الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعي العراقي - بين الوعي الريادي والوعي المزيف

شلال الشمري

2009 / 6 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


هناك في أعماق زمن حالك السواد والعتمة ، وفي مدن سُمِّيَت مدناً مجازاً في حينه، تشكَّلت لأغراض دينية أو تجارية أو مثابات إدارية على طول الطريق جنوباً افتقدت أبسط مقومات الحضارة عبارة عن كانتونات مغلقة تربط فيما بينها الأنهار والطرق الترابية غير المعبدة لا يدخلها ولا يخرج منها سوى التجار وبريد الحكومة وزوار العتبات المقدسة ، غاصت في الأمية حتى الأذقان ، دقَّها الحرمان والظلم والجور وسادت في الفضاءات التي تفصل بينها تقاليد النهب والسلب وقطع الطريق ، وكان للإقطاع كلمته العليا ، بل كان له سجون وميليشيات في محيط أصبح فيه الإنسان أسير لقمة العيش لا يأمن فيه على كرامته ومصيره ، الجهل والمرض والفقر سيد الموقف في هذه المظلومية المزمنة كان الإمامان علي والحسين ( عليهما السلام ) هما الحلم المنقذ والمواسي للفقراء والمظلومين هما رمزا العدالة المطلقة وصوت الحق الذي لا يحيد تتأسى بهما جحافل الفقراء الذين شكلوا رأس الحربة في كل انتفاضة أو ثورة وقاعدة وأي تنظيم سياسي يرفع شعار العدالة والحرية ؛ لهذا وجد الحزب الشيوعي القاعدة الشعبية في الجنوب ؛ لأن المساواة والعدالة وتوزيع الثروات وقاعدة من كل حسب طاقته ولكلٍّ حسب حاجته وحكم الطبقة الكادحة ، إنهم لم يخرجوا بعيداً فهذه هي مبادئ علي والحسين فُعِّلَت بإطار تنظيمي يعطيها زخماً ودوراً حيوياً وانقلاباً على الواقع المرير ويكسر العلاقات البالية التي تكبل المجتمع وقد كان ذلك وعياً ريادياً سبق عصره في الزمان والمكان ولم تكن أسماء مثل ( كارل ماركس ) ، (فرديريك إنجلز ) ، ( فلاديميرإلتش لينين ) ، ( روزا لوكسمبرغ ) ، ( وكارل ليبخنت ) أو ( ماوسي تونغ ) و ( جيفارة ) فيما بعد ، لم تكن هذه الأسماء تخدش السمع ذلك ان علي والحسين خارج الزمان والمكان ولا بد أن لهما أتباعاً في كل بقاع الأرض ينادون بالعدالة والمساواة وإنصاف الفقراء .
وقد انطلق الحزب الشيوعي سباقاً ورائداً لكل الحركات السياسية التي كان لها شأن فاعل على الساحة وتميز بثقافة فنية وأدبية وفكرية وتحليلات اجتماعية وسياسية واكبت نمو المجتمع العراقي وكانت قاعدته الجماهيرية أوسع القواعد انتشاراً وثقافة وقادته نخب فكرية حظيت بالاحترام وفرضت نفسها على صدارة الثقافة والفكر ونتيجة لفاعليته تصدت له كافة الأنظمة المتعاقبة وبدعم من الإمبريالية الامريكية والبريطانية ولم يكن حركة سياسية مترفة تتحلق حول مجالس سمر تنفض بعد نضوب القارورة ، لقد تسلق منتسبوه أعواد المشانق وزجوا في المعتقلات وتعرضوا لأقسى ضـــروب التعــذيب التي كانت آخرها مصيدة الجبهة الوطنية علــى يد النظام البـائد

الآن وبعد سقوط النظام وفي العهد الجديد الذي يُسمَّى ( ظلماً وبهتاناً ) بالعهد الديمقراطي عاد الحزب الشيوعي كأحد اللاعبين على الساحة العراقية ، ولكنه عاد محلقاً خارج إطار الزمان والمكان فالأرض قد غطاها الطوفان ولا يوجد يباس يلتقط منه غصن الزيتون وقاعدته الجماهيرية استولت عليها التيارات الدينية ، والأيدلوجية الماركسية التي كانت تشمخ بفضل الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية أصبحت جزءاً من التراث والفكر الإنساني ووُضِعَت على الرف إلى جانب شقيقاتها من الفلسفات الأخرى بسبب إنهيار المعسكر الاشتراكي بغض النظر عن كون القصور في النظرية أو التطبيق والقيادات الجديدة محدودة الشهرة خارج إطار التنظيم ، والطبقة العاملة التي تشكل الركيزة الأساسية للحزب تحولت إلى FPS والصراع الطبقي لم يعد هو المُشكِل بل المشكل هو الصراع الطائفي الشوفيني وقطب الصراع المضاد والمنافس ( البرجوازية والرأسمالية الوطنية ) معدومة ومنهارة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً .
وتداخلت شعارات الحزب مع الآخرين فالكل يطالب بالعدالة والمساواة وتوزيع الثروات ويناصر الفقراء ، ومن إعلام الحزب ونشاطه تستشف أنه يعاني من مشكلة تمويل ويبدوأنه يتبنى مبدأ التقية إلى درجة انه لا يفصح عن تقاطعاته الفكرية إزاء الأحزاب الدينية والقومية وحتى تحالفاته شكلت صدمة على مستوى الشارع العراقي بل إن الإمبريالية الأمريكية شكلت مظلة مقبولة للعمل تحتها وهذا ما يتقاطع مع إرثه الإيدلوجي وحتى استقراءاته للواقع والمستقبل ينقصها الوضوح إذا لم تكن مجاملةً فهل انضب الزيت وانطفأ المصباح وأصبحنا نتخبط في زيف الوعي إلى درجة ان منتسبي ابناءالحزب يعطون أصواتهم للأحزاب الدينية !!!!!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني