الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق العودة الفلسطيني والتسوية الممكنة!

ماجد الشيخ

2009 / 6 / 12
القضية الفلسطينية


في ظل الصعود الثاني لليمين الصهيوني المتطرف والمتزمت، منذ سبعينيات القرن الماضي، بدأت إسرائيل العنصرية تكشف عن مزيد من وجهها الفاشي البشع، عبر ما حاولت إخفاؤه أو تخبئته أو تأجيله، وهي تذهب نحو سن قوانين استعمارية استيطانية وتطهير عرقي، ضد كل من تبقى من مواطني الوطن الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب على أرضهم وفي وطنهم. فاشتراط "يهودية الدولة" أي الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية لمجرد القبول باستئناف ما يسمى "عملية السلام"، كاشتراط مسبق، يعرف الإسرائيليون ومن يدعمهم ويدعم شروطهم أنه لا يوجد إجماع فلسطيني، ولا حتى أي موافقة من أي مستوى، أو من يمكنه الجهر بقبول اشتراطات كهذه، تحيل إلى حسم المفاوضات قبل أن تبدأ، وقبل أن يعرف الفلسطينيون، كل الفلسطينيين داخل الوطن بحدوده التاريخية وفي الشتات والمنافي القريبة والبعيدة، مآلهم ومآل قضيتهم؟.

ولا يكتفي عتاة اليمين الفاشي الإسرائيلي بذلك، بل هناك في إسرائيل اليوم ثمة ما يمكن أن نسميه إجماعا بحدود معينة، يؤيد هدف استكمال حرب التطهير العرقي ضد مواطني الجليل والمثلث والنقب، وضد حق عودة أهاليهم وأقربائهم الذين شردوا منذ منتصف العام 1948 إلى الوطن، وذلك عبر محاولات إقرار أو المصادقة على جملة قوانين عنصرية، تستهدف استئناف ما كانت قد لجأت إليه الحركة الصهيونية من تطهير عرقي منذ أكثر من 60 عاما، وذلك من قبيل موافقة الكنيست يوم 28/5 بالقراءة الأولى على مشروع قرار يقضي بالسجن لمدة عام كامل، لكل من يرفض الاعتراف بالكيان الصهيوني "دولة يهودية ديمقراطية"!! حيث تستطيع حكومة العدو بموجب هذا القانون ملاحقة أي مواطن فلسطيني في الجليل والمثلث والنقب بتهمة عدم اعترافه بـ "يهودية الدولة".

فضلا عن هذا، فإن قانون الولاء المسمى "لا مواطنة دون ولاء" والذي جهر به علنا الفاشي أفيغدور ليبرمان، وعلى أساسه خاض وحزبه "إسرائيل بيتنا" الانتخابات الأخيرة، هذا القانون له توابعه التي باتت تتجلى في قانون يمنع إحياء ذكرى النكبة، إضافة إلى قانون مقدم من قبل ليبرمان يمنح وزير الداخلية في حكومة الاحتلال والاستيطان صلاحية سحب الجنسية من أي مواطن لا يقر "يهودية الدولة"، وآخر يلزم من يمتنع عن أداء الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، بدفع ضرائب سوف تذهب بمجموعها لصالح المؤسسة العسكرية.. إلخ من أمثال تلك القوانين الفاشية التي يجري ابتداعها اليوم في ظل حكومة يمين قومي متطرف، تسعى إلى التراجع عن كثير من الحقوق التي نالها فلسطينيو الجليل والمثلث والنقب بنضالاتهم وكفاحاتهم المتواصلة منذ أكثر من ستين عاما.

بمثل هذه القوانين، وربما غيرها لاحقا، يستهدف اليمين الليكودي الحاكم وتحالفاته الفاشية المتطرفة، ليس خلق مقدمات إسقاط حق العودة لفلسطينيي المهجر والشتات، بل ومواجهة القنبلة الديموغرافية وتوقعات التفوق السكاني الفلسطيني خلال عدد من السنوات المقبلة، وذلك عبر المزيد من التضييقات والضغوطات التي تستهدف حملهم على الرحيل. كل ذلك هدفه الإقرار بانتفاء حق العودة الفلسطيني، وضرورته من أجل الوصول إلى تسوية مقبولة، فهل لا تدرك حكومة نتانياهو ومن يؤيد أهدافها عبر العالم، أن انتفاء حق العودة يعني انتفاء إمكانية الوصول إلى التسوية مهما تكن طبيعتها؟.

في حملته الانتخابية (24/12/2007) قدم باراك أوباما العديد من المواعظ الموجهة للفلسطينيين، وذلك حين أكّد على مفهومه لحق العودة، بقوله "أن على الفلسطينيين أن يفهموا حق العودة بشكل يحافظ على إسرائيل كدولة يهودية، ويمكن أن يشمل هذا دفع تعويضات من قبل الإسرائيليين وتقديم تنازلات أخرى، لكن إسرائيل لا يجب أن تتخلى في النهاية عن هويتها كدولة يهودية".!

يا لها من مواعظ .. فأية أهداف تلك التي تدفع الرئيس أوباما لـ "موعظة الجبل" هذه، تلك التي تقطع على التسوية العتيدة إمكانية أن تتحقق، إلاّ إذا تخلى الفلسطينيون عن حق عودتهم إلى ديارهم التي شردوا منها، واعترفوا باغتصاب إسرائيل الصهيونية لوطنهم، وقاموا بمحو تاريخهم وذاكراتهم، وتناسوا ذواتهم كضحايا لاستعمار استيطاني، استخدم التطهير العرقي وسيلة لطردهم ونفيهم وتشريدهم من أرض وطنهم التاريخي، أرض آبائهم وأجدادهم. ثم ألا تشكل رسالة أوباما إلى حكام 57 دولة عربية وإسلامية بالاعتراف والتطبيع مع إسرائيل، دفعة على حساب التخلي عن حق العودة الفلسطيني، مقابل الإقرار والاعتراف بـ "حق العودة الإسرائيلي" مرة وإلى الأبد؟!.

لهذا تحديدا سيبقى حق العودة الفلسطيني، النقيض التاريخي والمطلق لحق العودة المزعوم، لمن لا يملك أرضا لوطنه الموهوم، ولهذا سيبقى حق العودة الفلسطيني العقبة الكأداء أمام كل صيغ التسوية المطروحة، كما أن "الصحوة" اليمينية المتطرفة اليوم على إسرائيل كونها دولة يهودية، والسعي للحفاظ على هويتها المزعومة كونها كذلك، سوف يبقى يحبط كل جهود باتجاه تسوية سياسية ممكنة، كـ "حل الدولتين" أو أية صيغ أخرى، لا سيما وأن اشتراطات اليمين الليكودي الحاكم في إسرائيل اليوم وسياساته المعلنة كما المضمرة، سوف تبقى تقوم مقام المانع الجامح أمام الوصول إلى أي صياغة ممكنة، يتحقق بموجبها تحريك - ولو سلحفائي - لأية جهود محتملة لمتابعة أو استئناف المفاوضات. ولهذا سيبقى لسان حال فلسطينيي الجليل والمثلث والنقب: يوم استقلالنا يوم يعود أهلنا من الشتات والمنافي القريبة والبعيدة إلى ديارهم التي شردوا منها، ويوم حقنا الأصيل حين نستعيد وطننا التاريخي ويعود من شاء من اليهود إلى أوطانهم الأصلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 6 / 12 - 02:30 )
مع التسليم بمبدأ النضال من أجل حق العودة ، لكن هذا الشعار الرمزي لن يجد طريقه للتطبيق الفعلي على الارض. فإذا كانت إسرائيل تطالب بترحيل وبتطبيق سياسية تبادل الارض والسكان هل تعتقد أنها ستوافق على عودة نصف فلسطينيي لبنان الى اراضي 48 ؟ ربما سيعود البعض الى أراضي الدولة الفلسطينية القادمة وما هو مطروح رقم محدد ومتواضع حق العودة بالضبط سيبقى جزء من الذاكرة التاريخية للشعب الفلسطيني ولا أحد يدري حتى متى . هناك نماذج تشابه الحالة الفلسطينية في التاريخ مع الاعتراف بخصوصية الحالة الفلسطينية منها على سبيل المثال طرد اليونانيين من نيا سمرني وأضنة والقسطنطينة وتحويل كنيسة آيا صوفيا الى حظيرة حيوانات وليس الى مركز عبادة؟ ترى هل توافق تركيا على إعادة المهجرين اليونانيين او الارمن الى بلادهم ؟ ثم هل توافق على إعادة إنطاكية ولواء إسكندرون الى سوريا والاخيرة للعلم عدلت خرائطها الجغرافية بما يتلائم مع الواقع الجديد .ثم هل تعيد إيران الدولة الاسلامية التي يتغني بها البعض الجزر الثلاث الى الامارات أو تتخلى عن الآحواز .لذا ياصديقي البعيد عني جغرافيا ننتمي الى ذاكرة واحدة وتاريخ واحد لكن تفصلنا وستبقى تفصلنا الجغرافية وللمناسبة لماذا لايصوت فلسطينيو الشتات وشكراً


2 - نحو صيغة طموحة لكفاحنا الوطني
ماجد الشيخ ( 2009 / 6 / 12 - 11:54 )
عزيزي سيمون
ليس لدي وهم أن حلم العودة لفلسطينيي الجليل والمثلث والنقب يمكن أن يتحقق من خلال صيغ التسوية المطروحة حتى اللحظة، فكل هذه الصيغ تقوم على قاعدة تختلف عن صيغة حل تاريخي للمسألة الفلسطينية، وحتى هذا الحل، فإن مداه البعيد وربما الحالم، يحتم رفع شعارات تربوية كفاحية يمكنها أن تصوغ وعي جيل أو أجيال على أن حلم العودة يبقى أملا واعدا إن لم يكن في مستقبل منظور ففي مستقبل بعيد.
أما لماذا لا يصوت فلسطينيو الشتات، فلأن تحجيم وتقزيم الوضع الوطني الفلسطيني أمسى الشغل الشاغل حتى لقوى فلسطينية ما عاد يهمها سوى ما يحقق لها هيمنتها السلطوية على نطاق جغرافي، فضلا عن حالته الإنقسامية وتقاسماته الفصائلية، هو أصغر من أن يمكنها أن تقيم عليه دولة، لا سيما في الوضع الجديد الناشئ بعد انتخابات الكنيست الثامنة عشرة.
من هنا يشكل شعار حق العودة كما شعار الدولة الديمقراطية العلمانية، الصيغة الطموحة للكفاح الوطني الفلسطيني في ظل قيادة تاريخية لم تتوافر لشعبنا بعد للأسف. كما لا يتوافر في الجانب الآخر قيادة لها سمات وصفات الزعامة الديغولية القادرة على تخليص إسرائيل من عنصريتها ونزعتها الفاشية ونزوعها الكولونيالي ودورها الوظيفي في خدمة دول الاستعمار الغربي في سياق خدمة أهدافها العدوانية بخلفياتها ا


3 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 6 / 12 - 16:16 )
شكراً لرحابة صدرك هناك قواسم مشتركة أتمنى التواصل

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ