الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يعدْ يعرفُ الليلُ كيف يُحيِّي قناديلَنا (مقتطفات)

أدونيس

2009 / 6 / 12
الادب والفن



1

خَرَجَ الوردُ من حَوْضِهِ

لمُلاقاتها،

كانتِ الشَّمسُ عُريانةً

في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرها.

هكذا يُولَدُ الحبُّ

في القريةِ التي جئتُ مِنها.



2

نهضتُ أسألَُ عَنكِ الفجرَ: هَل نَهضَتْ؟

رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مُرتَسمًا

في كلِّ غصنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:

جاءَتْ

أمِ الحُلمُ أغواني؟ سألتُ ندًى

على الغُصونِ، سألتُ الشَّمسَ هَل قرأتْ

خُطاكِ؟ أينَ لمستِ البابَ؟

كيفَ مَشى

إلى جوارِكِ وَرْدُ البيتِ والشجرُ؟

أكادُ أشطرُ أيامي وأنْشطرُ:

دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا – وَرَقٌ

يجرُّهُ في هَشيمِ العالمِ الشَّرَرُ.



3

صامتٌ ليلُنا.

مِِن هُنا زهرٌ ينحني،

مِن هنالك ما يُشبه التَّلعثُمَ.

لا رجَّةٌ، لا افتتانْ.

ليلُنا يتنهَّد في رئتَينا

والنوافذُ تُطبِقُ أهدابَها.

- تقرأين؟

- ضَعِ الشايَ. ضوءٌ

يتسرَّبُ مِنْ جسدينا إلى جسدينا

ويغيِّر وَجْهَ المكانْ.



4

هكذا – في عِناق الطَّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ،

لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ – عَفوَ أعضائِنا

ننتهي، نَبدأُ.

جسدانا

كوكبٌ واحدٌ.

نتبادَلُ أحزانَنا،

نتبادَلُ أحشاءَنا،

جسدانا دَمٌ واحِدٌ.

نحن صِنْوانِ في الجرحِ: مفتاحُ أيامِنا

ومفتاحُ أفراحِنا وأحزانِنا،

جَسدانا.



5

فَكَّتِ الأرضُ أَزرارَها، وسارَتْ

حُرَّةً في خُطانا،

عندما سألتْنا وقلنا:

نعرفُ الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا

طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنا

فتنةَ القمرِ المتشرِّد في طَمثهِ بأوجاعِنا،

ورسَمْنا

كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،

بتقاطيعِنا.

هي ذي أرضُنا، –

نتوقَّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه

كيفما دُوِّنَتْ

في دفاتر أيَّامِها.



6

نَهَرٌ – مِنْجَمٌ

نَهَرٌ غامرٌ

يتلبَّسُ أعضاءَنا

ويسافرُ فيها –

يدخلُ البحرُ فيه

تخرجُ الأرضُ منه،

والبقيةُ لا تُفهَمُ.

لا أحدِّدُ لا أرسمُ:

الدخولُ إلى ليل حبِّي مضيءٌ

والخروجُ هو المُعتِمُ.



7

علَّمتْني مَراراتُ أيَّامِيَ الرائيهْ:

ليس للحبِّ إلاَّ طريقٌ عموديةٌ

لا تُسمَّى –

وإنْ قيلَ عنها

لغةٌ في الهبوطِ إلى آخرِ اللَّيل،

في نارِه العاليهْ.



8

كيف لي أن أسمِّيَ ما بيننا ماضيًا؟

ليس ما بيننا قصةً،

ليس تُفَّاحَ إنْسٍ وجِنِّ

أو دليلاً إلى موسمٍ،

أو مكانْ –

ليس شيئًا يؤرَّخُ: هذا

ما تقولُ تصاريفُ أحشائنا.

كيف لي أن أقول، إذًا، حبُّنا

أخذتْه إليها تجاعيدُ هذا الزمانْ؟



9

تركتِ في جسدي وَرْدًا، تركتِ ندًى

تركتِ غابةَ ألوانٍ – تُراهُ غدي

يُضيئُها؟ أم تُرى أمسي يُضيِّعها؟

أفي عروقيَ ورْدٌ آخرٌ؟ شهقتْ

إلى ترابكِ أعضائي – نُمازِجُه،

نفيضُ فيه، ونستقصي، ونبتكرُ.

دمٌ هَوًى لهبٌ ماءٌ مدًى – أبدٌ

لا بالحياة ولا بالموتِ يُختَصَرُ.



10

ربَّما،

ليس في الأرض حبٌّ

غيرُ هذا الذي نتخيَّلُ أنَّا

سنحظى به، ذات يومٍ.

لا تَقفْ –

تابِعِ الرَّقصَ يا أيُّها الحبُّ، يا أيها الشِّعر،

حتَّى وَلو كان مَوْتًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنا أعرف ما هي جريمتك
حميد كشكولي ( 2009 / 6 / 11 - 21:50 )
يا مالئ الدنيا وشاغل الناس! لقد حلقتَ عاليا في سماء الشعر، وانفجرت بالشعر كما تنفجر أعماق الأرض بالبراكين والحمم...وهززت أركان النظام اللاهوتي السياسي للعرب وهذه هي جريمتك التي لا تغتفر
يا مسافرا ! تركت َ وجهك على زجاج قنديلك، خريطتك أرض بلا خالق ، والرفض انجيلك
لكنني جعلتُ من أغانيك يا مهيار الدمشقي انجيلي


2 - من الليل البعيد..تحية لأدونيس
غـسـان صـابـور ( 2009 / 6 / 11 - 23:22 )
أيها الإنسان, يا شريك النجوم والغابة, يا شريك الملاحم الضائعة مع آفاقنا.. هل تتذكر أمسياتنا الصاخبة وأخواتها الحزينة.. أترك لك رسالة صداقة وذكريات.علك تخطها من جديد.. من يدري قد يغنيها مارسيل خليفة في مدريد أو ستوكهولم أو باريس. لأنه لا يستطيع غناءها في بيروت أو حيث ولـدنـا. يا صديق الليالي القديمة, أحي كلماتك المخنوقة الجريحة. إنها صلوات لكل العاشقين المحرومين من ممارسة الحب علنا. كلماتك تردد في خفية الأقبية, لأنها ممنوعة. أنت تعلم أن الحب ممنوع في دياناتنا و في تشريعاتنا. لأن كلماتك ممنوعة. أنا أكتبها, أنا أصرخها. أنا أصليها.
الحب ديانة المحرومين من كل شيء.. وأنت تلهينا عن جوعنا الأبدي...
أحييك يا صديق الأمسيات المعتمة البعيدة...
غـسـان صـابـور لـيـون فــرنــســا


3 - عـذرا يـا أدونـيـس
أحـمـد بـسـمـار ( 2009 / 6 / 12 - 08:08 )
يا قوم, يا بشر, يا قراء, يا أذكياء الـعـرب! تعليقان فقط حتى هذه اللحظة على هذه الكلمات الرائعة التي يكتبها وينشرها لكم ومن أجلكم (مـجـانـا) في هذا الموقع أدونيس؟؟؟ برأي أنكم تفضلون كلمات نانسي عجرم أو هيفاء وهبي... يا لجفاف الفكر في أيامنا هذه...أو أننا سوف ننام أبدا في قعر الحفرة المعتمة.. أبدا.
عذرا.. وألف مرة عذرا يا أدونيس!!!...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة.


4 - nothing new
Bandar ( 2009 / 6 / 12 - 08:55 )
انها الذكورية القديمة
فالمراة ليست الا شريك فراش الرجل فهو الضلع (القائم) وهي الضلع
الاخر من الزاوية العامودية
لا جديد عن الشعر القديم الا ان القديم اجمل واجزل


5 - أولوية
ع. د - كاتب يحاول الاقتراب من الشعر abidakhil ( 2009 / 6 / 12 - 16:12 )
للنفس حقوق، وهذه الحقوق تكاد تكون كل شئ؛ ولكن متى؟
فليس هنالك ما يميز عصرَنا عن عصور الانحناءات الغابرة سوى غياب البوصلة، لأن النهوضَ وحده قد لا يختصر المرحلة والرصاصُ يستطيع تحديدَ أهدافهِ بدقة أكبر، ولأن الثورة السائبة هكذا سوف تغتالنا؛ ففي زمن الموت والاحتلالات والفوضى قد لا يحلو غزل الأرامل ولا مناصبة الله العداء، فماذا نفعل أولا؟

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي