الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الأيديولوجي و مسألة وحدة الحركة الشيوعية

طريق الثورة

2009 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تقديم
تعبر مسألة الوحدة من بين أهم القضايا التي شغلت و لا تزال اهتمام و تفكير الشيوعيين و الشيوعيات على المستوى الأممي ، و هي من أهم قضايا مجال الصراع وسط الحركة الشيوعية المغربية ( حشم ) عبر تاريخها و في المرحلة الراهنة من تطورها على الخصوص . إن الحاجة إلى توخي المناضلين الشيوعيين و الشيوعيات بناء حزب شيوعي بالمغرب لتوحيد و قيادة نضال الطبقة العاملة و الجماهير الشعبية على درب إنجاز المهام الثورية هو ما يفسر ملحاحية السؤال . هذا، و إذا أضفنا واقع الانتعاشة الملموسة التي عرفتها الحشم في السنوات الأخيرة، و ما خيض داخلها من صراعات ضد الانتهازية و التصفوية ، و الذي انخرط فيه العديد من الشيوعيين ( يات) ، فإن مسألة بناء الوحدة تصبح أكثر ملحاحية من ذي قبل .
و حتى لو كان كل المناضلين ينادون بالوحدة ( بل حتى الانتهازيون) و ضرورة لم شتات الماركسيين المغاربة ، فإن فهم شروط إحقاق الوحدة و القوانين المتحكمة في بنائها لازالت تشوبها الضبابية و النظرة الذاتية و الانتهازية أيضا ، التي تنطلق من خارج النظرة العلمية أي من خارج مبادئ الماركسية .
فكم من المحاولات و المبادرات حاولت بناء وحدة الشيوعيين على التنازلات المبدئية و النظرية ، و نبذ الخلافات و الصراعات بدعوى التعقل و الرزانة و الحفاظ على الوحدة و نبذ الانشقاق . و كأن الصراع الإيديولوجي و السياسي هو من يضعف الوحدة، ناسين أنه هو بالضبط مدخل بنائها، شرط الالتزام بالمبادئ العامة للماركسية بالارتباط بقضايا الواقع الموضوعي. لقد قال لينين في غمرة النضال الشديد صد التصفوية " نعم الوحدة شيء عظيم غير أننا بحاجة إلى وحدة ماركسيين لا إلى وحدة ماركسيين مع خصوم الماركسية و مشوهيها " كما أكد الرفيق ماو: " إننا ندعو إلى الصراع الإيديولوجي الإيجابي، لأنه سلاح يمكننا من تحقيق الوحدة داخل الحزب والمنظمات الثورية حتى تكون أكثر كفاءة في خوض النضال. فيجب على كل شيوعي وكل ثوري أن يحمل هذا السلاح"
بالإضافة إلى هذا الاتجاه الذي يريد بناء الوحدة على أرضية التخلي عن المبادئ أو التنازل، أي بناء الوحدة على أرضية" النقاط المشتركة "، نجد كذلك النزعة الصبيانية التي تحمل موقف فوضوي من مسألة الوحدة و تحصرها في الصراع فقط و تسعى إلى الانشقاق. لهذه النظرة جذور لازالت مترسخة وسط الحركة .
و بالرغم من أن هاتين النظريتين تبدوان متناقضتين إلى أبعد الحدود ، إلا أن ما يجمعهما معا هو انطلاقهما من النظرة الميتافيزيقية و الوحيدة الجانب في النظر إلى الأشياء . فأصحاب النقاط المشتركة يدعون إلى الوحدة بدون الصراع ، و دعاة الانشقاق يدعون إلى الصراع بدون الوحدة، أما الشيوعيون فيتشبثون بالوحدة وينطلقون منها وهم واعون بإطلاقية الصراع ويعملون على قيادته بشكل صحيح ، أي عبر الصراع الإيديولوجي الايجابي لخدمة الوحدة. .
و بهذا يبتعدان عن النظرة الديالكتيكية، جوهر الماركسية التي ترى إلى الأشياء باعتبارها وحدة للمتناقضات ، وحدة و صراع الأضداد . و إن هذا القانون الذي يعتبر جوهر الديالكتيك ، كما بين ذلك الرفيق ماو ، يحكم كافة الصيرورات بما فيها صيرورة بناء الوحدة . و على أرضية هذا القانون صاغ ماو موضوعة : وحدة- صراع –وحدة كتجسيد خاص لقانون التناقض في عملية بناء الوحدة بناء على مبدأ الواحد ينقسم إلى اثنان و ليس الاثنان يندمجان في واحد .
إن هذا كله ليبين الحاجة إلى المزيد من استيعاب و تمثل النظرة الماركسية حول مسألة الوحدة و الصراع وسطنا كشيوعيين ، و المزيد من التشبث و الدفاع عن هويتنا الإيديولوجية و النضال ضد كل النزعات و الأفكار الخاطئة وسطنا ، و ضد الاتجاهات الانتهازية و التصفوية بحزم أكبر . إن هذه المقالة التي نقدم لها تلخص بشكل عميق و رائع الموضوعات الماركسية حول مسألة الوحدة و الصراع و تلخيص للتجارب الثورية حول المسألة. فما أحوجنا خصوصا في الظرف الراهن إلى استخلاص تجربة الحركة الشيوعية العالمية و الاستفادة منها في طريق حل قضايانا لما تحمله من دروس غنية و مفيدة .
طريق الثورة


الصراع الأيديولوجي و مسألة وحدة الحركة الشيوعية

إن قضية الوحدة قد احتلت مكانة هامة في تاريخ الحركة الشيوعية الأممية، فضرورة توحيد الطبقة العاملة و الجماهير المضطهدة تحت قيادة طليعة موحدة لمواجهة عدو قوي و جيد التنظيم، سواء على المستوى الوطني أو العالمي قد طرحت بصورة ملحة، على امتداد التاريخ. إذ أن الجماهير تتمنى بشدة أن يتوحد الثوريون، و تعاني صعوبات لفهم أسباب التشتت المستمر للثوريين، لكن برغم ضرورتها الملحة، و برغم كون الجماهير تتمناها، فالوحدة كانت دائما صعبة المنال، منذ عهد ماركس و إنجلز حتى يومنا هذا شهدت الحركة الشيوعية الأممية صراعات ضارية و متكررة. و بالفعل فليس إلا عبر هذه الصراعات تنمو إيديولوجية البروليتاريا و تتميز في مواجهة كل التيارات و المذاهب الأخرى التي تتحدث بإسم الطبقة العاملة و المضطهَدين، و لتضع الأساس لتوحيد حزب طليعي قادر على الارتباط بالجماهير الواسعة. ففي هذا الوقت الذي تطرح فيه من جديد قضية وحدة القوى الشيوعية الطليعية بصورة استعجاليه سواء على المستوى الوطني أو الدولي، يتوجب علينا استيعاب راسخ للعلاقة الجدلية الموجودة بين الوحدة و الصراع و مسألة معرفة كيف نصلِّب وحدة الحركة الشيوعية. إذا عدنا إلى بدايات الحركة الماوية، نستطيع القول أنها قد وُلِدَت من الثورة على كل ما هو متعفن في الحركة الشيوعية لتلك الفترة- ما سميناه بالتحريفية: فكلمات مثل“شيوعية”، “ماركسية-لينينية”، أو حتى “أممية”، و لو أنها لازالت مستعملة من طرف هؤلاء، إلا أنها قد ُأفِرغت من محتواها الثوري، الذي يتلخص في النضال من أجل دك ديكتاتورية الطبقات المستغِلِّة و بناء سيادة (ديكتاتورية) البروليتاريا و الجماهير الشعبية مكانها ، كجزء مكمِّل للنضال الأممي الطويل الأمد الهادف إلى تحطيم المجتمع الطبقي ككل. إن الصراع الذي خاضه ماو تسي تونغ ضد الزعماء التحريفيين للإتحاد السوفياتي -الذين استحوذوا على السلطة و أعادوا إحياء الرأسمالية - هو الذي سمح بنمو ما سيصبح الحركة الماوية. إذ في الصين وضع صراع ماو ضد التحريفية المعاصرة اللبنة الأولى لما سيتضح أنه مساهمته الأكثر أهمية للبروليتاريا العالمية، ألا و هو اندلاع الثورة الثقافية البروليتاريا العظمى و أطروحته حول استمرار الثورة حتى تحت ديكتاتورية البروليتاريا. في إطار هذا المقال لا يمكننا إلا أن نلامس، الإنجازات العظمى التي تحققت في إطار الثورة الثقافية البروليتارية العظمى: - الاستنهاض غير المسبوق لعشرات الملايين من العاملات،العمال، الفلاحات، الفلاحين و المثقفات و المثقفين الثوريين الذين ناضلوا من أجل استرجاع أجزاء الدولة التي سبق أن اغتصبت من طرف التحريفيين الذين كانوا يرغبون في إعادة الصين إلى الوراء، إلى طريق الرأسمالية. و كما فعلت ثورة أكتوبر منذ عهد قريب، فقد أرسلت الثورة الثقافية ذبذباتها عبر العالم. ففي بلد بعد آخر، إلَتّفَّت العناصر الثورية في الحركة الشيوعية وراء راية ماو و الثورة الثقافية البروليتاريا العظمى. ففي كل مكان واجهت القوى الثورية النامية المعارضة الشديدة للتحريفيين، هذه المعارضة التي خاضت ضدها معركة عنيدة. من بين القوى التي انضمت إلى ماو و أفكاره، نجد خصوصا الشباب الثوري، بالإضافة إلى عدد قليل من قدماء المحاربين في الحركة الشيوعية الذين ثاروا ضد زعماء التحريفية. بشكل جماعي، و تحت تأثير الدعاية الثورية الكبيرة التي جرت في الصين، و منشَّطين بإحساس عميق بالمسؤولية أمام المعركة ضد الإمبريالية التي تجري على الصعيد العالمي، هذه القوى أقدمت على الصراع ضد النظرة القائمة للتحريفيين المعاصرين، الذين يرفعون راية الماركسية-اللينينية لكنهم يمارسون، بالفعل، التوفيق و التساهل مع الإمبريالية و الرجعية. هذه المعركة الكبيرة ذات البعد الدولي ضد التحريفية المعاصرة جرت بطريقة مختلفة حسب الدول. إذ في الدول المستعمَرة ، قامت على مسألة الإستراتيجية من أجل الاستيلاء على السلطة، خصوصا لمعرفة ما إذا كانت ستتِّبِع النهج الذي رسمته الصين، أي خوض حرب شعبية طويلة الأمد يتم فيها تطويق كتائب العدو في المدن الكبرى انطلاقا من القرى. و قد عارض التحريفيون بكل الوسائل إتباع تعاليم ماو في إطار السيرورات التي تجري في هذه البلدان. لكن القوى الثورية النامية قد هزمت التحريفيين سواء في الميدان أو على المستوى النظري، بمطارحة كل القضايا الحيوية التي تواجهها الحركة. اليوم أيضا، نستطيع سماع أصداء الزعيق الهستيري للتحريفيين و الانتهازيين الذين لم يتوقفوا عن التشكِّي من الخطوات الأولى التي خطتها الحركة الماوية و الهادفة إلى بعث خط ماو لأجل الحرب الشعبية الطويلة المدى. في الهند، للتذكير، “شارو مازومدار” أعطى الانطلاقة للتمرد المسمى “نَكساباري”، الذي عرف سرعةً و قوة فسمي عن حق “عاصفة الربيع”، نظرا للأثر الأخاذ الذي تركه على الجماهير الشعبية في هذا البلد. بالفعل فتمرد “نكسالباري” نشر شرارات الكفاح المسلح و حوَّل الطيف(le spectre) السياسي للهند ككل. طيلة هذا الوقت، في تركيا، قام “إبراهيم كايباكايا” ليس فقط بإجراء نقد قاسٍ للأخطاء المرتكبة من طرف المحرِّفين و الانتهازيين في الحركة الثورية في هذا البلد، بل أيضا شكل الخلايا المسلحة الأولى التي زرعت الرعب في صفوف التحريِفية و الرجعية، مع ميلاد الأمل لملايين المضطهَدات و المضطهَدين. أيضا، في بنﮕلاديش، “سيجار سيكدار” و جماعته من الماويين لم يترددوا في الغوص في إعصار التناقضات البارزة في الوقت الذي كانت فيه جماهير ما كان يعرف آنذاك ب “باكستان الشرقية” تتمرد، ضد الاضطهاد الوطني و الاحتلال اللاحق لبلدهم من طرف الجيوش الهندية. فحزب(Purba Bangla Sarbahara Party) ببنكلاديش ـ الحزب الماوي الجديد الذي شٌكِّل في بنكلاديش ـ عرف منذ ذلك الحين نموا سريعا و نجح في وضع البرنامج السياسي للبروليتاريا (أي الحرب الشعبية الطويلة المدى، و ثورة الديموقراطية الجديدة) على جدول الأعمال في البلد. و أخيرا، في الفيليبين، وجه “جوزي ماريا سيزون” تشكيل الحزب الشيوعي و الجيش الشعبي الجديد، و يستمر اليوم أيضا في النضال ضد الإمبريالية و الرجعية. في كل هذه الحالات التي أوردناها، كما في حالات كثيرة أخرى، ليس إلا عبر الصراع تم التوصل إلى الوحدة. فعن طريق الصراع الأيديولوجي، و في ارتباط مع الصراع السياسي من أجل الاستيلاء على السلطة، نجحت مجموعات صغيرة، أو كما يحب أن يسميها التحريفيون “شيع”، بسرعة في تجميع الآلاف من الثوريين، مع كسب دعم الملايين من الناس. في عدة بلدان أخرى أيضا، وضعت الأسس الأولى لما سيصبح الحركة الماوية، كما نعرفها اليوم، في نفس الفترة، في ارتباط مع المواقع السياسية و الإيديولوجية التي احتلها الذين و اللواتي قطعوا مع التحريفية المعاصرة. في الولايات المتحدة، لعب “بوب أفَكيان” الذي سيصبح زعيما للحزب الشيوعي الثوري، دورا مركزيا في الصراع من كسب جزء من الحركة الثورية إلى الماوية. أما في البيرو، فقد خاض “أبيميال كوزمان” (الرئيس ﮔونزالو) سلسلة من الصراعات ضد التحريفية، هذه الصراعات التي أدت إلى إعادة بناء الحزب الشيوعي للبيرو على أساس خط صحيح و قيادة منسجمة. و في أوربا، تشكلت أحزاب ماوية هامة و نمت بسرعة، في إندفاعة الغليانات الكبرى التي شهدتها تلك الفترة، كما كان الأمر في فرنسا إبان أحداث مايو 68 .


وحدة ـ صراع ـ وحدة :


إن تشكيل الحركة الماوية كما نعرفها اليوم تجسد توضيحا لقوانين المادية الجدلية. فقد علمنا ماو أن التناقضات، الوحدة و الصراع بين الأضداد، هي التي تدفع أيَّ سيرورة إلى التقدم ـ سواء كانت سيرورة طبيعية، إجتماعية أو سيرورة وعي. و الحركة الشيوعية لا تشكل استثناء في ذلك ، سواء في كل بلد على حدة أو على الصعيد العالمي . فهي نفسها تمثل وحدة للأضداد؛ إنها حقل دائم للصراع بين الأفكار و القوى التي تمثل المصالح البعيدة الأمد البروليتاريا في صراعها من أجل الاستيلاء على السلطة و بناء مجتمع شيوعي، و تلك التي تقترح الاستسلام و التوافق مع الإمبريالية و الرجعية و تتخلى عن الهدف النهائي أي الشيوعية. هذا الصراع المستمر يمر عبر عدة مراحل و يعرف خصائص مختلفة، حسب شروط الصراع الطبقي في البلد المعني و على الصعيد الأممي. من الناحية الكمية، يجري هذا الصراع في الغالب على شكل حوار أو نقاش داخل حزب واحد موحد، عن طريق النقد والنقد الذاتي، على ضوء الممارسة، كما قد يجري بأشكال أخرى تسمح بمواجهة الأفكار الصائبة للأفكار الخاطئة و أخيرا باتخاذ وجهة نظر موحدة، مشتركة بين مجموع الشيوعيين ـ بالإضافة إلى الذين أو اللواتي ارتكبوا أخطاء. أما من الناحية النوعية،ففي كل الحالات، يعترف الماويين على أنه في الفترات، القليلة نوعا ما، التي يجري فيها صراع حاد بين الخطوط والتي توضع فيها أهداف الحركة موضع تساؤل، تحصل قفزات و إنقطاعات ، و هذا عكس الفترات “العادية” حيث تجري التغييرات بشكل تدريجي. ففي هذه الفترات، كما كان الأمر مثلا في فترة لينين عندما كان يصارع تحريفيي الأممية الثانية و الصراع الذي خاضه ماو ضد التحريفية المعاصرة، تربح الحركة الشيوعية أكثر، و تخسر أكثر أيضا. لا يمكننا أن نتجنب حصول مثل هذه الصراعات، من وقت لآخر، في هذا البلد أو ذاك، أو عموما على الصعيد الأممي. و عندما يحصل هذا، يمكن لقدرة الأطر و القادة الشيوعيين(يات) على معرفة الخط الأيديولوجي و السياسي الأكثر صحة أن تؤدي إلى نتائج على مستقبل الحركة الشيوعية، التي سيبقى تأثيرها لسنوات طويلة، بل لأجيال بكاملها. إن سيرورة الوحدة ـ الصراع ـ الوحدة في الحركة الشيوعية مرتبطة ومشروطة بالسيرورة العامة للثورة البروليتاريا العالمية.إن الصراع الطبقي نفسه هو الذي يشكل المسرح و يحدد الظروف التي تجري فيها الصراعات الداخلية في الحركة الشيوعية. هكذا، فلينين و ماو لم يخوضا هذه الصراعات الكبرى التي تحدثنا عنها فقط لأن ذلك يروقهما: فنضالهما يعكس،على المستوى الأيديولوجي و على المستوى النظري، الصراعات الحادة التي تهز العالم والتي تضع في صراع، من جهة القوى الإمبريالية و الرجعية و من جهة أخرى قوى البروليتاريا و الشعوب المضطهَدة. فالمعركة التي خاضها لينين مع خونة الأممية الثانية جعلها اندلاع الحرب العالمية الثانية ضرورة، هذه الحرب التي وضعت قضية الإطاحة بالبرجوازية على جدول الأعمال في العديد من البلدان. في حين أن تحريفيي الأممية الثانية كانوا بالواضح ممثلي البرجوازية في صفوف الطبقة العاملة؛ لقد انبنوا على ما نسميه “الأرستقراطية العمالية”، التي حصلت على بعض الامتيازات مقابل دعم الطبقات السائدة في حربها ضد خصومها الإمبرياليين. في نفس الوقت، كانت الجماهير البروليتارية الغفيرة مرعوبة و منزعجة من الجرائم التي تحصل و تتوق إلى بديل ثوري. و في أغلب البلدان لم تكن هناك قيادة قادرة على تمثيل مصالح طبقة جماهير العمال و العاملات، لكسب التحامها و لتربيتها في النضال ضد البرجوازية. وقد كان هناك قادة و دوائر ثورية تصارع ضد الخونة، مثل كارل ليبكنخت و روزا لوكسبورغ في ألمانيا، اللَّذينِ أعطيا حياتهما في الانتفاضة البطولية لسﭙارتاكوس التي قاداها، و التي تحيِّيها البروليتاريا الواعية حتى يومنا هذا. و بالرغم من ذلك ينبغي الإقرار على أنه باستثناء ما كانت عليه في روسيا القيصرية، كانت القوى الثورية تتسم بالضبابية على المستوى الإيديولوجي و الضعف على المستوى التنظيمي حتى تكون قادرة على قيادة الملايين القادرة على الهجوم على القلاع الإمبريالية. فبدون قيادة لينين و الحزب البلشفي، لم تكن ثورة أكتوبر لتحصل، و كذلك الأمر بالنسبة للأممية الشيوعية. بنفس الشكل، تركت الأحداث التي حصلت في إطار صراع الطبقات الذي كانت الصين مسرحا له نتائج عميقة على مجمل الحركة البروليتاريا العالمية. عندما تمت الإطاحة بخط ماو بعد وفاته سنة 1976 ، تغير لون الصين، بمعنى، تم الزج بملايين العاملات و العمال و الفلاحات و الفلاحين في جحيم الرأسمالية، بينما اغتنت برجوازية جديدة بطريقة جنونية، لاجئة إلى نهب، وفساد، واضطراب ،و استعباد، قلَّ نضيره في تاريخ البشرية. فبعد ما شكلت الصين إحدى قوى الثورة البروليتارية العالمية ، تحولت إلى حلقة إضافية في سلسلة الإمبريالية العالمية و الرجعية. و قد كان لهذا آثار مؤلمة،لازلنا نستشعرها حتى اليوم. فرغم أن ماو و الثوريون معه قد حذرونا من إمكانية استحواذ التحريفيين على الصين و دعا ثوريي العالم إلى مساعدة الجماهير الصينية في دحر التحريفيين إذا ما تمكنوا من الاستيلاء على السلطة، إلا أن الحركة الماوية العالمية قد ردت بشكل غير متساو مع هذا التحدي الكبير. بالفعل قامت أغلبية من الأحزاب و المنظمات بدعم القادة الصينيين الجدد، بالإضافة إلى الحملة التي أشعلوها ضد ما سمي “عصابة الأربعة”، التي اتهمت بالانشقاقية و “اليسراوية” بينما الأمر يتعلق بأقرب المقربين من ماو تسي تونغ. وبعد الانقلاب التحريفي في الصين، فقدت مجموعة أخرى من الأحزاب و المنظمات ببساطة الثقة في خط ماو؛ فاستغل البعض الهجوم الذي شنه “أونفير هودجا” و حزب العمل الألباني ضد فكر ماو تسي تونغ ( هكذا كان تسمى الماوية، في تلك الآونة) لدحض الإضافات الثمينة التي قدمها ماو لعلم الثورة البروليتارية. “هودجا” و أتباعه حاولوا إحياء بعض المفاهيم القديمة التي شهدتها الحركة الشيوعية و التي دحضها الماويون منذ القديم، مثلا، بنفي صلاحية الحرب الشعبية الطويل الأمد في البلدان المستعمرة و ردِّ الإنتقادات التي وجهها ماو لميتافيزيقية ستالين، خصوصا. و أيضا، أخيرا، كان هناك هؤلاء ـ أي الذين كانوا في قلب ما كان يسمى حتى ذلك الحين الحركة الماوية ـ امتلكتهم الحيرة و اليأس و وجدوا أنفسهم عاجزين عن النضال الثوري، في وجه الهزيمة القاسية التي أفقدتهم كل ثقة في مستقبل الثورة العالمية. و لحسن الحظ، كانت هناك أقلية نسبيا من الحركة الماوية عرفت كيف تواجه الضغط و تنظم الهجوم المضاد، مستعينة بخبرات ماو و مركز القيادة الثورية في الصين. هذه القوى هي التي ستشكل الحركة الأممية الثورية ( MRI ) (ح.أ. ث) ، سنة ۱۹۸٤. التي دأبت منذ تأسيسها على التأكيد على أنها المركز السياسي الأممي الجنيني للقوى الماوية كما أكد رغبته على السير قدما في النضال من أجل خلق أممية شيوعية من طراز جديد. في البداية تعرضت الحركة للهجوم بل و للسخرية من طرف العديد داخل الحركة الثورية؛ أما آخرون الذين يعتبرون الحجم أو القوة الظاهرة لحركة ما أهم من خطها السياسي، فقد اختاروا تجاهلها. هذه الدوغمائية نفسها، التي تقَيِّم صحة الموقف السياسي وفقا للقوى التي يستطيع تجميعها في ظرف محدد، هي التي دفعت بعض الماويين إلى سوء التقدير بل أكثر من ذلك إلى دعم التحريفيين في الصين ـ فقط لأنها تبدو بلدا قويا، و لو أن الأمر لا يتعلق ببلد شيوعي (إلا في الأقوال ـ و أيضا...). لكن الحركة الأممية الثورية و الأحزاب التي أسستها قد صانت و أخيرا نجحت في خلق ثغرات مدهشة، في الوقت نفسه الذي تستمتع فيه الرجعية العالمية بالتصريح ب“إنتصارها النهائي” على الشيوعية. إحدى المنظمات المؤسسة ل“ح.أ.ث”، الحزب الشيوعي البيروفي(PCP ) ـ الذي أعلن الحرب الشعبية منذ 1980 ـ حقق تقدما مستمرا طيلة العشرية، إلى درجة أن الرجعية و الإمبريالية باتوا يخافون من إمكانية انتصار ماوي. و كما نعلم، فالحرب الشعبية في البيرو عرفت “تراجعا ظرفيا”momenté Revers » بعد اعتقال الرئيس كونزالو سنة 1992 و عرف أيضا ظهور خط انتهازي يميني وسط الحزب، نادى إلى التخلي عن الكفاح المسلح لصالح “اتفاق السلام”. لكن صلابة اللجنة المركزية للحزب، التي تشبتت بالحرب الشعبية بالرغم من الظروف الصعبة، قد إستمرت في إلهام الماويين في العالم كله، و إبراز أهمية الخط الأيديولوجي و السياسي الذي تمثله الحركة الأممية الثورية. على المستوى الأيديولوجي، توحدت الحركة الأممية الثورية أكثر سنة 1993 بالاعتراف بالماركسية ـ اللينينية ـ الماوية (م.ل.م) بإعتبارها حصيلة (Synthèse) الأيديولوجية البروليتارية. فهاجمها البعض مدَّعيا أنها تريد “خلق فرع جديد داخل الحركة الشيوعية العالمية”. أما آخرون فقد حاولوا التقليل من أهمية هذا القرار قائلين أن الأمر يتعلق فقط ببساطة بتغيير تجميلي، بدون نتيجة سياسية : هؤلاء الناس يرجعون إلى “أفكار ماو تسي تونغ أو الماوية” كأنهما كلمتان قابلتان للتبادل. أما بالفعل، فالاعتراف بالماوية من طرف الحركة الأممية الثورية، كما عبرت عنها الوثيقة المعنونة ب“عاشت الماركسيةـاللينينيةـالماوية!” فهو يعكس الإستيعاب الكبير و الموحد لأيديولوجيتنا، الذي تمكنت الحركة من بلوغه. أهمية هذا التقدم سيتضح بالممارسة بعد وقت قصير من ذلك، عندما قام الرفاق في الحزب الشيوعي في النيبال (ماوي) (PCN-m- ) ـ الذي شكل في علاقة وثيقة مع الحركة الشيوعية العالمية، و خصوصا الحركة الأممية الثورية ـ بإشعال الحرب الشعبية سنة 1996، التي أشعلت البلد كله. قبل أن يتمكن الحزب الشيوعي للنيبال(ماوي) من بدأ الحرب الشعبية، توجب أولا حلّ حالة وجهات نظر م.ب سينغ ـ زعيم قديم في الحركة الماوية في النيبال ـ. سينغ هذا خاض صراعا ضد اعتماد الماوية داخل الحركة الأممية الثورية، و لهذا فقد دافع عن عدم إمكانية اندلاع حرب شعبية طويلة الأمد في النيبال، ما لم تندلع الثورة في الهند المجاورة. إذن فالقطيعة التنظيمية بين م.ب.سينغ و أولئك الذين و اللواتي سيلعبون دورا مركزيا في تأسيس الحزب.ش.ن(م) تستمد جذورها من الإنقسام الذي ظهر سنة 1986 داخل التنظيم الذي كان يسمى الحزب الشيوعي للنيبال (Mashal) : هذا الأخير الذي اهتدى إلى طريقه بمركزين مختلفين -“اللجنة المركزية” و “اللجنة المركزية للتنظيم” . وقد وجد الأطر و القواعد أن الثورة لن تحصل أبدا تحت قيادة سينغ. ومع ذلك، في البداية، لم يلق النقد الأيديولوجي و السياسي الموجه لسينغ الدعم اللازم لنمو حقيقي لصراع خطين داخل الحزب. إذ لم يحصل ذلك إلا بعد حين، بعدما أصبحت الإشكالات الإيديولوجية و السياسية موضع الصراع أكثر وضوحا، و في ارتباط مع التطورات التي عرفتها الحركة الشيوعية العالمية، آنذاك فقط تمكن الحزب من تطليق ما سمي “مدرسة فكر م.ب.سينغ”. في نفس الوقت الذي نما فيه النقد، إلا إن الإنعكاسات السلبية التي أدَّى إليها إنقسام الحزب على أسس سياسية غامضة قد انمحت، فالتفت قوى أكثر فأكثر عدد حول مركز سياسي واحد، و تحققت وحدة قوية، لم يسبق لها نضير في النيبال. إن توطيد الحزب حول الماوية، التطليق المنهجي ل“مدرسة فكر م.ب.سينغ” هو الذي فتح الطريق أمام اندلاع الحرب الشعبية، في 13 فبراير1996 . فقبل عدة عقود من هذا الحدث، أشار لينين إلى أن الصراعات السياسية التي طبعت ميلاد الحركة الثورية في روسيا قد أنبأت بالدور السياسي الذي ستلعبه مختلف التيارات الموجودة في الحركة العمالية في فترة الأزمة و الثورة التي ستلي. فالنقاشات التي تجمع عددا من الناس قد يكون قليلا نسبيا في البداية قد يكشف عن مصالح محددة للطبقات المتصارعة، عند حدوث نهوض ثوري مفاجئ. في النيبال، بعدما تبلور الخط الماوي و قاد اندلاع الحرب الشعبية، تحولت الإشكالات السياسية ،التي لم تكن تسترعي إلا انتباه حلقات المناضلين الضيقة، فجأة إلى نقاشات واسعة في أوساط الجماهير، منذ ذلك الحين أصبح أكثر سهولة الحكم على صحة هذا الخط الإيديولوجي و السياسي أو ذاك كما تتم ترجمته في الواقع. هذا ما أدى إلى أن عددا من الكوادر و المناضلين(لات) الذي كانوا قد اتبعوا خطا خاطئا قد تمت استعادتهم إلى المواقف الماوية و ساهموا بقوة في الثورة السائرة. هكذا نجد أن الصراع ضد م.ب.سينغ (مع ما أدى إليه هذا فيما يخص “عدم الوحدة”) قد شكل شرطا لتحقيق الوحدة أكبر و أكثر أهمية أيضا - يعني الوحدة بين الشيوعيين الحقيقيين، الجماهير العريضة من العمال و الفلاحين و المثقفين الثوريين الذين يبحثون عن حل حقيقي لإشكالات المجتمع النيبالي. و هذا ما وضح مرة أخرى أن الوحدة لا يمكن أن تكون إلا نتيجة للصراع. اليوم، أصبحت الماركسية-اللينينية-الماوية نداء لم شتات القوى الشيوعية الحقيقية في العالم أجمع. نسجِّل أنه عوض أن يشكل عاملا للإنقسام و لعدم الوحدة، أدى تبني الماوية من طرف الحركة الأممية الثورية إلى جعلها مركزا لتجميع و تحقيق وحدة كبيرة سواء في بعض البلدان أو على الصعيد الأممي.


هل الواحد ينقسم إلى إثنان أم إثنان يندمجان في واحد؟


من بين الإسهامات الهامة لماو نجد الإضافات التي أضافها إلى المادية الجدلية و المادية التاريخية. فقد أكد خصوصا أن الوحدة و الصراع بين الأضداد هي قانون مركزي في الجدل، كما طبقه بنجاح في ميادين أخرى مثل بناء الإشتراكية و الحزب، والإقتصاد السياسي و الحرب الثورية (من بين مجالات أخرى). و كما رأينا ينبغي التوفر على إدراك جيد لكيفية تطبيق قوانين الجدل على سيرورة خلق و توحيد حزب طليعي. لقد شكلت الفلسفة أحد أهم الحقول الكبرى التي جرى فيها الصراع في الصين. وقد خاض ماو صراعا حادا ضد زعيم التحريفيين ليو تشاوتشي - الذي سيتم دحره إبان الثورة الثقافية- و كذلك ضد من كان يشكل ممثله الأساسي في ميدان الفلسفة، جيانغ كسيانزهن. و في سنة 1963 بينما كان ماو يصارع خروتشوف و التحريفيين في الحزب الشيوعي في الإتحاد السوفياتي، طَلَع المدعو جيانغ بالمحاكمة القائلة(l’argument voulant ) « كل الأشياء و كل الظواهر موحدة بطريقة لا تتجزأ»، بعضها مع الآخر(للمزيد من الإطلاع حول هذا النقاش، أنظر أخبار بيكين،22/01/1971 و23/04/71 ). وقد زعم خصوصا «التحليل يتلخص في العبارة“الواحد ينقسم إلى إثنان”، بينما التركيب يعني السيرورة التي تؤدي إلى أن“إثنان يندمجان في واحد”». للتأكيد أن الصراع ضد التحريفية يجري سواء داخل الصين أو على الصعيد العالمي، دحض ماو بشدة هذه الأطروحة. وأعاد التأكيد إذن على أن:« كل الأشياء، كل الظواهر تستجيب لمبدأ“الواحد ينقسم إلى إثنان”» :«في المجتمع البشري كما في الطبيعة الكل ينقسم دائما إلى أجزاء، فقط المضمون و الشكل يتغير حسب الظروف.»(« مداخلة في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول عمل الدعاية.»، المؤلفات المختارة، الجزء الخامس، طبعات اللغات الأجنبية، بيكين،ص.470 ) أثناء الثورة الثقافية، أجاب الثوريون في الحزب الشيوعي الصيني على محاكمات جيانغ كسيانزهن هكذا : «علمتنا الفلسفة الماركسية أن التحليل و التركيب يشكلان في الوقت نفسه قانونا موضوعيا و منهجية لفهم الواقع. فالتحليل يرينا أن وحَدة معينة تنقسم دوما إلى جزأين مختلفين، يستمران في الارتباط بالصراع؛ بينما التركيب ينتج في نهاية هذا الصراع عندما يتفوق أحد الأجزاء، أي بنفي الثاني، أو بالتصرف فيه. فالتناقض القديم إذن قد حلَّ، و آنذاك يظهر تناقض آخر، القديم ينمحي، إنه إنتصار الجديد. ببساطة نستطيع القول أن التركيب يعني أن أحد الأجزاء قد إلتهم الآخر ... «التحليل و التركيب مرتبطان. هناك تركيب في التحليل و تحليل في التركيب .... «إن السيرورة التي تهدف إلى وضع تقييم (bilan)لتجربتنا هي أيضا سيرورة من التحليل و التركيب. فبخوضهم صراعات مختلفة في إطار الممارسة الاجتماعية، راكم البشر خبرات غنية : بعضها منتصِرة، و بعضها الآخر ليس كذلك. بإجراء تقييم، ينبغي التمييز بين ما هو صحيح وما هو خاطئ، و تدعيم ما هو صحيح و رفض ما هو خاطئ. هذا يعني أنه ينبغي، بالإستناد إلى الماركسية-اللينينية و فكر ماوتسي تونغ، إعادة بناء المعارف الغنية المبنية على التجربة التي سمحت الممارسة بإستيفائها؛ ينبغي لنا “إبعاد الأوساخ و الاحتفاظ بما هو أساسي، إلغاء الخاطئ و أخذ الصحيح، أن نتصرف في السير من واحد إلى آخر و من الخارج إلى الداخل”، أن نطور معارفنا المبنية على الإحساس إلى معارف عقلية و أخيرا، إدراك القانون الملازم لهذا الشيء أو ذاك أو لهذه الظاهرة أو تلك. حركة التناقضات - التي من خلالها الواحد ينقسم إلى إثنان-تسير عبر هذه السيرورة. بالقيام بهذه الطريقة بإجراء تقييم (bilan ) لتجربتنا، سنكون قادرين على دعم الحقيقة و تصحيح أخطائنا، ب“تعميم تجاربنا المثمرة بإستشفاف الدروس من المساوئ”.» (« نظرية “إثنان يندمجان في واحد” فلسفة رجعية لإحياء الرأسمالية.»، بيكين ريفيو،23/04/1971 ـ ترجمتنا.) هذا النص، الذي كتب إبان الثورة الثقافية، إجتاز الإختبار في وقته بنجاح و يمكن أن يوجهنا حتى اليوم، في الوقت الذي نسعى فيه إلى القيام بخطوة أولى في اتجاه وحدة الشيوعيين على الصعيد الأممي و في بلداننا الخاصة. و لو أنه، قد يبدو أن، وحدة الشيوعيين القادمين من منظمات مختلفة ستحصل على شاكلة إتِّحاد “إثنان في واحد”، فهي نظرة خاطئة، لأنها لا تأخذ بعين الإعتبار السيرورة التي بواسطتها يتشكل الجديد. فالتركيب سيعطي بدون شك وحدة جديدة، لكن كما رأينا، لا يمكن أن نخلطها بالمبدأ القائل “إثنان يندمجان في واحد”. بالفعل، فالتركيب لا يمكن إلا يكون نتيجة للصراع الذي من خلاله ينحَلُّ تناقض أو عدة تناقضات و الذي تبعا له يتحقق تغير ما و يبرز تناقض جديد. عندما خاضوا الصراع ضد هذا التصور “إثنان يندمجان في واحد” كان الرفاق في الحزب الشيوعي الصيني ينتقدون أيضا النظرية الهادفة إلى «البحث عن النقاط المشتركة». هذه النظرية أيضا كان يدافع عنها ليو تشاوتشي، جيانغ كسيانزهن وآخرين الذين كانوا يزعمون أنه يجب مثلا البحث عن «النقاط المشتركة»بين الرأسمالية و الاشتراكية، و بين البرجوازية و البروليتاريا. طبعا إذا اكتفينا بالمظاهر السطحية للأشياء دون الغوص فيما يشكل جوهرها يمكن أن نجد العديد من «النقاط المشتركة» بين الماركسية و التحريفية. هكذا ألا يدَّعي التحريفيون أيضا أنهم يمثلون مصالح البروليتاريا؟ و يفضلون الإشتراكية؟ بل و حتى الشيوعية؟ ألا يزعُمون ، بنفس الشكل، معارضة الرأسمالية؟ لكن إذا تجاوزنا السطح، سنجد أن التحريفية و الماركسية عدُوَّتان عنيدتان، في أي من الإشكالات. الوحدة يجب أن تفهم على أنها نتيجة للصراع؛ و التركيب، كقفزة نوعية تتشكل من خلالها وحَدَة (entité) جديدة - التي هي نفسها مبنية على تناقض جديد.فالوحدة و التركيب لا يمكن أن يشكلا نتيجة لمجرد «مفاوضات» تهدف إلى البحث عن «النقاط المشتركة»، دون الإهتمام بالمسائل الأساسية التي تشكِّل موضوع الصراع. فتاريخ الحركة الشيوعية -الماضي و الحاضر- يعطينا أمثلة أن مقاربة مبنية على أساس البحث عن «النقاط المشتركة» لم تكن أبدا مثمرة بل و تتضح كشؤم على مستقبل الحركة. إذا عدنا إلى فترة تأسيس الأممية الشيوعية نفسها، نجد أن لينين قد ناضل بشراسة من أجل ضم قوى أكثر إتساعا، لكن دون إجراء مساومات على القضايا المركزية التي كانت موضع النقاش. و قد ألَّح على أعضاء الأممية أن يقطعوا بوضوح مع أشباه الزعماء التحريفيين و صارع بحدة كل محاولة للتوافق(conciliation) معهم بإسم «الوحدة». نستطيع أن نجد أمثلة أخرى ،أكثر مغزى، إذا نبشنا في ماضٍ قريب. أشرنا أعلاه إلى التمرد الذي قاده إبراهيم كايباكايا ضد التحريفيين في تركيا، الذين يضمُّون أولئك الذين يزعمون أنهم من أتباع ماو و الصين الثورية (نقصد هنا تحريفيي شَفَق -shafak-، بدون أدنى مفاجأة، إذ ساندوا الانقلاب ضد الثورة في الصين و يستمر زعيمهم، ﭙيرنسيك، في معاداة الحركة الثورية في تركيا). فالصراع الذي خاضه كايباكايا قد مكَّن من بلوغ وحدة جديدة و أكبر، على شاكلة الحزب الشيوعي التركي-ماركسي لينيني-TKPML) ، الذي سرعان ما أثار حِمية مئات الآلاف، بل ملايين الأنصار عبرالبلد. ككل وحدة ، هذه أيضا طبعها الصراع ، و إستشهاد كايباكايا و التراجعات التي سُجِّلت في ميدان الكفاح المسلَّح، أدت إلى المزيد من المعارك داخل الحزب الشيوعي ماركسي لينيني التركي ، خصوصا فيما يتعلق بتقييم التجربة الثورية و الخط الإيديولوجي و السياسي الذي سيتم انتهاجه. لا نبتغي هنا إستعادة كل تاريخ الصراع الذي شهده الح.الش.م.ل.التركي (TKPML) (فقد عالجناها في مقال صدر في نشرتنا 28/2000 ،معنون ب«رسالة مفتوحة إلى الحزب الشيوعي -ماركسي لينيني- التركي»؛ يمكننا أيضا قراءة وثائق مؤتمر الحزب الشيوعي الماوي -لتركيا و كردستان الشمالية-(MKP) الذي يشكل إمتدادا للحزب الشيوعي -ماركسي لينيني—التركي (TKPML) السابق، التي نُشِرت في “عالم نربحه”29/2002 ). كما شرحت ذلك قيادة الحزب الشيوعي الماوي في تقريرها، بعد موت كايباكايا، نما إتجاه إنتهازي داخل الحزب الشيوعي -ماركسي لينيني- التركي إمتد طيلة 30 سنة. هذا التيار رفض الإعتراف بالإضافات التي نقل بها ماو الماركسية-اللينينية إلى مرحلة عليا، و شكَّكَ في صحة تحليل كايباكايا الذي أكد على أن الحرب الشعبية الطويلة الأمد تشكل طريق الثورة في تركيا. و في غياب خط أيديولوجي و سياسي صحيح تجلى الإنفصال داخل الحزب أيضا على المستوى التنظيمي : ظل الحزب مخترقا من جانب إلى آخر بالتشتيت و عدم الإنضباط و الإنشقاقات. إن إنقسام القوى الشيوعية الطليعية قد ألقى بثقله على الصراع الطبقي في تركيا، وكما الحال دائما فالجماهير تحس كما ينبغي بالإنقسام؛ فهي تشهد تأثيرها المُشِل، في الممارسة. والجماهير ترى هذه الظاهرة تطفو على السطح؛ لكن لتتجاوز هذا المستوى وتصل إلى إستيعاب جوهر الصراع بين الماركسية و التحريفية الذي يؤدي إلى مثل هذه الإنقسامات، فذلك يحتاج إلى مزيد من الوقت: إنها لا تمتلك الماركسية-اللينينية-الماوية بشكل عفوي. وما ينطبق على الجماهير ينطبق أيضا على المناضلين و المناضلات من قواعد الحزب- خصوصا إذا لم يسبق لهم أن حصلوا على تجربة جيدة في تطبيق الماركسية-اللينينية-الماوية (و هو أمر عام بالنسبة للحزب.ش.-م.ل- في تلك الفترة). فالمناضلون و المناضلات من القواعد سيتوقفون هم أيضا عند سطح المسائل بدل أن يتوغلوا إلى أعماقها؛ و سيسجلون غياب الوحدة و الشلل، دون أن يكشفوا بالضرورة المسائل الجوهرية المرتبطة بالخط الأيديولوجي و السياسي. تلك إذن هي الوضعية العامة عندما تمت عدة محاولات لتوحيد التنظيمات الأساسية التي تقول بالإنتماء إلى الحزب .ش.-م.ل-. و قد شكل تأسيس اللجنة المركزة الموحد المؤقتة (CCUP) سنة 1993 أحد المجهودات الأكثر أهمية التي بذلت في هذا الإتجاه. هذه اللجنة التي نجحت في لفِّ أغلبية الحزب .ش.-م.ل-. و قد أثارت هذه اللجنة الكثير من الحمية في صفوف أعضاء و مناصري الحزب. (نسجل أن الحزب الشيوعي-م.ل- TKP/ML -المركز الحزبي الماوي- لم يشارك من جانبه في اللجنة المركزية الموحدة المؤقتة)فقط لأن هذه اللجنة المركزية أُسِّست على أساس مفاوضات لإيجاد «النقاط المشتركة» بين مختلف المجموعات المشكِّلة لها. حتى «النقاط المشتركة» التي تبدو صحيحة، من حيث الشكل ـ مثل تبني الماركسية-اللينينية-الماوية ـ لم تكن في الواقع سوى هذر صوري يخفي عدم إستيعاب الماوية (مثل ما رأيناه فيما يتعلق بنقد أخطاء ستالين الذي قام به ماو، و الإسهامات التي قدمها هذا الأخير للثورة البروليتارية). وقد إنضافت أخطاء قديمة في المواقف لدى الحزب الشيوعي-م.ل- TKP/ML تضم تقييما غير صحيح للحركة الثورية الأممية، و أُدمجت في خط اللجنة المركزية الموحدة المؤقتة. بعد التفكير، كل هذه السيرورة لم يكن لها وزن. فاللجنة المركزية الموحدة المؤقتة تبدَّت على أنها غير قادرة على تحقيق تطلعات أعضائها و مناصريها، و أيضا عاجزة عن إعطاء ميلاد لموجة جديدة من النضالات الثورية في تركيا. حيث نفس واقع الإنقسامية، اللاانضباط، عدم الوحدة و الشلل(paralysie) الذي ميز المرحلة السابقة، إستمر بأشكال جديدة. فما كادت تمر بضع سنوات حتى ظهر إنشقاق جديد في الحزب، في غياب تصور صحيح لن تستطيع توجيه هذه السيرورة من الصراع و قيادة الحزب إلى الأمام، و في غياب منهجية حقيقية ل«وحدة ـ صراع ـ وحدة» مبنية على قاعدة الماركسية-اللينينية-الماوية، ظهر الحزب الشيوعي-م.ل- TKP/ML عاجزا عن تحقيق وحدة كبيرة و نشر ممارسة ثورية أكثر تقدما. هذه الوضعية لم تبدأ في التغير إلا حديثا بعدما انتهج أعضاء و قادة الحزب مسارا أكثر تنظيما بهدف التخلي عن المواقف السابقة الخاطئة للحزب. لقد قيَّموا التجربة الماضية لمجموع الحركة الثورية بتركيا بالإعتماد على الماركسية-اللينينية-الماوية، و بالإتحاد بقوة مع الحركة الشيوعية الأممية ـ و خصوصا الحركة الثورية الأممية ( MRI) . فالصراع الذي أشعله الحزب(—ML TKP) يختلف عن تلك الذي خاضه TKP/ML (الذي يسمى أيضا ب“أزكور جيليسيك”OZGUR GELECEK » ») : فالقضايا الساخنة التي واجهتها الحركة في تركيا قد نوقشت و أخِذت بعين الإعتبار بشكل صحيح و الخلافات بين المجموعتين (—ML TKP و TKP/ML ) قد ُرفِعَت إلى مستوى صراع بين الخطين. في تركيا كما في غيرها، لم ينته بعد مسلسل توحيد الشيوعيين في حزب واحد.فحزب TKP/ML يضم بالتأكيد عددا كبيرا من الأعضاء و الأنصار و الكوادر الموجهة القادرين و الراغبين في لعب دور فعال في حزب طليعي موحد. فإمكانية إكمال المسار الذي إنطلق و بلوغ »وحدة جديدة» مجسدة في وجود حزب طليعي موحد، تعتمد في آخر المطاف على القطائع التي سيتم القيام بها مع التصورات القديمة الخاطئة، التي تركزت بشكل أساسي في TKP/ML و التي تجسدت في إنفصاله عن الحركة الثورية الأممية (MRI) و تبنيه لمقاربة وسطية تهدف إلى بناء »وحدة» الحركة الشيوعية العالمية.( أعلاه يمكننا أن نقرأ أيضا حول الموضوع السالف الذكر، الصادر في نشرتنا 28/2000 ، الذي عالج خصوصا هذا الإشكال)، مرة أخرى، إنه من الواضح أن تطليق الخط الأيديولوجي و السياسي الخاطئ، إحداث القطيعة معه هي العناصر الجوهرية لبلوغ الوحدة و السير إلى الأمام


من هم الإنشقاقيون؟ و من إذن يدافع عن الوحدة؟


لقد علمنا التاريخ أيضا أن القوى الماوية الحقة هي التي تصارع من أجل بلوغ الوحدة، بينما التحريفيون و الإنتهازيون يسعون دائما إلى التشتيت، إلى الإنشقاقات، و إلى المكائد. تشكل الأحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية-الماوية مسرحا لصراع حاد بين الخطين؛ و كما رأينا، و هذا قد يؤدي إلى معارك داخلية حادة. لكن إذا كان هذا الصراع موجها بخط و قيادة صحيحتين، سيفضي إلى وحدة كبيرة داخل الحزب ـ بين القادة و الأعضاء، في البداية، لكن الأكثر أهمية بين الحزب و الجماهير الواسعة نفسها. تشكل الأحزاب البرجوازية والرجعية مرتعا لكل الخصومات، التي تجمع فرقا و أفرادا يتشاجرون إما من أجل الحصول على أرباح شخصية، و إما لتقوية السلطات أو الجاه الفردي، أو حتى لإقتسام ثمار الفساد. هذه الأحزاب يمكنها طبعا، في بعض الأحيان، الحفاظ على وحدة ظاهرية؛ لكنهم لا ينالون خضوع زُمَرهم إلا عن طريق تهديدات بالثأر، أو أمل في الحصول على تعويض، أو الجهل أو حتى الإرهاب. وبعد ظهور أدنى تصدُّع تنقسم هذه الأحزاب بسرعة، و نجد زعماءهم يمزِّقون بعضهم البعض كالسلطعونات في الشبكة. هذا يحدث ببساطة لأن الأحزاب البرجوازية لا تمثل -ولا يمكن أن تمثل- مصالح الجماهير البروليتارية الواسعة و المضطهَدة، و الذين هم مرغمون طبعا على إرباكهم و خداعهم. هذه الأحزاب تحرص على مناداة الأحاسيس الأكثر تخلفا و خساسة للجماهير، كوسيلة لممارسة ديكتاتوريتها. لكن رغم أن تحكُّمها في الجماهير قد يبدو أحيانا قويا جدا، فمن المؤَكَّد أنه عاجلا أم آجلا ستواجه هذه الأحزاب حُكم الجماهير. هذا ما أكده التاريخ عدة مرات في أغلب البلدان تقريبا. عندما تنجح الأحزاب الممثلة للبرجوازية الوطنية أو البرجوازية الصغيرة في قيادة الصراع أو ذاك ضد الإمبريالية أو الرجعيين المحليين، و غالبا بدون اقتناع، فهي تدَّعي عامة الحق في التحدث بإسم الشعب كله. هكذا ينجحون أحيانا في لف الكثير من الناس وراءهم ، بما فيهم من هم ضمن الطبقات المضطهَدة. لكن حتى في هذه الحالات، لا يلبث الطابع الحقيقي للبرجوازية كطبقة مستغِلة أن يطفو على السطح. فهذه الأحزاب لا يمكنها الإستناد إلى الجماهير المضطهَدة بدون خلفيات، و لا تستطيع تحقيق مصالحها العليا. فهي تنتهي دائما بالتحرج و اللجوء إلى المشاعر الأكثر تخلفا و خسة، مثل القومية الضيقة، التعصب الديني، و إضطهاد النساء إلخ. وعندما تستولي على السلطة فهي تعقد التسويات بسرعة مع النظام الإمبريالي، و منذ ذلك الحين يختفي بسرعة الطابع الشعبي الذي كان لها في الماضي: هذه الأحزاب بدورها ينتهي بها الأمر بالتماثل كقطرتي ماء مع الأحزاب البرجوازية و الرجعية الأخرى، التي سبق و واجهتها. (مدار القوى القومية الكردية في العراق يوضح هذه الظاهرة: فقد بدأت بالصراع من أجل الإعتراف و إزدياد حقوق الشعب الكردي، لكنها إنتهت بالتحول إلى أداة في أيدي الإمبريالية الأمريكية في رغبتها في تسخير ليس فقط الأكراد بل كل الشعوب المشكِّلة للعراق.) كلما إبتعدت منظمة ماوية عن الخط الثوري، حتما، تنتهي الأيديولوجية و السياسة التحريفية بالحصول على أثر حاسم على المستوى التنظيمي : هذه المنظمة تلجأ إلى اعتماد بعض الخصائص المُميِّزة للأحزاب البرجوازية و الرجعية. و قد لخَّص ماو بتفوق ما يعنيه الأمر فيما يتعلق بالوحدة و التنظيم بهذه العبارة الشهيرة : »طبقوا الماركسية و ليس التحريفية؛ إعملوا من أجل الوحدة و ليس الإنشقاق، كونوا صرحاء و نزهاء، لا تحبكوا لا مكائد و لا مؤامرات»(أنظر التقرير حول مراجعة أنظمة الح.الش.الص،المقدم للمؤتمر العاشر للحزب.الشيوعي الصيني.) إن العنصر الجوهري في هذه المقولة هو المسلَّمة الأولى، التي تسطر على الضرورة الملحة لتطبيق خط ماركسي-لينيني-ماوي صحيح. لأنه بطريقة أخرى لا يمكننا بلوغ الوحدة وسننتهي حتما بالإنشقاق. طبعا أولئك الذين يبتعدون عن الماركسية لا يمكنهم القيام بصراع مبدئي، صريح ومفتوح، لإبراز وجهات نظرهم. فهم يميلون دائما إلى شنِّ هجومات شخصية، إلى ترويج إشاعات و نمائم، و إلى التركيز على قضايا صغرى و ثانوية. ومنذ اللحظة التي نبتعد فيها عن الماركسية، ننتهي بفقدان الثقة في الجماهير- بما فيهم المناضلين قواعد الحزب- بالشكل الذي تصبح فيه الإشاعات و المؤامرات الوسيلة الوحيدة لنشر وجهات النظر. بالإضافة إلى ذلك ننتهي بالتضحية بالمصالح الأساسية و البعيدة المدى للبروليتاريا العالمية، لفائدة المصالح الضيقة و القصيرة الأمد لأقلية صغيرة. فالصراع من أجل وحدة الشيوعيين الحقيقيين و من أجل بناء وحدة كبيرة جدا بين الحزب و الجماهير هي مهمة دائمة لجميع الماركسيين-اللينينيين-الماويين، الذين ينبغي أن يظلوا دوما يقظين لتجنب أسلوب العمل و أشكال الصراع الخاصة بالأحزاب البرجوازية و الرجعية والتحريفية. و حالة الأحزاب الشيوعية القديمة التي تحولت إلى أحزاب تحريفية لا تختلف عن الأحزاب الرجعية الأخرى في هذا الصدد. فعندما تلجأ هذه الأحزاب إلى ممارسة السلطة، فما يسمى المركزية الديمقراطية و الإلتزام الذي تدَّعيه لا يشكل إلا وسيلة لممارسة ديكتاتوريتها الرجعية على الجماهيرـ بما فيها ضد أعضاء الحزب في القاعدة. و الحزب الشيوعي الصيني يشكل حاليا نموذجا ساطعا لمثل هذا الحزب البرجوازي ،الرجعي و الفاشي. أولئك الذين إعتقلوا الآلاف و الآلاف من أنصار ماو، بما في ذلك زوجته جيانغ كينغ؛ الذين اضطهدوا بوحشية العاملات و العمال و الفلاحات و الفلاحين بالشكل الذي يمكنهم من الإستحواذ على السلطة السياسية؛ و الذين عُرِفوا عبرالعالم بإعتبارهم » جزاري ساحة تيان آن مين»: هؤلاء يمثلون حزبا لا يمكننا أبدا أن » نقَوِّمه» بل ينبغي أن ندكه بالقوة، ككل الأحزاب الأخرى التي تمارس الديكتاتورية الرجعية ضد جماهير الشعب.


الصراع من أجل الوحدة في موضع الإهتمام


في كل بلدان العالم هناك حاجة ملحة لوحدة القوى الشيوعية الحقيقية. لكن هذه الحاجة، و أحيانا هذا التوق للوحدة ليس دائما كافيين للمرور عبر الصراع الهادف إلى توحيد الطليعة. هنا أيضا، يعتبر إنبثاق خط أيديولوجي و سياسي ماركسي-لينيني-ماوي صحيح ، قادر على لفّ الأغلبية العظمى من القوى الشيوعية، العامل الجوهري. لقد أثبت لنا التاريخ أن السبيل الذي ينبثق عبره هذا الخط يختلف كثيرا حسب البلدان، تبعا للظروف الخاصة. ففي البيرو مثلا، قاد الرئيس كونزالو بنفسه نمو الحزب الشيوعي للبيرو عبر سلسلة من الصراعات، التي يمتد بعضها بعيدا في تاريخ الحركة الشيوعية في هذا البلد؛ و قد لعب الرفيق كونزالو الدور المركزي في الكثير من هذه الصراعات التي خيضت ضد أصناف من التحريفية و الإنتهازية. بالمقابل في النيبال، إتبع بناء الحزب الشيوعي للنيبال(ماوي) سبيلا مختلفا، لخصه الرفيق برجندا في شرحه أن القوى التي لعبت دورا مركزيا في خلق الحزب لم تكن بالضرورة من بين الأكثر حنكة (دُربة) سابقا في الحركة الشيوعية في البلد. فإعداد خط سليم في بلد ما هو سيرورة طويلة الأمد تعرف بالضرورة تقدما(Avancées) و تراجعات. و علاوة على ذلك هو سيرورة لا منتهية، بإعتبار أن مثل هذا الخط مثبتا نهائيا و أنه موضوع لصراع مستمر، في ارتباط بتطورات الصراع الطبقي نفسه. من هنا يحضر خطر الوقوع في خطأ البحث عن الخط »الكامل السلامة»، في المطلق؛ مثلما يبدو مستحيلا، إستعمال عدم إمكانية خط سليم 100% كذريعة لرفض الوحدة التي قد تتحقق في لحظة معينة. إن البحث عن »السلامة المطلقة» للخط الأيديولوجي و السياسي ينطلق من وجهة نظر مثالية و ميتافيزيقية، مناقضة للمادية الجدلية،فهي تفصل الكائن عن الفكر، و الممارسة عن النظرية: و محاولة كهذه لا يمكن أن تؤدي إلا إلى التعصب و تبدو عقيمة. إن إحدى الخصائص الكبرى للقادة الشيوعيين هي معرفتهم لكيفية تحديد القضايا السياسية و الأيديولوجية المركزية التي تواجهها الحركة الثورية، و التركيز عليها،خصوصا. رغم أنه لا يمكننا أن نحدس الطريقة التي ستندلع بها معركة سياسية أو إيديولوجية ما-لأنها تلامس مظاهر مختلفة وتستدعي غالبا إشكالات متنوعة- فنقطة البدأ بالنسبة لنا ينبغي أن تكون دائما تحديد و حل التناقض الرئيسي الذي تواجهه الحركة، في الوقت الذي يبرز فيه. فهذا يسمح إذن بحل القضايا الثانوية، التي لها أهميتها هي أيضا، المرتبطة مثلا، بأسلوب العمل، بتقييم بعض النقاشات الأقل أهمية التي أمكنها الحصول داخل المنظمة،..إلخ. فكلما تمكن الشيوعيون من إدراك القضايا المركزية حد ( en termes)الخط الأيديولوجي و السياسي، سيكون بإمكانهم الإتحاد بمتانة أكثر؛ إذ هكذا لن يُلهوا بالقضايا الصغرى نسبيا، التي يمكنها عرقلة سيرورة الوحدة. لقد راكمت حركتنا تجربة كبيرة في هذا الصدد، سواء في مختلف البلدان أو على الصعيد الأممي. لقد حققنا إنجازات كبيرة، وسنحقق أيضا أخريات، كما هو الأمر مثلا حاليا في النيبال الذي تجري فيه الحرب الشعبية. لكننا نعرف أن الحركة الشيوعية عرفت أيضا إنتكاسات مهمة، خصوصا في الصين التي لازلنا نعجن نتعارك فيها(nous pātissons encore). لإعداد خط سليم، ينبغي حتما إجراء تقييم لكل التجربة الغنية، التي خلقت بالصراع، بالتضحيات، بالخطوات إلى الأمام و بالإنتكاسات. وهذا يقتضي أيضا التمكن من إدراك جيد لتجربة البروليتاريا العالمية كلها، على ضوء الماركسية-اللينينية-الماوية، كما بتجربة البروليتاريا و الجماهير المضطهَدة و الطليعة الشيوعية في كل بلد على حدة. في عدد من البلدان رَاكمت التجربةَ الثورية وحَدات شيوعية منفصلة، عملت بإستقلال بعضها عن بعض. هذه الظاهرة تطبع خصوصا الحركة الثورية في الهند. لأسباب ترجع سواء إلى تاريخ الحركة الشيوعية أو إلى الإختلاف و الحجم الكبير للبلد، فقوى شيوعية مختلفة أُستثمرت في الصراع الطبقي في البلاد، مدرجة بعض التجارب من الحرب الشعبية التي خيضت في مناطق مختلفة من البلاد. لهذا تسترعي بالإهتمام مهمة تركيب هذه التجارب المختلفة، سواء الأكثر جِدَّة أو تلك التي برزت مع تمرد نكسالباري في نهاية 60 . و هذا التقييم، في حد ذاته، سيشكل موضوعا لصراع : ماهي الدروس الأساسية التي سنستخلصها منه؟ و ما هي نقاط الضعف التي ينبغي تجاوزها؟ ، وكما كان الحال من قبل، فهذه السيرورة من التقييم ستتسم بقفزات و قطائع، قبل الوصول إلى خاتمته. و هذه لن تكون إلا بناء حزب طليعي واحد يمتلك خطا ماركسيا-لينينيا-ماويا سليما، و موحدا داخل الحركة الثورية الأممية (MRI) . فوجهات النظر السلبية التي تم الدفاع عنها حتى اليوم و الممارسات الخاطئة التي تمت ينبغي تطليقها، بينما الإنجازات الإيجابية الإستثنائية التي عرفت الحركة الشيوعية في الهند كيف تحققها يجب دعمها و تنميتها. و الهند تعطينا هي أيضا نموذجا لتفاهة الجهود الهادفة إلى توحيد الماويين على أساس «النقاط المشتركة». فعند نهاية التسعينات، ظهرت حركة مثل هذه تهدف إلى توحيد عدد من القوى داخل الحركة الماوية الهندية فولَّدت منظمة سميَّت بجَنَشَكتي(janashakti). إستُقبِلت لدى تأسيسها بالحماس من طرف كثيرين داخل الحركة، لكن الوحدة التي زعموا تحقيقها إتضح على أنها خاطئة وهزلية، لقد كانت مبنية،هي أيضا، على مفاوضات تهدف إلى تحديد «النقاط المشتركة» التي توجد بين المنظمات الراغبة في الإندماج فيما بينها. لكن هذه «النقاط المشتركة» تنضاف إلى تقييم خاطئ لتمرد نكسالباري الذي تزعمه شاريمازومدار. فالتقييم الذي أجرته هذه المنظمات لهذا التمرد قد جعلتها تضعه موضع شك و كذلك الخبرات التي يعطيها. و كما هو الحال غالبا في تاريخ الحركة الشيوعية الأممية، إنبنت هذه الوحدة الإنتهازية على مبدأ «إثنان يندمجان في واحد»: لقد تم جمع دعم حرفي (بالأقوال) لإستراتيجية الحرب الشعبية مع خط يعتبر بناء منظمات الجماهيرالسلمية ك«مرحلة ضرورية» قبل اللجوء إلى إشعال الحرب الشعبية؛ تماما كما تم جمع مبدأ خوض نضال غير شرعي مع المشاركة في الحياة البرلمانية طيلة فترة تاريخية طويلة ...هذه الإنتقائية، التي تساوي بين الماركسية و الإنتهازية، كانت نتيجتها أن الماركسية بالنسبة لها لم تكن تصلح سوى للتزيين(الديكور)، في حين أن السائد هو التوجه و الممارسة التحريفيين. في حالة منظمة جَنَشَكتي(janashakti) ، لم تدم الوحدة اللامبدئية التي أقيمت إلا لمثل فقاعات الصابون. أما الحماسة التي أثارها هذا التوحيد في البداية فقد تحولت إلى إضعاف للمعنويات أكثر حدة. كل هذا لا يعني أن لا شيئ يمكن إستخلاصه من تجربة جَنَشَكتي(janashakti) و من تصوراتها، فأعضاؤها و قادتها يمكنهم أيضا الإسهام في بناء حزب طليعي ماركسي-لينيني-ماوي موحد في الهند. لكن حتى تتبين فائدة تجربتهم، و تخدم الجماهير الشعبية من المهم أن يعتمدوا مبدأ« واحد ينقسم إلى إثنان»، و خصوصا القيام بالنقد و التخلي عن الإنتهازية و التحريفية.


حول الخط الأممي للحزب الشيوعي


كل منظمة سياسية تُوجَّه بموقف، وجهة نظر و منهجية. لا يمكن أن نتصور حزبا يستطيع تطبيق خط أيديولوجي و سياسي محدد مرتبط بالقيام بالثورة في بلده، و في نفس الوقت يطبق خطا مغايرا فيما يخص الحركة الشيوعية الأممية. هذا أيضا أثبته التاريخ أكثر من مرة. فخلق أحزاب شيوعية و إنخراطها في الأممية في السنوات التي تلت الثورة البلشفية لسنة 1917 خضع لسيرورة واحدة و موحدة، يتعلق الأمر بما إذا كانت تدعم أم لا، ديكتاتورية البروليتاريا التي نمت في روسيا القيصرية في ارتباط مباشر مع العمل على بناء مثل هذا النظام في هذه البلدان. و بنفس الشكل شكلت مساندة النضال الذي خاضه ماو تسي تونغ ضد التحريفية المعاصرة، ودعم الثورة الثقافية حدا فاصلا إلزاميا، يميز الشيوعيين الثوريين الحقيقيين عن مختلف التحريفيين في كل البلدان. لكن ينبغي أن نتذكر أن ما يبدو اليوم بديهيا قد شكل موضوعا لصراعات مريرة في فترة أخرى. فبين لينين و التحريفيين المعاصرين وُجد كثير من الإنتهازيين و الوسطيين الذين حاولوا تضبيب الحدود الفاصلة، سواء بإسم وحدة البروليتاريا، أو ببساطة عن طريق النفعية -هذه الفلسفة التي تقول “أن كل ما يجري هو صحيح” . ففي الوقت الذي أكد فيه ماو تسي تونغ أننا “على صواب في أن نثور” وقاد ضد التحريفية صراعا حماسيا ذا تداعيات على المستوى الأممي، حاولت قوى أخرى مؤثرة، من بينها على الخصوص حزب العمل الفيتنامي-الذي قاد في المرحلة النضال الأكثر ضراوة ضد الإمبريالية الأمريكية - تثبيت “وحدة” غير سليمة في الحركة الشيوعية الأممية، تضم الفرقة التحريفية السوفياتية. طبعا يمكننا أن نفهم الصعوبات التي واجهتها القيادة الفيتنامية في صراعها ضد الولايات المتحدة، و الضرورة التي فرضت اللجوء إلى الديبلوماسية و إجراء معاهدات/مساومات (SIMERPMOC). لكن ينبغي لنا أيضا استشفاف الدروس من الخيانة التراجيدية التي دفعت بالفيتنام إلى السقوط في مقشطة (UATE) النظام الإمبريالي العالمي، وذلك بالرغم من أن الجماهير قد قاتلت بشكل بطولي و أحرزت النصر على العدو الإمبريالي الأكثر قوة في العالم. فالإنتهازية و البرغماتية، والوسطية و التحريفية على المستوى الأممية لن تؤدي إلا إلى إضعاف و امتصاص و في آخر التحليل تحطيم النضال الثوري في الجبهة المستَعبَدة (EUQTSEMOD). إن ما كان صحيحا في الماضي هو كذلك اليوم أيضا. فبعد الإنقلاب التحريفي في الصين كان من المحتم أن تعرف الحركة الشيوعية الأممية إضطرابا عميقا، إذ طيلة بعض الوقت، أحست مختلف مكونات الحركة الشيوعية الأممية بضرورة التقدم بشكل منفصل، و قد كان بعضها في وضع يجعله أكثر أهلية من الآخر لإستشفاف الدروس من الهزيمة الصينية و تأثيراتها على مجمل الحركة. لتتمكن الحركة الثورية الأممية و لوحدها مجسدة في(IRM) من الإدراك السريع لطبيعة التحريفية الصينية و لتحمل المسؤولية في الصراع ضدها ـ لا يتعلق الأمر بادعاء امتياز ما ـ . و كما أكد ذلك الرفيق ماو تسي تونغ :« كل من يقومون بالثورة ينبغي أن يعاملوا بشكل متساو، سواء انضموا إليها عاجلا أم آجلا». اليوم و على عكس المرحلة السابقة التي كانت فيها معظم القوى الشيوعية تعمل بشكل منفصل كلها، أو معظمها، فهي تسعى إلى التوحد. فالقضية التي تطرح هي على الشكل التالي: مع من نستطيع و ينبغي أن نتحد؟ و حول أي خط و أية أيديولوجية؟ و من أجل أي هدف؟ وفي هذا الإطار فالموقف الذي تتخذه أية منظمة حيال الحركة الثورية الأممية ليست بدون أهمية. فمن غير الممكن أن نملك خطا سليما حول مسألة الثورة في بلد ما بينما نعادي أو نتبنى الحياد تجاه الحركة الثورية الأممية. و بالمقابل فمسألة تقييم غير سليم للحركة الثورية الأممية ينبغي أن تعتبر كجرس إنذار و أن تدفعنا إلى اكتشاف و اقتلاع السمات الخاطئة التي تخفي(LÉCER) هذا في خطنا الأيديولوجي و السياسي. ينبغي أيضا أن نسجل أن التجمعات التي تشَكَّل على الصعيد الأممي تحاول أن تعكس الخط الذي تطبقه الأحزاب التي تشكلها، في إطار الصراع الطبقي الذي يجري في بلدانها الخاصة. هكذا فالغباوة البرلمانية التي تميز حزب العمل البلجيكي (PTB) تتوافق مع مجهوداته الهادفة إلى محو الدروس المكتسبة في الصراع ضد التحريفية المعاصرة، و إلى “إعادة توحيد” الحركة الشيوعية الأممية على أساس انتهازي كليا وضد الماوية، كما أن البرامج اللا ثورية للمجموعات،- مثل الحزب الماركسي اللينيني الألماني، الحزب الشيوعي للنيبال (Mashal ) ، و الحزب الشيوعي الهندي ( eguor uaepard) هؤلاء الثلاثة الذين يشكلون التجمع الأممي للأحزاب و المنظمات الماركسيةـاللينينية -، تشكل بشكل ما الإسمنت الذي يجمع هذا الخليط الغريب (ètrange amalgame ) . فمن الواضح أنه لا يمكن أبدا أن نحافظ على قدم في المعسكر الثوري مع رفض القطيعة مع التحريفيين والإنتهازيين. حاليا يوفر وجود الحركة الثورية الأممية فضاءا مناسبا لوحدة القوى الماوية الحقيقية، سواء على المستوى الوطني أم الأممي. و هذا ما رأيناه بوضوح خصوصا في أفغانستان، حيث التفَّت القوى الماركسية اللينينية الماوية لتقوية الحزب الشيوعي الأفغاني. كما أطلقت الحركة الثورية الأممية نداء من أجل إنهاء المواجهات المسلحة بين أهم تنظيمين ماويين في الهند . و في الوقت الذي بادرت فيه الحركة الثورية الأممية (MRI) إلى إعلان مؤتمر جهوي في جنوب آسيا سنة 1999 ، حاول البعض رفض هذه المبادرة بدعوى أنها تشكل تدخلا غير مشروع في شؤون المنطقة. و رغم ذلك فلا أحد يمكنه أن ينفي الدور الهام الذي لعبه هذا النداء، حيث ساهم ف إيقاف المواجهات و في تسييد جو إيجابي في الحركة الماوية في الهند.(النداء الصادر عن المؤتمر الجهوي الحركة الثورية الأممية (MRI) في جنوب آسيا سنة 1999 نشر في طبعتنا ل 26/2000 ). هل كل هذا يعني أن الحركة الثورية الأممية (MRI)، لوحدها، تضم حاليا كل القوى الماوية، و أن تلك التي لم تنضم إليها ليست كذلك حقا؟ إن ادعاءً كهذا سيكون مضحكاً بامتياز. إذ أن هناك منظمات ماوية مهمة لا تنتمي إلى الحركة الثورية الأممية : هذه المنظمات يمكن لها و ينبغي أن تلعب دورا مهما في سيرورة توحيد الشيوعيين الحقيقيين، سواء على الصعيد الوطني أو الأممي ، فكما أكدنا على ذلك منذ تأسيسها، يتمثل هدف الحركة الثورية الأممية في أن تعد الشروط لأن تعوض بأممية شيوعية من صنف جديد. و عندما سيحصل هذا، سيمثل تركيبا(synthése )، تناقضا جديدا، مستوى نوعي أعلى من الذي عرفناه حتى الآن و المسألة التي تطرح في هذا الوقت هي معرفة ما إذا كان ينبغي الإعتماد على إنجازات الحركة الثورية الأممية (MRI)، للتقدم إلى الأمام و لتشكيل قطب ماوي حقيقي على المستوى الأممي، أم أنه ينبغي تصفيتها كمركز جنيني و تعويضها بما يشبه مجموعة كبيرة لنقاش انتقائي، و غير مجدي يجمع الماويين و الإنتهازيين، أو شكلا آخر من هذا القبيل. إن منظمة شيوعية اليوم مطالبة بأن تحدد ما إذا كانت ترغب في دعم سيرورة توحيد القوى الثوري الحقيقية، أم أنها تفضل البقاء في الخلف و تترك الآخرين يهتمون بذلك، هل نريد بناء الوحدة على أساس الماركسيةـاللينينيةـالماوية، أم نفضل ربط (subordonner) الإشكالات الأيديولوجية والسياسية، لفائدة اعتبارات أخرى، مثل الرغبة في أن نتقوى على المدى القصير و فقط بشكل مؤقت؟ (نستغرب لإستمرار اعتبار القوى التحريفية الذائعة الصيت كما تمثلها القوات المسلحة الثورية في كولومبيا FARC » « ، “كمنظمات ماركسيةـلينينية” من طرف البعض من داخل الحركة الماوية!) أ دعم مشروط« أم »البقاء في مؤخرة «à la traÎne سيرورة توحيد القوى الماوية الحقيقية على المستوى الأممي ، هي مسألة .... حيوية جدا. إنها من المسائل التي لا يمكننا أن نتركها تحت الزربية (sous tapis)، باعتبار أنها مرتبطة بطريقة مبهمة، بالقدرة على بناء حزب طليعي واحد في بلد معين. تهب اليوم »ريح الوحدة« لتُوَلِّد من جديد الأمل في صفوف الثوريين في عدد من البلدان. فالمعارك الكبرى التي تلوح في الأفق تقتضي من القوى الشيوعية تخصيص جهود كبرى لتجاوز نواقصها، و تصليب وحدتها -وحدة أكثر علوا و صلابة وسلامة عما هو موجود اليوم، فالصراع من اجل تحقيق الوحدة بين الماويين ليست مسألة بسيطة، لكن الثورة، كما نعلم جيدا، ليست أيضا بسيطة. فبمضاعفة جهودنا دون خوف من استبعاد كل ما هو سيء، و دعم كل ما هو سليم، سيكون من الممكن أن نخطو خطوة إلى الأمام و نوحد الشيوعيين الحقيقيين، سواء على المستوى الوطني أو الأممي.


http://voieliberte.olympe-network.com











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الماوية
ماركسي ( 2009 / 6 / 12 - 10:09 )
لقد كنت أنتظر أن تؤدي التجربة الماوية في النيبال ومشاركة الرجل الشرس في الحكومة البرجوازية إلى خلق هزة في وعي بعض المناضلين الماويين على الأقل، لأن الآخرين سيعتبرون ذلك فأل خير عليهم، فيبدأون في مسائلة الخط والتصورات التي يتبنونها، بخصوص الثورة البرجوازية التي تشكل استراتيجيتهم ومسائلة الطرق التي يتبنونها في النضال والقائمة على أساس النضال المعزول عن الطبقة العاملة في الجبال والقرى، الخ
لكن ما يتضح من خلال هذا المقال هو أن ماويينا ما يزالون يعتبرون التجربة النيبالية رائدة ويحاولون بطريقة يائسة أن يستخلصوا منها دروسا للثورة، رغم أنها في الواقع مدرسة للوصول إلى البرلمان والحكومة والتعاون مع الأحزاب البرجوازية والإمبرياليين. استمروا على هذا الطريق فتصلون حتما

اخر الافلام

.. بعد الحالة الرابعة لنزع حجاب المتظاهرات.. هل تتعمده الشرطة ا


.. استشهاد طفلين وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا




.. طلاب جامعة بيرزيت يطردون السفير الألماني من المتحف الفلسطيني


.. نتنياهو: سنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها كافة بما في ذلك تنفي




.. باتيل: إذا لزم الأمر سنحاسب مرتكبي الجرائم بقطاع غزة