضر لإيران بحق إستخدام الطاقة النووية السلمية،إلا أن هذا لن يُغير في الأمر شيئاَ،ما دام النظام الأمريكي داعم للقضية الصهيونية،ومحاولاته تغيير نتائج الإنتخابات اللبنانية ضد مصالح حزب الله،كلها أسباب تجعل الخطاب الأمريكي غير مقبول.
الإشارة هنا واضحة للغاية،ليس من مصلحة إيران كلية قبول المشاريع الأمريكية الجديدة التي يطرحها أوباما،وذلك للأسباب التالية ،أولاً: أوباما يقدم مشروع يتسم بالخطاب الفوقي الخلاصي أي أنه يطرح فكرة جديدة خالية من العداء المباشر،ليضع يده مباشرة على كل الملفات الدينية التي تسعى لتطبيق الشعارات الدينية والقيمية،فطرحه لنفسه بوصفه البديل اليوتوبي حل لن يُرضي إيران مطلقاً،ليس فقط للخلافات التاريخية بين النظاميين،ولكن حتى لا يشكل المشروع الأمريكي منافساً للمشروع الثوري الإيراني،والدليل على ذلك أن خطاب عيد النوروز الذي ألقاه أوباما لإيران تحديداً مستخدماً نفس الأليات التي أستفاد منها في خطابه بالقاهرة قد قوبل بإستهجان شديد من قبل النظام الإيراني،مما يشير أن إيران لن تقبل أي تسويات بديلة لما أعتمدته من مشروعات ضد أمريكية.ومن جانب أخر كان رد الفعل الإيراني لخطاب أوباما يضعه مباشرة أمام المصلحة الأمريكية المستحيل التنازل عنها مثل قضية الدولة الإسرائيلية،وأزمة حزب الله في لبنان،وكلاهما ملفين لهما إستراتيجية خاصة في السياق الأمريكي من المستحيل المساس بهما حتى لو كان الثمن إيران،فملفات الإسلام الحركي والدولة الدينية اليهودية،من المرتكزات في صنع القرار الأمريكي تجاه الشرق الأوسط.
ثانياً:إيران دولة دينية من الأساس تعتمد في بنيتها على مفهوم الخلاص والعالم الأفضل المنتظر،والفكر المهدوي في طبيعته فكر يعتمد على تراكم الخلافات التاريخية والمآسي الداخلية،وتضخيم من قيمة الأخر،وإلباسه ثوب الشيطان إلى أبعد الحدود الممكنة،وبالتالي إن حاولت إيران قبول التسويات الأمريكية المطروحه الأن سيفقد المشروع الإيراني أهم سماته المؤسسة وهي فكرة الإستكبار،خاصة في مرحلة تتسم بالغموض والتزعزع في النظام الإيراني ليست مرحلة الإنتخابات فقط دليلاً عليه،وبالتالي إذا قبل النظام الإيراني هذا المشروع المتسم بالدينية الأمريكية،قد يقبله على مستوى الباطن،ولكن يظل الخطاب المعلن ذا طبيعة عدائية،وإلا فما المبرر لوجود دولة دينية من الأساس.
المشكلة أن الصبغة الدينية التي تحدث بها أوباما قد أكددت على سمات رئيسة لا غنى عنها أولها أنه اكد أن الخلاف ما زال مستمراً بين الحضارة الأمريكية والمشاريع الإسلامية في العالم،إلا إذا قبل العالم الإسلامي بالحل الوسط الذي يرتضيه الأمريكان،ثانياً تأكيده على فكرة غاية في التناقض أولها أنه على إستعداد لمساندة الأقليات الدينية في العالم ولكن في نفس التوقيت لن يتدخل في الشأن الداخلي لأي من بلدان العالم،فكرة ألح عيلها بشكل دائم، بمعنى أن لكل نظام الحرية الكاملة في التعامل من ملفاته الداخلية بشكل كامل ،حتى أن منظمة حقوق الإنسان قد صرحت أن أوباما بهذا الخطاب قد أضاع فرصة سانحة لبحث ملفات الإضطهاد داخل بلدان الشرق الأوسط ، فقضية الأقليات الدينية أصبحت خارج الملف الأمريكي ولكن الأهم هو ملف الحركات والدول الدينية الإسلامية والتي جاء تحديداً لطرح مشروعه الخلاصي عليها.فالطرح الأمريكي الجديد يؤكد على سمات الإنتقائية والإضطهاد ولكن للخطر الإسلامي الحقيقي على الولايات المتحدة.
رد فعل الحركات الإسلامية:
جاءت تصريحات الحركات الإسلامية التي تقدم بالطبع مشاريع بديلة للدولة الدينية،والمدعوم كلية من النظام الإيراني،مثل حماس التي أعتبرت تصريحات أوباما تحتوي على الكثير من الامنطق والإفتعال،ومحاولة تجميل الذات،واعتبر بيان حزب الله أن أوباما لا يصلح أن يقوم بدور المرشد الناصح لما يحتويه التاريخ الأمريكي من إضطهاد وإرهاب بداية من الهنود الحمر إنتهاءاً بالعراق.
رد الفعل هذا غير بعيد عن الصياغة العامة التي تطرحها الجماعات الدينية أمام العالم وأمام ذاتها،بل أن أيمن الظواهري قد أصدر تصريحاته قبل الزيارة المنتظرة بوجوبية مقاطعة الزيارة والسعي إلى إفشالها لأن النظام الأمريكي لن يقدم الجديد بل مزيداً من الإرهاب والظلم.
الكل يتصارع على مفهوم ما لصلاحية المجتمع الديني المنتظر،الطرح الأمركي الجديد لن يصلح أمام التنقاضات الداخلية في البنية الدينية من حيث التأويل والممارسة،فالخطاب الأمركي الفوقي الذي يزعم إمتلاك الحقيقة لن يغير شيئاً أمام ما كانت تصنعه أمريكا ذاتها من دعم لنفس التوجهات التي تحاول مناقشتها الأن بدون أي شروط مسبقة كما إيران مثلاً.فالجذور السياسية والتارخية صعب أن تتغير أمام الظرف الديمقراطي الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ